أهم الأحداث العلمية لعام 2019م
تعرَّف على أهم مُنجزات العلماء وأبرز أبحاثهم العلمية
ماهي أهم الأحداث العلمية لعام 2019م ؟ عامٌ حافل بالعديد من المنجزات الرائعة والتي ستنعكس إيجابًا على حياة البشر في المستقبل. ماهي قصة تقنيات التحرير الجيني، وماذا اكتشف علماء الكونيات في السماء، وكيف حقّق الطب تقدمًا مذهلًا في عدّة مجالات. هذا التقرير يلخّص لك أهم الأحداث.
نظرًا لصعوبة حصر جميع الأخبار العلمية المميزة لعام 2019م ، سأكتفي بطرح أهم الأبحاث بتقديري الشخصي. وكلي أمل لعام علمي جديد في غاية الإثارة. فبه تنهض الأمم، وتُبنى الحضارات، وترتقي العقول لإعمار هذه الأرض بما هو مفيد لكل البشر.
لنبدأ في أبحاث الفضاء. من المهم أن نُذكِّر بأن التقاط أول صورة لثقب أسود Black Hole في مجرّة M-87 ستبقى عالقة في أذهان الناس لزمنٍ طويل. وأرى أن فكرة إنشاء شبكة من التليسكوبات حول العالم، تحديدًا في أربع قارات، لتصوير أفق الحدث Event Horizon عبقرية جدًا وتستحق الإشادة.
في الحقيقة هي ليست صورة للثقب الأسود؛ بل للأثر الذي يصنعه في المنطقة المحيطة به (أفق الحدث). نحن نعلم مواقع الثقوب السوداء بمعرفة الأثر الذي تتركه من حولها. ومن باب تحرّي الدقّة العلمية، لا يصح أن يُقال بأنها صورة للثقب الأسود بقدر ما أنها صورة لأثره الضخم على النسيج الكوني.
وفي رحلة البحث عن كائنات حيّة داخل وخارج مجموعتنا الشمسية، أعلنت وكالة ناسا في منتصف 2019م أنها استطاعت، بواسطة القمر الصناعي TESS ، أن تُساهم في اكتشاف حولي 4000 كوكب خارج المجموعة الشمسية منذ نهاية التسعينات حتى وقتنا الحاضر (الفيديو).
وبسبب تلك الاكتشافات، حاز ثلاث علماء على جوائز نوبل للفيزياء 2019م وهم بيبلز، مايور وكيلوز نظير أعمالهم وأبحاثهم بعلوم الفلك وجهودهم النظرية في ابتكار تقنيات قادرة على اكتشاف الكواكب خارج المجموعة الشمسية. والفوز بجائزة نوبل شرف عظيم لكل الباحثين حول العالم.
لا أظن أن الإعلان عن شكل من أشكال الحياة أمرًا محتملًا في المستقبل القريب، لكن الأبحاث المستمرة في اكتشاف كواكب خارجية جديدة، والتنقيب المستمر على سطح جارنا المريخ و جمع المعلومات من الأقمار الصناعية ستخلق تصورًا جيدًا عن بدايات الكون، وربما الحياة.
وعلى ضوء تلك المجهودات، قدمّت ناسا مشروعًا جديدًا في اغسطس وكان باسم LEMUR-3 لإنشاء مركبة تعمل بالذكاء الاصطناعي، تمَّ تجهيزها للتحرك في أصعب التضاريس الجيولوجية حال إطلاقها إلى الفضاء، وقُدرتها على تحليل الصخور والكشف عن المركبات العضوية بدقّة عالية (الفيديو).
ومن جهةٍ أخرى، أعلنت ناسا أيضًا عن رصد أيون هيدريد الهيليوم Helium Hydride Ion لأول مرة في الفضاء عبر مرصد SOFIA . هذا الاكتشاف يعزّز من نموذج الانفجار الكبير Big Bang كفكرة رئيسة في شرح بداية الكون، وهي الفرضية الأرجح والأقوى في المجتمع العلمي.
تظل فكرة بداية الكون العظيم لغزًا كبيرًا حيَّر العلماء. أسئلةٌ كثيرة لا يوجد لها إجابات، وكلما قدّمت الأبحاث إجابة أو افتراض لمشكلة ما، ظهرت أسئلة أكثر صعوبة بحاجة إلى المزيد من البحث والتحرّي. وهنا تكمن روعة علوم الكونيات: جميع الاحتمالات واردة في هذا العالم الكبير.
وأختم مُنجزات علوم الفضاء بالانجاز الصيني في بلوغ الجانب المظلم للقمر بواسطة مركبة Chang'e-4 ، تحديدًا في القطب الجنوبي بمنطقة Aitken لدراسة هذه المنطقة القديمة جدًا وفحص التربة والبحث عن أدلة علمية تدعم فرضية ارتطام جُرم ضخم أدّى لحدوث هذه الفوهة العميقة.
أما في علوم الأحياء، فقد تصدرَّت تقنية التعديل الجيني CRISPR-Cas9 المشهد بشكل ملفت للغاية. النقاشات الأخلاقية لازالت مشتعلة حتى الآن حول تطبيق أي تحرير جيني للكائنات الحية، خصوصًا الإنسان. وما مدى خطورة تطبيقها على مستقبل البشر.
بدأت الحكاية مع بروفيسور صيني يُدعى Jiankuo ، لقد تمكَّن من تحرير الحمض النووي لفتاتين بغرض حمايتهما من اكتساب فايروس الإيدز HIV وراثيًا من أبيهم. وأعلن في مؤتمر علمي نجاح التعديل الجيني على فتاة واحدة فقط، وبذلك لن تُصاب بمرض نقص المناعة المكتسبة طوال عمرها.
ونظرًا لأخلاقيات العمل العلمي، وردت أنباء قبل عدَّة أيام عن وجود البروفيسور الصيني في السجن، وأنه قد يُعاقب بمدة تصل إلى 3 سنوات بسبب هذا العمل الخطير على حدّ تعبير المجتمع العلمي. هل سنصل إلى اتفاق ينظَّم أُسس التحرير الجيني دوليًا؟ لا أستبعد صدور لائحة في المستقبل القريب.
في المقابل، أعلنت شركة الدواء الأميركية فيرتكس Vertex عن نجاح تجربتها في التحرير الجيني بواسطة تقنية كريسبر كاس-9 لعلاج المرضى المصابين باعتلالات الهيموغلوبين المختلفة مثل مرض الثلاسيميا β-Thalassemia وفقر الدم المنجلي SCD دون أن اقرأ أخبار تُعارض مبدأ تحرير جينات الإنسان!
لم يثق العلماء بشكلٍ كافٍ بمُخرجات تقنيات التحرير الجيني، ولن يثقوا بسهولة. الأمر يتطلّب متابعة طويلة جدًا للتأكد من عدم حدوث أي مضاعفات مستقبلية بسبب أي تعديل. أجسادنا تعمل بطريقة تراكمية في غاية الدقّة، وقد تحدث مفاجأة غير متوقعة بسبب أي تعديل بأحماضنا النووية عندما نكبر.
وفقًا لإحدى نتائج الأوراق العلمية، قد يؤدي تحرير الجينات بواسطة تقنية CRISPR-Cas9 إلى نمو الأورام السرطانية بسبب تنشيطها لبروتين يُدعى p53 ، الذي يُعطي أمرًا للخلية بالنمو الغير الطبيعي. لذلك قد نحتاج إلى زمنٍ طويل لتقييم أضرار ومنافع هذه التقنية الفريدة من نوعها.
لقد اقتحمت علوم الذكاء الاصطناعي AI جميع العلوم، وبات أثرها واضحًا بسبب الاستفادة الكبيرة جدًا من تطبيقاتها الذكية. سنجد أنها تواجدت في الطب الحديث لمساعدة الأطباء على رصد أي نمو سرطاني بعد تدريبه على 90000 صورة لكي يلمح أي ورم في مرحلته المبكرة.
كما تتواجد تطبيقات الذكاء الاصطناعي لمساعدة أطباء الأورام على تحديد جرعة العلاج الكيميائي المناسب للمرضى، ومراقبة أي تغييرات غير طبيعية قد لا يلمحها الطبيب المحترف في سلوك الورم طوال فترة العلاج.
شهِدَت علوم تقنية المعلومات تطورًا كبيرًا في عام 2019م من خلال الحواسيب الكميّة، فقد أعلنت شركة غوغل Google عن مُعالج سيكامور Sycamore الذي استطاع ينفِّذ عملية قد تستغرق حوالي 10 ألاف عام بالكمبيوترات التقليدية في 200 ثانية فقط! الأمر مذهل للغاية.
يعود الفضل في ذلك إلى استبدال البت Bit بالكيوبت qbit والتي بإمكانها أن تكون صفرًا وواحدًا في وقتٍ واحد، على عكس وحدة "البت" التي إما أن تكون صفرًا أو واحدًا كما تعلمنا ذلك في المدرسة. هل سنصل إلى مرحلة متقدمة في مُعالجة المعلومات الضخمة بسرعات خيالية؟
وفي ذات السياق، تمكَّن علماء من استخدام الحمض النووي DNA لتخزين معلومات ضخمة جدًا تصل إلى مليار تيرابايت/غرام. وأنه من الممكن أن يتم حشوه داخل خرزات زجاجية نانوية لاسترجاع المعلومات المخزَّنة ولو بجزء مكسور من ذلك الزجاج! تقدَّم مذهل جدًا.
وأختم بالمُنجزات الطبية التي غيرَّت الإنسان للأفضل. فقد نُشر في إحدى الأبحاث العلمية عن قُنبلة نانوية Nano-Bomb استطاعت أن تدمّر خلايا سرطان الثدي السلبي في الفئران بشكل مباشر دون المساس بالخلايا السلمية عن طريق استهداف جين POLR2A.
ولأن مرض السرطان يقتل حوالي 9 مليون شخص سنويًا (2015م)، فقد أهتم العلماء بالبحث عن علاج يمنع تطور المرض. ومن تلك الأبحاث المهمة هو إيقاف النمو السرطاني وتوجيهه عن طريق حث حقول مغناطيسية Electromagnetic Fields لمنع انتشاره بأجساد المرضى.
واستطاع العلماء، بواسطة العلاج بالخلايا الجذعية Stem-Cell Therapy، من تطهير جسد مريض مصاب بفايروس نقص المناعة بشكلٍ كامل دون وجود أي علامة لعودة المرض لمدة سنة ونصف. لا يوجد سوى مريضين حول العالم قد أُصيبا بفايروس الإيدز واستطاعا علاجه بشكل كامل.
لا يُمكنني إيجاز جميع الأحداث المهمة في هذه السلسلة وأكتفي بهذا القدر. المنجزات السابق ذكرها هي أبرز وأجمل ما أنتجته الأبحاث العلمية للعام المنصرم. أرجو بأن نستمتع بعام علمي فريد من نوعه. سأكون في الموعد فكونوا معي لمعرفة آخر مستجدات هذا العالم المدهش بكل تفاصيله.