عيد متجرد سعيد

.انظر خلفك؛ مضى تلك الساعات كغمامة مثقلة بالحسنات بتوفيق الله لك وفضله عليك.

أنت تقف على أعتاب عيد لا تعرف طقوسه ،

عيد جديد ، متجرد من الأشياء

عيد لم تعهده من قبل ولم يعهده أهلك ..

في كل مرة تزين بيتك ، وتعرض حلواك ، وتركن مبخرة العود الفاخر ، وتنتظر ضيوفك

هذه المرة لن يطرق الضيف بابك

كل عام تصل رحماً ، وتطرق باب أحبابك فرداً فرداً

هذه المرة لن تفعل .. لن تخرج

كل عام تتنوع ملهياتك بين مطاعم ومنتزهات و أعراس

هذه المرة لن يكون ذلك

قد يأخذك الشيطان لتحزن ، لتعترض ولتعلو حسراتك على أعياد خلت وبسمات اختفى أهلوها عنك ؛ إذْ كيف لي أن أفرح وقد حِيلَ بيني وبين ما أشتهي!

متخفف عيدك هذا من كل شيء ؛ إلا من الفرح بتمام نعمة الصيام ، زاهد في كل شيء من تجمعات و ملهيات وكماليات

فرحُه الفرح المتسامي عن كل الحظوظ الزائلة والرغبات الأرضية على طريقة فرح العبودية في أبسط صورها ،

متسامٍ إلى السماء قد ظهرت به حقيقتها الأشياء بعد أن تصبح عنها أغلفتها المصنعة.

فرحه الفرح البريء البسيط الأكثر شبها بأفراح الطفولةالتي تسعد وأنسعِد ولاتحتاج المادة لتصنع البسمة

ستقف هذه المرة على حقيقة العيد ، وعلى حقيقة أن يكون فرحك عبادة من أجل الله ، عبادة كالصلاة والزكاة والحج

{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}

ستعتق رقبتك فيه من عبودية الأشياء التي اعتدت عليها فتتحرر منها ويكون ..الله أكبر ..الله أكبر

في هذا العيد لن تشكو من ضيق الوقت ، لن تأخذك الغيبوبة المعتادة ؛ ستأخذ وقتك لتسعد بمشاعرك حتى تمتلىء

ستحيي الأفراح في مشاعرك ، سيحدث عيد هناك في جنبات نفسك ومتاهات عقلك .كشجرة تنتعش بالمطر و لا تبرح مكانها ؛ اهتزت وربت وأنبتت خضراء نضرة تسر الناظرين ،

فرحُك فرحٌ بعملك الذي جاهدت فيه ، وفرحٌ بفضلِ الله عليك

لطالما ردد الإداريون والقادة وأهل التربية قولهم ؛ احتفل بإنجازك

احتفل به لأن النفس المجتهدة تـــحــب المكافأة و تشجيعها يجعلها تستلذ وتحب ماتعمل وتتشَوّف لتبذل أكثر ، وقد حانت ساعة الاستحمام بإنجازك السنوي

 «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ، هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ»

بهذا الفضل الذي آتاك الله ، وبهذه العزيمة على الرشد التي منحك إياها وبهذه الرحمة التي أفاضها عليك .. فبذلك وحده فلتفرح

تذكر ما أنعم الله عليك في رمضان!

وبه فلتفرح خير من فرحك بما تجمع كل عام

وأخيرا ..أقمت أوقاتك على حسنات تتدرب عليها وتدافع عنها ؛ لا تَنسَها ، ولا تطفىء سُرجاً مضيئة أنارت منزلك.

هنِئْتَ بالعيد وهنئت ببركة العيد

الله أكبر .. الله أكبر والله الحمد

——————

حرر في يوم السبت ١٤٤١/٩/٣٠

في أزمنة الحجر الصحي الكلي

Join