كن سعيداً وانشر السعادة
أفكار لاستعادة الشغف
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً"
(النحل، (97
يأتيني في العيادة الكثير من الناس يشكون من السأم أو فقدان الشغف أو ربما الشعور بالضيق والكآبة. ومعظمهم يأتي جازماً -بعد أن بحث وقرأ في الإنترنت- أنه يعاني من الإكتئاب النفسي، ولا يتوقع مني سوى المصادقة على هذا التشخيص وصرف الدواء أو تحويله للمعالج المناسب ليبدأ جلسات علاجية للإكتئاب.
والحقيقة أن البعض منهم يصاب بالصدمة أو حتى الإنزعاج وخيبة الأمل، عندما أقول له أنه لا يعاني من الإكتئاب، وأن ما به ليس إلا الفراغ وانعدام التحدي وغياب الهدف في الحياة، أو كثرة الأعمال حد استنزاف الطاقة، بحيث لا يكاد يجد وقتاً لطعامه ونومه.
الشعور بالسعادة -على النقيض- يأتي من إحساسك بسلسلة أهداف تعيش من أجلها، وتعمل على تحقيقها تدريجياً، بشكل متوازن يحفظ لك جوانب حياتك الأخرى، ولا يستنزف طاقتك الجسدية أو النفسية بشكل مستمر.
قد يقول البعض أن طبيعة حياته ليس فيها أهداف، ويرى أن حياته رتيبة، لا يتطلع فيها إلى نهاية هادفة -على الأقل في المدى القصير. وهنا أركز على "المدى القصير".
التحديات المتكررة هي التي تصنع معنىً لحياتنا يزيل عنا الشعور بالرتابة والكآبة، ويعطينا الدافع للمزيد من العمل، والشعور بمتعة التغلب على هذه التحديات وحلاوة النجاح.
الأم المتفرغة لأسرتها أو ربة المنزل -مثلاً- لها هدف بعيد وهو أن تربي أولادها، وتكبرهم ليصبحوا رجالاً ونساءً صالحين. لكن بعد الهدف وعدم وجود تحديات متكررة يفقدها استشعار الإنجازات الصغيرة التي تبعث في نفسها السعادة.
وكذلك الطالب الذي يمارس حياة يومية رتيبة ولا يهتم بخلق تحديات متكررة “تشحن بطاريته”، ولا يرى إلا هدفاً غامضاً بعيداً، هو التخرج والوظيفة، لا يشعر بلذة النجاح في الخطوات الصغيرة التي يخطوها نحو هدفه الكبير.
وكذلك الأمر بالنسبة للموظف البسيط الذي يكتفي بعمله اليومي الذي لا تحدي فيه ولا هدف إلا التقاعد.
لكي تكون سعيداً لا بد أن تكون قادراً على تلمس واستشعار الجوانب الجميلة، ليس فقط في حياتك، بل في الآخرين من حولك، والبيئة المحيطة بك، بل حتى في العالم أجمع.
هذه القدرة قد تكون هبة من الله عند البعض، ولكن يحتاج الكثير منا أن يتعلمها
كيف تسعد نفسك؟
إذا كنت تشعر أنك إنسان عديم الفائدة، وأنك فقط تأكل لتعيش أو تعيش لتأكل، فأنت مخطئ. أنت، فقط اخترت أن تكون كذلك.
طالما أنك تتحرك وتبصر وتقرأ وتكتب، فأنت تستطيع أن تتعلّم شيئاً أو تعْمل شيئاً، وتصنع لنفسك تحديات تمنحك الشعور بالنجاح، وتجعل منك كل سنة نسخة أفضل من السنة الماضية، لتقترب من هدف كبير تتخيله أو ربما تحتاج أن تتخيله وتحدده.
أنت شخص فريد وثمين بما لديك قدرات ومواهب مهما كانت قليلة. ولديك إمكانيات للتعلّم واكتساب المهارات، وتحقيق الكثير من الإنجازات.
أنت تستحق أن تكون سعيداً وفخوراً بنفسك، فلماذا تتوقف وتترك من نفسك فريسة للهموم والكآبة؟
البدايات فيها صعوبة بالطبع، ولكن… ابدأ الآن:
اكتب قائمة بصفاتك وإمكاناتك التي يمكن توظيفها للإنتقال بنفسك لمرحلة أجمل وأسعد
أعط نفسك حقها وقيمتها، ولا تمعن في تبكيتها وقمعها
عامل نفسك بلطف، ولكن لا تعطيها فرصة للبقاء فيما أنت فيه من كسل وسأم وكآبة
حدد لنفسك هدفاً تريد ان تصل إليه (علم أو شهادة أو مال أو منصب.. الخ)
اعمل لنفسك أهدافاً مرحلية توصلك للهدف الرئيس، من خلال مهام يومية أو أسبوعية أو شهرية.
لا تستهن بهذه المهام فهي محطات نجاح تستحق أن تحتفل بإنجازها وأن تكافئ نفسك عليها وأن تحدث الناس عنها.
تعلم من أخطائك وإخفاقاتك فيه دروس وخبرات متراكمة وفرص للنمو.
قل لي بالله عليك، بعد أن تفعل ذلك، وبعد أن تنجح في تجاوز التحديات وتحقق الأهداف تلو الأهداف… أين الشعور بالكآبة وفقدان الشغف؟
كيف تسعد الآخرين؟
الآخرون من حولنا لديهم العديد من المواهب والإمكانات والإنجازات، ولهم قيمة يمكن أن تضيف لنا الكثير. هم يستحقون أن يكونوا سعداء مثلك، وسعادتهم ستضيف لك وتغمرك أنت أيضاً بالسعادة.