سنة جديدة، شخصية جديدة!

قراءة لمدة 10 دقائق

لماذا نشعر بأننا مضطرون لوضع قرارات جديدة للعام الجديد؟ ما الذي يجعلنا نختار الأول من يناير لنغير من أنفسنا؟ تشير الدراسات إلى أننا أكثر ميلًا إلى تحقيق أهداف جديدة عندما تمر مرحلة مهمة، مثل بداية أسبوع أو شهر أو عام جديد، بسبب «تأثير البداية الجديدة.» تمامًا كما تشير المعالم المادية إلى المسافات على طول الطريق، فإن التواريخ المهمة ثقافيًا، مثل تغير الفصول، تشير إلى مرور الوقت. تعمل هذه اللحظات كفترات محاسبة ذهنية، تشجعنا على إلقاء نظرة شاملة على حياتنا.


غالبًا ما تتشكل أهدافنا في شكل قرارات للعام الجديد. وعلى الرغم من أهميتها الثقافية، فإن القرارات -دعونا نواجه الأمر- أصبحت موضعًا للعديد من النكات. يشكو روّاد الصالات الرياضية المتفانون من اندفاع «المصممين» الذين يستخدمون الصالة الرياضية كل شهر يناير، فقط ليتناقص عددهم مع مرور الأسابيع. وفي الوقت نفسه، تزداد عمليات البحث على Google عن الأنظمة الغذائية وزيارات الصالات الرياضية وتحديد الأهداف مع بزوغ فجر العام الجديد. يسعى العديد منا، الذين يفكرون في عام سابق أقل من المثالي، إلى أن يصبحوا أشخاصًا مختلفين تمامًا عندما تسقط الكرة، تجسيدًا للقول المأثور، «سنة جديدة، شخصية جديدة!» (New Year, New Me!) لسوء الحظ، تُظهر الإحصائيات أن حوالي 8-10% فقط من الناس يحققون أهدافهم كل عام.

The Science of Achievement: 7 Research-Backed Tips to Set Better Goals - Scott H Young

معدلات النجاح والفشل

كتب جون سي نوركروس، أستاذ ورئيس قسم علم النفس بجامعة سكرانتون، عن العلم الكامن وراء قرارات العام الجديد لعقود من الزمن. وتكشف أبحاثه التي أجراها من عام 1978 إلى عام 2020 عن معدل نجاح أولئك الذين يتخذون قرارات العام الجديد:


  • بعد أسبوع واحد، لا يزال 75% ناجحين.

  • بعد أسبوعين، ينخفض ​​الرقم إلى 71%.

  • بعد شهر واحد، ينخفض ​​الرقم مرة أخرى إلى 64%.

  • بعد ستة أشهر، لا يزال 46% من الأشخاص الذين يتخذون قرارًا ما يلتزمون به.


مقارنةً بـ 8% فقط من أولئك الذين لديهم أهداف مماثلة ولكن ليس لديهم قرار محدد لا يزالون ناجحين بعد ستة أشهر.

القرارات الأكثر شعبية

حدد البروفيسور نوركروس عدة أنماط في آلاف القرارات التي اتخذها في العام الجديد والتي درسها على مر السنين. وإليك ما وجده:


  • القرار الأكثر شعبية يتعلق بالصحة البدنية، حيث يرغب 33% من المشاركين في تحسين صحتهم.

  • الفئة الثانية الأكثر شعبية هي فقدان الوزن، حيث يرغب 20% من المشاركين في إنقاص الوزن.

  • القرار الثالث هو الرغبة في تغيير عادات الأكل، حيث يعتقد 13% من المشاركين أنهم بحاجة إلى المزيد من الخضروات.

  • تغطي القرارات المتبقية النمو الشخصي (9%) وتحسين الصحة العقلية والنوم (5%).

  • اتخذ 20% آخرون من المشاركين قرارات تتعلق بالعمل والمدرسة والتبغ وغيرها من العادات.

Why I teach my students about scientific failure | Science | AAAS

لماذا تفشل القرارات؟

في كتابه «كن شجاعًا: غيّر حياتك في 28 يومًا» (‏Be Fearless: Change Your Life in 28 Days)، يشرح المعالج النفسي جوناثان ألبرت ثلاثة من أكبر الأسباب التي تجعل الناس يفشلون في إكمال قراراتهم كل عام:


  1. لم يكن قرارك محددًا بالقدر الكافي


    أحد أكبر الأسباب التي تجعل الناس يفشلون في الالتزام بقراراتهم للعام الجديد هو أنها ليست محددة بالقدر الكافي. على سبيل المثال، يعد اتخاذ قرار «ممارسة المزيد من التمارين الرياضية» أو «إنقاص الوزن» طريقة سهلة لإعداد نفسك للفشل. يفتقر كلا القرارين إلى طريقة لتحديد التقدم ومن غير المرجح أن يبقيا حافزك طوال العام.


    حاول أن تجعل هدفك محددًا، مثل الركض في سباق معيّن قمت بتحديده في التقويم أو خسارة 5 كيلوغرامات بحلول تاريخ معين. يعد وجود جدول زمني لقرارك مفيدًا، لذا فكر في معايير قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، ستتيح لك معرفة أنك على المسار الصحيح لتحقيق هدفك.


  2. لم تضع قرارك في إطار إيجابي


    هناك مشكلة أخرى يواجهها الناس وهي صياغة القرار بلغة سلبية. فعندما يقرر الناس «التوقف عن إهدار المال» أو «التوقف عن تناول الوجبات السريعة»، غالبًا ما يأتي ذلك بنتائج عكسية، لأن القرار نفسه يجعلهم يفكرون في الشيء الفعلي الذي يحاولون تجنبه.


    حاول صياغة هدفك بلغة إيجابية بدلًا من ذلك. فبدلًا من أن تقول لنفسك «لا تأكل الوجبات السريعة!»، حاول أن تخبر نفسك بأن تقوم بسلوك ترغب في تبنيه، مثل: «تناول الجزر وزبدة الفول السوداني كوجبة خفيفة صحية.» إن الطريقة التي تتحدث بها عن نفسك وأهدافك ستؤثر على أفعالك. فاللغة لها تأثير قوي على دوافعك العامة وإدراكك لذاتك.


  3. قرارك لا يتعلق بك


    من بين العوائق الرئيسية الأخرى التي يواجهها الناس اتخاذ قرارات العام الجديد التي لا تعكس ما يريدونه بالفعل. وأكبر الجناة في هذا الأمر هم اتباع الحميات الغذائية وممارسة التمارين الرياضية، ولكن هذا يمكن أن ينطبق على أي عدد من الأهداف، مثل الهدف المرتبط بالمهنة المستوحى من ما تعتقد أن الآخرين يتوقعونه منك.


    يجب أن تكون الأهداف محددة لكل فرد. غالبًا ما يبدو أن الناس يتأثرون بأصدقائهم وعائلاتهم وما يرونه في المجتمع. يحتاج الناس عمومًا إلى تحديد أهداف فريدة لهم. تتمتع الأهداف القائمة على المهارات والظروف الحالية بفرصة أعلى للنجاح لأنها مبنية على الواقع. كن صادقًا مع نفسك وأنت تتوصل إلى قرارات العام الجديد، وستحظى برحلة تغيير أكثر متعة ونجاحًا.


في حين أن قرارات العام الجديد يمكن أن تكون دافعًا مفيدًا لإجراء تغييرات إيجابية، فمن المهم القيام بذلك بالطريقة الصحيحة. غالبًا ما تكون قراراتنا إما سوداء أو بيضاء، تتعلق بالفوز أو الخسارة، وبينما يمكن للمنافسة الصحية مع الآخرين أن تساعدنا أيضًا في تحقيق أهدافنا، فإن «فشلنا» في تحقيق هذه الأهداف يمكن أن يقودنا إلى الاعتقاد بأننا أيضًا «فاشلون.» بهذه الطريقة، يمكن أن يكون لقرارات العام الجديد تأثير سلبي على احترامنا لذاتنا، وثقتنا، ودوافعنا للتغيير.


كما أننا غالبًا ما نتخذ قرارات في العام الجديد لأنه من التقاليد القيام بذلك، ولأن ضغوط الأقران تملي علينا ذلك، فيجب علينا المشاركة في هذه القرارات حتى عندما لا نريد أو نشعر بالاستعداد لإجراء تغييرات. بدلًا من اتخاذ قرار بسبب التقاليد، من المرجح أن ننجح إذا كنا متحفزين للتغيير لأننا نريد تحسين حياتنا بطريقة ما. لا ينبغي لنا أن نشعر بالحاجة إلى الانتظار حتى العام الجديد لاتخاذ إجراءات إيجابية من أجل رفاهيتنا.


كما يقول المثل: «لم تُبنَ روما في يوم واحد.» غالبًا ما نضع قرارات ولكننا نسقط عند أول عقبة. إذا خططنا للعقبات وتوقعنا مواجهة بعض الصعوبات، فمن المرجح أن ننجح. على سبيل المثال، بدلًا من «الاستسلام» بعد تخطي يوم واحد، يمكننا ممارسة التعاطف الذاتي، والاعتراف بصعوبة تنفيذ التغييرات، والسماح لأنفسنا بالاستمرار من جديد في اليوم التالي.

The School of Athens - Wikipedia

أشياء يجب مراعاتها

  • اجعل أهدافك قابلة للتحقيق. في كثير من الأحيان، قد تكون قرارات العام الجديد عامة ولا يمكن تحقيقها بشكل معقول في فترة زمنية قصيرة. إن إنشاء أهداف أصغر تؤدي إلى هدفك الشامل الضخم يجعل تحقيق هدفك أسهل 10 مرات.

  • لاحظ ما تفعله مسبقًا بشكل جيد. في كثير من الأحيان، قد تركز قرارات العام الجديد على تغيير الجوانب السلبية في الفرد. من المهم أن تأخذ الوقت الكافي للتفكير فيما يسير على ما يرام مسبقًا في حياتك وما ترغب في الاستمرار في القيام به. يمكن أن تساعد رؤية نفسك من خلال عدسة قائمة على القوة في تحفيزك على البناء على الجوانب الإيجابية العديدة في حياتك.

  • هنئ نفسك على طول الطريق مع كل خطوة صغيرة. على سبيل المثال، إذا كان قرارك للعام الجديد هو إنقاص الوزن، فإن تهنئة نفسك في كل مرة تذهب فيها إلى صالة الألعاب الرياضية يمكن أن يكون مفيدًا لتحفيزك. قد لا يبدو الأمر مهمًا جدًا، لكن هذه الخطوات الصغيرة مهمة جدًا للوصول إلى هدفك. لن يحدث التغيير بين عشية وضحاها.

  • حدد نية يومية. يمكن للوالدين تحديد نية يومية كل صباح بحيث تكون سهلة التنفيذ ومحفزة. على سبيل المثال: «نيتي اليوم هي التحلي بالصبر وعدم التسرع في عملي، لذلك أثناء فترة الغداء سأقوم بالتجوّل حول المبنى وأستنشق الهواء النقي

  • التأكيدات الإيجابية. غالبًا ما تدور قرارات العام الجديد حول أن نصبح أكثر تحفيزًا وإيجابية تجاه حياتنا. نريد أن نشعر بأننا نبلي بلاءً حسنًا. في بيئة المنزل، يمكن للعائلات دمج التأكيدات الإيجابية في الروتين اليومي، مثل وقت العشاء العائلي. يمكن لكل فرد من أفراد العائلة أن يتجوّل ويقول تأكيدًا إيجابيًا عن نفسه والآخرين في العائلة. هذا ينشر الإيجابية بين أفراد العائلة ويساعد في تقوية الروابط الأسرية.

قرارات صحية للعام الجديد

إذا شعرنا بالتشجيع لاتخاذ قرار بمناسبة العام الجديد، فمن المهم أن نحاول اتخاذ النوع الصحيح من القرارات. تذكر أنه حتى لو نسينا الالتزام بقرارنا المخطط له، فلا بأس من مسامحة نفسك والاستمرار. الحياة معقدة وكل شخص لديه عدد لا يحصى من الضغوط والمسؤوليات، لذلك لا بأس من النسيان أو الشعور بالإحباط من حين لآخر. من المهم أن نستمر في المحاولة. تظهر الدراسات أن العادات الجديدة تستغرق حوالي 10 أسابيع لتتشكل، لذلك لا ينبغي لنا أن نتوقع إجراء تغييرات كبيرة في غضون أسابيع قليلة من الجهد. تذكر أيضًا أنك فرد؛ إذا استغرق الأمر وقتًا أطول، أو إذا وجدت أنه من الصعب عليك اتباع قرارك أكثر من أي شخص آخر، فتذكر أن هناك العديد من العوامل المؤثرة، والمقارنة ليست مفيدة.


اللغة التي نستخدمها مهمة أيضًا. فبدلًا من قول «يجب عليّ»، حاول تغيير لغتك إلى «يتسنّى لي» أو «سأحاول.» إن إعادة صياغة قراراتنا من السلبية إلى الإيجابية، ومن المطالب إلى الفرص، يساعدنا على الوصول إلى الحالة الذهنية الصحيحة ويساعد في التخلص من الخوف من الفشل. لذا، إذا كنت ترغب في استخدام هذا الوقت من العام لمحاولة إجراء تغيير إيجابي لصحتك العقلية والجسدية، فإليك بعض الأمثلة التي يمكنك تجربتها:


  • سأحاول أن أقضي وقتًا أقل على هاتفي، وأن أتقبل أن أكون أكثر حضورًا في محيطي.

  • سأحاول أن أصغي إلى جسدي وأعطيه ما يحتاجه لكي يزدهر عقليًا وجسديًا.

  • سأحاول أن أتذكر السعادة التي تجلبها لي التمارين الرياضية.

  • سأحاول أن أغتنم الفرص لرؤية أصدقائي عندما أشعر بالقدرة على ذلك.

  • سأحاول ممارسة اليقظة الذهنية عندما أشعر بالإحباط.

  • سأحاول ممارسة الامتنان عندما أواجه صعوبات.

  • سأحاول أن أكون مستمعًا أفضل لاحتياجاتي واحتياجات أحبائي.

  • سأحاول تقدير صحتي العقلية في العمل من خلال أخذ استراحة الغداء كاملة.

  • سأحاول أن أتذكر أنه من الجيد ارتكاب الأخطاء، وسأحاول أن أغفر لنفسي الأخطاء التي أرتكبها.

  • سأحاول تناول أطعمة أكثر صحة، لكنني سأحاول ممارسة التعاطف الذاتي عندما أواجه صعوبات في ذلك.

5 Exercises to Nurture Self-Compassion – The Second Pilgrimage

‏يمنحنا العام الجديد فرصة طبيعية لإعادة ضبط أنفسنا والتفكير في كيفية تشكيل حياتنا. استغل هذا الوقت واعمل على بناء ما يجعلك مميزًا ومهمًا. كل يوم هو فرصة لعيش الحياة التي نرغب فيها. ما هي نيتك لهذا اليوم، وكيف ستحققها؟ لم يفت الأوان أبدًا لتحديد قرار لنفسك. ما يهم هو الانضباط الذاتي والاستعداد لتحقيق الأهداف التي حددتها للحصول عليها.


في النهاية، تذكر أن قرارات العام الجديد يجب أن تكون إيجابية، وأن تقوم بتغييرات مفيدة ليس فقط لصحتنا الجسدية بل وصحتنا العقلية أيضًا. لا يمكننا ممارسة الصحة العقلية الجيدة بالعار والسخرية. إن التعاطف الذاتي والتغييرات الإيجابية والصبر ستكون مفتاحًا لتحقيق أهدافنا في الرفاهية بغض النظر عن الوقت الذي نحققها فيه.

المراجع