هرم الحقوق
فيه إشكالية مسببة قلق لفهم شريحة من الناس للحقوق بالذات المتعلقة بالعلاقات والزواج في إطار الإسلام وأشوف أن الإشكالية هاذي بحد ذاتها شبهة سقط فيها كثيرون وبالذات النسويات .. اللي هي "الترتيب الهرمي للحقوق" طبعا هذا مصطلح أطلقته من مفهومي للمسألة ولا أعلم إن كان له مصطلح معين عند أهل الاختصاص ..والمقصد من ذلك ( أيهم أهم حقوقيا ، هل هي حقوق الفرد مقابل المجتمع ، الفرد مقابل الأسرة ، هل إذا رتبنا الهرم سيكون الفرد في الأعلى أم في الأسفل وعلى ذلك فقس )
الإشكالية الحاصلة هي استقطاب ترتيب الفلسفة الغربية لذلك الهرم بجعل الفرد في أعلى الهرم وجعل كيانه أهم من الأسرة والمجتمع [ الفرد > الأسرة > المجتمع ] وهذا الترتيب يسمّى بـ"الفردانية" individualism وهو بُعد فلسفي له تاريخه ظهر قبل قرنين من الزمان وهو جوهر الفلسفة الغربية ، وأغلب صدام الفلسفة الغربية مع الإسلام يدور حول هذا الفرق وسأبين تباعاً خطأ هذا الترتيب وكوارثه على الفرد و المجتمع .. على فكرة "منظمة حقوق الإنسان بنت حقوقها على هالمبدأ"
في الإسلام نجد أن الحقوق والواجبات على الفرد تأتي مشابهة بدرجة لمفهوم "الإيثار" Alturism مع الموازنة بدرجة مع حقوق الفرد .. فمثلا نجد فيه إشباع حظ الفرد تارة (وإنّ لنفسك عليك حقاً) وتقديم حق الأسرة ( خيركم خيركم لأهله ) ، والمجتمع ( حديث السفينة ) على الفرد في درجات .. وبشكل بسيط لكن غير دقيق نجد أن الإسلام يجعل حقوق المجتمع أهم من الأسرة والأسرة أهم من الفرد .. وهذا الترتيب هو الأصلح لما سأبينه تباعاً ..
في الحقوق بين الزوجين مثلاً نجد أن الزوجة مأمورة بطاعة الزوج والزوج مأمور بالنفقة ولأن ترتيب الحقوق في الإسلام فيه أن كيان الأسرة أهم من الفرد فالالتزام بهذه الحقوق هو لمصلحة الأسرة وليس انتصاراً للطرف الآخر كما يصوره "الفردانيين" .. فطاعة الزوجة لزوجها ليس انتصارا للرجل وإنما هو لمصلحتها هي بالأساس كونها من أساسات كيان الأسرة ، ويدخل في ذلك طاعة الأبناء لوالديهم وقيام الذكور على شؤون الإناث وخيركم خيركم لأهله ، فالإسلام يؤكد على أن الأسرة هي الحاضن الصالح للفرد وحفاظ الفرد عليها يكون بأداء واجباته كل بحسبه ..
يجي شخص يسأل وقد اغرقته الفردانية حتى النخاع "طيب ليش المرأة مب مثل الرجل ؟ وليش مايطيعها هو ؟ وليش يتزوج أربع ؟" والجواب هنا بسيط فالملاحظ في الحقوق داخل الأسرة أنها "تكاملية" فكل فرد يكمّل الآخر ويرسم لوحة الأسرة الجميلة ولو أصبحت الحقوق "فردانية" وكل واحد ماعليه من الثاني لسقطت الأسرة كما نشاهدحولنا من أمثله .. ولو أصبح كل لاعبي يوفنتوس “كريستيانو” لخسروا كل المباريات (:
نأتي لكوارث الفردانية وليش هي غير منطقية وتتضرر منها المجتمعات الغربية يومياً ، وسأبين سبب ليش الحكومات بالذات بالغرب تروج لهذه الفلسفة بالذات الأحزاب اليسارية على الرغم من علمهم بضررها ..
كطبيب حديث التخرج ، هناك صنف من الأمراض نسميها "أمراض العصر الحديث" مثل عدد لا بأس به من الأمراض النفسية وبعض الأمراض الباطنية وغيرها .. وأي حصيف يتأمل في تلك الأمراض يجد أن جزءا كبيرا منها مرتبط بشكل أو بآخر بالتفكك الأسري .. حضرت الكثير من عيادات الطب النفسي ووجدت أمراً ملاحظا .. بالذات عيادات الطب النفسي الجنائي ، والتي يقوم فيها الطبيب النفسي بتقييم الجاني هل كانت دوافعه نفسية أم كان بكامل قواه العقلية حين تأتّى بجريمته .. لن أتطرق لشناعة القصص فليس هذا حديثنا .. ولكن الملاحظة الساطعة هو ارتباط الحلات بأمرين كبيرين وهما التفكك الأسري والإدمان ، والسابق يقود للآخر ! .. ببساطة : أم مدمنة وأب غائب ، ابن ينشأ بتربية شوارعية تتلقفه المتردية والنطيحة يسقط بالمخدرات تتطور عنده الهلاوس يرتكب جريمة ! .. قد يقول أحدهم أن الهادي الله وياما شفنا عوايل ماشاء الله بس عيالهم سرابيت .. أقول وليس لدي إحصائية أن الارتباط ملاحظ فكل من عمل في ذلك المجال وهو غيث من فيض قد لاحظ ارتباط التفكك الأسري بالجريمةوالإدمان والأمراض النفسية .. وأزيد القصيد بيتاً .. لقد أُثبت علميا أن من أهم عوامل نجاح العلاج النفسي لأغلب الأمراض النفسية هو "الدعم الأسري" ..
في الحقيقة ، هذه ليست ملاحظة جديدة ولست أول من يتحدث عن أن التفكك الأسري طريق لضياع الأبناء وسقوطهم في وحول نتنة ، سبقني من المشرقيين والغربيين من تحدث عن هذه النقطة ... إذا ، إلى أين أن أصل بذلك ؟
ماأاحول الوصول إليه هو أننا نحتاج أن نفهم أنفسنا ومن حولنا وأبناءنا وأخواننا أن الأسرة هي حضن الفرد بالفرد فهو جزء منها حينما يرتكب مع جزءه الآخر يكونون لوح نجاتهم ، ولكن لاتقوم الأسرة إلى بالتضحية والتنازل والتغافل وكل واحد يسلك للثاني ..
والله اعلم
في الحقوق بين الزوجين مثلاً نجد أن الزوجة مأمورة بطاعة الزوج والزوج مأمور بالنفقة ولأن ترتيب الحقوق في الإسلام فيه أن” كيان الأسرة” أهم من”الفرد” فالالتزام بهذه الحقوق هو لمصلحة الأسرة وليس انتصاراً للطرف الآخر كما يصوره "الفردانيين"