أقلد أم أستلهم؟

لاشك أن التقليد هو طريق التعلم الأول في كافة مجالات الحياة ثم يصبح لكل إنسان مساره وأسلوبه الخاص، ويصبح كل شخص فريد بتجاربه الخاصة، وكل شخص لديه طرقه الخاصة للاستلهام ولبناء أفكار تميزه عن الآخرين باعتماده على رؤيته وقدراته المتميزة.

أولئك الذين يرفضون تقليد أي شيء، لا ينتجون شيئاً.

سلفادور دالي

الاستلهام والتغذية البصرية

مرحلة البحث والاستلهام عند بداية مشروع أو تصميم جديد هي مرحلة ممتعة لأن حماس البداية يولد أفكاراً جديدة، وأجدها صعبة أحياناً عندما أبدأ في البحث ولا أجد شيئاً، أتنقل من مصدر إلى آخر ولكن لا شيء يمكن الاستلهام منه، وتراودني المخاوف وأتساءل ماذا لو لم أستطيع أن آتي بفكرة جيدة والأسوأ من ذلك أن أتأثر بعمل واحد ويظهر ذلك التأثير في عملي وتكون النتيجة مشابهة تماماً للعمل الذي استلهمت منه.


وفي الآونة الأخيرة أصبحت لا أتصفح الأعمال فحسب حتى يأتيني الإلهام، وأصبحت أنظر إلى الأعمال بشكل مختلف، وهذه إحدى الطرق التي ساعدتني لإيجاد الأفكار الجيدة:

1. قلد حتى تستلهم

الإلهام يجبرنا على دفع حدود ابتكاراتنا، فإننا نستلهم من الطبيعة التي نتأملها ومن الكتب التي نغوص فيها ومن المجتمع الذي نعيش فيه ومن الأفكار التي تجعلنا ننظر إلى الأشياء كما لم ننظر من قبل، وهناك عوامل عديدة تساعدنا على نمو إدراكنا وتجعلنا نكتسب رؤية جديدة. 


لعل من أهم العوامل الأساسية للاستلهام هي التحليل وذلك عن طريق البحث والتركيز على التفاصيل التي كالأشكال والألوان والخطوط المستخدمة في التصميم، فعامل الفكر والملاحظة تعد من المتطلبات الأساسية لعملية الاستلهام، لأن التصفح بين التصاميم والأعمال المميزة بغرض التغذية البصرية ليس كافياً. 


فعلينا دوماً أن نرى بكثب وأن نفكر ما الذي يجعل هذا العمل رائعاً وما الذي يميزه، فهناك من ينظر فيرى، وهناك من ينظر ولا يرى.

وحينها نستطيع أن نختار أي الأفكار قابلة للتقليد في تصاميمنا وأعمالنا، وليس كل عمل نقلده ونستلهم منه؛ فعليك أن تعرف الفرق بين العمل الجيد وغير الجيد.

ومن السيء أن نقلد العمل كما هو، وأن ننسخ فكرة معينة من عمل ما ونسبه لنا، فهذا يدل على عدم الثقة بالنفس ونقر بأننا لا نستطيع الابتكار والإبداع.


لذا علينا أن نحول الفكرة إلى شكل آخر وندمج عدة أفكار لتتكون فكرة جديدة نتميز بها.


2. العملية وليست النتيجة

والأهم من ذلك كله أن نفهم عملية التصميم وتفكير الفنان عند بناء وتصميم هذا العمل، كيف كان يفكر؟ كيف أتى بهذه الفكرة؟ ما هي المراحل التي مر بها؟

إذا لم نفكر بالعملية وطريقته التي جعلته يصنع عملاً رائعاً، فكيف نستطيع أن نبتكر مثله؟


وبعد أن نفهم عملية التصميم، علينا أن نستنتج كيف يمكن أن نطور عملية التصميم الخاصة بنا، حينها نحن لا نقلد النتيجة منه، بل نقلد طريقة تفكيره وعمليته في بناء التصميم.

كقاعدة عامة، لا يبدأ المصمم المتمرس بفكرة مسبقة. بدلاً من ذلك، تكون الفكرة [أو ينبغي أن تكون] نتيجة الملاحظة الدقيقة ويكون التصميم منتجًا لتلك الفكرة.

بول راند

3. جدد مصادرك

الأفكار لا تختلف عن الموسيقى التي نسمعها، فجميعنا نحب أن نسمع قائمة التشغيل المفضلة لدينا مرارًا وتكرارًا، ولكن أحياناً نكتشف أغانٍ جديدة لنجدد قائمة التشغيل، هكذا علينا أن نفعل مع أفكارنا. نبحث عن مصادر أخرى، أعمال أخرى، أناس آخرين نستلهم منهم.

من الجيد أن تحب أشياء كثيرة، فهنا تكمن القوة الحقيقية! فمن يحب كثيراً، ينتج كثيراً، ويحقق كثيراً.

فان جوخ

الخلاصة:

  • التقليد جزء من الاستلهام، لأننا عندما نتأثر بفكرة ما نقلدها بوعي أو دون وعي.

  • لا تقلد العمل كما هو، لأن بذلك تقر بأنك لا تستطيع الابتكار والإبداع.

  • معرفة عملية التصميم يسهل عليك فهم تفكير المصمم أو الفنان.

  • ابدأ بتقليد عملية التصميم وافهم تفكير المصمم؛ لتصل إلى الابتكار. 

  • جدد مصادر التغذية البصرية بين حين وآخر.


وفي الختام، أشكركم على قراءتكم، وأود مشاركتكم حسابي في تويتر @iYassBadi حيث أغرد عن التصميم والعلامات التجارية.


المصادر

1. Steal Like an Artist | Austin Kleon

2. Creativity is a remix | Kirby Ferguson