شمس المعارف : حكاية فشل جميل
كان التجربة جديدة و ممتعة ،فقد لامسني الفيلم لأني أفهم جيداً ما يعنيه سياق عام ٢٠٠٨ بداية الانفتاح على العالم و على الآخر.بداية السوشيال ميديا و ثورة برامج اليوتيوب. أحد الثيمات الجميلة التي أثارها الفيلم هو الرغبة بإيصال صوتك للعالم،و في هذا الفيلم كان هذا الصوت صوت الشباب المهمش الممتلئ بالحياة. هذا الصوت إن لم تعي وجود أولاً و تقدره و تحترمه ثم تقدمه للعالم قد يختفي و يبقى طي النسيان، و كأن لم يوجد قط .
يريد حسام أن يعمل في مجال الأفلام ، يحاول إيصال صوته للعالم عن طريق صنع فيلم رعب رغم استحالة الظروف و تواضع الإمكانات. شخصية حسام أداها الممثل بشكل ممتاز ، فتى طموح حالم لديه طاقة كامنة عالية ، هذا الحلم حرّك مشاعر دفينة لدى المعلم الأربعيني و قرر الانضمام إلى طاقم الفيلم المكون أصلاً من شخصين لتضيف بعداً إنسانياً أعمق من علاقة المعلم/ الطالب إلى علاقة متكافئة جديدة و فريدة من نوعها تتسم بالحرية و الخروج من فضاء المدرسة المحاصر بالأنظمة و القوانين إلى فضاء أكثر اتساعا، إلى عالم من المغامرة و الحرية و الاكتشاف.
ينضم طالبان آخران ليتكون فريق من شخصيات مختلفة الطالب الساذج التابع معن (إسماعيل الحسن) طالب النظام إبراهيم (أحمد صدام)-من أكثر الشخصيات التي أحببت تمثيلها- فقد أدى دور الملكع ببراعة. و على الرغم من تفاوت طباع فريق العمل إلا أنهم نجحوا في تكوين فريق متناغم و منسجم.
استمعت بتفاصيل الفيلم بشكل عام ، بالحبكة و الشخصيات و البعد الإنساني. حضور الشخصيات الجانبية أثرى الفيلم مثل شخصية العم دغرير و مدير المدرسة الفاسد .
أتفهم غياب العنصر النسائي بسبب أن أحداث الفيلم كانت في 2008 لكن أتساءل هل كان من الممكن إظهار الشخصيات النسائية بشكل أكثر تفرداً و عمقا. الفتاة التي أرادت أن تكون ممثلة لم تكن إلا مظهر جميل وجودها يضيف بعداً كوميدياً بسبب نظرات الرجال الشرهة . دور الأم كذلك كان في نفس القالب النمطي للأم و لم يكن للشخصية أي عمق بل مجرد أم تمارس أمومتها المعتادة بجمود و نكدية.
مشاهدة فيلم سعودي يتحدث عن حلم السينما وسط السينما تجربة رائعة بحد ذاتها
الموسيقى التصويرية أضفت جمالاً و حياة على الفيلم ، رغم أن صوت الموسيقى كان أحياناً ما يعلو على صوت الحوارات بل في بعض المرات لم أتمكن من فهم الحديث إلا بعد قراءة الترجمة الإنجليزية. التصوير السينمائي أيضا كان جميلاً و أحببت التفاصيل البديعة مثل حواري جدة القديمة ، مشهد نافورة جدة في الليل ، لوحات المدرسة التوعوية، تصوير مخلفات المدرسة وقت الفسحة، مشهد الاذاعة المدرسية ، الجلسة العائلية المتواضعة ، غرفة الشاب المراهق الفوضوية ، مطبخ الاستراحة القديم .
يمكن القول أن الفيلم يحكي قصة فشل جميلة ، فشل ممتع و لذيذ. العبرة ليست بالنتيجة الرديئة بل بالرحلة و الكسب الذي نحققه خلال الرحلة ، كما أنه صور التوق للتغيير و التحرر و رفض الواقع كخيار محتوم .
صنع فيلم سعودي في 2008 كان مجرد حلم مستحيل التحقيق لذا فإنّ فكرة مشاهدة فيلم سعودي يتحدث عن حلم السينما وسط السينما تجربة رائعة بحد ذاتها.
في الختام: نعم لدي العديد من الملاحظات على الفيلم. لا يمكن القول أنه كان مثالياً أو يستحق تقييم 9 أو 10. لكنها بداية موفقة في مشهد السياق السعودي السينمائي. مشاهد الأنميشن لم تعجبني و أراها مُقحَمة. بعض المشاهد الكوميدية و الشجارات كانت مفتعلة و فيها الكثير من الصراخ و التهريج ، مدة الفيلم نوعاً ما طويلة كان فيه نوع من التمطيط، لكني استمتعت به بشكل عام و بانتظار الأفضل.