يوميات مقتضبة

العشرة الأخيرة


اليوم الواحد والعشرون

سارقة الجوارب ، هكذا اطلقتُ على نفسي حينما هممتُ هذا الصباح بالبحث عن جورب لائق لحذائي العودي طويل العنق والكعب ،فأنا الثقب الأسود للجوارب ، ما ارتديه لن يعود حتماً. 


اليوم الثاني والعشرون

 متجمدة أشبك ذراعي كمومياء ،يطبق فكاي بشدة ،فالضرس يقابل الضرس بندية ،واللسان يتلصق بحلقي وكأنه يهرب من المعركة ، وأغلب الظن أن الحاجبين معقودين .. لربما لديهما موقف ما ،وسواد حالك يحيط بي لا يشوبه سوى إضاءة حمراء مشعة من إزرار التكييف … في لحظة عدت لجسدي وبصوت جهوري متهكم اخاطبه : هل أنت مستعد للإقلاع؟ اهدأ أرجوك.


اليوم الثالث والعشرون

كاشف هذا الوعي الذي يعلمك بخوفك الذي يعتصر قلبك ، لكن رغم ادراكك له تمضي ومعك عتاد من الأفكار التي تقول لك :هكذا تشعر دائماً ،لنمضي لربما وراءه شيء آخر ليس كما اعتقدت.

اكتب هذا النص وأنا اهز رجلي بشدة واسوّي أطراف أضافري بأسناني ، المثير للغرابة أنني انتقلت لمكتب بحائط شفاف بالكامل ، أرى امتداد الممر ، وانحناء فتاة ثلاثينية بتسريحة ذيل الحصان وهي تمشي ،نعم رغم شفافية المكان ارتعبت حينما ولجت علي فجأة.


اليوم الرابع والعشرون

بصوت باب مزعج يعلم الجميع بأنه فُتح ، ينظر إلي ويقول : لا تحتاجي إلى جرس لتعرفي من سيدخل عليك ، أضحك مؤيدة كلامه.. أخرج من مكتبي أرحب بهما، أناولهما ورقتان ليكتبا ما أمليه عليهما ، تختلس السيدة النظر لورقته ألحظ اختلاسها فابتسم، أوجهها لكتابة الجملة الأخرى فتضحك ، ينتهي من ورقته يشكرني مجدداً : أجازة سعيدة وتعودي بالسلامة ،أشكره بكل لطف.. يكمل: BE SAVE وجملة أخرى لم تعلق في ذهني بعد...أعود لها أجدها توقفت بضحكة خجلة تعلمني أنها لاتتذكر ماذا تكتب.

اليوم الخامس والعشرون

احدّق في ورق أبيض مليء بالكلمات ،ألعبُ في أماكن الحروف لعلها تأتي بخبر جديد ، جعلت لنفسي مكافأة، حالما تنتهي من هذه المهمة التي بادرت بقبولها ،لكن انزلق وأشاهد فلماً تفاعلياً اتساءل طواله كيف اقتتع الكاتب والمخرج بهذه الشخصيات المشوهة، فتاة ساذجة ومندفعة وبفم يتحرك بغرابة ، شاب مثلي غير متزن بيدين معقوفتين على الدوام دلالة على الغنج ! سيدة عجوز غجرية تميل للانحراف والحكمة! وسيدة ثرية تميل للغباء والسطحية والأنانية .. انزلقت الآن للكتابة النقدية للكوميديا البلهاء..

لأهرب من الأوراق البيضاء المكتظة 


اليوم السادس والعشرون

صباحاً أحمل حقيبة تحمل احتمالات متعددة ، دفتر صغير، حقيبة أدوات، كتاب، وسماعات عازلة الصوت.. علي أن أقرر ماذا أفعل الآن؟ أقرأ ام أرسم أم أكتب، اشتري قهوة أو أكتفي بالماء ، أمر على المقهى أم البحر ، أمر اشتري عدة تنظيف السيارة أم غداً ، أقود بسرعة قصوى أم استمتع بالطريق…

أنام أم اكمل محاولاتي فيما علي فعله

لكن يغلبني النعاس وأنام.

اليوم السابع والعشرون

أشاهدُ فلم : ستموت في العشرين. في عنوان حاسم وحتمي .. لكن فعلاً مالذي حصل في العشرين ، لقد فزعت ، العالم كان لا يسعني ولا أسعه ، ما زلت أعيش صدمة المعرفة ، التغيير ، التخلي ، الخوف، الجديد الذي انكب علي من فوهة العالم ، الذي لم ينتظرني حتى أكمل تركيب مرشحاتي ، ومن يومها وأنا أغرق في بالوعة هائلة ، تيار ماؤها يجرني نحو شيء أخافه ولا أعرفه .

هل سأصحو في الثلاثين ؟ 


اليوم الثامن والعشرون

شهدت أفكار تقبع في الدرك السفلي من ذاتي ، يكفي أن اكتشفت ذلك، أليس كذلك؟

اليوم التاسع والعشرون

"أريني كيف تبدو الثلاث أمتار من هذه الكُلفة "

كم كان يبدو هذا السؤال مُخجلاً ، لكنني هذه المرة أظهر لامبالاة من الحكم تجاه فتاة في أواخر العشرينيات لا يمكنها إدراك وتقدير المسافات والمساحات بالأرقام.


اليوم الثلاثون

فقتُ من نوم صاخب وبقايا لحن لأغنية لا أعرف كلماتها ولربما تكون من وحي أحلامي فحسب ، بدت الحياة هذا الصباح اهدأ بكثير مما يحدث بداخل رأسي أثناء النوم.

اليوم الواحد والثلاثون

أرى نفسي لأول مرة وأنا أتفاعل مع من أمامي ، كان ذلك مذهلاً ، ترك لي الأمر أن أمضي في لحظتي لأبتهج دون محاكمة ذاتية.