سرد القصص: خمس قصص تسويقية ناجحة

تظهر الأبحاث بأن سرد القصص والحكايات تكون أكثر رسوخاً في الأذهان ولا تُنسى مقارنة بنشر قوائم البيانات.


التفكير بطريقة السُلم

ولتتمكن من سرد قصة فعالة، عليك التفكير بأسلوب السُلم، وفي الواقع فإن عملية التفكير بحد ذاتها تتضمن وجود سلم في مراحلها بالفعل. ففي بداية هذا السلم ستجد الأفكار بشكلها المجرد والأساسي مثل: الحب، والطموح، والأمل، والسعادة، وفي نهايته ستجد خلاصة هذه الأفكار متجسدة على أرض الواقع بشكل ملموس.

وفي مجال الأعمال، غالباً ما يعّلق تفكير الشركات في منتصف هذا السُلم، ويكون وضعها غير واضح ومبهم في وصف خدماتها أو مميزاتها باستخدام عبارات مستهلكة مثل: "خدمة عملاء جيدة" أو "اعمل بذكاء وليس بشكل أصعب".. مما يبدو كمزيج بين الجانب العملي والطموح وهي في الواقع ليست كذلك..!

وللحصول على أفضل تحرك ونتيجة في سُلم التفكير: هو ربط الأفكار المطروحة بأمثلة ملموسة.

والمثال الكلاسيكي على ذلك هو خطاب (لدي حلم) للناشط الإنساني الأمريكي من أصول أفريقية: مارتن لوثر كينغ حيث قال:

"لدي حلم.. بأنه في يومٍ من الأيام على التلال الحمراء في جورجيا، سيتمكن أبناء العبيد السابقين مع أبناء مالكي العبيد سابقاً من الجلوس معاً على طاولة الأخوة".

فعبارة "لدي حلم" تعتبر في بداية السُلم أي أنها لا تزال مجرد فكرة غير ملموسة. والعبارات الأخرى في الخطاب مثل "أبناء العبيد.. وأبناء مالكي العبيد.. والجلوس معاً على طاولة" تعتبر في أسفل السلم وتبدو عملية وقابلة للتحقيق ومرتبطة بالفكرة الأساسية الموجودة في الأعلى.

أي أنه من المهم إضافة معنى للأفكار المجردة وربطها بأمثلة ملموسة.


أفكار ذات مغزى


تعتبر الأفكار ذات المغزى شيئاً أساسياً وناجحاً في سرد القصص مما يضفي على المنتجات قيمة أكبر وأعلى.ومبتكري هذا المفهوم هما: روب والكر، وجاشوا جلين،

حيث اشتريا مئات المنتجات الرخيصة من سوق الجملةبمتسوط سعر قيمته 1.25 دولاراً، وطلبا من مئتي كاتب بمن فيهم الكُتاب الشهريون مثل ميغ كابوت وجونثان ليثم ووليام جيبسون المساهمة بكتابة قصص جذابة للمنتجات وبيعها في المزاد العلني في موقع آيباي. وحققوا من ذلك ما يقارب 8000 دولار محققين ربحاً بنسبة 2700%.


شــــركــــة

واجهت مديرة التسويق في شركة دوف ستيشيا برايت مشكلة في المفاهيم الأخلاقية للإعلانات في عام 2006م. فبعد سنوات من تسويق منتجات دوف باستخدام المفهوم السائد للعارضات بأن يكُنّ (جميلات) أدركت برايت بأن هذا يؤثر على شعور ابنتها في تقديرها لذاتها، وبالتالي لابد أن يؤثر مفهوم إعلان المنتجات على شعور أي فتاة في تقديرها واحترامها لنفسها ومظهرها.

وبدلاً من ترك وظيفتها، لجأت برايت لإنشاء إعلان جمعت فيه صوراً لبنات مديري الشركة مع نص بجانب كل صورة يوضح لماذا اعتقدت كل فتاة منهن بأنها ليست جميلة.


(كما هو موضح في الصورة فتاة تتمنى لو كانت شقراء)

وأظهرت برايت هي وفريقها لمدرائهم التنفيذين بأن هذا الإعلان قد يكون محفوفاً بالمخاطر ولكنه أيضاً جدير فعلاً بالاهتمام.

وبالفعل تحقق الأمر، فقد أبدى المدراء التنفيذيون تعاطفهم ودعمهم وقاموا بإصلاح خطتهم التسويقية بالكامل التي استمرت حتى يومنا هذا.

وضاعفت الشركة أرباحها من خلال استراتيجتها الجديدة من مليار جنيه استرليني إلى 2 مليار جنية استرليني وحولت تجارة بيع الصابون إلى حملة ذات هدف ورسالة أخلاقية.

وقد جاءت الحملة بما يتناسب مع مفهومها في التغيير، بدون تأثير المشككين وذلك من خلال الجانب الإيجابي لسرد قصة لها تأثيرها في تغيير ثقافة اجتماعية معينة.

شــــركــــة

بدأت شركة بيع الأزياء الأمريكية Nordstrom بجمع أمثلة وقصص من موظفيها لخدمة العملاء الرائعة التي يتبعونها وأطلقوا عليها (قصص نوردي).

فعلى سبيل المثال: يأتي بعض العملاء وهم يحملون منتجات من منافسي الشركة مثل متجر Macy’s ليتسوقوا داخل متاجر Nordstrom وفي نهاية تسوقهم يستفيدون من خدمة تغليف الهدايا المجانية لمشترياتهم من Nordstrom بالإضافة لتغليف مشترياتهم التي أتوا بها من خارج المتجر بشكل مجاني أيضاً. فالموظفون في قسم التغليف يفاجئون زبائنهم بعرض خدمة تغليف مشترياتهم من منافسيهم بدون تكلفة إضافية مما يشعرهم بالسعادة حيال ذلك.


وفي مثال آخر، قد يأتي عميلٌ ما ليعيد إطاراً حديدياً اشتراه بقيمة 17 دولار ولكنه لا يملك إيصال شراء، ولكن الموظف يعيد له كامل المبلغ بدون الحاجة للسؤال عن إيصال الشراء لأنهم ببساطة لا يبعون أساساً الإطارات الحديدية ومع ذلك يعيدون كامل المبلغ للعميل..! لأن سياستهم قد ترى بأن العميل ينفق ما يقارب 8000 دولار خلال حياته في التسوق من Nordstrom لذلك ما هو مبلغ 17 دولار مقارنة بذلك..!


ومن خلال نشر مثل هذه القصص، فإن Nordstrom لا تقدم أمثلة ملموسة على جودة خدمتهم لعملائهم فقط، بل حتى لموظفينهم الجدد لتظهر لهم مستوى الجودة العالية في خدمة العملاء الذي يجب المحافظة عليه.

شــــركــــة

قامت شركة GE بإزالة جميع النصوص والبيانات المكتوبة في موقعها الالكتروني واستبدالها بمقاطع فيديو توضح من خلالها الأعمال التي قاموا بها.

وقد حققت هذه الفيديوهات 2 مليون مشاهدة، وقد اتبعت شركة GE هذا التصميم البسيط لموقعها الإلكتروني، وقد تكللت هذه الخطوة بالنجاح لأنهم ببساطة طبقوا القاعدة التي تثبت بأن العقل البشري يتعامل مع المرئيات أسرع بـ 50 مرة من قراءة النصوص.

سـلسـلـة مـتـاجــر

من يتذكر إعلان شركة دبنهامز لعيد الميلاد العام الماضي؟ ربما لا أحد..

ومن يتذكر إعلان جون لويس في عيد الميلاد للعام الماضي أيضاً؟ نعم.. ربما تمت مشاهدته..

فقد حقق إعلان جون لويس في فترة الأعياد عام 2012 أكثر من 3. 5 مليون مشاهدة بينما إعلان دبنهامز لم يحقق عُشر هذا الرقم.

وقد كان إعلان سلسلة متاجر جون لويس يسرد قصة بسيطة مؤثرة (عن رجل ثلجي يشق طريقة بصعوبة ليكي يشتري هدية ذات هدف لرفيقته الثلجية) بينما إعلان دبنمهامز يظهر صور لمنتجات تم تصويرها فقط بشكل جيد.

 إذاً أياً من هذين الإعلانين سيتم تذكره؟ بالتأكيد ذلك الذي يسرد قصة.

والمدهش في هذا الإعلان أنه من بين آلاف المنتجات الباهظة والمتنوعة التي تعرضها متاجر جون لويس لم يظهر في الفيديو سوى قبعة ووشاح فقط..! ولكن المعنى الكامن وراء هذا الإعلان هو إظهار القيمة المعنوية التي تفوق القيمة الفعلية للمنتجات، ولا بد بأن يكون لهذا تأثيره بين الناس فقد شاهد هذا الإعلان ما يفوق 3. 5 مليون شخص على اليوتيوب. ويعتبر مضمون هذا الفيديو تجسيداً ناجحاً لمفهوم (رحلة البطل).

رحلة البطل..!

درس العالم والمؤرخ الأمريكي جوزيف كامبل نقاط القوة والمضمون الأساسي في سرد القصص أو الأساطير من خلال الكثير من الثقافات والعصور المختلفة واستنتج بأن جميع تلك الحكايات كانت متشابهة وتتلخص في عبارة واحدة هي: رحلة البطل..!

وفي هذه الرحلة السردية يمكن الشعور بمعنى (رحلة البطل) من خلال سرد الروايات المؤثرة في كل مكان مثل قصص ملك الخواتم وحرب النجوم مروراً بالكتب المقدسة ووصولاً إلى إعلان جون لويس..! نعم هذا صحيح..!

وفيما يلي، أربع أنواع أساسية من السرد

يمكن أن تساعد في بناء القصة بشكل احترافي:

  1. قصص التحدي: ويواجه بطل الرواية صراعاً شاقاً وصعباً مثل: (فيلم القلب الشجاع – وأداء سوزان بويل في برنامج X-Factor).


  2. قصص الترابط: والتي يجتمع فيها الأبطال معاً من خلال مواقف ومصاعب مختلفة واجهوها مثل: (قصة روميو وجولييت – فيلم نوتيغ هيل – وعدد لا يحصى من إعلانات شبكات الموبايل).


  3. قصص الإبداع: والتي يحل فيها البطل سلسلة من الألغاز والأحداث المثيرة للوصول لهدفه مثل: (رواية شفيرة دافنشي – فيلم جيسون والمغامرون).


  4. قصص ابتكارية: والتي يمكن للبطل من خلالها إحداث فرق في العالم مثل: (قصص نوردي – وشركة آبل).

وفي الختام

هل عَرفت أي نهجٍ ستتبع لسردِ القصص ؟