رسالة إلى المدراء الجدد
رأيت كثيرًا من الموظفين ممن يشتكون من مدرائهم وطريقة تعامله معهم. وعند السؤال يكون في الغالب أن هذا المدير كُلف أو عُين حديثًا أو أنها أول وظيفة إدارية له. فتراه يتخبط في الغالب بين محاولة إظهار الثقة أمام موظفيه وقراراته وبين الضغط عليهم وأسوءها أن يحاول بعض المدراء من التقليل من الموظف وذلك لحالة عدم الأمان التي يشعر بها.
في هذه المقالة البسيطة، أضع بعض النصائح التي من الممكن أن تكون مفيدة للمدير الجديد وكذلك للموظفين الذين يديرهم مدير جديد.
اعترف إنك مدير جديد
في الغالب أنني كمدير جديد تم تكليفي أو تعييني في هذا المنصب لأنني كنت موظف متميز في عملي وأقوم به باتقان كبير. ولكن ما نغفل عنه أن ما أوصلنا إلى المنصب لن يكون هو ما يساعدنا في الإدارة فالآن لدينا موظفين لابد من مراعاتهم ومراعاة مشاعرهم.
علينا الآن تعلم مهارات جديدة مثل Emotional Intelligence و Managing People و Feedback Exchange و Time Management و غيرها الكثير. الآن ليس علينا فقط مساعدة أنفسنا بل علينا مساعدة الفريق الذي يعمل معنا.
لذلك أنصح دائمًا بقراءة كتاب The First 90 Day وهو متوفر باللغة العربية في مكتبة جرير.
تعلم!!!
سيتطلب من المنصب الجديد تعلم الكثير والكثير، فسرعة التعلم ستكون المهارة الأهم بالنسبة لنا. وأنصح بمهارات مثل:
الذكاء العاطفي Emotional Intelligence.
إدارة الأشخاص.
إدارة الوقت وتنظيم المهام (هنا أنصح بطريقة GTD).
مهارة التخطيط والتفكير الاستراتيجي.
التواصل الفعَال (وهنا لا تفترض أنك لا تحتاجها).
أدر مديرك
دائمًا ما نعتقد أن الإدارة هي من الرئيس للمرؤوس ولكن في الواقع يجب علينا تعلم كيف ندير مديرنا ونتواصل معه بشكل فعال. فنصيحتي هنا هي إجلس مع مديرك وأسئله الأسئلة التالية:
ما هي الأهداف المتوقعة مني خلال فترة الـ 90 يوم القادمة؟
ما هي الأهداف المتوقعة مني خلال العام الحالي وخلال الثلاثة سنوات القادمة؟
ما هي الأولويات التي تريد مني التركيز عليها؟
ما هي الأهداف التي إذا حققتها ستعتبرني نجحت في مهمتي؟ (قم بكتابتها وإعادة إرسالها إليه لاحقًا للتأكيد).
ما هي طُرق التواصل المفضلة لديك؟ البريد الإلكتروني أو الواتس أو غيره؟
ما هي طبيعة التواصل التي تريدها مني؟ هل ترغب في إرسال التفاصيل إليك أو تحديثات عامة بشكل أسبوعي مثلًا؟
هل تريد أن تخبرني بأي شيء آخر؟
لا يغرونك بالمصطلحات
مجرد أن تفتح بعض الكتب أو تقرأ لبعض الكتّاب ستجد أن الكثير سيقول لك “كن قائدًا ولا تكن مدير” و سيقولون لك “فوض المهام ولا تكن مركزي Micro Manager” وغيرها من المقولات. ولكن لأهمية المقولتين أعلاه لنفصل فيهما قليلًا.
من كثرة ترديد عبارات القائد ومقارنتها بالمدير أصبح مصطلح مدير كأنه مسبة مقارنة بالقائد وستجد الكثير من الرسومات التي تقارن بين الإثنين وتذم المدير بشكل كبير وأنه مركزي لا مشاعر لديه وما إلى ذلك من العبارات.
وجهة نظري الشخصية، أن القيادة هي مرحلة أعلى من الإدارة “في حالة المدير” ولكن لابد أن تكون مديرًا جيدًا قبل أن تكون قائدًا. فلن تصبح قائدًا وعملك غير منجز أو متأخر. تعلم المهارات الإدارية في البداية وعند إتقانها يمكننا العمل على المهارات القيادية لاحقًا.
أما الخرافة الثانية في عالم الإدارة وهي النظرة السلبية لطريقة الإدارة المركزية Micro Management وأن المدير “لابد” أن يكون مدير لامركزي ويفوض المهام وما إلى ذلك. وفي الحقيقة هذه النظرة مثالية في كثير من الأحيان. فالإدارة المركزية لها أوقاتها المناسبة والأشخاص المناسبين والتفويض له وقته وأحواله والأشخاص المناسبين له كذلك.
ولكن شخصيًا رأيت الكثير من المدراء الذين اتجهوا لعملية التفويض الزائد لدرجة أنه لا عمل لديهم غير إدارة الاجتماعات ونقل الرسائل من الأقسام الأخرى إلى موظفيه.
عادي تطلب المساعدة
في الغالب عندما نكون مدراءً جدد، لن يتوقع مننا مدراؤنا أن نعرف كل شيء. فأجد أنه من الطبيعي والصحي أن نطلب المساعدة منهم في بعض المواضيع.
وقد يكون من الأنسب كذلك أن تبحث عن شخص قد يقوم بعملية التوجيه لك Coaching وقد يكون هذا شخص تعرفه يقدمها لك بالمجان أو أن تبحث عن أشخاص يقدمونها لك بشكل احترافي.
كن قدوة
يجب أن نعلم الآن أننا سنطلب من الآخرين فعل بعض الأشياء ويجب أن نكون نحن القدوة لهم. لذلك:
كن منضبط في حضورك وانصرافك.
قدم أعمالك في الوقت المحدد.
تواصل بشكل جيد وفعّال.
حافظ على مستوى جودة عالٍ لكل ما تقوم به.
وظف ناس أفضل منك
واحدة من الأخطاء الجسيمة التي يقع بها المدراء بشكل عام هو توظيف بعض الأشخاص ذوي الفكاءة المنخفضة وذلك لسببين الأول لكي لا يكونوا منافسين له لاحقًا وهذا ينم عن شعور عالٍ بعدم الأمان. والسبب الثاني هو عدم القدرة على اختيار الأشخاص المناسبين.
في كلتا الحالتين أضمن لك الفشل. فلن ينجح المدير حتى يكون موظفيه أفضل منه وكلما زاد تميزهم وكفاءتهم كان ذلك انعكاسًا لقدراتك الإدارية والقيادية. فمن أهم الصفات التي يجب عليك تطويرها هي القدرة على اختيار الأشخاص المناسبين وإليك أبرز النصائح:
كلما كان الشخص مبتسم ونشيط ومترابط الأفكار كانت احتمالية نجاحه معك أكبر.
عمل المتقدم في أعمال تطوعية كثيرة يدل على العطاء لدى الشخص.
اطلع على بعض أعمالهم وقيمها.
إسئل عنهم.
ولا يمكن بطبيعة الحال ضمان اختيار أشخاص أكفاء بشكل دائم ولكن كلما كنت مميزًا في ذلك زادت فرص نجاحك.
حدد علاقتك مع موظفين
لا تستخدم أسلوب الضغط على الموظفين لإخراج أفضل ما ليدهم فقد ينجح في البداية ولكن لن يلبث أن يثير انزعاج الموظفين. أما الخطأ الآخر هو معاملة الفريق كعائلة وكثير من المدراء يؤمنون بذلك. العمل ليس عائلتك، فلن تستطيع الاستغناء عن أخوك أو أختك ولكن سيكون ذلك ضروريًا بعض الأحيان مع بعض الموظفين.
أكتب لهم أهداف محددة
بعد أن تكون قد حددت مع مديرك معايير النجاح وأهدافك السنوية، يأتي الدور كيف لنا أن نترجمها إلى أهداف لموظفينا. ويجب أن تكون هذه الأهداف محددة وقابلة للتطبيق ومتفق عليها.
كما أنه من المهم أن تكون هناك جلسات ربع سنوية (كل ثلاثة أشهر) مع كل موظف على حِدة تقومون خلالها بمراجعة الأداء والأهداف السنوية وتقديم أي نصائح أو توجيهات حينها. كما يجب علينا الحرص على أخذ الـ Feedback من الموظفين لكيف يمكننا كمدراء تحسين طريقتنا الإدارية والتعامل معهم.
التواصل والـ Feedback
تواصل مع موظفيك بشكل دائم. تحرك واخرج من مكتبك وزرهم في مكاتبهم وأسئلهم عن ما يقومون به وهل يحتاجون إلى المساعدة.
إذا قدم أحد الموظفين عملًا جيدًا اشكره على ذلك وأمام الجميع. وإذا ما كان هناك نقص في أدائه أو كان لديه سلوك يتطلب التعديل، فاطلبه إلى مكتبك في الوقت المناسب لكما، وأسئله عنه أحواله وأسباب هذا الانخفاض في الأداء وكيف يمكنك مساعدته. أظهر له التعاطف Empathy ورغبتك الحقيقية في المساعدة.
كما أن من الأمور المهمة لدى الموظفين هي ظهورة وإنجازاته لدى الآخرين خارج إدارته أو قسمه، فاصطحبه لاجتماعاتك واثن عليه أمام الجميع وقدم للآخرين عمله.
وأخيرًا احرص على أن يكون هناك اجتماع أسبوعي مع موظفيك تقومون خلاله بمناقشة المهام والأداء والتحديات لحلها أولًا بأول. ولعل هذا يقودني إلى موضوع يكثر في بيئات العمل المختلطة (رجال ونساء) حيث في الغالب يقوم الرجال بمناقشة كثير من المواضيع في الاستراحة أو أثناء التدخين أو بشكل مستقل عن باقي الفريق. فهنا يجب أن نحرص بشكل أكبر بإشراك جميع الفريق ومعملتهم بشكل عادل.
استثمر في فريقك
مهما كنت مميز في عملك سابقًا فالأشخاص المسؤولين عن نجاحك وفشلك هم فريقك. فاستثمر بهم عن طريق:
إعطائهم وقت Quality Time للنقاش.
أرشدهم ووجهم بشكل مستمر.
إحرص على أن يتعلموا في المجالات التي يحتاجونها.
وأفضل استثمار هو وقتك في بناء فريق عمل منسجم ومتوائم.
الموضوع سيأخذ بعض الوقت، لا تقلق
كما أن خبرتك كموظف أخذت من بعض السنوات لتتسلم أول منصب إداري لك، فسيأخذ تحسين مستواك كمدير بعض السنوات كذلك وما سيسرع من وصولك للأداء المثالي هو التواصل الفعال مع موظفينك ومع مديرك والاعتراف أنه يجب عليك التعلم مهما كبرت وتحسن مستواك.