زغرطي يا انشراح، من أين جاءت الزغروطة؟

أمجاد | @amjad_hmm

يخطر ببالي مشاهد لنساء فلسطينيات أو كويتيات في فترة غزو الكويت عام 1990 يستقبلن شهداءهم بزغروطة أو زغروتة، اليباب و الهلهولة والغطرفة وغيرها من التسميات بحسب أهل بلدها، ومع اختلاف التسمية يختلف صوتها وشكلها، حاولت أن أسترجع بذاكرتي متى أول مرة سمعت صوت زغروطة؟ وأظن في عمر الثمانية سنوات وقت زفاف خالتي أخت أمي، بدأت الزفة بصوت زغاريط والتهليل، كذلك مشاهد من مسلسل باب الحارة للزغروطة الشامية، "أويها ام العروس الله يعطيكي.. أويها والسعادة بتواتيكي..أويها وعئبال فرحتك بالكمالة.. أويها وبنجي بنكافيكي.. ليليليشششش." 

من أين بدأت الزغروطة؟ 

عندما نبحث عن زغروطة/زغرودة/زغروتة في معاجم اللغة هي كلمة غير فصيحة لكن أقرب ما يكون لها هو "غرد، تغريد" وهو التطريب في الصوت والغناء، غرد الطائر فهي إما أن تكون مولدة أو مستحدثة باللغة العربية أو هي تحول عبر الزمن لكلمة تغريد، على وزن فعلول، لكن لم يأصّل أحد العلماء القدماء أو الباحثين الحديثين هذه الكلمة، وما يدعم هذه النظرية -بحسب رأي الباحثان د.معتصم عديلة د.حسين الدراويش هو تشابه طريقة تغريد الطيور بتحريك اللسان مع الزغرطة. 

وبتعريف لها من الباحثين: " أصوات تطلقها النساء في الأفراح والزيجات تذكر فيها مناقب الموجه إليهم الخطاب، من عروس أو عريس أو والدي العروس أو الضيوف الكرام على شكل زخات صوتية" – كتاب فن الزغاريد الشعبية في الأعراس الفلسطينية  

تكسر الزغروطة الجمود الحاصل ما بين أهل العروس والعريس لتشكل لغة تواصل، وبالمناسبة يوجد نظرية تقول أن الزغرطة اخترعت قبل اللغة، وبدورها هنا تحمل عبء الكلام واللغة ما بين الأهالي وتكسر حاجز الخوف والخجل، خصوصًا في مجتمع عربي محافظ.

يذكر أن أصل التاريخي للزغروطة هو أن النساء في العصر الجاهلي يشجعون المحاربين ويغنون للآلهة لطلب العون أو لسقوط المطر. يطلق على الزغرودة "جوكار" من ناحية أخرى توجد أقاويل تشير إلى أن الزغرودة يعود أصلها لقبيلة هندية تسمى "السو"، وكانت تستخدم الزغاريد في الحروب لترهيب العدو، وحاليًا تستخدم للتعبير عن الفرح، وأحيانًا الحزن في العزاء خاصةً إن كان صغير أو شهيدًا. 

زغاريد الجنازة، يزف الشهيد إلى الجنة، فالأم تزغرط لتكسر شعور اليأس وتثبت أنه ذهب لمكان أفضلوحياة أفضل، في مشهد تفجير الكنيسة البطرسية الأول زُف الموتى لحياتهم الأخرى على أنغام موسيقى مبهجة مختلطة بالدموع، بدأ هذه العادة الأسرة الثانية في مصر لعام ٣٢٠٠ قبل الميلاد بحسب قول عالم المصريات د.وسيم السيسي. 

أتذكر استنكاري من مشهد موت شهيد من شهداء الحد الجنوبي وسط زغاريط أمه وترديدها لجملة باركوا لي لا تغزوني، ولدي شهيد، فكان صادمًا لي فذكرياتي كلها عن الزغرطة هو مشهد ستارة يقف خلفها عروس بفستانها الأبيض. يقول د.وسيم السيسي، أشهر الجنائز القائمة على صوت الزغاريط هي جنازة الملك "سقنن رع الثاني" من ملوك الأسرة السابعة عشر، حين رحل في حربه لتحرير مصر من الهكسوس، وتكثر الأمثلة لذلك نظرًا عادة المصريين القدماء بتقديم الملك في الصف الأول للحرب، وحين يموت تقام له جنازة عظيمة تعبر عن فرحة المصريين وفخرهم بموت ملكهم بشرف وشجاعة، ولا زال المصريين حتى اليوم يزغرطون في جنازات الشهداء وضبّاط الجيش وشهداء العمليات الإرهابية أو الاغتيالية، في فلسطين نرى استشهاد وزغرطة لعدد من الفلسطينيين على مدار الساعة كظاهرة بدأت منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى سنة 1987.

كلولولولويييش 

تمت

Join