تجربة التطوع في الكونغو 🇨🇬

عن الرحلة التي كادت تُلغى لأكثر من سبب ..

سلام .. 

بحكم هوايتي كمصور فوتوغرافي لحياة الناس و وجوههم كانت أحد أهدافي في هذا المجال أو أحلامي إن صح التعبير أن أصوّر الأحداث الإنسانية و سنحت لي الفرصة بذلك بتوفيق من الله مع مركز الملك سلمان للإغاثة من أجل السفر لجمهورية الكونغو و ذلك لتصوير حملة إغاثية لمكافحة العمى في مدينة (بوانت نوار) في أقصى غرب القارة السمراء و التي تطل مباشرة على ساحل المحيط الأطلسي.


قمت بتقديم اجازة رسمية لجهة العمل قبل 3 أسابيع من موعد السفر ، و كان توقيت السفر يوم 8 مارس هو موعد ولادة طفلي الثاني! مرت الأيام بسرعة و كانت زوجتي مشغولة البال بموعد سفري خوفاً من عدم تواجدي معها أثناء الولادة, ولا أخفي أيضاً ذلك ! فقد كنت بكل تأكيد أريد أكون بجانبها في يوم مهم جداً في حياتنا.


حسناً.. تسهلت الأمور و ولدت زوجتي و لله الحمد قبل حوالي 5 أيام من موعد سفري ، غمرتنا السعادة كثيراً و استقبلنا “زين” بسعادة لا توصف, هل تعتقدون أن يوماً مثل هذا بدون أن أقوم بتوثيقه و كاميرتي معي داخل غرفة الولادة؟ بالطبع لا ! كنت معها و التقطت العديد من الصور منذ اللحظات الأولى لحياة “زين” , من هنا أحب أن أقول للناس أن هذه الصور هي ربما أجمل مشروع صور قمت بتصويره و أشد على أياديكم لتوثيق لحظاتكم الجميلة بالصور فهي ستبقى بإذن الله مدى الحياة.

في اليوم الثاني بعد الولادة ، اكتشف الاطباء حالة غريبة لدى “زين” فهو يعاني من مشكلة تحتاج لتدخل جراحي, تقرر إجراء العملية في اليوم الثالث بعد الولادة, هنا يتبقى على موعد سفري للكونغو يومين فقط ! تلخبطت الأوراق, كيف أسافر و طفلي بعمر يومين سيجري عملية جراحية؟ أصلاً كيف يمكن لطفل بهذا العمر أن يتحمل تدخلاً جراحياً !

أُغلق باب غرفة العمليات .. تحتاج العملية ساعتين تقريباً ، حتى دخوله لغرفة العمليات مرت 13 ساعة تقريباً و لم يكن أحد أبداً يعرف أي شيء بعد سواي أنا و زوجتي، اتصلت بأمي لأخبرها بكل شيء و أنا أبكي.

خرجت من المستشفى و جلست على رصيف بجانب المواقف أبكي مطأطئاً رأسي .. حتى شعرت بيَدٍ تربت على كتفي و صوت ينادي: “احمد الله ياخوك و هذا أمر الله، محتاج شي أساعدك؟ تبي مساعدة أو خدمة؟”

بنبرة خافتة شكرته كثيراً، طمأنته أنها عملية بسيطة ان شاء الله 🤲🏼 ، لا أعرفه أبداً لكني أدعو له اليوم كثيراً فقد هوّن علَيْ و جعلني أغادر مرة أخرى مكاني لداخل المستشفى و أعود لأنتظر مرة أخرى أمام غرفة العمليات .. 

في هذه الأثناء بعد الهدوء ، أرسلت رسالة صوتية لرفيقي في الرحلة ابراهيم فهو مسؤول عن تنظيم هذه الرحلة لأشرح له كل شيء و أني قد ألغي رحلتي مع المركز للكونغو مع تبقي يومان فقط على موعد الرحلة! حلمي بالذهاب للتطوع في أفريقيا يكاد ينهار! فحياة إبني لها الأولوية

انقضت ساعتان و لم يخرج أحد من غرفة العمليات، تفاجأت بإتصال من أختي:”أنت في أي دور؟”

بالكاد تمالكت نفسي بعد البكاء طويلاً لتأتي أمي الآن و معها أخواتي ليكونوا بجانبي و أنا أعلم أني سأبكي مجدداً! 😢 و هذا ما حدث بالفعل بعد أن احتضنتها

بمجرد وصولهم فُتح باب غرفة العمليات، ليخرج منه أحد الطاقم الطبي و يبشرني بنجاح العملية و أن “زين” سيخرج الآن !

بمجرد خروجه أرسلت رسالة صوتية لزوجتي لأخبرها بنجاح العملية! فهي هناك في البيت ربما أو بكل تأكيد قلقة أكثر مني .. الحمدلله حالته مستقرة و سارت الأمور على ما يرام، رافقته للحضانة وعليه أجهزة لم أعرف عددها!

من الساعة 8:00ص في المستشفى و الساعة الآن تشير لـ4:00عصراً ، لم آكل شيء أبداً ولم أشرب و بكيت كثيراً، كنت متعباً جداً و قررت مغادرة المستشفى بعد أن اطمأننت على حالته

“ابو خالد، أنا معكم ان شاء الله ، لن ألغي رحلتي”

كانت هذه رسالتي لإبراهيم بعد أن وصلت للبيت و دخلت الطمأنينة أكثر في قلبي، 42 ساعة تماماً قبل موعد الرحلة ! ساعدني في ذلك اصرار زوجتي بالذهاب فالأمور جيدة و بين يدي رب رحيم ♥️ فهي تعلم كم أنا متلهف لهذه الرحلة.



الجمعة 7مارس 10:00 مساءً غادرت مطار الدمام نحو الرياض ، التقيت ابراهيم هناك و فجر السبت 3:30 غادرنا مطار الرياض نحو أديس أبابا عاصمة أثيوبيا وصلنا هناك 7:00 صباحاً استقبلنا هناك سائق يعمل في السفارة السعودية.

البقاء في أديس أبابا كان لأجل زيارة السفارة الكونغولية هناك لأجل الڤيزا، مع أنه يوم أحد إلا أن السفارة السعودية هناك كانت على اتصال دائم لتمكين الحصول على الڤيزا حتى و ان كان يوم اجازة و حصلنا عليها الحمدلله بعد ثلاث ساعات من وصولنا فقط.

قضينا في أديس أبابا يوماً واحداً فقط ، لم تسنح لي الفرصة لزيارة أي شيء هناك سوى “لفة” سريعة بالسيارة و بالقرب من الفندق الذي نسكنه و زيارة مطعم يمني للغداء.

هنا بعض الصور من وجودنا في أديس أبابا:

Join