العمر الذاهب

رحلة المازني المعرفية من القراءة إلى الكتابة

جمع وترتيب وتقديم عبدالرحمن قائد

شخصيا دخلت عالم الأدب من باب السير الذاتية، وهو باب خفيف لذيذ عظيم الفائدة  يحتل الحيز الأكبر من قراءاتي الأدبية القليلة-ليس أن غيرها كثير ، كله قليل. ذاك أنه “ليس شيء كالحديث عن سرائر النفس وأحوالها أحب وأشوق وأغرى، وأشفى للفضول”. وبين يديك “سيرة معرفية فاخرة من طراز غير ما تألف، جمعت حلاوة البيان إلى ظرف الروح إلى حكمة العمر”. أزعم أن القارئ موعود معها بأنواع متضاربة من المشاعر وردات الفعل، موعود بالضحك تارة والتأمل والوقوف مع النفس تارة أخرى، موعود بالنشوة التي تنتاب المرء حين يجيد أحدهم التعبير عن دواخله ، وما أحسن المازني في ذلك. موعود بالامتلاء بالأمل حينا والسخط والتسخط أحيانا أخرى.

والحقيقة أننا أعطينا الحياة لنحياها، لا لننعم بها أو نسعد، ومعنى أن نحيا أن نعمل، ومؤدى العمل أن نكدح ونتعب، والأدب مطلب كسائر المطالب له وسائله، فلا معدى عن العناء في سبيله

إبراهيم المازني

الكتاب باختصار عبارة عن مقالات للمازني في شئون القراءة والكتابة جمعها ورتبها د.عبالرحمن قائد وقسمها على قسمين، قسم مخصص لشئون القراءة والآخر للكتابة، مع “شيء كالتقديم” بدأ به الكتاب معرفا بالمازني ومبينا لمنهجية تصنيفه الكتاب ومنهجية قراءة المازني، خصوصا في سياقات مشكلة كسياق سخطه على القراءة والتقليل من جدواها والكتابة.

طرق في “شئون القراءة” مشاكل وقضايا تهم القراء كافة: لماذا يقرأ؟ وما الجدوى من القراءة؟ وكيف يقرأ؟و تحدث عن تخبطه في مناهج القراءة. وليس الحال أنه يجيب عن هذه الأسئلة إجابة المعلم للتلميذ. إنما الحال أنه يحكي عن تجاربه ويكاشفنا بها بصراحة لم أرها عند غيره- على أنني لم أرَ الكثير- وللقارئ بعد ذلك أن يعالج هذه المادة الخام ويسقطها على حياته.

ولست أعرف أحدا من ذوي الاطلاع الواسع والأثر المذكور في عالم الأدب-عندنا أو عند سوانا- سار على طريقة منظمة من أول الأمر، والواجب أن يتناول المرء من هنا وها هنا ومن كل ناحية حتى تستقر ميوله، وتتجلى نزعاته، وينفتح له الطريق الذي يقوى على السير فيه

إبراهيم المازني

وأقلقني أن يتضح أن القراءة لم تكن عندي إلا عادة، وأني لا أقرأ إلا لأني أجد فسحة في الحياة كالأبد شاسعة الفراغ. إذن أكون قد أضعت عمري، وأنهكت أعصابي، وأضنيت نفسي في غير طائل. 

إبراهيم المازني

وفي شئون الكتابة حكى عن كواليسه مع الكتابة: كيف يكتب ومتى وكيف يختار ما يكتب فيه، وما الغاية التي يرجوها وهو يكتب. وما قيل في أسلوبه في شئون القرءاة يقال هنا.

قد أعرف لماذا أقرأ وما يستهويني من الكتب ويغريني بالاطلاع، فإن أقل ما في ذلك أنه نقلة إلى عالم غير دنيانا الحافلة بالمنغصات المائجة بالمتعبات، ولكني والله لا أدري لماذا أكتب؟! ولست أراني أفدت شيئا ولا لي أمل في شيء.

إبراهيم المازني

وبين القراءة والكتابة يحكي المازني عن قصص مختلفة من حياته في هذه المقالات. وستجد أن المازني يكرر بعض كلامه وبعض قصص حياته، أحيانا بتفاصيل مختلفة، على أنك لن تمل على الأرجح مع هذا، وتفسير هذا وغيره موجود في مقدمة د. قائد الباذخة.

عدد الصفحات

368

عبدالإله طاهر

عن المؤلف


إبراهيم محمد عبدالقادر المازني(1890-1949). تخرج من مدرسة المعلمين واشتغل بالتدريس ثم الصحافة.

أورد ماقاله عنه الشيخ الطنطاوي مما ورد في مقدمة د.عبدالرحمن: 

  • “وأسلوبه من السهل الممتنع فهو يكتب كما يتحدث، فيحس قارئه أنه يستطيع أن يكتب مثله، فإن جرب رآه عاجزا مقصرا عنه. ثم إن المازني أوتي براعة في السخرية حتى من نفسه، فتجيء سخريته عفوية غير متكلفة. 

    راجع المقدمة للاستزادة.

Join