الدكتور احمد خلف الطوالبة
هناك أشخاص قد عاشوا بيننا ورحلوا، تركوا بصماتهم ، بقيت ذكراهم الطيبة بين كثيرين من الاشخاص، لكن الأجيال الجديدة لا تعرف سيرتهم .في هذه السطور القليلة لا يمكننا أن نسرد حياة شخصية بازرة مليئة بالعمل والعطاء والانجاز ونعطيها حقها ، لكن على أقل تقدير فاني أحاول بأن أسلط بقعة ضوء على جانب مشرق عن حياة رجل قدم لوطنه وأمته.
أبن سحم رحمه الله تعالى الدكتور أحمد هو أبن الشيخ والمختار خلف الطوالبة أحد وجهاء سحم ومنطقة الكفارات. ولد في قرية سحم وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرستها، وأكمل تعليمه الجامعي في سوريا حيث التحق بكلية الطب بجامعة دمشق وتخرج منها. وهو من أوائل الاطباء في محافظة إربد ، وكانت عيادته في شارع عمر بن الخطاب مقابل سوق البخارية في مدينة اربد ،وهو من أبرز الرجال السياسيين في الشمال كما وصفه الكثيرين.
وكان بشهادة رجالات وطنية وقومية شخصية لعبت دوراً في النشاط الحزبي والسياسي في فترة شهدت أحداث ساخنة على الساحة المحلية والعربية، هذه الشخصية المتمثلة في الطبيب والسياسي والمناضل القومي والشخصية التي تميزت بكرزما اجتماعية محبوبة من أبناء بلدته ومنطقته وأحد وجهاء العشائر التي كان لها تأثير ايجابي في جميع المناسبات والأحداث.
لقد برز في تاريخ الاردن الوطني في مطلع القرن الماضي عدد من الزعامات الوطنية، حفظ الشعب أسماءهم ، وحمل لهم أعمق الاحترام والتقدير ولم يسجل التاريخ أعمالهم وجهودهم ويعطهم حقهم، ربما لأنهم عملوا بصمت وهدوء لخير وطنهم وأمتهم، وربما لأن بعضهم لم يكتب مذكراته
المؤرخ الدكتور محمود سعد عبيدات في أحد مقالاته :جوانب مهمة من تاريخ الاردن ما زالت مجهولة
جاء في مذكرات السيد جورج حبش المنشورة عام ٢٠١٩، بخصوص تأسيس حركة القوميين العرب في الاردن عام ١٩٥٢ ، حيث كانت الحالة السياسية الجديدة في الاردن بتلك الفترة بعد تسلم جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله ، تتميز بالجو الليبرالي، حيث تم التواصل مع محموعة من الشباب الاردني والفلسطيني المثقف للافادة من الوضع السياسي الجديد الذي يعيشه الاردن. ومن هؤلاء الشباب: وديع اسكندر وعلي منكو ونزار جرادنه وحمد الفرحان ومحمد طوقان الذي كان قاضيا ومحمد الرشدان في سلك القضاء الاردني والدكتور أحمد خلف الطوالبة الذي كان يعمل طبيباً في مدينة اربد وغيرهم.
ونتيجة للجو السياسي السائد آنذاك فقد سمح لحركة القوميين بإصدار مجلة في عام ١٩٥٣ في عهد وزارة فوزي الملقي، والتي أطلق عليها اسم الرأي ، وهي جريدة اسبوعية كانت تصدر كل يوم اثنين، وكان صاحب امتيازها الدكتور أحمد الطوالبة والدكتور جورج حبش كان رئيس التحرير ، تميزت الرأي بجرأة لافتة في نقد الاوضاع السياسية العامة، دعت للوحدة العربية والمقاومة ضد اسرائيل وكان الاقبال عليها رائعاً منذ الأعداد الأولى ، وكانت تلهب المشاعر الوطنية بطروحاتها في تحريك الشارع في الاردن، وأصبح للحركة امتداد على الساحة الأردنية وبخاصة في اربد وقرى الشمال.
استمرت المجلة في الصدور إلى أن تم اغلاقها في عام ١٩٥٤ ، حيث انتقلت بعدها إلى الساحة السورية التي كانت مهيأة بعد الاطاحة بنظام الشيشكلي في شباط/فبراير ١٩٥٤ وعودة هاشم الأتاسي إلى الحكم.
في عام ١٩٥٦ كان الاردن بعد طرد غلوب باشا ساحة نشاط جماهيري، وبدأت الأحزاب في الساحة الاردنية تعد نفسها لخوض الانتخابات البرلمانية ، وخاضت حركة القوميين تجربتها في الانتخابات البرلمانية في عمان وكان الدكتور أحمد خلف الطوالبة مرشحاً عن دائرة اربد ، وكان ذلك في عهد وزارة سليمان النابلسي رئيس وزراء الأردن في تلك الفترة. وفي العام نفسه تم عقد مؤتمر للحركة، و تم اطلاق اسم حركة القوميين العرب بدل الاسم السابق الشباب القومي العرب.
وعندما فرضت الأحكام العرفية في ٢٥/نيسان/١٩٥٧ في الاردن، كان الدكتور أحمد الطوالبة رحمه الله مع مجموعة من اصدقائه قد غادروا البلاد إلى سورية ، ثم قامت الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير ١٩٥٨ باسم الجمهورية العربية المتحدة أدت إلى تفاعلات جماهيرية ونشاط ثقافي سياسي بالمنطقة.
كان رحمه الله الطبيب الانسان الذي ساعد في علاج المرضى دون مقابل ، والمصلح الاجتماعي الذي كان لا يتوانى في اصلاح ذات البين وحل الخلافات والنزاعات بين أفراد المجتمع ، توفي رحمه الله عام ١٩٨٦ ودفن في قرية سحم.
الباحث والكاتب الدكتور ضياء الدين الطوالبه ؛
من مواليد قرية سحم عام ١٩٦٩ ، حاصل على شهادة البكالوريوس في علم الاثار من جامعة بغداد ودرجة الماجستير من جامعة البرموك. عمل في دائرة الاثار العامة في مختلف مواقع المملكة ١٩٩٢-٢٠٠٤ ، ثم انتقل ليعمل باحثا في الاثار بدولة الامارات العربية المتحدة بدائرة الثقافة والسياحة بابو طبي.
شارك في العديد من المؤتمرات العلمية المحلية والدولية في مجال الاثار وتم نشر عدد من اوراق العمل في المجلات المتخصصة.