رحلة مباركة

إلى قريبتي المستجدة التي سألتني “كيف كانت المرحلة الجامعية؟”

 

‪وقفت مرةً في حرم كلية الطب أفكر في درجاتي المخوّلة بالانتساب إليها


في تلك اللحظة رأيت لنفسي مسارًا مختلفًا

لم تتضح لي ملامحه كليًا ولكني لم أشك أنه لا ينتمي لتلك المساحات المتشحة بالبياض

عزمت التخلي عن حلمي المتنامي منذ الصغر لخشيتي على تجمّد أجزاءً أكبر بداخلي بدرجة برودة مماثلة لغرف التشريح


بدت لي إدارة الأعمال خيارًا مناسبًا

ودعمًا لقراري اقتنيت حاسبة جديدة وكتاب (حياة في الإدارة) الذي لازم الرف لفترة طويلة


عايشت الكثير لأقف أخيرًا بعباءة التخرج غير مبالية بتقديري المرتفع

ولا العرض الوظيفي المرسل إلي بقدر اللحظات المحتلة ذاكرتي


تحت سطوع أنوار المسرح،

لم أبصر سوى سنواتي السابقة وهي تتجسد لي على هيئة أيادي تحتفي بي وتسلمني الوثيقة


أعوامي التي طمحت لها يومًا أن تزخر بالأرقام والجداول البيانية،

سارعت لداخل صدري تحت العباءة فائضةً بما يتطاول على حدود المشهد الدراسي


شاء الله بحسن تدبيره أن يتحقق خوفي القديم بأسباب أبعد ما تكون عن ممرات كلية الطب وغرف التشريح،

أظلمت بداخلي الكثير من المناطق لِأجل أن تُضيء أخرى

 في ذات سنة تخرجي، قرأت أخيرا الكتاب الذي كان من المفترض أن يسند بدايتي

 

صادفت بداخله سطرًا يعنون مسيرتي في أوج اكتمالها،

سطر من المستحيل أن تفقهه تلك الواقفة على باب المشوار


على المرء أن يخطط لمستقبله بكل ما يملك من قوة وأن يعرف بالوقت نفسه أن إرادة الله لا تخطيطه هي التي سترسم مسار هذا المستقبل


لا أدّعي الخبرة في سبر أغوار الطريق لكنني أسرّ إليك ببعض اللمحات قبل الانطلاقة:

 

العائلة هم خط الدفاع الأول والحبل الذي لا يقبل الارتخاء،

لا تنتظري من الأيام إثبات هذه الحقيقة لك

 

اسمحي لأنامل الأصحاب أن تتخلل أصابعك،

دعي نورهم ينبلج بين حنايا صدرك ليهون العبور

 

لا قيمة للعلم ما لم نوقن بجهلنا وأغبى الناس من يعتقد أنه الأذكى

 

متى ما انقبضت عنك الأمور وتعسرت، ابسطي ..

ابسطي كفّيك بالعطاء

ابسطي لطائف الكلمات

ابسطي جميل الأفعال

ابسطي أصدق الدعوات

ابسطي أطيب النوايا

بكل بساطة ابسطي!

 

 

 

أخيرًا، تذكري اقتناء كتاب (حياة في الإدارة)

لتركنيه في درج مهمل خلال انشغالك في عيش مسيرة ربما تكون مغايرة عن التي عشتُها،

لا تُشبهها بشيء

غير أنها أيضًا محفوفة بلطف الله ومن بعده الرفاق .. أروع الرفاق

 

أسأل الله أن يمنّ عليك بوجهةٍ طيبة

والأهم منها رحلة مباركة تفيض إليها.

Join