بسم الله
ُهم حاولوا ونحن
حلّقنا
حاتم بن صالح الخليوي
لا يكاد يخفى اليوم على كل شخص (تعلم علم الطيران أو قرأ عنه) ,أهمية وارتباط قناة التهوية مع الطيران ولذا سنمضي معاً في مشوار الوصول إلى قناة التهوية, لذكر تاريخ هذا الأكتشاف الذي غير العالم وجعل من خيال الطيران واقعا.
شهد التاريخ عدة محاولات للطيران, ولكن بائت بالفشل.
وفي نهاية القرن التاسع عشر كانت هناك محاولات مكثفه للطيران من قبل مجموعة واسعة ومتنوعة من اصحاب التجارب ولكنها لم تنجح ,قادهم فشلهم إلى دراسة سلوك الطيران من الطيور وقد استنتجوا من ذلك الجهل الشديد تجاه ديناميكا الهواء (قوتي الرفع والسحب)
دراسة ديناميكا الهواء تحت ظروف غير مستقرة اطلاقاً
كأي بداية ضعيفة حاول اصحاب التجارب توظيف الطبيعة لدراسة ديناميكا الهواء ولكن تقلب الطبيعة الدائم فرض عليهم تركها للبحث عن بدائل اكثر استقرار , فقد لجئ بعضهم إلى الذهاب عند مداخل الكهوف وعلى التلال أملاً في إيجاد استقرار اكثر, ومن خلال التجارب تبين لهم أنهم بمقدورهم تثبيت الجسم وجعل الهواء ينساب عليه أو أن يحركون الجسم على الهواء.
قنوات التهوية لم تكن أولى أجهزة قياس ديناميكية الهواء
قد شهدت بريطانيا حركة قوية لدراست الطيران خلال القرن الثامن عشر فقد كان أول جهاز لقياس قوتي الرفع والخفض هي الذراع الدوارة.
والتي استخدمها عالم الرياضيات والمهندس بنجامِن روبن (١٧٠٧-١٧٥١)م استخدمها لقياس مقاومة الهواء للأجسام فقد توصل لاستنتاج معقد عن قوة السحب والتي ترتبط مع متغيرات كثيرة مثل شكل الجسم ومساحة الانسياب, سرعة الهواء إلى آخره...
للمزيد، اضغط على الصورة.
جورج كايلاي (اب الطيران)
(27 ديسمبر 1773 - 15 ديسمبر 1857)
جورج أيضاً كان ممن استخدموا الذراع الدوارة لقياس ديناميكا الهواء وقد جرب عدة اشكال لأجنحة الطيران ويزُعم أن اب الطيران كايلاي كان أول من صمم طائرة ورقية ناجحه اثقل من الهواء ! , وفي عام ١٨٠٤ صمم طائرة شراعية مسيّرة(من دون طيار) والتي نجحت في الطيران.
الفرض قبل كايلاي ما كان ليجعل طائرات اليوم تطير لذلك هو أب الطيران
كان الفرضية السائدة آن ذاك أن (نظام الدفع يجب أن يوفر حركتين إلى الأمام والأعلى في نفس الوقت) لكن كايلاي اكتشف أنها خاطئة وعقّب على ذلك بقوله "Make a surface support a given weight by the application of power to the resistance of air. "
ومعنى ذلك لابد من استخدام قوة تدفع(محرك) بالجسم للأمام ومن ذلك ستتولد عنه قوة رفع من خلال انسياب الهواء حول الجناح. ومن بعد هذا حصل تغيير واضح في طريقة فهم اصحاب التجارب للطيران
مشاكل الذراع الدوارة
فيه نهاية القرن التاسع عشر ومع تطور العلم نسبياً وكثرة استخدام الذراع الدوارة لوحظة مجموعة من المشاكل لهذا الجهاز.
منها أنه بسبب حركة الجسم الدائرية فإن الهواء ينساب للمناطق المجاورة حول الجسم المتحرك كما أنه ينتج عن ذلك دوامات هوائية تمنع من تحديد السرعة النسبية بين الهدف والهواء , ومن المشاكل أيضاً أن الجهار يصعب وضع حساس لقياس ديناميكا الهواء على الجسم بسبب تصميمه.
من هذه المشاكل اشتغل الكثير في البحث عن ما هو أصح.
أول قناة تهوية في العالم ١٨٧١م
فرانك وينهام ١٨٢٤-١٩٠٢م المهندس البريطاني وصاحب الفضل في تصميم وتشغيل أول قناة تهوية في العالم , بعد أن جرب فرانك الذراع الدوارة لم تكن النتائج مرضية له اطلاقاً وهذا كان دافعه لتصميم القناة وهي تحمل أبعاداً لا بئس بها كأول قناة تهوية فطول الصندوق ١٢ قدماً وبمساحة ١٨ قدم مربع وبمروحة تعمل على محرك بخاري تدفع الهواء تجاه الجسم, جرب فرانك عدة أشكال وكانت النتائج مذهلة! , مما أثار دهشة فرانك وفريق عمله أنه عند زاوية هجوم تبلغ ١٥ درجة كانت نسبة الرفع إلى السحب ٥ وهو مؤشر غير من نظرتهم تجاه الطيران وجعلها ممكنة اكثر , كما استطاعوا أن يكتشفون عن تأثير مهم للغاية من خلال تجاربهم ويسمى بالأبعاد المتزنة ويقصد بها أن نسبة طول الجناح إلى نحالته تعطي قوة رفع عاليه مقارنه بالأجنحه القصيرة والثخينه, من خلال هذه الأكتشافات لاقت قنوات التهوية رواجاً كبيراً.
مع كثرة التجارب انسدل الستار عن العوامل المؤثرة في ديناميكا الهواء وتجلت لهم كيفية زيادة التحكم فيها , ولكن كان هنالك تساؤل طرحه الكثير آنذاك عن المقياس!
هل النتائج الظاهرة لجسم ما أصغر بعشر مرات من حجمه الأصلي هي نفسها لحجمه الأصلي ؟! وما اوقعهم اصلاً في هذه الدوامة أن كان من الغير ممكن اختبار الأجسام بحجمها الأصلي في قنوات التهوية الصغيرة ! والتي قد يبلغ مساحتها ١٨قدم مربع مثلاً لذا وجب وجود جواب شافي وكافي لهذا التساؤل المهم.
رينولد نجح في تخليد اسمه في التاريخ
في جامعة مانشستر كان اوزبرن رينولدز يجري مجموعة من التجارب مستخدماً قناة التهوية وقد لاحظ أمراً … وهو تماثل نمط تدفق الهواء بين الجسمين الأصلي والنموذج عند تطابق بعض العوامل للحالتين , ومن هنا اوجد رينولدز متغير يحمل اسمه في عالم الموائع يصف حالة المائع عند وضع معين.
للمزيد، اضغط على الصورة.
Otto Lilienthal (1848-1896)
بين عام ١٨٦٦وحتى عام ١٨٨٩م كان أيضاً ممن استخدم الذراع الدوارة واستنتج اوتو استنتاجاً خاطئ, مفاده أن الأجنحه المسطحة يمكنها الطيران ! ولكن خطأه قاده إلى الصواب بعد عدة تجارب بدأ بتجربة الأجنحة المحدبة لتظهر له نتائج مبهرة عن مقدار قوة الرفع الناتج عنها مقارنة في الأجنحة المسطحة.
الثري هايرم ماكسم (١٩١٦-١٨٤٠)م
استخدم ماكسم الكثير من امواله في تجارب الطيران وسبب ثرائه هو ابتكارته !, كان المهندس الثري ماكسم ممن استخدموا الذراع الدوارة ولكنه كغيره اكتشف وجود مشاكل واضحه في الجهاز مما دفعه باتجاه قناة التهوية , وبالفعل صمم واحدة بطول ١٢ قدم وبمساحة حجرة اختبار ٣ قدم مربع وبمروحتين على نفس المحور.
استنتاجه كان بالغ الأهمية …
لاحظ أن الأجنحة المحدبة تعطي قوة رفع كبيرة , وعند زاوية هجوم ٤ فوق الأفق استطاع ماكسم أن يسجل رقماً لا يكاد يصدق بنسبة رفع إلى سحب تبلغ ١٤!.
تجربة ماكسم الجنونية
بوزن ٣٦٢٨كجم وبمساحة ٣٧١ متر مربع وبمحركين بخاريين بقوة ١٨٠ حصان وبطول مدرج ٦٠٠ متر كانت تجربة ماكسم تنفذ , ولكن عند الأقلاع حدث المتوقع لقد أنتجت الطائرة قوة رفع هائلة مما أدى إلى اقتلاع الأجنحة من جسد الطائرة , هنا ماكسم انتبه إلى أمر آخر .
للمزيد، اضغط على الصورة.
الأخوة رايتز ونهاية المشوار
اورفيل
(19 أغسطس 1871 - 30 يناير 1948)
ويلبر
(16 أبريل 1867 - 30 مايو 1912)
قد تبدو المعلومة غريبة ولكن الأخوين رايتز كانا عمالاً في مصنع للدراجات! ولكن كان عندهم شغف في الطيران وهذا ما جعلهم يبدأون في هذا المجال , وكالذين من قلبهم بدأ الأخوة بتزويد معرفتهم تجاه ديناميكا الهواء وقدد صمموا أول طائرة شراعية في عام ١٨٩٩م والتي كانت تحمل اجنحة قابلة للطي ولكنها لم تنجح.
في بداية العام التالي صنعوا طائرة أخرى , ولنعرف لماذا صنعوا طائرة أخرى قام الأخوين بعمل تجربة بطريقة ملهمة للمقارنة بين جناحين مختلفين لكل طائرة أحدهما مسطح والآخر محدب وقد قاما بقياس قوة الرفع للجناحين من خلال قناة تهوية من صنعهم الخاص والتي لم تكن تحمل أي مراوح لدفع الهواء تجاه الجناح إنما استخدمت الهواء الطبيعي وبهذه التجربة البسيطة تبين لهم فشل الطائرة الأولى , وقاموا بعد ذلك بزيادة مساحة جناح الطائرة الشراعية واختبروها لتعطيهم نتائج غير مرضية بعد ذلك جربوا أن يقللون من انحناء الجناح وقد اثمر ذلك فعلاً.
النتائج غير المرضية سبب الأحباط
عاد الأخوين إلى مدينة دايتون وقد ملئهما الأحباط واليأس, ولكنها ليست النهاية...
الفشل بوابة النجاح
لم يقف الرايتز! بل قاموا بتجارب مكثفة لمدة ثلاثة أشهر على أجنحة مختلفة قادهم لمعرفة عظيمة عن الطيران تأهلهم لبناء طائرتهم في عام ١٩٠٢م.
وقد صمموا مجموعة متنوعة من نماذج الطائرات وقد استخدموا معرفتهم في الدراجات للتصميم.
ومع تجربتهم لهذه النماذج كان لابد من تدوين هذه التجارب مع ملاحظاتها وبالفعل قد سجلوا كتابهم الخاص ومن هنا جاءت حاجتهم لقناة التهوية.
اول قناة تهوية للرايتز
كان تحوي على مروحة دفع وعنصرين توازن الأول يقيس قوة الرفع والآخر يقيس قوة السحب النتائج التي حصل عليها الأخوان كانت محفزة لهم لبناء قناة أكبر وأكثر تطوراً,ومن هذه القناة الجديدة حصلوا على معلومات مهمة على مجموعة من الأجنحة التي قاما بصنعها وتجربتها في القناة.
عاد الأخوين إلى كيتي هوك في صيف ١٩٠٢م لبناء طائرتهم الثالثة والتي تكبر الثانية نسبياً وتقدر مساحة جناحها ٣٠٥ قدم مربع وبوزن ٥٥٢ كجم, ورغم وجود مشاكل كثيرة في هذا النموذج إلا أن نموذج ١٩٠٣م الشهير الذي حلق في السماء جاء بسبب تطوير نموذج ١٩٠٢م.
للمزيد، اضغط على الصورة.
كيتي هوك يار ارض التحليق
٧ ديسمر,١٩٠٣ في صباح هذا اليوم قام أورفيل بقيادة الطائرة تحت ظروف لم تكن مساعدة إطلاقاً بالنسبة لمحاولة طيران …
طارت أول طائرة بشرية في التاريخ !وحلقت في الهواء لمسافة ١٢٠ قدماً وهي أول محاولة لهم في هذا النموذج ولكن تلتها محاولاتان لتسجل الأخيرة نصف ميل في الهواء.
ومن بعد هذه المحاولة بدأت بعدها اهتمامات كثيرة حول قناة التهوية وطورت, وتعددت استخدامتها وخدمة الإنسان.
وهذا مشاوري معك لما حصل قبل قناة التهوية (:
ترجمة وكتابة
حاتم بن صالح
المصدر