تخيَّروا لنُطَفِكم
أحب أن أتأمل في هذا الحديث وفي إشارته المباشرة لأهمية الطرفين ولعمق الأثر الذي يتركه كل مربي في طفله!
ومن تأملاتي اختلاف المكانة الاجتماعية لأفراد نفس الأسرة حسب تأثير ممثل الدور الاجتماعي فيها، أحيانًا يكون الرجال لهم مكانة اجتماعية ممتازة وصيت جيد وبالمقابل النساء من نفس العائلة شبه مجهولين أو العكس..
ما سبب هذا الفرق الشاسع ؟ بما أنهم كبروا تحت نفس الشروط ونفس الآباء والأمهات؟ -بغض النظر عن دور الفروقات الفردية-
أعتقد أن السبب يكمن في أن الإدراك الإجتماعي للطفل يتكون بوجوده مع ممثل هذا الدور في مواقف اجتماعية مختلفة وهذا بدوره يؤثر على الطريقة التي يتفاعل فيها اجتماعيًا وعلى فهمه وتحليله للمواقف الاجتماعية، وردة الفعل التي يتخذها وفكرته العامة عن الحدود ومعيار التواصل وغيره كل ذلك يتكون من خلال خروجه مع ممثل هذا الدور ومشاهدته له داخل وخارج المنزل والمجالس التي يجلس بها معه، هذه الخبرات البسيطة تتراكم وتشكل خريطة اجتماعية يتبعها الفرد في حياته الاجتماعية في أحيان كثيرة بدون وعي وبإصرار داخلي أن هذه الخريطة هي الأفضل والأصح!
جودة هذه الخريطة الاجتماعية هي التي تحدد في الغالب المسار الاجتماعي للفرد فإما علو أو انحدار، حين ننظر عن قرب وبحيادية لهذه الخريطة سواء خريطتنا الخاصة أو خرائط الآخرين ستجد منعطفات وهمية أحيانًا وحجارة تضخمت كالجبال وحدود في غير موضعها وغيرها من الأمور التي وضعت في هذه الخريطة.
وقد لا يصعب علينا أحيانًا تمييزها كعلامة شبه واضحة بين الفرد وممثل الدور الاجتماعي من نفس الجنس، مثل: خلو بعض الخرائط من علامة “قف” فتجد البعض لا يعرف متى يتوقف عن طرح الأسئلة الغير مناسبة! أو التصنيف الخاطئ للتهديدات والمخاطر التي تجعل البعض يعرف السؤال عن الحال في خريطته الاجتماعية كانتهاك! اختلاف الطريقة التي نتعامل بها مع هذه الأمور الاجتماعية ما هو إلا نتيجة لسمات وأساليب مكتسبة من ممثل الدور الاجتماعي الذي يعد أقوى من الطرف الآخر في التأثير الاجتماعي.
وهذه أحد الأمثلة التي تظهر فيها التربية كعملية تكاملية بين الطرفين (الأم والأب)، فوجود طرف واحد جيد في أمر ما لا يغني دائمًا عن إجادة الآخر له.
وأخيرًا نستطيع بقليل من الملاحظة رؤية هذا النمط الذي يقتبس فيه الفرد الجانب الاجتماعي للمربي -من نفس الجنس- في فهم وتحليل المواقف الاجتماعية وترجيح ردود الفعل الأفضل لهذه المواقف، أما الطريقة الأمثل لتفادي ذلك فهي أن نكون أكثر انفتاح وتقبلًا لملاحظات الطرف الذي يملك الفهم والمهارة الأفضل في جانب ما.