الأسس المنطقية للاستقراء

مراجعة كتاب #3


الاستقراء كمنهج معرفي يعتمد على الجمع بين ثلاثة مسائل:

1. اطراد الطبيعة (أي التفاعالات الطبيعية المتماثلة لها نتائج متماثلة) مثلاً: لو وضعت نار على قطعة خشب ستحترق ولو كررنا هذا الفعل غدًا ستكون النتيجة نفسها.

2. السببية العامة (أي القاعدة العامة: لكل حادث مُحدِث)

3. السببية الخاصة (أي السببية بين الأمرين المدروسين تحديدًا => سببية أ إلى ب)


رد أرسطو #1 و #2 إلى أنّهما قضيتان عقليتان موجودتان قُبُلاً ولا يُمكن إثباتهما.

يحاول الكتاب إثبات #3 عقلاً في كتاب الأسس المنطقية للاستقراء. أي بمعنى آخر يحاول الإجابة على السؤال الاستنكاري القائل: "إن تكرر حدوث (أ) بعد (ب) فما هي الضرورة العقلية القائلة أن (ب) هي سبب (أ)؟"


الإجابة التقليدية هي: أن "التكرار" هو الدليل. لكن التكرار بحد ذاته لا يورث اليقين. من مبدأ (Correlation doesn't necessitate causation) أي (العلاقة المتكررة لا تفيد السببية ضرورة).

لماذا ما حدث بالأمس، (بنبغي) أن يحدث غدًا؟

لمعالجة هذه المسألة يقوم السيد محمد باقر الصدر بتصنيف أنواع اليقين إلى ثلاثة: 1) موضوعي 2) نفسي\ذاتي 3) عقلي رياضي


وأيضــًا يقسّم العملية الاستقرائية إلى مرحلتين:



1) مرحلة استنباطية: (مرحلة الاستدلال عن طريق الاحتماليات -والذي لا يفيد اليقين لكن يقرّبنا منه-. بمعنى: المرحلة التي من خلالها يتم افتراض وجود نوع من العلاقة)

2) مرحلة التوالد الذاتي (الانتقال من الاحتمال إلى اليقين. ويحاول المؤلف هنا إثبات وجود ضرورة عقلية للسببية الخاصة في حال تجاوزنا المرحلة الاستنباطية)


ومن خلال هذه المفاهيم يحاول إثبات ضرورة أن (ب) هي سبب (أ). هذا مختصر الكتاب. لكن زبدته هو مرحلة التوالد الذاتي في تصوّري. زبدة مرحلة التوالد الذاتي تتمحور حول فكرة أن أكثر من سياق\دليل "يفشل في نفي" هذه السببية الخاصة. ويسمّي السياقات المختلفة (معرفة إجمالية 1 ، 2، إلخ). ومن ثمّ يقول: إنْ تتطابقَ أكثر من مجال (معرفي إجمالي) على عدم نفي سببية (أ) ل(ب) فإن (أ) و(ب) فعلاً مرتبطين بعلاقة سببية. وتكون هذه الدعوى يقينًا موضوعيًا. إلا أني أرى أن ما تم تقديمه في هذا الفصل بالإمكان إيراد العديد من الإشكالات عليه. فبالتالي لا تزال المشكلة قائمة


الكتاب في غاية التعقيد. والتعقيد يعود لثلاثة أمور:


(1) الموضوع نفسه معقّد (2) لغة الكاتب (3) طريقة ترتيب الأفكار


الأمر الأوّل لا يد للمؤلّف فيه، أما الأمر الثاني والثالث ففي رأيي أنه كان بالإمكان أفضل مما كان.


كتاب جميل ويزيد من حصيلة القارئ

Join