"الشاي صنع مني بطلًا أولمبيًا"
اقترنت كلمة الألعاب الأولمبية في تونس خصوصًا والدول العربيةعمومًا باسم العداء محمد القمودي الذي أهدى أول ميدالية ذهبية لبلاده في أولمبياد مكسيكو سنة 1968 بعد الفوز بسباق الـ5000 متر وقهر نجوماً عالميين. وقصة التونسي القمودي مع المجد الأولمبي حافلة بالطرائف والغرائب..
فالشاي صنع منه بطلاً أولمبياً يتوج بالفضية في طوكيو 1964 وبالذهب والبرونز في مكسيكو 1968 وبالفضة في ميونيخ 1972
وأصل الحكاية يشرحها القمودي (78 سنة) في لقاء له قائلاً: لم أذهب إلى المدرسة يوما في حياتي ولم أمارس الرياضة منذ صغري. لقد نشأت في قرية ريفية جبلية. عندما يريد أبي صنع الشاي يطلب مني إحضار كيس الشاي من البقالة في وقت قياسي قبل أن يغلي الماء فكنت أخشى والدي وأخاف عقابه فأذهب وأعود ركضا في وقت قياسي (40 كلم ذهابا وإيابا) لتلبية رغبة والدي.
وقال القمودي أن أجمل إنجازاته هي عندما توشح صدره بذهبية 5000 متر في مكسيكو و رغم قوة خصومه إلا أنه أظهر طاقة كبيرة لتحمل السباق القوي وخاصة في الأمتار الأخيرة، مما مكنَّه من التغلب على الكيني كينو الذي كان مرشحا للفوز، و لكنه كذًّب التكهنات المسبقة.
البطل القمودي هو أول من أدخل الميدالية الذهبية الأولى لتونس.
و يذكر أن أسوأ ذكرى في حياته حصلت له في أولمبياد ميونيخ أثناء سباق 10.000 متر لما سقط فتأثر و فقد وعيه لدرجة أنه جرى في الاتجاه المعاكس.
وكشف القمودي سر الخيبة قائلاً أنه تقدم نسبيا في السن ولم يعد قادرًا على المنافسة في سباق 5 آلاف متر.
لكن وبعد تردد كبير شارك في سباق الـ5000 متر بعد الحادثة و رغم المنافسة القوية التي وجدها من طرف العدائين الأصغر سنا فاز بالميدالية الفضية.
من الطرائف.. تذكر القمودي انه أثناء حصوله على أول ميدالية أولمبية و هي الفضية في طوكيو تفاجأ المنظمون بعدم معرفتهم للعلم التونسي فأخذوا حقيبته الرياضية المرسوم عليها علم تونس وبسرعة توصلوا إلى إنقاذ الموقف بإعداد علم تونس قبل مراسم التتويج.
وعن أبرز عوامل نجاحه قال البطل محمد القمودي إن الفضل في إنجازاته يعود إلى انضباطه وعزيمته القوية وإصراره على التألق و تذكر القمودي أنه خلال المعسكرات الإعدادية وبعد التدريب يتناول العشاء ثم يخلد الى الراحة بغرفته عكس بقية زملائه الذين يسهرون إلى ساعات متأخرة من الليل.
يُذكر أيضا أنه اعتاد على التعرف أكثر على خصومه بفضل حاسة الشم، حيث يمر عند خط الانطلاق بسرعة أمام المنافسين، و الذي يلاحظ عليه صعوبة التنفس فهو غير جاهز و لا يخيفه و بالتالي يحتاط من الذين يتنفسون بهدوء وراحة. وأشار القمودي إلى تميزه بالقوة والسرعة في اللفة الأخيرة من السباق.
وقال إن كل خصومه يسعون الى تقوية النسق خلال السباق وتارة يتعاونون على ذلك لإرهاقه لكن عندما يظهر طاقة كبيرة لتحمل ذلك يعرفون جيدا أنه أقوى منهم في اللفة الأخيرة.
و عن حياته اليوم و مكاسبه من الأمجاد الأولمبية قال القمودي إنه لم يربح من ألعاب القوى وميدالياته الأولمبية سوى الشهرة و حب الناس. ففي بعض البلدان لا يعرفون تونس إلا من خلال محمد القمودي.
و يقول: "أنا فخور بالاحترام والتقدير والتبجيل حيثما حللت. فحب الناس ليس له مثيل". وأفاد القمودي أنه ابتعد عن عالم ألعاب القوى وأصبح مهتماً بفلاحته، حيث يقضي وقته في البساتين والحقول بين الأشجار و يعمل بعمله و عمل والده الذي صنع منه بطلًا أولمبيًا يُفتخر به.