العيد.. حلوى وعدوى
لأن الحياة حامضة حلوة، فالعيد فرصة للابتعاد عن الحوامض، والاقتراب من الحلوى، ولكن يضاف إلى الحلوى عدم الاقتراب من بعض الانتهازيين الذين يستغلون العيد للتنغيص على بني آدم.
مسكينة هي كلمة "العيد" التي تعرّضت لتحوير دلاليّ حتى أضحت تعبيرًا عن الفشل أو الوقوع في مأزق؛ فيقال: "فلان جاب العيد"، والعلاقة بين الكلمات والأفكار قديمة ووثيقة، إذ أنه في أدبيات التفكير الإيجابي تحتّل الكلمات مكانة مهمة في تشكيل الأفكار، فإذا كانت كلماتنا إيجابية متفائلة فغالبًا ما ينعكس ذلك على الأفكار، والواقع أن حياة الإنسان لم ولن تخلو من المنغصّات والأحزان، إلا أن العيد يشبه الدواء الذي نتناوله مرتين في السنة من أجل الابتهاج والاستمتاع بالوقت، ونسيان الهموم والغموم، وكذلك النظر إلى نصف الكوب الممتلىء، ولأن الحياة أيضًا حامضة حلوة، فالعيد فرصة للابتعاد عن الحوامض، والاقتراب من الحلوى، ولكن يضاف إلى الحلوى عدم الاقتراب من بعض الانتهازيين الذين يستغلون العيد للتنغيص على بني آدم. ولسوء الحظ صرنا معرّضين لما ينشرونه أكثر من أي وقت مضى بسبب تغلغلهم في وسائل التواصل الاجتماعي!
ومجيء العيد هو بمثابة دعوة للسعادة والفرح والتسامح، رغم المآسي أو الأحزان التي لا يكاد يسلم منها أحد بحسب حالته وظروفه، وفي حال كانت مشاعر السعادة والفرح صعبة التحقيق، فإن مجرد الاسترخاء ومراقبة ما يحدث من احتفالات ومظاهر للسعادة سيجلبها لا محالة! لا سيما وأن عدوى الفرح أقوى من عدوى الترح، وهذا بحسب الدراسة التي أجراها البروفيسور نيكولاس كريستاكيس من جامعة ييل حول كيفية انتقال مشاعر السعادة داخل ما أسماها بالشبكات الاجتماعية، وتحديدًا بين الأصدقاء والجيران، إذ وجد أن الشخص معرّض للشعور بالسعادة بنسبة تصل إلى 25% إذا كان صديقه يشعر بالسعادة، وتزداد هذه النسبة بين الجيران لتصل إلى 34%، فعندما تشعر إحدى العائلات بالسعادة فإن هذه المشاعر السعيدة تنتقل إلى عائلة الجار، ورغم ما صاحب هذه الدراسة من صعوبة في قياس شعور السعادة - وهذا ينطبق على المشاعر الأخرى دون استثناء - إلا أننا نلحظ في بعض الأحيان أن للمشاعر تأثير غير بسيط سلبًا وإيجابًا، وقد جاء في الأمثال: "جاور السعيد تسعد!".
وللعيد في المملكة العربية السعودية نكهته الخاصة من شعائر دينية وعادات وتقاليد أصيلة، بما فيها صلاة العيد، وتبادل الهدايا، والزيارات، وإعداد الوجبات الشعبية، وغيرها، بيد أن عيد المملكة من الطراز الفاخر، إذ يضاف إلى كل ما سبق الاحتفالات والفعاليات التي تنظّم في كل أرجاء المملكة، بما لا يدع لأحد عذرًا بألّا يمتّع ناظريه ويطلق ساقيه. ولأن العيد مناسبة لإسعاد الآخرين! فإن كنت هاوٍ للتاريخ والأدب فعليك بسرد قصص الانتصارات والذود عن تراب هذا الوطن، وإن كنت ضليعًا في الرياضيات فعدّد المحاسن، وبخاصة محاسن هذا الوطن، وإن كنت اقتصاديًّا فحدّثنا عن الإنجازات التي حققتها مملكتنا العظمى في هذا المضمار، وحتمًا يوجد الكثير والكثير من الإيجابيات والمفرحات في كل المجالات.
كل عام وقيادتنا قيادة الحزم والعزم بخير، وجنودنا البواسل بخير، وشعب المملكة بخير، وأشقاؤنا بخير، وأصدقاؤنا بخير، وكل عام ووطننا ينعم بالأمن والسلام!