هل يجب أن تسامح كل الناس؟

هنالك أحداث مؤلمة حدثت لنا في الطفولة وكثير منا  قد يتذكرها وكأنها للتو حدثت، والبعض لا يستطيع تجاوزها ابدا، وليس غريبا أحيانا أن ترى شخصا جاوز الستين وهو لا يزال أسيرا للماضي يلوم صديقا او مدرسا آلمه او تنمر عليه في الصغر بالرغم من مرور عقود طويلة على تلك الحادثة. 


لسنين كنت أشعر بالغضب والألم تجاه أشخاص اساءوا إلي او لمن أحب، حوادث لها سنين طويلة كانت حاضرة في ذاكرتي وكأنها حدثت البارحة، وروح كانت مثقلة بمشاعر سلبية وسوداوية تجاه تلك الحوادث والأشخاص، ونظرة غير إيجابية تجاه الحياة حتى تعلمت ان العفو يحررك من تلك السلاسل الثقيلة التي تجرها معك من سنين.  


لتغير منظورك لحياتك وتنظر لها بإيجابية يجب ان تتعلم كيف تتجاوز الماضي وتنظر له بشكل مختلف، ولن تستطيع ان تفعل ان لم تتعلم كيف تسامح نفسك والآخرين. 


أعفُ عن كل الناس  واغفر كل شيء لأن مشاعر الحقد والغضب والكراهية والألم والرغبة في الإنتقام تضرك أنت، وتسمم روحك أنت،  وعلى الأرجح هي تقصر من عمرك أنت وتقتلك بالبطيء.


تطهير وتخليص قلبك ونفسك من هذه المشاعر بشكل دائم هو أشبه ما يكون بتخليص جسدك من السموم، وذلك لأن العفو والمسامحة هي في ذاتها عفو ومسامحة لنفسك أنت، فالشخص الذي آلمك على الأرجح يعيش حياته متنعما لا يدري عن ما تكابده، وعفوك يجعلك تتجاوز ما حدث.. فتنسى.  


العفو  لا يعني أبدا أن شيئا لم يحدث او أن علاقتك بذلك الشخص او الأشخاص يجب ان تكون جيدة، هي فقط تعني ان تسامح نفسك اولا، و لا تحقد ولا تكره ولا ترغب في الانتقام, وتترك هذه المشاعر السلبية تعبر وتمر، وايضا لا تتخذ قرارا ضد من اساء إليك بدافع الحقد والكره والانتقام.  


العفو ومحاولة تجاوز المواقف المؤلمة هي جهاد مستمر فقد تجد نفسك دون أن تدري دخلت في دوامة كره ومقت وغضب تجاه بعض الأشخاص, والعفو على بعض الأشخاص قد يأخذ منك سنينا حتى تتجاوز ما حدث بكل تفاصيله, و في أحيان كثيره يكون من الأسهل أن تكره وتحقد وترغب في الثأر والإنتقام.   


العفو في بعض الأحيان صعب وشبه مستحيل، فهنالك اشخاص مروا بآلام ومصائب جليلة في حروب او غدر من أقرب الناس او حوادث قلبت حياتهم رأسا على عقب, حوادث  لا تستطيع تخيل ألمها من عظمتها, فيصعب معها الحديث عن عفو ومسامحة المتسببين فيها.


أحد الأشياء التي ساعدتني في تجربتي كان ذلك الجانب العظيم في الإسلام الذي يتحدث ويحث على العفو. وأيضا لا أنسى كتابا جميلا قرأته بعنوان:  Forgive for good



آيات قرآنية تتحدث عن العفو : 


  • ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ

  • ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ

  • ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ

  • ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ 

  • ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ

  • ﴿وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى

  • ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ 

  • ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ



أحاديث عظيمة في العفو 


  • من لا يَغفِرْ لا يُغْفَرْ له 

  • ما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا 

  • إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ أمَرَ اللَّهُ مُنادِيًا يُنادِي: ألا لِيَقُمْ مَن كانَ لَهُ عَلى اللَّهِ أجْرٌ، فَلا يَقُومُ إلّا مَن عَفا في الدُّنْيا،  فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَمَن عَفا وأصْلَحَ فَأجْرُهُ عَلى اللَّهِ﴾

  • سيرة النبي صلى الله عليه وسلم المليئة بالعفو وخاصة عفوه عن أهل مكة يوم الفتح بالرغم من قدرته الكاملة عليهم وبالرغم من كل شيء فعلوه  في اكثر من ٢٠ سنة

تفاصيل الكتاب وعنوانه: سامح للأبد, ولا أدري ان كان متوفرا بالعربية:
انضم إلينا