عشرة أمور تعلمتها خلال سنة الامتياز
مرحبًا, يا أصدقاء! أنا رهف وهذه أول تدوينة لي, ربما ليست مهمةً جدًا, ولكنني أكتب فيها بقلبي لا بيدي حول 10 أشياء تعلمتها -على المستوى الشخصي- خلال سنة الامتياز! ❤
خلال هذا العام, كان لدي مرضى, ومعلمين, ولم أكن قد جربت سابقًا تجربةً كهذه, تعلمت خلال هذه السنة السريعة, الثقيلة, والخفيفة في آن واحدٍ أمورًا على المستوى الشخصي, هناك ما تمنيت أنني عرفته مسبقًا, وهناك ما كنت أعرفه جيدًا -نظريًا- ولكنني احتجت للمرور بالتجربة حتى أتعلم, ووجدت أن المرور بالتجربة مختلفٌ تمامًا عن الإيمان بالفكرة دون عيشها أو تجربتها!
وجب للشُكر أن يُختتم به, ولكنني هذه المرة سأبدأ بالشُكر أولًا, شكرًا للذين علموني الكثير خلال هذا العام, كيف للطبيب أن يكون طبيبًا, للكلمات الطيبة, والجهد والوقت, وللفرص الرائعة, شكرًا للطفكم ولكونكم أمثلةً رائعة أتطلع إليها دائمًا! شكرًا لمعلميّ الرائعين جدًا: د. محمد, د. العنود, د. جلعود, د. رائد, د. مشاري, د. فهد, ود.ملاك! وكذلك الذين قد لا يسع المكان لذكرهم, جميعًا شكرًا جزيلًا!
1.أنظر إلي بعينك, لا بأذنيك
هذه أحاديثٌ سائدة في كل مكان: فلان قاسٍ/عنصري/غير مراعي, فلانة سليطة اللسان أو استغلالية, التخصص الفلاني سيء, الدكتور الفلاني مهمل أو عظيم, وربما فلانة طيبة جدًا..
كما أنه من السائد مع اقتراب بداية كل شهر: مين جرب التخصص الفلاني؟ الدكتور فلان؟ أو اشتغل مع السينيور (الطبيب المقيم الأكبر سنًا في الفريق) الفلاني؟
في أحد الأشهر عملت مع سينيور X, وكنت قد سمعت حوله كلامًا غير جيدٍ قليلًا من بعض زميلاتي اللاتي عملن معه في أشهرٍ سابقة -لم أسالهم, قالوها لي صدفةً- ثم فكرت: لو تبادلنا الأماكن ماذا سأتمنى؟ حسنًا, سأرغب في أن ينظر الآخرون لي بأعينهم لا بما سمعوه من غيري!
قررت أن أنظر بنفسي بتجرّد دون أحكامٍ مسبقة, فوجدت أن التجربة لم تكن بذلك السوء, بل كانت تجربة جيدة نوعًا ما، تعلمت منها كيف أعمل تحت الضغط وكيف أتأقلم في مواضع تضايقني بالتركيز على المهم حتى لا أحرم نفسي الفائدة المرجوة!
ما أقصده هو أنه وحيث لم يكن من بُدٍ لي العمل في ذلك الفريق، كان علي أن أحاول تجاهل الصفات السيئة التي تؤثر على تجربتي، العصبية وقلّة الصبر كانتا سيمتان واضحتان في ذلك الشخص ولكنهما كانا أمران يمكن التعامل معهما، صحيح أنني احتجت إلى مزيدٍ من ضبط النفس والصبر ولكنني حاولت النظر إلى الجانب المضيء، أعني, الجميع لديه المساوئ والمحاسن, مثل أي شخصٍ آخر, حاولت أن أنظر لكل صفة جيدة، مثلًا منحي الكثير والكثير من الفرص للعمل في غرفة العمليات، وهذه صفة بالنسبة لي كانت كافية لغض الطرف عن بقيّة الصفات السيئة، وهكذا, -مع تذكير نفسي أيضًا بأنه شهرٌ ويمضي ويتغير الفريق- فقد استطعت أن أمضي وقتًا جيدًا وأتعلم الكثير من ذات الشخص الذي كنت خائفةً من العمل معه!
إنه من الظلم يا صديقي أن تنظر إلى الآخرين بأذنيك وأعين غيرك, دون أن تمنحهم الفرصة ليظهروا لك كما هم تمامًا! بشر, عاديين, ليسوا ملائكة كما أنهم ليسوا شياطين, يحتملون الخطأ, تمامًا كما يحتملون الصواب.
ما أحبه دائمًا هو أن ينظر لي الناس بتجرد, دون أحكامٍ أو توقعاتٍ مسبقة, ودون أي ظنٍ أو فكرةٍ ليست من صنعهم ولكنهم اقتبسوها من الآخرين, وفي المقابل سيكون من العدل أن أفعل ذلك أيضًا معهم, أن أنظر إليهم بعين نفسي وربما بعين قلبي, بما يفعلونه ويقولونه أمامي فقط, لا علاقة لي بما يقوله الآخرون عنهم, فلا أُحَمِّلهم ثُقل توقعاتي لما سمعته عن روعتهم, ولا أبخسهم حقهم بما سمعته عن سوءٍ ربما حكم الآخرون عليهم به في وقتٍ لم يكونوا فيه أنفسهم تمامًا! أو ليسوا بأفضل حالاتهم!
وعلى أيةِ حال, قررت بأنني سأعطي كل شخصٍ في هذا الطريق فرصته كامله وبتجرد, كل إنسان في هذا العالم يستحق أن ننظر إليه بأعيننا لا بآذاننا, صح؟
2.Solution to pollution is dilution
هذه عبارة شهيرة, قالها جرّاحٌ رائعٌ مرةً, وتعني: بأن الحل لتلوث أي جرح هو أن نقوم بتخفيفه بغسله بالكثير من: normal saline -وهو سائل يتكون من الماء والملح- مرة, مرتين, ثلاث, وحتى يصبح صافيًا تمامًا دون أي تلوث 🤝🏻
الفكرة تشبه وضع الكثير من الماء في وعاء به بعض الحبر مثلًا, حتى تطغى كمية الماء على الحبر فيختفي.
ربما بإمكاننا تطبيق هذا في الحياة أيضًا, عندما أفكر في الأمر كل مرة أتذكر هذه الآية: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَة), وكذلك أيضًا: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ)
لقد قرأت مرة بأن أفضل طريقة يتخلص فيها المرء من صفة أو عادة سيئة هي أن يلتزم بعادة حسنة واحدة في المقابل, سيحتاج إلى بعض الوقت قبل أن يلاحظ بأن عادته الحسنة قد حلت محل العادة السيئة وتخلص منها, وأظن هذا يشبه ما تعنيه هذه العبارة, فلكما حاولت أن تزاحم الصفات أو العادات السيئة بالحسنة كلما أصبحت شخصًا خيّرًا أكثر.
الإكثار من فعل الخير يزاحم الشر فيُذهِبه, تعلمت بأنه مهما كثرت عيوبك وأخطاؤك فلا بأس, إن حاولت أن تفعل الخير أكثر, سيزاحم الخير الشر فيك, ويطغى الخير, حتى تصبح نقيًا, وهو يشبه ما نفعله عندما نعالج الجروح الملوثة, تقريبًا.
3.كُل ابن آدم خطاء, وخير الخطائين التوابون!
في الحديث: (والذي نفسي بيده لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)
هذا حديثٌ نبويّ شريف نعرفه جميعًا, نحن بشر, نخطئ, الخطأ واردٌ جدًا في كل مرة, المهم أن نعرف ما علينا فعله عندما نخطئ, أخطأت كثيرًا, نسيت أحيانًا ما علي فعله, كنت بطيئة, وتشاجرت مرة أو مرتين 😅
وربما فعلت أمورًا كان يجب ألا أفعلها, تصرفت بثقة زائدة في بعض الأوقات كذلك - صحيح أنني لم أقتل أحدًا الحمد لله 😅- ولكنني لم أكن أفضل طبيب امتياز قد يرغب به فريقٌ ما.
كنت أخطئ, وتتم مسامحتي أحيانًا, وكنت أخطئ وأوبَخ أحيانًا أخرى! وربما أُعاتب فقط, من وبخني, أو عاتبني وسامحني, كلا الجانبين شكرًا جزيلًا! تعلمت منكما الكثير!
تعلمت بأنني عندما أخطئ فعلي أن أعترف بخطأي أولًا ولا أنكره وهذا هو المهم في الأمر كله, الاعتراف بالخطأ وتحمل مسؤوليته يقتضي أن تدرك بأنك أخطأت, أن لا تُلقي باللوم على شخصٍ آخر، أن تعتذر على ذلك, أن تحاول إصلاحه, وعندما لا تستطيع تطلب المساعدة لذلك, ثم تتعلم كيف لا تقع فيه مرة أخرى! وأخيرًا وهذه أهم نقطة: أن تسامح نفسك على هذا الخطأ ولا تستمر في لومها إلى الأبد, اللوم شيءٌ مؤلم, سامح الآخرين إذا أخطأوا أيضًا فهم يستحقون المسامحة!
4. من ذبَّ عن عِرضِ أخيه ردَّ اللهُ عنه عذابَ النَّارِ يومَ القيامةِ
في كل مكان يحدث أن يتحدث أحدهم بالسوء من وراء ظهر شخصٍ آخر, هذا صحيح, البشر في مجملهم يحبون الحديث, قد تكون أنت موضوع حديثهم مرة من المرات. قد يتحدثون لمجرد الحديث فقط دون أن يضمروا أي مشاعر سيئة تجاه الشخص.
ما تعلمته كان أن لا أستمع إليهم, وعندما تكون لدي الفرصة في أن أرد عن عرض الشخص الذي يتحدثون عنه فلن أسامح نفسي إن لم أفعل وإلا فلا أجلس في المكان, ربما يكون من الصعب والمؤلم في آن واحدٍ أن تنظر في وجه شخصٍ سمعت الآخرين يتحدثون عنه بسوءٍ من وراءه دون أن تُدافع عنه. إن أحق الناس بمعرفة ما يضايقك من أحدهم هو الشخصُ نفسه, لذلك, اعتدت بأن أقول للشخص بأنني تضايقت من هذا التصرف أو ذاك حتى يغيّر ذلك ويحسِّنه في نفسه إن استطاع وإلا فلماذا أتحدث به من وراءه؟
5.كن لينًا, حليمًا, طيبًا, لا عيب في هذا
هناك مثلٌ يقول: لا تكن لينًا فتعصر ولا تكن صلبًا فتُكسر والكثيرون يستشهدون به، ولكنني لا أؤمن بهذا, أنا أؤمن بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه, وما نزع من شيءٍ إلا شانه) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
يبدو أمرًا بديهيًا, صح؟ لكن لا, هناك أشخاصٌ يفسرون اللين بالضعف, ويرون بأنك إن لم تكن أكثر صلابة فلن تنجو في عالمٍ كهذا, ويبدو إقناعهم صعبًا أحيانًا مهما حاولت, هل تعرف أين المعضلة الحقيقية يا صديقي؟
إن الطبع يغلب التطبع, إن كنت لينًا فمهما حاولت التظاهر بعكس ذلك, لن تفلح, إلى جانب أنه ما من سببٍ حقيقي يجعلك تغيّر نفسك! عندما تكون لينًا فهذا ليس خطأً, كن لينًا, لا توفر ذلك أبدًا, كن لينًا مع الجميع, الجميع يستحقون أن يحصلوا على جانبٍ لينٍ طيبٍ من أحدٍ ما, استمر في كونك كذلك, حتى لو كان صعبًا, هذا العالم مليءٌ بالقسوة بما يكفي, ماذا سنخسر لو كنا أكثر لينًا؟ اللين أمرٌ محمود في جميع أحواله, ستندم دائمًا إذا ما كنت قاسيًا, لكن اللين لا يجب أن يجعل الإنسان نادمًا أبدًا لأنه لم يتسبب بأي أذى, ويومًا ما الذين يرونه ضعفًا, سيدركون ذلك.
6.لا تسير الأمور كما هو مخططٌ لها في أغلب الأحوال، ربما خطة بديلة؟
كان أحد أكبر أخطائي هو أنني لم أضع خطة ب في حياتي, ولكن, خلال سنة الامتياز بدئًا من اختيار الجدول وانتهاءًا بآخر يومٍ فيها, لا أذكر بأن يومًا واحدًا مر كما خططت له تمامًا أو فكرت فيه, وفي كل مرة, أجد نفسي في ورطة أحتاج معها لحل سريع, كانت السنة برمتها كأرجوحة! يبدو هذا مربكًا أحيانًا. خاصةً إن لم تكن مستعدًأ لذلك.
أنا شخصٌ تعوّد أن يركز على خطة A فقط, كما لو أنها الخطة الوحيدة في العالم وإذا لم تتحقق فالأمر إلى الهاوية, لكن هذه السنة أدبتني كثيرًا 😅, تعلمت -مع آسف كبيرة جدًا لنفسي- بأن الإنسان عليه أن يفكر بخطة B و C و D وكل أنواع الخطط لأن الحياة مختلفة تمامًا عن أحلامنا, ففي النهاية الرياح تسيّرنا كما تشاء إذا لم تكن سفينتنا قوية بما فيه الكفاية أو لم نكن خبراء بالإبحار مثلًا بشكلٍ كافِ 🤷🏻♀️ ولأن الحياة الآن أصعب من عندما كان سينيوري إنترن مثلًا -كما يقول- ولأن البشر والأشياء والأمور تتغير وربما قلوبنا أيضًا ورغباتنا كذلك, صحيح؟ ما أريد قوله في النهاية هو أن تجعل لنفسك طرقًا مختلفة, عندما تُضيّق على نفسك في طريق واحد فأنت تظلمها, هب أن هذا الطريق كان بنهاية مغلقة؟ جدار كبير؟ عليك أن تعود, أو تكسر الجدار, ولكن لو كان لديك خطة بديلة فربما تستطيع القفز أو أن تحفر حفرةً مثلًا أو تأخذ المنعطف, لم أكن شخصًا بخطة بديلة, لذلك, ضاع مني الكثير من الوقت, والتفكير, وكذلك, الكثير من المشاعر والدموع :), لا تكن مثلي. وكذلك تأكد من نيتك في كُل يوم, أفعل الأشياء لله, لا بأس أن تشوبها نيةٌ دنيوية أحيانًا ما دمت تحاول جاهدًا أن تُخلصها لله, لأنه في النهاية سيخفف عنك هذا الكثير عندما لا تصل, وحتى لو وصلت إلى ما تريده, أجعل كل شيءٍ لله وحده, حاول على الأقل.
7. لا تؤجل, لا تقل: سأفعلها لاحقًا
تعلمت بأننا لا نعلم متى قد تكون المرة الأخيرة التي نستطيع أن نقول فيها شكرًا, أو آسف, أو أن نوضح فيها موقفنا حتى لا يُساء فهمنا, ربما يبدو ذلك بديهيًا, ولكنك لا تستطيع استيعابه حتى تعيشه. في كل يوم, لا تنتظر, ما تريد فعله, افعله الآن, الحسنة التي تؤجلها للغد, قم بها اليوم, الكلمة الطيبة قلها الآن, الاعتذار الذي تريد أن تقوله قله الآن.
الأمر ليس دارميًا! أنت حقًا, فعلًا, وبالتأكيد, لا تعلم متى ستكون المرة الأخيرة ولا ما إذا كنت ستحصل على فرصة أخرى أو لا! لذلك, لا تنهي يومك بغضب, أو سوء فهم, أو امتنانٍ مؤجل, اعتذر قبل نهاية اليوم, قل شكرًا قبل نهاية اليوم, قل بأنك لم تقصد الإساءة, قبل نهاية اليوم, لكن لا تدع اليوم ينتهي وأنت لم تفعل, تذكر أن مشاعر الندم سيئة للغاية ولا أحد يحبها, ولا تندم أيضًا على كل كلمةٍ طيبةٍ قلتها وأنت تعنيها من قلبك, لا بأس, ربما لا يفهمها الآخرون ويظنون أنك تُبالغ, أو تتملق, هذا محزنٌ قليلًا, ولكن, لا يهم, المهم أنك قلت من قلبك, وأنك تعرف نفسك جيدًا وتعلم بأنك صادق, وهذا يكفيك, وحتى لو كان الأمر تافهًا, لا تؤجله.
8.لو أضاء لك أحدهم شمعة, كن شاكرًا
هناك من قد يبخل حتى بالرماد
( من لا يشكر الناس لا يشكر الله) هذا حديثٌ نبويٌّ شريف, خلال هذه السنة, تعلمت من الأطباء المقيمين والاستشاريين المساعدين كل ما أعرفه, علموني كيف أكون إنسانيةً قبل أن أكون طبيبة, التشجيع, التوبيخ, تصحيح الأخطاء, كلها كانت منهم هم, أنا أعلم جيدًا بأنهم غير مُطالبين بذلك, وهم متدربون يتعلمون في تخصصاتهم, ولكن كلًا منهم أضاء شمعةً في طريقي, ربما بعضهم أضاء أكثر من ذلك, ولكن ما أنا متأكدة منه هو أنهم فعلوا ذلك كرمًا وكانوا مُحسنين.
لقد تعلمت أن أشكر صنيع الإنسان مهما كان صغيرًا, ربما يكون ضئيلًا في نظره, ولكنني حصلت على الفرصة, وتعلمت المعلومة, وخُضت التجربة لأنه سمح لي بذلك.
في بداية الامتياز عملت في مكانٍ ما, كنت متحمسةً لأنه مكانٌ لم يسبق لي تجربته :) ويال الحماس! لم يكن يُسمح لي حتى بالسؤال, عليّ العمل فقط, إذا لم أعرف شيئًا أسأل زملائي الامتياز الذين تخرجوا من ذلك المكان, كانت تجربةً مريرة, لا يتمناها المرئ لعدوه, هل أذكر بأنهم لم يكونوا يعرفون شيئًا عن مرضاهم سوى ما نخبرهم به؟ وإذا أخطأت عن غير قصد يتم تهديدك مباشرةً بالرسوب في ذلك الشهر :) أعوذ بالله أن أُعاملَ أحدًا كما كانوا يفعلون. يبدو أنني أكثرت الشكوى؟ ما كان علي ذلك 😅!
لكن ما أريد قولهُ هو أنني بعد ذلك أصبحت أُقدِّر أقل القليل من أي شخص, لأنني أعلم بأن هناك من يبخل حتى بالفتات.
في بعض المرات كنت أحصل على ثلاث دقائق فقط في نهاية العملية الجراحية لأغلق جُرحين في الجلد, ولم أكن غالبًا أستطيع أن أنهي إلا نصف واحد في الوقت المطلوب, كنت بطيئةً جدًا وكان سينيوري يرى أن عليّ أن أكون سريعةً جدًا -ولديه حق- كنت أغضب أحيانًا, وكنت جحودةً في أحيانٍ أخرى لأنني لم أحصل على باقي الجروح لأخيطها, ولكنني تعلمت أن عليّ أن أكون شكورةً دائمًا, أن لا أنتظر الكثير وأن أشكر على القليل, لم يكن مطلوبًا منه أن يُشعل لي ولا حتى نصف شمعة ومع ذلك, فقد أشعل واحدة, وحتى لو كان لديه مئة شمعةٍ أخرى لم يشعلها, سأكون دائمًا شكورةً للجميع للشمعةِ الواحدة, للفرصة الواحدة, وللمعلومة الواحدة, وكما قالت العرب: الحٌرُّ من راعى وِداد لحظة.
9.إذا لم تفهم, إسأل, لا تُسئ الظن أبدًا, وكن واضحًا كمرآة
يحصل أن لا تفهم شيئًا قاله أو فعله أحدهم, أحيانًا هناك أمورٌ -بعضها تافهة- لكنها أحزنتني قليلًا, تعلمت بأن عليّ أن أسأل دائمًا إذا لم أفهم شيئًا قاله أو فعله أحد, أن أقول بوضوح بأنني لم أفهم أو: هل كنت تقصد هذا؟ وأن لا أتوقع أو أفترض شيئًا دون أن أتأكد من الشخص ذاته إذا ما كان يقصده أو لا.
البشر يتصرفون بعفويةٍ شديدةٍ في أغلب الأوقات, وهذا رائع, ربما يفعل أحدهم شيئًا أو يقول شيئًا يؤذيك لكنه لا يقصد هذا حقًا, سيكون من الجيد أن يعرف, حتى لا يفعلها المرة القادمة, صح؟
وأيضًا في مقابل ذلك, سيكون جيدًا أن توضح للآخرين عندما لا يفهمون ما قلته أو فعلته, الأشخاص الذين طلبوا تبريرًا على بعض الأمور التي فعلتها, أو لماذا قلت هذا أو ذاك أو لماذا تأخرت في فعل أمرٍ طُلب مني كانوا أنبل من قابلت, لأنهم أعطوني الفرصة لأوضح شيئًا, كان يمكن لهم أن لا يسألوا وأن يعتمدوا على توقعاتهم وهذا كان سيحزنني كثيرًا, لذلك, فإنني أقدر دائمًا من يعطيني فرصةً لأشرح نفسي, وأسبابي, وما كنت أقصده بالضبط, في نهاية الأمر, نحن بشر, والبشر لديهم الظروف والأسباب التي لا تكون دائمًا في صالحهم, لذلك تعلمت أن أبرر دائمًا, وأن أطلب تبريرًا إذا لم أفهم!