الحقيبة

 مسرحية درامية طويلة 

 الملخص

"من يعرف ما هو النجاح ينجح"

يطلب الأستاذ من طلابه بالجامعة في بداية الفصل الدراسي أن يجيبوا على سؤال واحد فقط في هذا الفصل من يجيب عليه سينجح:

(ما هو النجاح؟)

لدى أحدهم حقيبة ورثها والده عن جده يقول أن في داخلها سر النجاح! يتفاجأون عندما تصل أنها فارغة تماماً وليس فيها سوى ورقة مكتوب عليها : (هنا لا هناك) وفي كل مرة يفتح أحدهم الحقيبة يجد فيها شيئاً مختلفاً !!

كيف يفككون أسرارها هل ستنفعهم أم ستضرهم؟ وهل سيجدون الإجابة على السؤال البسيط الذي حيرهم؟

فصول المسرحية

(( كل أحداث القصة تجري في منظر واحد رئيسي بالطريق يتنقل بين سبعة فصول تبدأ من 1- (الحديقة) حديقة جميلة وبسيطة في الحي 2- (الملعب) ملعب كرة قدم 3- (الأبراج) منطقة أبراج فاحشة الثراء الفيصلية والمملكة 4-(الأضواء) منطقة الأضواء والشهرة 5-(الجبال) منطقة الجبال الشاهقة 6-(المسجد) الجامع الكبير والأجواء الروحانية 7-(الحديقة)  تعود إلى الحديقة مرة أخرى.


المشهد يظهر خلف الممثلين على شكل رسمات ثنائية الأبعاد يحملها طاقم من خلفها وهي التي تتحرك والممثلون ينتقلون بإدعاء المشي وعندما يبدأون بالتحرك الشكلي كأنهم يمشون لمنطقة أخرى بحثاً عن النجاح تتحرك من خلفهم العناصر لتنتقل للمشهد التالي وهكذا ..


يقوم الممثلون بتجسيد الشخصيات التاريخية في النص على طريقة المسرح التجريبي ويحاكون جميع الشخوص بطريقة إيحائية ترمز لهم وتلمح عليهم دون ذكر أسمائهم وكأنهم يمثلون شخصيات من الخيال تترك مساحة للمتلقي ليشارك في ملأ الفراغات وإسقاط المشاهد من خياله, الحقيبة ستحتوي على قبعات مختلفة كل مرة تظهر قبعة أخرى ترمز لمعنى حقبة شخص فكرة ..))

البداية

المشهد الأول  |  في الحديقة

(حديقة بسيطة في الوسط كرسي خشبي يكفي لثلاث أشخاص وعن يمين الوسط شجرة كبيرة وبجوارها شجرة أصغر وعن يسار الوسط عمود إنارة وبجواره سلة مهملات وفي أقصى اليسار نخلة ..

أربعة طلاب معهم حقيبة يجلس اثنان منهم على الكرسي واثنان على الأرض من حولهم)

(خمسة طلاب الأول/يعرب يستخدم الجوال, الثاني/يزن يبحث في الانترنت, الثالث/يحيا نائم, الرابع/ياسر بالأرض يمسك بيده كتاب كبير وقلم.. والخامس/يامن بطل القصة ظهره ليزن والجمهور يتأمل شيئاً صغيراً في الجدار القريب منه)

ياسر: (يقوم ويصرخ عليهم فجأة) ما هذا الصمت المزعج؟!! افعلوا أي شيء بدأت أشعر بالملل والكآبة, ثرثروا تحركوا ارفعوا أصواتكم أصوات أجهزتكم , أريد أن أركز.

يعرب: كم أنت غريب يا ياسر لقد صمتنا كي تركز..

ياسر: بل أنا أتيت إلى هنا أبحث عن الإزعاج ارحموني وامنحوني قليلاً من الإزعاج عالأقل "بدأت أفقد التركيز" ..

يحيا: (يتثاوب) صدقت يا حامد حتى أنا لا استطيع النوم في هذا الهدوء القاتل , إلى ماذا تنظر يا "يامن" منذ ساعة في جدار فارغ؟!

يامن : لا شيء .. رأيت نملة تحاول تتسلق الجدار وتقع ثم تعود للمحاولة من جديد.

يحيا: (بازدراء واحتقار) نملة !! ساعة تتأمل نملة!! لو كانت فيل ممكن لكن نملة .. دقيقة واحدة فقط تكفيها وتزيد قليلاً.

يعرب: (بسخرية) أتمنى أنك قد وجدت النجاح الذي تبحث عنه يا ... ناجح؟! أقصد يا "يامن"؟

يامن: لازلت أحاول يا يعرب ومن سار على الدرب

يحيا: (لايزال مستلقيا فيقول ببرود) وجد

يامن : يا سلام يا يحيا "وجد" فكرة رائعة .. المهم أن نعرف الجواب على السؤال الذي طلب منا الأستاذ أن نبحث عنه

يزن: من يعرف ما هو النجاح ينجح !! سؤال بسيط (ما هو النجاح؟) ورغم ذلك لنا ثلاثة أشهر ولم نعرف الإجابة..

يحيا: (باستهتار) هل هذه هي الحقيبة التي ورثها أبوك عن جده يا يامن , التي يدعي أن في داخلها سر النجاح؟!

يامن: نعم هذه هي لكن لا فائدة منها..

يزن: لماذا؟

يامن: أظن أن السر كان بداخلها يوماً ما لكنه لم يعد موجوداً الآن فقد ضاع أو سرق , فالحقيبة فارغة.

يعرب: (يقترب من الحقيبة) ليس لدينا وقت نضيعه سنحمل المادة إذا لم نعرف الإجابة .. غداً هو اليوم الأخير.

يامن : لم أجد فيها سوى هذه الورقة فقط مكتوب عليها

يعرب: ماذا؟

يامن: مكتوب : هنا لا هناك

ياسر: هنا لا هناك  .. ما هذه السخافة هل أنت متأكد أن جدك لم يصب بشيء في عقله قبل أن يموت؟!

يزن: لحظة أعطني الحقيبة يا يامن طالما أن جدك قال أنه سر فلابد أنه مختبيء في مكان (يمسك الحقيبة ويقلبها فيفتحها فيجد بها قبعة بحار)

يعرب: (يسحب القبعة من يده) قبعة بحار غريبة ما علاقة هذه القبعة بالنجاح؟! (يرميها بوجه يامن)

يحيا : قد يكون هذا هو البحار الذي فتح السمكة ولم يجد الخاتم. (يرميها على يحيا)

 (يلبس يحيا القبعة ويتمشى باسلوب فكاهي يعبر عن شخصية اسماعيل ياسين والبقية يشاركونه أداء الشخصيات المساعدة)

يحيا: سرقت من جدتي أو بالأصح "اقتبست" منها 6 جنيه

يعرب : هناك من يقتبس الأفكار..

يزن: الكلمات

ياسر: لأول مرة أعرف أن هناك من يقتبس المال..

 لكن لماذا فعلت ذلك؟

يحيا: لأحقق حلمي وأصبح مطرب عظيم كعبد الوهاب

ذهبت للقاهرة كنت أصلي العشاء في مسجد السيدة زينب , ولا أستيقظ من صلاتي إلا الفجر , أصبح المسجد بالنسبة لي "لوكنده" , بعد أيام انتبه الحارس فطردني

ياسر:  ذلك يعني أنك أحد الأسباب الرئيسية لإغلاق مسجد السيدة زينب بعد العشاء

يحيا : (بفخر ساخر) ولا فخر

يامن : (يأخذ جريدة من الأرض ويقرأ خبراً) بالمانشيت العريض فشل هذا الشاب الظريف أن يصبح مطربا , فأصبح أحد أعظم الكوميديين في العالم العربي

ياسر : المنتجون يتنافسون عليه , كان يصور في اليوم الواحد ثلاثة أفلام , مسرحياته العظيمة مُسحت خطأ أو عمدا , تلك المسرحيات التي كان يتبرع بها للجيش المصري أيام الحرب.

يزن: قليل جدا من الفنانين من تصل به الشهرة أن تسمى الأفلام باسمه كما حصل لك

يحيا: أصبتُ بداء الملوك وخفتَ نجمي, تراكمت علي الديون , كنت أمنح الناس البهجة التي لم أستطع أن أمنحها لنفسي , كنت أعطيهم كبسولات السعادة التي لايجدونها لدى الأطباء

يعرب: بعيداً عن الأضواء, نزل من قمة الهرم ليغني منولوجاته الشهيرة في الظلام , كان يحمل رجليه التي لم تستطع أن تحمله للكباريه , كان ينام مبكرا ليصحو في منتصف الليل ليؤدي عمله الجديد

 يحيا: (يتجه إلى منتصف المسرح ليستلقي على خشبة بيضاء كأنها سرير) ذاك المساء نمتُ مبكراً كعادتي الجديدة.

يامن: لكنه لم يستطع أن يستيقظ على غير العادة.


(يحمله الأربعة كأنه جثة فوق أكتافهم ويسيرون في جنازة مع أصوات ايقاع الموت المصري يختلط بايقاع موسيقى العرس)


((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية لربط المشهد بالذي يليه))


يحيا: (تقف الجنازة أمام الجمهور فيستيقظ الميت ويجلس ويرمي يحيا قبعة البحار ويقول لهم) هل نجحت في حياتي أم فشلت؟ في الحقيقة لست أدري فعلاً إنه سؤال محير أظن أنه فعلاً يستحق التفكير

ياسر: دعونا نقلب هذه الحقيبة ربما نجد فيها شيئاً ما .. ليس من المعقول أن تكون حقيبة بهذا السعر فارغة.. إلا إذا طبع عليها شعار أحد الماركات العالمية..


 المشهد الثاني  |   قبعة الكابتن  (في الملعب)


(يفتح الحقيبة ياسر فتظهر له قبعة كابتن ماجد –لاعب كرة- ومنظر الحديقة يتحرك ليظهر منظر ملعب كرة قدم)

 

(ينقسم الخمسة إلى حكم وفريقان وجمهورهما)

يامن : تخيل أنك تنتمي إلى فريق كرة قدم لا يهزم أبداً , منذ أن بدأ اللعب قبل خمسين سنة , وهو دائما وأبداً يفوز على كل الفرق بلا استثناء , وبفارق عدد كبير من الأهداف , كل البطولات من نصيبه بلا منافس , حاول أن تتخيل ذلك لوهلة 

ياسر: لا يوجد متعة رغم أني أنا الفائز , ولم تعد لدي الرغبة والحماس لمتابعة مباراة أعرف نتيجتها

يحيا: هل تقصد أن الخسارة هي التي تجعلني أستمتع بطعم الفوز؟

يامن: ألا تلاحظ أنك تشعر بلذة الانتصار كلما كان أصعب , وتزداد تلك اللذة كلما كنت أقرب من حافة الفوز , في الدقيقة 119

يعرب: ماالفكرة إذن!! ماذا أريد بالضبط؟!! هل أريد الفوز دائما , ولكن أحتاج إلى القليل من الخسارة كي أستمتع؟

ياسر : ألا تعتقد أن هذا الأمر فيه شيء من التناقض

يامن: بالفعل تناقض عجيب .. وفي الجهة المقابلة, تجد أننا أصبحنا نتعامل مع الحياة , على أنها مجموعة من المنافسات, وما نحن إلا عدد هائل لا محدود من المتسابقين الذين يركضون

يزن:  لكن الشيء الغريب في الأمر أننا متسابقون يركضون إلى كل الاتجاهات ولا يعرفون أين هو خط النهاية ..

يحيا: كأس العالم , الأولمبياد , عرب ايدول , زد رصيدك , ذا فويس , اكس فاكتور , دوري جميل , بالقرآن نحيا , ستار اكاديمي , الخاسر الأكبر , جائزة نوبل , الأوسكار , التوتة الذهبية

أصبحنا نتنافس اليوم على كل شيء حتى على الفشل

يامن: عندما نحيا الحياة على أنها سباق, تصبح الحياة شاقة متعبة , نركض ونلهث ونقطع أيامها ولياليها , ولم نر أجمل ما فيها , على قارعة الطريق من حياة.


((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية))


يعرب: كنت أظن أن هذا السؤال بسيط.. لقد ازدادت حيرتي .. 

الشيء الذي كلنا نسعى وراءه ولا نعرف ما هو!! بالله عليكم أخبروني

ما هو النجاح؟

يحيا: دعنا نرى هذه الحقيبة الغريبة ربما لديها رأي آخر


 المشهد الثالث  |  قبعة الغولف (في بهو الفندق)


(يفتح “يحيا” الحقيبة يجد قبعة الأثرياء التي يلبسونها في فترة العشرينات "قبعة غاتسبي العظيم")


(يجلس الأربعة على طاولة دائرية يلبسون قبعات الأثرياء المترفين في أمريكا تلك الفترة ويمسك كل واحد منهم عصا كالتي يمسكها الأثرياء يلعبون الورق بمظهر الثراء الفاحش ويحيا يدور حولهم ويشير عليهم)

يحيا: النجاح هو الثراء , أن يكون لدي سيارات فاخرة , طائرة خاصة يخت رائع أراضي بيضاء ليس لها نهاية , ألعب فيها الغولف .

ياسر: غولف في صحراء؟!

يحيا: نعم وفي عطلة نهاية الاسبوع , ولماذا في عطلة نهاية الاسبوع وأنا كل أيامي ستصبح عطلة .. هذا هو النجاح لا شيء سوى ذلك

يزن: لقد كنت مثلك أظن النجاح أن أكون ثريا , فلما ذهبت إلى الوراء إلى عام 1923 م , تحديدا إلى فندق ايدجر في شيكاجو , رأيت اثرى أثرياء العالم

يحيا: فعلاً لقد كنا حينها نملك ما يفوق , خزائن الولايات المتحدة في ذلك الوقت.

يزن: وجدتهم يجلسون تحت سقف واحد , وقبل أن أحسدهم بلحظة , علمت مالذي حدث لهم

يامن : رئيس أكبر شركة فولاذ

ياسر:  (يرمي القبعة ويمسك بالعصا كما يمسك بها الشحات وهو منحني ويده الأخرى ممتده كمن يطلب) لقد متُّ مفلساً معدماً

يزن: أكبر مضاربي القطن

يعرب: (يأخذ العصا من ياسر ويدفعه بها فيسقط ميتاً ثم يجثو على ركبتيه وهو يمسك بالعصاتين كما لوكانت قضبان السجن) لم أجد مكانا في القصور لأموت فيه ها أنا أموت في السجن

يزن: رئيس بورصة نييورك لم أكن أتصور أن تكون نهايته بهذه الصورة أبدأ

يحيا : (يرقص بالعصا الرقص النقري بأقدامه مع موسيقى صاخبه وأصوات حذائه على خشبة المسرح ثم في نهاية المقطع عندما يتصاعد الفرح يمسك عصاه من المنتصف وكأنها رمح يطعن به بطنه)

يامن: ولو كان الثراء هو النجاح حقاً

فهل الأنبياء الذين رعوا الغنم وعاشوا ثم ماتوا فقراء .. ليسوا بناجحين؟!! 

تنويه: العبارة السابقة تؤكد عظمة الأنبياء ومكانتهم وأنهم بلا مال كانوا أعظم الناس, ومع ذلك إذا كان للجهة المنظمة للمسرحية تحفظ من ذكرهم فيتم استبدال الأنبياء بالعلماء

يعرب : بلا ناجحون

ياسر: بل وأنجح الناس

يامن: فقراء الجيوب أغنياء العقول والقلوب

يزن: الأغنياء الذين يعتقدون أن الفقراء سعداء

ليسوا أقل غباء من الفقراء الذين يعتقدون أن الأغنياء سعداء


((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية))

يحيا: إذا لم يكن النجاح هو الثراء فماذا يكون إذن؟!  

يعرب: (يغني بلحن الأمن والسلامة) هيا إلى الحقيبة هيا إلى الحقيبة لكل من يبحث عن النجاح ..


 المشهد الرابع  |  قبعة جاكسون  (فوق الخشبة تحت الأضواء)


(يفتح يعرب الحقيبة ويخرج منها قبعة مايكل جاكسون السوداء ويلبس قفازه الأبيض)


(تبقى الأبراج في الخلف باهتة وتدخل الأضواء الساطعة على الممثلين .. تتبع من يهرب منها وتهرب ممن يتبعها)

(يلبس يعرب قبعة جاكسون ويقلد مشيته والجماهير من حوله )

يعرب : هذا هو النجاح .. النجاح هو الشهرة , أن يكون لدي معجبين ... ومعجبات

يحيا: إذا ذهبت إلى أي مكان يجتمع الناس حولي ذاك يطلب صورة وتلك تطلب توقيع .. عندما يغلق المكان بسببي أشعر أنني نجحت

يزن: هل تعني أن كل مشهور ناجح؟

(يجلس على خشبة المسرح وبجواره يامن يمثل دور أوبرا في اللقاء التاريخي مع مايكل جاكسون)

يامن: 14 عام من العمل والإنجاز بصمت تحت الأضواء وصلت إلى قمة الشهرة والثراء وتربعت على عرش الموسيقى ..

لماذا لم تظهر في الإعلام طوال الفترة الماضية؟

ماذا تريد أكثر من ذلك؟

يعرب : ليس الأمر كما تظن

إنني جدا حزين

قد يحسدني بعضكم على ما أنا فيه من شهرة وثراء

أما أنا فأحسدكم جميعاً

لأنكم تستطيعون الذهاب إلى السينما

يزن : وهل استفاد شكسبير من شهرته بعد موته بنصف قرن ؟

ياسر: هل نجاحك بعد موتك نجاح؟!

يامن: إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر


((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية))

يعرب: إذا لم يكن النجاح هو الثراء ولا الشهرة فماذا يكون إذن؟ ماذا؟!

يحيا: أنا يدي مباركة دعوني أفتح الحقيبة هذه المرة.

(يفتح يحيا الحقيبة يجد تاج الملك)


 المشهد الخامس  |  قبعة الملك  (على رقعة الشطرنج)

(يأخذ ياسر طاولة شطرنج ويضعها على الطاولة ويجلس يلعب مع نفسه يحاكي شخصية بوبي فيشر)

يامن: (يتأمل النملة في الجدار ويتساءل) لا أعرف لماذا تصر هذه النملة على الصعود رغم كل تلك المحاولات الفاشلة؟!

ياسر: دعك من هذه النملة يا يامن أنا أعتقد أن النجاح هو الانجاز أن أصل القمة .. أن أكون بطل العالم في مجالي

يحيا: فعلاً إذا وضعت هدفاً كبيراً وحققته فقد نجحت

يزن: (يأخذ يزن من ياسر التاج) كنت أصغر لاعب شطرنج في العالم أيام الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا

يعرب: لكنها كانت ساخنة بينك وبين البطل الروسي.. لا يهم .. لكن لماذا كنت تستعد لمباراة شطرنج بالتمرن على حمل الأثقال؟!

ياسر:  أريد عندما أصافح بطل العالم قبل المباراة أن يشعر بالرهبة عندما أسلم عليه بقبضة من حديد

(يجلس يحيا ومقابله ياسر وبينهم الشطرنج يحاكي ياسر بوبي فيشر ويحيا سبارسكي في مباراة القمة يفوز)

يزن: أما وقد فزت بلقب بطل العالم وعمرك لم يتجاوز 29 سنه , فمالذي ستفعله الآن بعد أن وصلت إلي القمة

ياسر: لا أعرف ..

يحيا: (يقاطعهم) إسألني أنا .. لا شيء بعد القمة إلى النزول

ياسر: إنني أشعر الآن بالملل والسأم , فما الشئ الذي سأسعى لتحقيقة بعد هذا اللقب الذي لاشئ فوقه

يامن: الإنسان كالبندول البسيط يتقلب بين حالين لا ثالث لهما  .. بين ألم وسأم .. ألم الحرمان ثم سألم الاستغناء

دائماً وأبداً يتطلع لما حرم منه فيتألم حتى يحصل عليه....

يعرب: لماذا؟

يامن: (بسخرية وتعجب) ليسأم منه


 ((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية))


ياسر: الثراء الشهرة الانجاز كل هذه الكلمات البراقة ليست هي النجاح!!

ماذا يكون إذن؟!!

يزن: (واثق الخطوة يمشي)  أنا وأعوذ بالله من كلمة أنتم أنجح شخص موجود هنا لذلك هذه المرة سأفتح أنا الحقيبة..


الفصل السادس |  قبعة التخرج  (في قاعة المدرسة)


(يفتح يزن الحقيبة ويجد فيها قبعة التخرج والجميع يلبسها وهو سعيد بالنجاح فيخرج يزن من الحقيبة قبعة العقاد ويتربع على الكرسي ويجلسون حوله على الأرض جلسة التلاميذ أمام المعلم)

يزن: النجاح هو الحصول على الشهادة الأكاديمية , لا بل أن أحقق أعلى الدرجات فيصبح لقبي الطبيب أو المهندس ..

ياسر : لا يكفي النجاح أن تحصل على البكالوريوس .. اليوم لابد أن تحصل على الماجستير أو الدكتوراة على الأقل .. ما رأيك يا يحيا أن تأخذ الماجستير بعد الجامعة؟

يحيا: بصراحة أنا لا أحب الماجستير..

يعرب: للمعلومية فقط .. الماجستير ليست وجبة يا يحيا .. بسيطة ..

يامن : (يأخذ قبعة العقاد ويلبسها) تعلمت اللغات والتهمت آلاف الكتب.. ثم ملأت المكتبة العربية بمؤلفات وترجمات تجاوزت المائة كل ذلك ولم أحصل إلا على الشهادة الابتدائية..

الشهادة مجرد ورقة.

يزن: وفوق ذلك اليوم تعتمد العديد من رسائل الدكتوراه على كتبك .. بل هناك رسائل كاملة عن فكرك عن حياتك وفلسفاتك.

يحيا: هل رأيتم؟!  لقد نصحتكم كثيراً من قبل ألا تضيعوا أوقاتكم في المذاكرة لكنكم لم تسمعوا نصيحتي.. هل رأيتم كم أنا حكيم..

يعرب: أتعني أن الشهادة ليست مهمة يا سعادة الدك بروف المفكر؟؟

يامن: ليس هذا ما أقصد بالتأكيد الشهادة مهمة خصوصاً في عصركم هذا عصر المنافسة الشرسة, ما أعنيه هو أن النجاح في الدراسة لا يعني النجاح في الحياة..


 ((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية))


يزن: لقد عدنا مرة أخرى للمربع الأول..

ياسر: يعني نقدر نقول

"أن تنجح .. لا يعني أنك ناجح"

يحيا: (يتجه للحقيبة بغضب) هل يوجد على هذه الحقيبة ضمان ضد الكسر؟!


(يفتح يحيا الحقيبة ويجد فيها قبعة شارلي شابلن ويأخذ العصا ويمشي كمشيته)

يحيا: النجاح أن أَفرح و أُفرح من حولي , أن أَضحكَ منهم وأُضحكهم علي.. أن أقهر القهر و أسخر من التعاسة..

ياسر: النجاح أن أسعد الآخرين فتنعكس فرحتهم على قلبي

يامن: (يأخذ القبعة والعصا)

لقد تذكرت لحظة ونسيت لحظات عندما كنت تقول: إنني أحب أن أمشي تحت المطر, حيث لايستطيع أحد أن يرى بكائي"

يعرب: ربما ذلك حالك أنت وحدك .. فماذا عن أصدقائك الكوميديين في بريطانيا تلك الأيام

يامن: لا أفشيك سراً إذا قلت لك ياصديقي, أن الكثير منهم كانوا .. ينتحرون

يحيا: (بثقة) كذلك الفنان الكوميدي روبن وليامز انتحر لأنه لم يجد السعادة في الضحك..

يزن: روبن وليامز حسب الفحوصات انتحر بسبب خلل كيميائي بالدماغ.

يحيا: دعها تمر , لم ينتبه أحد .. يا هادم اللذات .. دعني ولو لثواني أشعر أنني أتيت بشيء مفيد.


 ((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية))


يامن: إنما السؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة لي

هل نجحو أن يضحكوا الناس وفشلو أن يضحكو أنفسهم؟!

ياسر: (بلحن ساخر) الحقيقة .. في الحقيبة

(يفتح ياسر الحقيبة ويخرج قفازات الملاكم محمد علي كلاي)


ياسر: النجاح أن أعمل ما أحب !!

يعرب:  لا بل أن أحب ما أعمل

يزن: (يأخذ القفازات) ليس دائماً لقد كنت أكره كل دقيقة في التمرين وكنت أصبر نفسي وأقول اصبر الآن وستعيش بقية عمرك بطلا

يعرب: أظن أنني عرفت الإجابة.. النجاح هو عكس الفشل وبضدها تتبين الأشياء..

يحيا: إذن إذا عرفنا ماهو الفشل عرفنا النجاح

يزن: كنت أظن ذلك مثلكم أن الفشل عكس النجاح حتى خطر في بالي سؤال: كيف يكون شيئ ما جزء من شيء آخر وعكسه في الوقت نفسه!! مستحيل!!!

يامن: بالفعل الفشل جزء من النجاح , أليس النجاح مجموعة من الخطوات الفاشلة, سلسة متصلة من عمليات الفشل

يحيا: لحظة لحظة .. ناخذ اتصال من الحقيبة ونقول ألو

(يفتح يحيا الحقيبة فيجد لاصق الورق الأصفر من شركة 3 إم)

يحيا: ما علاقة هذه الورقة الصفراء بالفشل؟

يزن: ردة فعلك اتجاه أي حدث يحصل لك

هي التي تحدد إذا كنت ناجح أم فاشل

يحيا: لم أفهم كيف؟

يزن: لاصق ورق الملاحظات الملونه هذا من شركة (ثري ام) الذي يستخدمه العالم كله – باستثنائك أنت طبعاً- لن يتوقف الناس عن استخدامه إذا علموا أنه كان يوماً ما لاصق فاشل أو بمعنى آخر صمغ ردئ تحول إلى فكرة جديدة ومنتج ناجح ..

يعرب: (يفتح الحقيبة ويخرج منديل)

اللاصق عرفناه فماذا عن هذا المنديل يا ناجح؟

يامن: كلما أمسكت منديلاً بيدك تذكر أن الفشل قد يكون أحياناً أفضل الطرق للنجاح

يعرب: (بتعجب) كيف؟

لأن هذا المنديل الذي بين يديك

لم يكن إلا ورقة فاشلة سيئة الصنع في يوم من الأيام


 ((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية))


ياسر: أنا بسم الله علي الوحيد من بينكم متوضيء وصائم اليوم نسأل الله الاخلاص والنجاح..

يعرب: افتح الحقيبة ربنا يفتح عليك يا باشا


المشهد السادس  |  العمامة  (الجامع)

(يفتح ياسر الحقيبة ويخرج العمامة)

ياسر: النجاح أن يهدي الله على يدي الملايين أن أدعو الناس للإسلام.

يعرب: صدقت ... لأن يهدي الله على يديك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا ومافيها, بالتأكيد هذا هو النجاح ولا يوجد مؤمن ينكر ذلك.

يزن : أتفق معك هذا العمل عظيم ولا شيء يعدله , فقط نحتاج أن نجيب على هذا التساؤل.. ماذا عن النبي الذي يأتي يوم القيامة ومعه رجل والنبي الذي يأتي ومعه رجلان والنبي الذي يأتي وليس معه أحد هل تستطيع أن تقول أن هذا فشل؟

يامن: إذا افترضت أن الأول ناجح فيجب أن تعتبر أن الثاني فاشل وهذا الشيء غير صحيح.. أنت لست مطالب في هذه الحالة بالنتائج.

يحيا: هل تقصد أنه من الممكن أن يقوم شخصان بنفس الفعل ويحققون نفس النتائج ويكون الأول ناجح والآخر فاشل؟!!

يزن: نعم أعتقد ذلك لأن ردة فعلك اتجاه الأشياء هي التي تحدد مصيرك..

يامن: يحمل الرجلان المتكافئان في القوة الحمل الواحد , فيشكو هذا ويتذمر؛ فكأنه حمل حملين

يزن: ويضحك هذا ويغني؛ فكأنه لم يحمل شيئاً

يامن: ويمرض الرجلان المتعادلان في الجسم المرض الواحد , فيتشاءم هذا، ويخاف، ويتصور الموت , فيكون مع المرض على نفسه؛ فلا ينجو منه.

يزن: ويصبر هذا ويتفاءل
ويتخيل الصحة؛ فتسرع إليه، ويسرع إليها

يامن: ويُحكم على الرجلين بالموت؛ فيجزع هذا، ويفزع؛ فيموت ألف مرة من قبل الممات.

يزن: ويملك ذلك أمره ويحكِّم فكره، فإذا لم تُنجه من الموت حيلته لم يقتله قبل الموت همُّه


 ((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية))


ياسر: إذن من الممكن أن أقلب الفشل إلى نجاح فقط بردة فعلي اتجاهه.

 يعرب: دعني أسأل السيدة حقيبة..

 (يفتح يعرب الحقيبة ويخرج قبعة رائد الفضاء)


يعرب: لقد فزت بالأوسكار وحققت العديد من الألقاب وبالطبع ستكون ردة فعلي رائعة

يزن: لا تنس أنك في نفس السنة التي حصلتَ فيها على الأوسكار كأفضل ممثل, حصلتَ على التوتة الذهبية كأسوأ ممثل عن فيلم آخر.

يامن: قليل من الفنانين من يمتلك الجرأة ويحضر ذلك الحفل الساخر ليستلم تلك التوتة التي قيمتها لا تزيد عن خمسة دولارات ثم يفخر بفشله ويضحك من نفسه كما فعلت أنت.

يزن: وبذلك حولت الخسارة إلى ربح

فعلاً إذا ابتسم المهزوم أفقد المنتصر لذة الفوز.


((العبارة الأخيرة واللقطة الانتقالية))


يعرب: لحظة لحظة .. أسمع صوت كأن أحد يضرب الباب.

يحيا: عن أي باب تتكلم .. لا يوجد باب.

يامن: ما هذا الصوت الذي يصدر من الحقيبة ..

يحيا: أظن أن هذا جدك قد وصل..

(يجتمعون كلهم حول الحقيبة يفتحها يامن يخرج منها قبعة كابتن الطيارة)


يامن: هذا هو النجاح ..

يحيا: (بضحك) النجاح إني أسافر

ياسر : لا يا غبي .. إنك تصير طيار

يزن: ليس النجاح أن تحصل على الثراء أو الشهرة أو الشهادة .

يامن : النجاح ليس شيء تحصل عليه.

يزن : أو نقطة تصل إليها وعندما تصل ترفع يديك وتقول أنا ناجح.. فإذا لم تصل فأنت فاشل.. لا النجاح ليس كذلك

يامن: النجاح رحلة وليس نقطة وصول ..

يزن: لم لا يوجد في الحياة خط بداية ولا خط نهاية

لا في المكان ولا الزمان

يحيا: فعلاً سؤال وجيه.. لماذا ؟!

يامن: فعلياً .. نحن نسير في الطريق إلى الطريق .. ما أنا وأنت يا رفيقي إلا كعابر سبيل .. وما هي إلا مجموعة من الطرق

يزن: أنت لا تختار نقطة الوصول إنما تختار الطريق الذي تسير فيه وتتنقل منه من محطة إلى أخرى

يامن: فقط حدد الطريق الذي تريد أن تسير فيه وتمتع بالرحلة

يزن: ولا تنس أن تزرع البذور على قارعة الطريق

 


المشهد الأخير | بلا قبعات  (الخاتمة)

يامن: يجمع كل القبعات من رفاقه ويضعها في الحقيبة ثم يقول:


في بيتنا نملة .. كنت أظن أنها صغيرة , رأيتها يوماً تتسلق الجدار بكبرياء المتواضعين , لا أعرف هل كانت تفهم ما أقول عندما ناديتها :

 

يتجه “يامن” إلى السلم ويطلع إلى أعلى درجة فيه ثم يغني هذه الكلمات بلحن في شجن يخاطب به النملة التي على الجدار وهو ينظر إلى الجمهور.

 

يا نملتي على الجدار

ملّ الجدارُ وما مللتِ


وأنا سئمت الانتظارْ . . أما تعبتِ


كلما قلت انتهيتِ . . قلتي بدأتِ


عدتُ أنا من حيث جئت . . وأنت عدتِ


إلى حيث ذهبتِ




أمامك نحن الصغارْ


و أنتِ . . أنتِ

النهاية

أفضل نص مسرحي على مستوى المملكة
جوائز مسرحية الحقيبة