CDO: قائد التحول في عصر البيانات


  • استثماراتك في البيانات الضخمة ستحقق عوائد أكبر إذا كان من بين قادة المنظمة الممثلين في أعلى مستوى، مدير مختص بالبيانات يصنع الفرق في مجال الذكاء الإصطناعي وتحليل البيانات ويوائمها مع استراتيجيات المنظمة

  • توفير البنية التحتية الخاصة بالبيانات الضخمة (Data lake) وحدها بدون متخصص يضع الرؤية والأهداف الخاصة بهذا الاستثمار ويتولى إدارتها يقلل من عوائد هذا الاستثمار إن لم يؤدِ لفشله

  • أقر الكونجرس الأمريكي مؤخرًا قانوناً يلزم الجهات الحكومية باستحداث منصب بمسمى “Chief Data Officer” لإدارة أهم مكونات الثورة الصناعية الرابعة وإيماناً بالدور الكبير والمتصاعد الذي تلعبه البيانات كأحد أصول المنظمات


البيانات هي الحل. احتلت البيانات مؤخراً النصيب الأكبر من التغطيات الإعلامية والإهتمام على جميع المستويات. قالوا إنها أصل (Asset) لا ينبغي أن يقل أهمية عن باقي أصول المنظمة. وقالوا “هي النفط الجديد”. وزادوا، هناك داخل البيانات رؤى تحمل في طياتها الحل للمشاكل والتحديات التي تواجه المنظمة. تعددت العبارات والأوصاف التي أُطلقت على البيانات وتحليلها والتي بمجملها تدعو لأمر واحد وهو: استخدام أساليب تحليل البيانات لتعظيم المنفعة من البيانات الخام المتاحة لدى المنظمات . ولكن!


ربما السؤال الأكثر إلحاحاً والذي يدور في خُلد الوزراء والمدراء التنفيذيين في الجهات الحكومية والمنظمات الربحية و القطاع الثالث يدور حول أمر واحد وهو:


من يجب أن يتولى زمام تقييم جاهزية المنظمة ووضع رؤيتها المتعلقة بالبيانات وتحديد ماهية البيانات التي يفترض أن تهتم المنظمة بجمعها، ويتولى تنسيق الجهود وبناء القدرات واستقطاب الكفاءات لتحليل البيانات واستخراج القيمة المضافة منها ومشاركة المخرجات مع المستفيدين؟


سؤال مهم وجوهري وهو ربما أحد الخطوات الأولى التي يتوجب أخذها بعين الإعتبار من قبل جميع المنظمات الراغبة بالاستفادة من بياناتها في سبيل ضمان موقع مميز في المستقبل خاصة في ظل التحولات الرقمية و الزعزعة التقنية.

لنعُد للوراء قليلاً. في المجال التقني، كانت الجهود تدور حول تحويل العمل إلى إلكتروني والتحول نحو إدارة بلا ورق والاستفادة من الأنظمة التقنية في تسريع العمل ورفع كفاءة العاملين وتقديم الخدمات عن طريق الإنترنت. وبالتالي فتخزين البيانات في قواعد البيانات وأنظمة المعلومات لم يتجاوز في كثير من الأحيان كونه ضرورة ومتطلب مرتبط بطبيعة عمل الأنظمة التقنية وآلية تشغيلها. ولذا كان السائد أن تُسنِد المنظمة مهام جمع البيانات وحفظها وإدارتها للإدارة التقنية بقيادة CIO أو CTO.


البيانات أصل “Asset“

لم يعد الأمر كما كان، البيانات وخاصة الضخمة منها أصبحت أحد أصول المنظمات بل لشركات مثل جوجل، فيس بوك، هي من أهم الأصول التي تعود على الشركات بمليارات الدولارات. كذلك الأمر للعديد من المؤسسات التي صنعت منتجاً جديداً من خلال شراء بيانات خام ذات فائدة محدودة متوفرة عند جهة أو عدة جهات أخرى وحولتها لمنتج مستقل قائم بذاته وقابل للبيع وله عملائه كما تفعل الشركة الأمريكية كارفاكس carfax والتي توفر تقارير شاملة عن السيارات المستعملة في السوق الأمريكي وتقدر أرباحها بأكثر من ٤٠٠ مليون دولار. الأمر كذلك بالنسبة للحكومات، تحليل البيانات المتوفرة لدى الجهات الحكومية ومعرفة المتغيرات بالمجتمع هي أحد الأدوات الرئيسية المعتمدة في صناعة السياسات (Policy Making) وإدارة شؤون البلدان مثل مركز دعم إتخاذ القرار في الديوان الملكي السعودي. الانتخابات الأمريكية ليست إستثناء، فقد استعان الرئيس باراك أوباما بعلم البيانات كمحور أساسي في حملته الانتخابية وذلك للتأثير على الناخبين وحققوا نجاحاً باهراً. ,واستحدث أوباما فيما بعد منصباً ولأول مرة في تاريخ أمريكا بسمى كبير علماء البيانات لينضم لفريق صناعة السياسات في البيت الأبيض. ولأهمية ما تقدمه وتكشفه البيانات من معلومات، تولي الحكومات هذا الشأن أقصى درجات الاهتمام وما اللائحة الأوروبية العامة لحماية البيانات (GDPR) إلا شاهداً على ذلك.


بزوغ نجم ال CDO

دعونا الآن بعد أن استعراضنا القيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها البيانات أن نجيب على السؤال المذكور أعلاه، إلى من يجب أن توكل مهام إدارة هذا أمر البيانات.


تنظر الشركات الكبرى والمتقدمة في المجالات التقنية وفي تحليل البيانات في طريقة تعاطيها مع ملف البيانات على أنها من أصولها المهمة. لذا فهي تقوم بتعيين مسؤول عن هذا الملف Chief Data Officer ويكون مرتبط مباشرة إما بالرئيس التنفيذي أو المدير المالي أو مدير العمليات. نجد على سبيل المثال في شركة STC منصب نائب الرئيس لقطاع التحليل والبيانات المؤسسية.


الحكومات هي الأخرى وعلى رأسها الحكومة الأمريكية تدعم هذا التوجه. بل أكثر من ذلك، أقر الكونجرس الأمريكي مؤخراً قانوناً يلزم الجهات الحكومية الأمريكية باستحداث منصب بمسمى Chief Data Officer.


يوضح استطلاع للرأي أعده باحثون بأن ٦٧,٩ ٪ من الشركات الكبرى قاموا بالفعل بتعيين CDO بعد أن كان هذا الرقم ١٢ ٪ في عام ٢٠١٢. القياديون في هذه الجهات ينظرون للبيانات على أنها أصل استراتيجي ، إلا أن الفائدة منها شبه معدومة إذا لم يكن هناك فريق من المتخصصين بقيادة CDO يقومون بتركيز جهودهم وطاقاتهم لتعدين البيانات وتحليلها وصناعة المنتجات منها.


هناك من يرى بأن مدير إدارة تقنية المعلومات CIO/CTO هو الأنسب لتولى المهام المرتبطة بالبيانات ولهذا الرأي مريديه. شخصياً، أعتقد أن هذا مناسباً في حال كانت المنظمة صغيرة أو متوسطة والأنظمة فيها ليست بذلك التعقيد وحجم البيانات التي تستطيع الوصول إليها لتطوير خدماتها ومعرفة المستفيدين منها لاتستدعى استحداث منصب جديد. طبعاً، هذا باعتبار أن المدير التقني أو مدير تقنية المعلومات ممن تتوفر لديهم معرفة جيدة ومتابعة لمستجدات علم البيانات وآليات الاستفادة منها وتوظيفها في خدمة المنظمة وتحسين تجربة العميل وجودة المنتج.


تعرّف على ال CDO

تتعدد تعاريف ومسميات كبار المسؤولين عن البيانات لكنها لا تختلف في المضمون وهو التركيز على وضع استراتيجية البيانات وتوريدها وحوكمتها وضمان جودتها وتوفرها واستخدامها في استخراج الرؤى والتقارير وتحويلها لمنتجات. ونستعرض هنا عدد منها:


  • كبير مسؤولي البيانات CDO هو مسؤول الشركات المعني بالحوكمة على نطاق المؤسسة واستخدام المعلومات كأصل ، من خلال معالجة البيانات وتحليلها واستخراج البيانات وتداول المعلومات وغيرها من الوسائل. يرتبط ال CDO بشكل مباشر بالرئيس التنفيذي — جارتنر.

  • تتمثل المهمة الرئيسية لمدير البيانات في إعداد البيانات الواردة بطريقة تكون مفهومة وقابلة للاستخدام لتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية من قبل كل موظف ، في كل مستوى ، في المؤسسة — IBM.



رؤية ٢٠٣٠ و دور ال CDO

تسير المملكة من خلال برامج ومبادرات التحول متمثلة برؤية ٢٠٣٠ بخطوات سريعة في مشاريع التحول الرقمي وتبني الأتمتة وتقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة في جميع نواحي الحياة. أصبح لزاماً على المنظمات في جميع القطاعات -التي لم تبدأ بعد- أن تواكب الجهود والمبادرات التي تبذلها الحكومة خاصة بعد البدء الفعلي بإطلاق خدمات الجيل الخامس والذي سيزيد بدوره حجم وسرعة نقل البيانات، أن تبدأ عمليا بوضع المبادرات الخاصة بها والاستراتيجيات المعنية بتحليل البيانات وإدارتها. ولعل أولى الخطوات التي تحتاجها هذه المؤسسات قبل البدء الحقيقي بضخ الأموال والاستثمار في الحلول التقنية والبنية التحتية، هو استحداث منصب CDO - أو الاستعانة لحين استحداث هذا المنصب بمدراء تحليل البيانات- لإعداد دراسة الجدوى والاحتياجات المتعلقة بالبيانات.


أخيراً، إذا أردنا لمبادرات تحليل البيانات أن تؤتي أكلها، فلابد من إسناد مهمة الإشراف على جودة البيانات وإدارتها وحوكمتها وتوافرها لشخص واحد تكون هذه المهمة على رأس ووسط وآخر أولوياته. البيانات كأصل استراتيجي يجب أن تحظى بنفس مستوى الاهتمام الذي توليه المنظمات لبقية أصولها التقليدية. بينما تركيز CTO/CIO ينصب على تطوير البيئة التقنية للمنظمة، في المقابل، CDO يجب أن يتسنم وضع الاستراتيجيات والرؤى والأهداف الخاصة بالبيانات وتنفيذها لتعظيم الفائدة منها واستخراج القيمة المضافة.

Join