هل للذكاء الإصطناعي وعي؟

هنالك الكثير من الزخم والحديث عن الذكاء الإصطناعي هذه الأيام بسبب القمة العالمية للذكاء الإصطناعي في الرياض. البعض يردد أن بعض نماذج الذكاء الإصطناعي الحالية قد تكون واعية او أن وعي مثل هذه النماذج سيحدث قريبا، فهل يبدو هذا صحيحا ؟ خلال هذا المقال أود ان اتناول بإختصار موجز موضوع وعي الذكاء الإصطناعي .

قبل أن نتحدث عن وعي الذكاء الإصنطاعي يجب أن نتعرف على الوعي اولا. الوعي لا يزال ومنذ قديم الزمان أحد المواضيع المحيرة للفلاسفة والعلماء ولا يوجد تعريف مجمع عليه. من التعاريف الشائعة للوعي في القواميس: معرفة المرء بشيء ما ضمن ذاته الداخلية; حالة فهم و إدارك شيء ما;  العقل بأوسع نطاق ممكن; شيء ما في الطبيعة يختلف عن المادة, وهنالك تعاريف اخرى كثيرة. بسبب صعوبة التعريف وتحديد ماهو الوعي لا تجد أحدا من العلماء اليوم يزعم أننا نفهم الوعي البشري ونعرف ماهيته على الحقيقة.

لقد حقق الذكاء الإصطناعي قفزات عظيمة مؤخرا ولكنها لا تزال محدودة إذا ما قارنها بقدرات البشر. كنت أتحدث مع أحد علماء امازون الذين يعملون على منتج أليكسا في أحد المؤتمرات وقال لي بتندر: “الشبكات العصبية لا تتعلم. هي فقط تتذكر”. أغلب إن لم يكن كل ما تراه من إنجازات مدهشة للذكاء الإصطناعي اليوم هو مبني على الشبكات العصبية او التعلم العميق. هذا التعليق بغض النظر عن مدى دقته إلا أنه لا غبار على معناه وذلك لأن قدرات الذكاء الإصطناعي اليوم تندرج تحت ما يسمى بالذكاء الإصطناعي المحدود


هنالك ثلاثة أنواع من الذكاء الاصطناعي: الخارق, العام و المحدود. الذكاء الخارق يعني التمتع بذكاء يفوق ذكاء البشر, اما الذكاء العام فهو التمتع بذكاء كالبشر وأما الذكاء المحدود( الضعيف) فهو ذكاء خاص يعمل مهمة واحدة فقط ويحاكي الفهم. كل الإنجازات التي تراها من التعرف على الأشخاص في الصور او توليد الصور والنصوص او التفاعل مع الرسائل الصوتية او تحليل المشاعر وغيرها من قدرات ومنجزات هي من إنتاج الذكاء الإصطناعي الضعيف الذي تقريبا لا اختلاف على عدم امتلاكه للوعي.


زيادة تطور وتقدم الذكاء الإصطناعي لا تعني بالضرورة أن الذكاء الإصطناعي سيكون واعيا. الحيوانات قادرة على الرؤية والمشي والجري والاصطياد بذكاء وقدرات افضل من البشر في كثير من الأحيان، فهل هي واعية بأنفسها؟ العلماء مختلفون وغير مجمعين عن ما إذا كانت واعية بأنفسها. إن كنا لا نستطيع أن نجزم بأن الحيوانات واعية, فإنه حتى مع تقدم اكثر ومنجزات اكبر للذكاء الإصطناعي فإننا لا نستطيع ان نقول بسهولة وثقة أن الذكاء الإصطناعي واع.


على الهامش, يبدو لي ان هنالك تمنيات وتحيزات مسبقة عندما يتعلق الأمر بالوعي. هنالك علماء ملحدون يتحدثون عن الوعي بطريقة تبدو متحيزة فينكرون وجود الوعي تماما ويصفونه بالوهم الكبير لأن إثباته قد يعني بالنسبة لهم الإعتقاد بوجود شيء غير مادي في الطبيعة. القول بأن الذكاء الإصطناعي واع قد يعني ضمنيا موافقتنا لارائهم. 


وعي الذكاء الاصطناعي من عدمه أكبر واعقد مما يبدو عليه ويترتب عليه الكثير من الأمور الخطيرة ولكن وبالرغم من ذلك فالحديث عنه يبدو سابقا لأوانه بالنظر الى واقعنا اليوم.


شكرا د. نجوى الغامدي , رغد الشعلان و بلال يوسف على وقتكم وملاحظاتكم القيمة على مسودة المقال.

Join