ما تحتاج أن تعرفه عن النوم
للنوم أهمية قصوى، ولا يمكن لوظائف الجسم العضوية أو العقلية أن تعمل بشكل جيد بدون قدر كافٍ من النوم.
وفي العصر الحديث بحكم وجود الكهرباء التي تضيء المدن من الغسق إلى الفجر، ووسائل الترفيه الحديث والتواصل الإجتماعي، فلم يعد الملايين من الناس يستطيعون أخذ حاجتهم الضرورية من النوم. وهذا الأمر قد ينتج عنه تأثيراً سيئاً على التحصيل الدراسي، والأداء العملي، والعلاقات الشخصية والصحة.
ان زان نومك،، زان يومك
حكمة شعبية
فسيولوجية النوم:
من أوتي نعمة النوم لا يعرف التنظيم العجيب الذي يتحكم في نومه ويقظته. وما يمكن أن يحدث لنومه ليلاً أو إدراكه وتفكيره نهاراً لو أصيب جزء صغير من دماغه بخلل.
ولفهم كل ذلك سنأتي على ذكر عدد المصطلحات الطبية يمكن الرجوع لها هنا:
https://caramel.la/home/gA4hLyBGC/aldmagh-aladhw-almajzh
أما فيما يلي فسنستعرض في عجالة المراكز الدماغية المسئولة عن النوم وعمل كل منها:
الوطاء: يحتوي الوطاء (Hypothalamus)، وهو هيكل بحجم الفول السوداني في عمق الدماغ، على مجموعات من الخلايا العصبية التي تعمل كمراكز تحكم في النوم واليقظة. وضمن الوطاء في النواة فوق-التصالبية (ٍSuperchiasmatic nucleus)، تقع آلاف الخلايا التي تقرأ معلومات الضوء من العينين وتتحكم في السلوك اليومي.
جذع الدماغ: ما بين الوطاء وجذع الدماغ، تحدث السيطرة على الاستيقاظ والنوم. حيث تنتج مادة كيميائية تساعد على النوم تسمى GABA، وتعمل على تقليل نشاط مراكز الإثارة في الوطاء وجذع الدماغ. والأخير يلعب دوراً خاصاً في النوم المتصل بالأحلام الذي تكون فيه حركة العينين سريعة ولذلك يسمى REM sleep; إذ يرسل إشارات لاسترخاء العضلات الضرورية للجسم وحركة الأطراف، حتى لا نتصرف أثناء النوم -دون أن نشعر- بما تمليه أحلمنا.
المهاد: وعمله تجميع ونقل المعلومات من الحواس إلى قشرة الدماغ التي تفسر وتعالج المعلومات من الذاكرة قصيرة إلى طويلة الأجل.
خلال معظم مراحل النوم، يكون المهاد هادئًا، مما يتيح عزل العالم الخارجي لمزيد من الراحة أثناء النوم غير المتصل بالأحلام الذي تكون فيه حركة العينين بطيئة ويسمى NREM sleep. ولكن المهاد ينشط أثناء النوم الذي تكون فيه حركة العينين ويسمى REM sleep، فيقوم بإرسال الصور، والأصوات، وغيرها من الأحاسيس في أحلامنا إلى قشرة الدماغ.
الغدة الصنوبرية: تتلقى إشارات من النواة فوق التصالبية (Superchiasmatic nucleus)، فوق تقاطع عصب العينين مباشرة، فتزيد من إنتاج هرمون الميلاتونين، الذي يساعد على النوم عند انخفاض الأضواء أو حلول الظلام. ويعتقد العلماء أن ارتفاعات وانخفاضات الميلاتونين مع مرور الوقت مهمة لمطابقة إيقاع الجسم البيولوجي مع الدورة الخارجية للضوء والظلام.
مراحل النوم:
هناك نوعان أساسيان من النوم: النوم الذي تكون فيه حركة العينين سريعة (REM) والنوم الذي تكون فيه حركة العنين بطيئة NREM (وهذا يحتوي على ثلاث مراحل مختلفة).
ويرتبط كل من هذه المراحل بموجات كهربائية محددة ونشاط عصبي مختلف. ويحدث تنقل عبر جميع مراحل النوم REM وغير REM عدة مرات خلال الليل، مع فترات REM أطول وأعمق على نحو متزايد حتى الصباح، وتزيد الأحلام.
المرحلة 1 من حركة العينين البطيئة NREM يبدأ فيها التحول من اليقظة إلى النوم. وخلال هذه الفترة القصيرة التي تستمر عدة دقائق من النوم الخفيف نسبيًا، تبطئ ضربات القلب والتنفس وحركات العين، وتسترخي العضلات مع ارتعاشات عضلية متقطعة. وتبدأ كذلك موجات الدماغ في التباطؤ مقاربة لأنماط يقظة النهار.
المرحلة 2 من حركة العينين البطيئة NREM هي النوم الخفيف الذي يسبق الدخول في نوم أعمق. وتبقى ضربات القلب والتنفس بطيئة، والعضلات أكثر استرخاءً. وتنخفض درجة حرارة الجسم (لذلك نشعر بالبرد) وتتوقف حركات العين تقريباً. ويتباطأ نشاط موجات الدماغ ولكن يتميز بقفزات قصيرة من النشاط الكهربائي. وتتكرر هذه المرحلة أثناء ساعات النوم أكثر من مراحل النوم الأخرى.
المرحلة 3 من حركة العينين البطيئة NREM وهي فترة النوم العميق التي نحتاجها للشعور بالانتعاش في الصباح التالي. وتحدث هذه المرحلة أكثر، خلال النصف الأول من الليل. وتكون فيها ضربات القلب والتنفس بطيئة إلى أدنى مستوياتها أثناء النوم، والعضلات مسترخية تماماً، وموجات الدماغ تصبح أبطأ من سابقتها. وعادة ما يكون الإستيقاظ أصعب في هذه المرحلة من النوم.
مرحلة حركة العينين السريعة المرتبطة بالأحلام (REM)، وتحدث لأول مرة بعد 90 دقيقة من النوم، حيث تتحرك العينين بسرعة من جانب إلى آخر خلف الجفون المغلقة. وتكون موجات الدماغ مختلطة وتشبه إلى حد كبير ما يحدث في اليقظة. ويصبح التنفس أسرع وغير منتظم، ويزيد معدل ضربات القلب وضغط الدم إلى مستويات قريبة من حالة الاستيقاظ.
وكما ذكرنا تحدث معظم الأحلام أثناء حركة العينين السريعة (REM)، وتصبح عضلات الذراعين والساقين مسترخية لدرجة الشلل مؤقتًا، مما يمنع الإنسان من التصرف أو الحركة أثناء هذه المرحلة المليئة بالأحلام.
ومع تقدم العمر، تقل هذه المرحلة، مما يعني أن الشباب أكثر أحلاماً !!!.
آلايات النوم:
يعمل على تنظيم حياتنا نظامين، ينسقان فيما بينهما لتنظيم عمل أعضاء الجسم المختلفة، ووظائفه أثناء اليقظة والنوم.
نظام الإيقاع اليومي (Circadian rhythm) ويقود التغيرات اليومية لمجموعة واسعة من الوظائف في اليقظة مثل درجة حرارة الجسم, التمثيل الغذائي, وإطلاق الهرمونات. كما يتحكم في توقيت الشعور بالنوم ليلاً والاستيقاظ صباحاً دون منبه. ساعة الجسم البيولوجية، التي تنتظم فيما يقارب 24 ساعة في اليوم، تسيطر على معظم الإيقاعات اليومية، وتزامنها مع الإشارات البيئية (الضوء، درجة الحرارة) حول الطول الحقيقي لليل والنهار، لكنها تستمر حتى في غياب الإشارات.
نظام التوازن الداخلي ((Homeostasis) والذي ياتبع حاجتنا للنوم، و يعمل على تذكيرنا بالنوم بعد فترة معين من الإستيقاظ، وينظم شدة النوم. ويزيد من التذكير كلما طالت فترة الإستيقاظ، ويسبب لنا النوم لفترة أطول وأعمق لو حصلت فترة من الحرمان من النوم.
وهناك عوامل كثيرة تؤثر على نظام النوم والاستيقاظ مثل الأمراض والأدوية والإجهاد، وبيئة النوم، ونوع الأكل والشرب. والتأثير الأكبر بلا شك هو التعرض للضوء (سواء ضوء الشمس أو الكهرباء أو حتى الأجهزة المحمولة، حيث تتحسس الخلايا المتخصصة في شبكية العينين الضوء وتخبر الدماغ -ربما بفعل ما يصلها من ضوء- ما إذا كان الوقت ليلاً أو نهاراً.
كم ساعة نحتاج من النوم؟
تتغير الحاجة إلى النوم وأنماطه مع تقدم العمر، ولا يوجد رقم محدد لساعات النوم التي تكفي لكل الناس، حتى من نفس العمر.
ينام الأطفال في البداية حوالي 16 إلى 18 ساعة في اليوم الواحد، مما قد يساعد في النمو والتطور (خاصة في الدماغ). وتقل حاجة الأطفال والمراهقين من النوم في سن المدرسة إلى حوالي 9.5 ساعة في الليلة.
ومعظم البالغين يحتاجون إلى 7-9 ساعات من النوم، لكن النوم ليلاً يميل بعد سن الستين إلى أن يكون أقصر وأخف وأكثر تقطعاً. كما أن كبار السن أيضاً هم أكثر عرضة للمشاكل الصحية والأدوية التي قد تخل بعملية النوم.
وفي عصرنا الحاضر- يعتقد الكثير من الناس أنهم يستطيعون خلال عطلة نهاية الأسبوع تعويض ساعات النوم المفقودة، ولكن للأسف -ولاعتبارات كثيرة- قد لا يكون النوم لفترة أطول في عطلات نهاية الأسبوع كافيًا.
سأتطرق في التدوينة التالية لأهم اضطرابات النوم الشائعة وكيفية التعامل معها.