الكلمة
كيف تصل؟
هذه فكرة دغدغت عقلي، فاستحقت أن تخرج في نص. ستخرج منه بأسئلة أكثر من الأجوبة!
الكلمة بدأت منطوقة أم مكتوبة؟
هل الجرس الصوتي يتناغم مع المعنى؟
الكلمة هي وحدة بناء اللغة ذات المفردات، التي يستخدمها الإنسان كأهم أداة بشرية. هنالك كلام كثير حول أصل اللغة. كثير من المجموعات منقسمة حول أصل اللغة، وكيف بدأت اللغة وهل تكونت وتطورت تدريجياً. أم أن جيناً معين أصابته طفرة معينة وتحور ليصبح الإنسان البدائي قادراً على استخدام اللغة، في يوم وليلة. أو أن الجين موجود أصلاً في الإنسان فقط، منذ خلق.
لو قلنا أنها بدأت منطوقة، فكيف يمكننا إثبات ذلك؟ فالدليل قد يكون مكتوباً أو منقوشاً بترميز ولكن هذا لا يؤكد أن الكتابة أو النقش هي مهارة مارسها الإنسان القديم بعد النطق زمنياً، فقد يكون الإنسان نقش ورسم وكتب قبل تكوين نطق للشيء. هل هنالك تسجيل صوتي قبل 200 سنة؟ في الغالب لا، فما بالك بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف من السنين! فالدليل على اللغة أثره غير صوتي وهذا يصعب من المهمة في معرفة أيهما سبق الآخر.
يوجد لغات منطوقة وليست مكتوبة حتى يومنا هذا، ولكن هذا لا يثبت أن الكلمة بدأت منطوقة. فهنالك لغات “برمجية” مكتوبة وغير منطوقة. ربما هذا أقرب خيط للوصول لأصل اللغة. ولكن أيضاً اللغة قد تكون في شكل آخر غير الكتابة أو النطق، مثل الإيماءات والفنون من موسيقى وما يشابهها. فهي توصل رسالة معينة يفهما متلقيها تماماً كما اللغات ذات المفردات (lexical languages). وش الوضع! ننتقل للجرس الصوتي، فلن نصل في تدوينة إلى أصل اللغة.
أول ما طرأ على بالي الجرس الصوتي وهل يتناغم مع المعنى. وصلت لكمة “أم” (Mom). التشابه كبير بين النطق في لغات مختلفة لهذه الكلمة. وعند التنبه إلى أن الطفل الرضيع أول ما ينطق، يوازي هذه الكلمة (غالباً أصوات “أمممم” “ممامما” ….). ستلاحظ أن الشفتين تضم عند نطقها والاختلاف طفيف جداً في حركة عضلات الوجه بين أشكال النطق المتنوعة. العجيب وكأنه نداء من الطفل يتناغم مع حركة الفم عند الرضاعة الطبيعية من نهد الأم.
مثال آخر، كلمة “ماء”. عند نطقها يتشكل الوجه في هيئة وجه شخص قد أهلكه العطش. ستقول ولكن لماذا في لغات غير العربية يختلف نطق “الماء”؟ أقول ربما لأن احتمالية العطش في الجزيرة العربية أعلى من غيرها، وربما يكون معنى الماء هنالك مختلف (قد يكون الماء مشكلة بيئية فائضة في بعض المناطق). ليتوافق المعنى مع الجرس الصوتي. طبعاً لا أعتقد أن كل الكلمات يتضح معناها من الجرس الصوتي بشكل جلي كالأمثلة السابقة، خذ هذا السؤال: لماذا في بعض الأحيان عندما تسمع لغة أخرى لا تعرفها ولكنك قد تتوصل إلى الطاقة خلف الكلمة (سلبية، إيجابية، سعيدة، حزينة…. الخ)؟ هل الجرس الصوتي مهمته إيصال رسالة معينة؟ بمعنى أن النطق للكلمة ليس عشوائي. فالصوت في آخر المطاف هو عبارة عن إشارة/موجة (signal).
لماذا رسمها هكذا؟
ههاي، ما عرفنا أصلها ولا ليش صوتها له موجة وإشارة معينة، يعني بنعرف ليش كتبت اللغة بتشكيل ورسم معين!
اترك لك بعض الأفكار عن معاني رسم حروف اللغة العربية في مقطع فيديو بنهاية التدوينة.
كان ولا بد من تزيينها، اللحن والإيقاع والموسيقى والشعر!
الكلمة لها تأثير على الإنسان، فهي تؤثر على حالته الذهنية والنفسية و تصل إلى الحالة الفيزيائية للإنسان. كيف ولماذا توصل الإنسان لربط اللحن و الإيقاع والموسيقى بالكلمة؟ لماذا نَظْمْ الإنسان للكلمات بطريقة معينة كالشعر، له أثر فريد على الإنسان؟
التمثيل، وتقمص طاقة ومعنى الكلمة
في اعتقادي أن الطاقة التي يحتاجها الإنسان لنطق الكلمة عن الأخرى، هي بذاتها معلومة عن المعنى (طاقة حقيقية تتمثل في إخراج الإشارة/الموجة الصوتية).
هنالك كلمات سهلة جداً في النطق. قد يكون هذا سبباً لأن تصبح هذه الكلمات دارجة بشكل كبير في الاستخدام والتكرار. وهنالك كلمات أخرى صعبة النطق وتتطلب طاقة أعلى لإنتاجها صوتياً، وتجدها تبتعد عن العمومية إلى التخصصية في أغلب الأحيان (مشاهدة تحتاج لإثبات).
عند تخيل التمثيل المسرحي وتقمص معنى الكلمة في الحركات والإيماءات التمثيلية، أجد مشهد المتشدق أوضح الأمثلة. فالمتشدق يحاول إعطاء النص المنطوق وزناً أعلى بإضافة طاقة صوتية أعلى للكلمات (تضخم صوتي للكلمة). هنا يأتي تساؤل، هل هنالك وزن معين للموجة الصوتية لإحداث تأثير في الإنسان؟ ماهو التردد والتواتر والتكرار (frequency)؟ هل فَكَّ شفرتها الشعر أو اللحن أو الإيقاع؟
سؤال آخر، لماذا كلمة “لا” من مقطع صوتي واحد بينما كلمة “نعم” من مقطعين صوتيين؟ هل الإجابة الافتراضية في اللغة العربية هي “لا”، بما أنها تتطلب طاقة أقل لإنتاجها؟ ماهو تأثير هذا على حضارة متحدثي اللغة؟ هل لمحدودية الموارد في المكان دور في تشكيل اللغة؟ قارنها بالموازي لها من الكلمات في اللغة الإنجليزية (yes/no)؟ هل ترى إجابة افتراضية؟ إذا لا، هل يعني هذا الحياد وعدم التحيز؟
قلت لك، بتطلع بأسئلة أكثر من الأجوبة، الفيديوهات والمقاطع التالية “بتفك مخك” وتفتح لك أبواب جديدة، بالتوفيق في دغدغة عقلك!