الجـــزء الأول
( التخرج من الثانوية )
تخرجت من الثانوية العامة تخصص ( علمي ) في صيف 2007 ، وكانت نسبتي تلك الفترة جيدة نوعا ما بالمقارنة مع طريقة الإختبارات في الوقت الحالي . سابقاً كانت الاختبارات النهائية عبارة عن كتاب الفصل الأول وكتاب الفصل الثاني معاً يتم اختبارك بهم في يوم واحد ، وقد كان هذا الأمر مرهق جداً ، فاسبوع واحد كفيل أن ينسيك كم كبير من المعلومات فما بالك بفصل كامل !!
لم يكن لدي هدف معين رغم أني أمتلك طموح كبير في تحقيق شيء ما في يوم ما . كنت أحب مادة الفيزياء لكني لم أجد في دخول تخصص الفيزياء أي مستقبل لأنه حسب محدودية تفكيري تلك الفترة فأنا لن أصبح “ عالم فيزياء “ على اعتبار أن دخول تخصص الفيزياء يعني أن تتخرج “ عالم فيزياء “ ورغم حبي للفيزياء إلا أنني لن أجازف في دخول هذا التخصص لأنني ببساطة أكره “ شوشة ألبرت اينشتاين “ .
الحقيقة لم أكن من محبي الدراسة رغم أنني أحب الاطلاع والثقافة وقراءة الكتب ومتابعة الأفلام الوثائقية . لكن من وجهة نظري أن مناهجنا الدراسية مملة بشكل فضيع . رغم ذلك فإني لم أكن مهملاً وكنت أحاول قدر المستطاع أن أتخرج بأفضل نسبة ممكنة لذا تخرجت بنسبة 74% ، وكما أسلفت سابقاً أعتقد أنها كانت نسبة جيدة تلك الفترة لسبب وجيه جداً .
حاولت التسجيل مبكراً وكنت إلى ذلك الوقت لم أقرر بعد هل الدخول إلى الجامعة أم كلية التكنولوجيا ! وللمعلومية فإن كلية التكنولوجيا بالكويت مشابهة إلى حد ما كلية التقنية في السعودية ، إلا أن الطالب يتخرج بدبلوم مدته 3 سنوات وذلك لأن عدد الساعات أكثر .
لم أستطع التسجيل في أول سنة وذلك لظروف خاصة منعتني من ذلك ، ولكن بفضل الله استطعت التسجيل السنة التي تلتها وقد عزمت الدخول لكلية التكنولوجيا تخصص “ هندسة بترول “ ، لا أعلم ما السبب لكن هذا ما وقع عليه اختياري .
( كلية التكنولوجيا )
أيام قليلة تفصلني من الدخول إلى عالم جديد ، عالم لم أعتد عليه من قبل . أسمع كثيراً ممن حولي عن الجامعة والكلية والحياة هناك ، كيف يكون الطالب متحرر من قيود المدرسين ، فلم يعد هناك التزام بطابور الصباح ولا يوجد من يجبرني على وقت محدد للدراسة . كانت تفاصيل مثيرة ومحببة بالنسبة لي وقد يعود السبب إلى شخصيتي التي تميل لعدم التقيد بشيء ، باختصار أنا أكره الروتين وأعتبره قاتل للإبداع .
خريف 2008 بدأ الفصل الدراسي الأول ، ولا أخفيكم أنني إلتزمت بموعد أول محاضرة بشكل مبالغ فيه . حيث أنني جئت قبل الموعد بساعة أو أكثر لكن للأسف المحاضر غاب في ذلك اليوم وأيضاً لم يحضر مدة قاربت الشهر !! هذا السلوك أعطاني انطباع سيء وتدريجياً أصبحت كذلك شخص غير ملتزم في حضور المحاضرات .
أجمل شيء كان في ذلك الفصل هو مادة الفيزياء ، وهو أسوأ شيء بنفس الوقت . بعد انتهاء الإختبار الأول ( مدتيرم ) تم توزيع الدرجات على الطلاب ، فلان 5 من 20 ، فلان 12 من 20 فلان 15 من 20 ، كان متوسط الدرجات قبل ذكر اسمي لا يبشر بخير لذلك لم أتوقع أن درجتي تكون جيدة . المفاجأة عبدالرحمن سعود 20 من 20 !! أذكر أن الجميع كان يحدق بي وكأني عملت انجاز عالمي، وحقيقة أنا لا ألومهم لأني بالغالب لا أشارك في الفصل يغلب علي الهدوء والإلتزام بالصمت فلذلك كانت النتيجة بالنسبة لهم مقارنة بالطلاب الأخرين هي نتيجة غير متوقعة .
العجيب بالأمر ورغم أني حققت درجات تعتبر الأفضل في الفصل إلا أن نهاية الفصل كانت مفاجئة بالنسبة لي وهو الجانب السيء الذي تكلمت عنه فقد كانت درجتي مساوية لمعظم الطلاب ( C ) . لقد كان لذلك بالنسبة لي أثر سلبي لدرجة أني لم أعد أثق بـ “ الدكاترة “ وأصبحت بشكل كبير أعتبرهم مجحفين وأحياناً أشخاص متغطرسين ، فعلاً أنا أمضيت فترة طويلة أكره “ الدكاترة “ .
( عشاء غير حياتي )
لست من محبي الاجتماعات الكثيرة ، تستطيع أن تصفني بالإنطاوئية قليلاً خاصة مع بعض المناسبات التي أجد فيها فارق ثقافي كبير . لا أحب المجالس التي يكثر بها الجدال والصراخ على أسباب تافهة ، خاصة أن تلك الفترة من العمر يحتاج أن ينصت الشخص أكثر من أن يتحدث ، لكن أحياناً الواجب يفرض عليك مالا ترغب به .
لقد لبيت دعوة عشاء أعتبرها دعوة عشاء مميزة ، كون أن هذه الليلة بدون مبالغة قد غيرت مجرى حياتي . بدون سابق انذار ، وبدون أي مقدمات ، سألني أحد الأقرباء سؤال بصيغة الاستغراب وبلهجته الكويتية “ ليش ما تطقطق بالأسهم ، شراح يضرك تطلع لك 3000 أو 4000 ريال بالشهر ؟! “ حقيقة كان السؤال مفاجئ ومضحك بنفس الوقت ، أذكر أن كان ردي مجرد رد “ تصريفي .. صحيح كلامك .. ممكن .. ليش لا ! “
لكن بمجرد رجوعي للبيت أصبحت جملته “ ترن “ بإذني ولم تفارقني طوال الوقت .
قررت البحث عن الموضوع وسألت الكثير عن طريقة التداول بالأسهم وطريقة فتح المحفظة .. إلخ من المعلومات التي تعتبر معلومات تهم أي شخص مقبل على دخول عالم الأسهم .
بعد مدة ليست بالطويلة ذهبت إلى أقرب منطقة من الكويت “ الخفجي “ وفتحت محفظة لي ، وأذكر كنت متحمس جداً لدرجة أني لم أرى أمامي إلا أني “ هامور أسهم “ وأن هذا الطريق الذي سيدر لي ذهباً .