أفشل بسرعة
كثير ممن يعرفني يعرف أن نصيحتي الأكثر استخدامًا هي “إفشل بسرعة”! و كثيرًا ما تكون ردة الفعل على هذه النصيحة صادمة مثل “وش دعوة” أو “ليش التشائم” و غيرها من ردود الفعل.
شخصيًا أعتقد أن الفشل هو جزء لا يتجزأ من أي نجاح، و كثيرًا ما يلفت نظرنا النجاح و لا ننظر إلى ما تكبده الشخص من تجارب فاشلة قادته إلى هذا النجاح. و في منهجية التفكير التصميمي Design Thinking دائمًا نقول إفشل بسرعة و بأرخص الأثمان و لي تعليق عليها لاحقًا في المقالة.
أنا لم أفشل و لكن تعلمت 10,000 طريقة لا تعمل!
توماس أديسون - مخترع المصباح الكهربائي
وأعتقد أن قدرة أحدنا على التعايش مع الفشل و تقبله من أهم المهارات التي نستطيع أن نتحلى بها في مسيرتنا. فلدى الكثير حساسية شديدة من الفشل و عدم إظهاره للعامة و التعامل معه أنه نهاية المطاف. و لكن نغفل عن إعادة التفكير بأن الفشل يقربنا خطوة أقرب إلى النجاح و أنه أكبر معلم.
لماذا أفشل؟
من النادر أن نكون على صواب من أول مرة. و من النادر كذلك أن تنجح فكرتنا في مشروع تجاري بشكل مباشر. و لا يعني ذلك تغيير الفكرة بشكل جذري كأن أحول مشروعي من قهوة مختصة إلى استشارات إدارية مثلًا.
و لكن ما أعنيه هنا هو أنه قد تكون الفكرة الأساسية جيّدة و لكن سنُخطئ في التفاصيل و قد نفشل و قدرتنا على تجاوزها و مراوغتها بشكل سريع ستعطينا فرصة أكبر للنجاح.
فالتغيير في شريحة العملاء التي نخدمها، أو الطريقة التي سنقدم بها خدمتنا أو طريقة تسعير خدماتنا كلها خصائص قابلة للتغيير بسرعة و لا داعي أبدًا لارتبطنا بها بشكل أكبر من اللازم.
قد يكون هناك أمثلة بسيطة لأشخاص أو مشاريع نجحت من أول محاولة و لكن أراهن أن الغالبية الساحقة فشلت كثيرًا قبل أن يحققوا أي نجاح.
الفرق بين الأشخاص العاديين و الناجحين هو نظرتهم و ردة فعلهم عن الفشل.
John C. Maxwell
كيف أفشل؟
الأمر ليس تعمد الفشل بل في توقعه و تقبله كمبدأ. فعندها ستكون مستعد ذهنيًا و نفسيًا و ماديًا كذلك له و سيرفع من قدرتك على تجاوز هذا الفشل بسرعة و بأرخص ثمن.
فلو كان مشروعك التجاري بيع منتج أعجبك، فبدلًا من الاستثمار في:
شراء كمية كبيرة من المنتج (لأنه سيكون عليه طلب حسب توقعك).
تجهيز محل أو متجر إلكتروني لمنتجك.
القيام بعمليات التصميم و الطباعة ليكون منتجك جذّاب للجمهور.
القيام بحملة تسويقية للمنتج للوصول إلى الشريحة المستهدفة.
تستطيع استبدال جميع هذه الخطوات أعلاه و التي ستكلفك مبلغًا كبيرًا بلا شك بخطوات أبسط:
شراء عدد بسيط من المنتج الذي تنوي بيعه (أقل من 10 مثلًا).
محاولة تسويقه بالسعر المتوقع منك على الأهل والأصدقاء حولك.
تقييم التجربة و في حال نجاحها حاول طلب المزيد من المنتج و تسويقه لدائرة أوسع.
القيام بعمليات البيع من خلال إنستقرام أو متاجر مثل زد و سلة.
عندما يزيد الطلب على منتجك للحد الذي لا تستطيع التعامل معه بشكل فردي فيمكنك حينها القيام بافتتاح متجرك الإلكتروني أو المحل الخاص بك.
أما إذا كنت تقدم خدمة مثلًا، فيمكنك أن تبيني موقعك الإلكتروني بتكلفة لا تتعدا 500 ريال و القيام بالإعلان عن توفير الخدمة و تسويقها كذلك إلى الأهل و الأصدقاء و العملاء المتوقعين و مراقبة الذي سجلوا للحصول على الخدمة أو طلبوها و حينها تستطيع الاستثمار بشكل أكبر في المكان أو ما تريد عمله.
الغاية هنا ليست الفشل بحد ذاته ولكن كل هذا عبارة عن بناء نماذج أولية Prototypes للمنتج أو الخدمة وتجربتها بشكل سريع وتطويرها بعد ذلك.