FILM REVIEW
Wild Strawberries
Writer / Director: Ingmar Bergman | Drama | 1957
فيلم (Wild Strawberries) من كتابة وإخراج المخرج السويدي إرنست بيرجمان هو فيلم دراما رومانسي. الفيلم مدته ساعة وثلاثون دقيقة. صدر في عام 1957 وتم ترشيحه لجوائز الأوسكار عن فئة أفضل كتابة وقصة وسيناريو. كما تم ترشيحه لجوائز الجولدن جلوب عن فئة أفضل فيلم أجنبي. يحكي الفيلم قصة رجل مسن (الدكتور إيزاك بورغ) حيث يواجه حياته وما مر به في طفولته حتى سن الرشد. يجد نفسه يفعل ذلك من خلال التفكير في ذكريات الماضي من حياته، الممزوجة بالأحلام والأوهام التي تركز بشكل أساسي على عائلته وحياته العاطفية وعلاقاته.
I had a weird and very unpleasant dream. I dreamt that during my morning walk I lost my way among empty streets with ruined houses.
ما نوع الندم الذي قد يشعر به الشخص في أيامه الأخيرة على الأرض؟
نشاهد الشخصية الرئيسية (دكتور إيزاك بورغ) يكافح للإجابة على مثل هذا السؤال في آخر يوم من حياته وهو يتجول بين الواقع والأحلام مع زوجة إبنه (آن) في رحلة طويلة على الطريق بالسيارة من ستوكهولم إلى مدينة (لوند) للحصول على درجة إيزاك الفخرية من جامعة لندن.
تتلاقى الذكريات والواقع معًا بينما يحاول (إيزاك) التمسك بأخطائه الشخصية، ويحاول أن يرى نفسه بعيون أحبائه وينظر بعمق إلى نفسه. في منتصف الرحلة التي يقوم بها (إيزاك) و(آن)، يلتقوا بثلاثة شباب غرباء في طريقهم إلى إيطاليا. نتعرف على هؤلاء الغرباء الثلاثة، واحدة منهم هي امرأة تدعى (سارة) تحمل نفس اسم حبيبة (إيزاك) في مرحلة المراهقة. بشكل مثير للدهشة تلعب الممثلة (بيبي أندرسون) دور شخصيتين في الفيلم، الأول هو دور المتجولة سارة والثاني هو سارة حبيبة (إيزاك) في مرحلة المراهقة، إختيار الممثلة (بيبي) للعب هذين الدورين كان إختيارًا رائعًا من المخرج ليعزز من فكرة وثيم إندماج الواقع مع الأحلام.
The place where wild strawberries grow
في إحدى مشاهد الفيلم يزور فيها إيزاك منزل طفولته، نشاهد مزيجًا من ذكريات الطفولة والخيالات من وجهة نظره عن الأحداث الرومانسية التي حدثت بين ابنة عمه (سارة) التي كان يحبها في شبابه وشقيقه (إيفالد بورغ) عندما كانت سارة تقطف الفراولة لتجمعها كهدية لعيد ميلاد عمها فتسقط سلة الفراولة وتلوث فستانها بينما يقبلها (إيفالد) بشغف. على الرغم من تصوير الفيلم باللون الأسود بالأبيض، إلا أن بورغ أستخدم قوة الألوان للتعبير عن أن تلك البقع الحمراء تعني أن (إيزاك) شعر بالخيانة والأذى.
كتب (بيرجمان) أن فكرة الفيلم خطرت على باله عندما طرح السؤال، "ماذا لو تمكنت فجأة من أن أمشي وأعود إلى مرحلة الطفولة مرة أخرى" ثم تخيل فيلمًا "عن أن يفتح الباب فجأة، يندمج مع الواقع، ومن ثم ينعطف في إتجاهًا آخر ويدخل فترة أخرى مختلفة من حياته، وطوال هذا الوقت، يكون الماضي على قيد الحياة مندمجًا مع الواقع". تقول مقولة شهيرة عن صناعة الأفلام أنه كلما كانت قصة الفيلم شخصية بالنسبة لصناع الأفلام، كلما كان الفيلم أجمل. (بيرجمان) أستلهم ثيم الفيلم من علاقته بوالديه و تجاربه الشخصية وحولها إلى سرد قصصي مناسب للشاشة الكبيرة.
It's absurd to bring children into this world and think they'll be better off than we were.
Dr. Evald Borg (Wild Strawberries)
يناقش الفيلم ثيمات عديدة منها الدين والندم والعلاقات الاسرية. ياقش فكرة "هل الله موجود؟" ولكنه يترك هذا الموضوع كما هو وينتقل إلى موضوعات أخرى، كان أحدها على سبيل المثال: "هل تستحق الحياة ولادة إنسان آخر؟"
أعتقد أن بيرغمان يصنع أفلامًا لا تشاهد مرةً واحدة فقط بل مئة مره، فهو يناقش مواضيع عميقة ويتحدى جمهوره بالمعاني الخفية لحواراته. يهتم بالتفاصيل الصغيرة في أفلامه مثل إختيار طاقم التمثيل وجودة تمثيلهم الذي لعب دورًا كبيرًا في هذا الفيلم. بالإضافة إلى الإضاءة، فتم استخدامها كعامل مساعد في حكاية قصة الفيلم، فنرى في بعض المشاهد أن الإضاءة كانت عالية جدًا أو منخفضة جدًا لتعبر عن مشاعر الشخصيات.
تم دراسة التصوير السينمائي لاختيار مكان الكاميرا في كل مشهد لإيصال معنى محدد. وتم أيضًا اختيار أحجام اللقطات بشكل مناسب. طوال الفيلم نرى عددًا كبيرًا من اللقطات المقربة على وجه الشخصية الرئيسية لإظهار الألم والعواطف المختلطة التي يمر بها. اجتمعت جميع العناصر السينمائية معًا لتقديم صورة مثالية لذكريات الماضي الحزينة جدًا التي تحذث في الواقع.
There is no right or wrong, we act according to our needs
Dr. Evald Borg (Wild Strawberries)
يقول وودي آلن عن المخرج بيرغمان: "ربما يكون أعظم صانع أفلام، كل الأشياء تأخذ في الإعتبار، منذ اختراع كاميرا الصور المتحركة." بالنسبة للجيل الجديد، الذي أنتمي أنا إليه، لقد أعتدنا على مشاهدة الكثير من أفلام هوليوود التي تطعمنا القصة ومعناها بالملعقة. ولكن في هذا الفيلم يقوم (بيرجمان) بفعل العكس تمامًا، فهو تعمد أن يضيع جمهوره في قصة الفيلم ومن ثم يجدوا نفسهم مرة أخرى عند نهايته. ففي الدقائق الأولى يعطي (بيرجمان) المشاهد معلومات بسيطة واضحة توجه المشاهد إلى أين من الممكن أن تذهب القصة ولكنه بعد ذلك يرميه في وسط المحيط تاركه متسآئلًا كيف أنّى له أن يعود إلى بر الشاطئ مرة أخرى.
You know so much, and you don't know anything
شخصيًا أعتقد أن فيلم (Wild Strawberries) هو تحفة فنية سينمائية يجب توصية الأجيال القادمة بدراستها ومشاهدتها مرارًا وتكرارًا، فهي عميقة وشاعرية، حزينة وسعيدة، حلوة ومرة.