الشركات الناشئة و التحدي الذهني

العمل على شركة ناشئة منذ التأسيس حتى الخروج الناجح أشبه ما يكون بجري الماراثون (اكثر من ٤٢ كيلو متر). عندما يعزم الرياضي المشاركة في هذا السباق، يمر بمرحلة إعداد يختبر نفسه خلالها ويستعد ذهنياً وجسدياً للتحدي. قد يحتاج لأشهر قبل موعد السباق. في هذه الأثناء يهتم المشارك بنظامه الغذائي وينتظم في تمارين رياضية بشكل يومي. يتفق الكثير من الخبراء على أن الإعداد السليم للماراثون هو أحد الأسباب المهمة التي تساعد على النجاح بإكماله.


كذلك العمل على تأسيس شركة ناشئة سريعة النمو ، حيث لابد من اختبار نفسك في بيئة مشابهة. جاهز لأخذ المخاطر و مستعد لخوض التحديات. تأخذ احتياطاتك المادية بحرص شديد وتتأكد أنك تملك ما يكفي لتجنب الصعوبات. تدرس الفكرة والسوق بتبحر وتبحث عن طرق مختلفة لتسويق المنتج. تتحدث مع أصحاب الخبرة في تأسيس الشركات الناشئة. ولا تتوقف عن البحث حتى تصل إلى الخلطة السرية التي ستأخذك إلى تحقيق أحلامك خلال سنوات محدودة. 


خلال الأسبوع الذي يسبق الماراثون ، يسعى المشارك إلى شراء مستلزمات السباق والأدوات الرياضية التي تساعده على انهائه في وقت منطقي. يراقب الرياضي رجليه وساقيه اثناء التمرين ، يبحث عن ما قد يسبب المشاكل ويجد له حلاً. يتأكد من أن أدوات التتبع جاهزة وتسارعه خلال الماراثون يكون ثابت. يبحث عن شريك يتناسب معه في التسارع والقوة والذي يشاركه التمرين والسباق نفسه.


كذلك المؤسس يبحث عن المستثمر المناسب صاحب القيمة المضافة الذي سيكون مثالياً في مرحلة البناء. يبحث كذلك عن الشريك الذي يساعده في التأسيس والبناء. كذلك يبحث عن فريق العمل الذي سيكون نواة الشركة. يحاول ان يصل إلى التوليفة المثالية من الأفراد الذين سيعتمد عليهم خلال السنوات الأولية. مما تعلمته ، عند اختيار الشريك ، هناك درجة معينة من الاتفاق والتفاهم تحصل خلال دقائق من الاجتماع المبدئي. قد تلتقي بشريكك في محل قهوة او في طابور الانتظار بمكان ما. المهم ان تكون مقبلاً على مشاركة الحديث والافكار مع من حولك. لا تتردد في الذهاب والحديث مع ذلك الشخص اللطيف الذي تراه دائما في الأماكن التي تزورها باستمرار ، قد يكون هو ذلك الشخص الذي تود العمل معه.

٢٤ كم من الجري ، يستغرق المشارك من ٤ إلى ٦ دقائق لإنهاء كل كيلو متر ، وينهي السباق في غضون ساعتين إلى ٤ ساعات حسب السرعة والتسارع. فمن تجربة شخصية ، تبدأ السباق وانت تشعر بالقوة والحماس وانه بامكانك تجاوزه بسهولة ، لكن ما ان تصل إلى نقطة الـ ١٠ كم ، تبدأ تراودك  افكار التوقف والتخلي عن السباق! أفكار مثل (لماذا ما زلت اجري هذا السباق؟ ما الذي سيحدث لو توقفت هنا وذهبت لتناول ذاك المعصوب الشهي! ) وما ان تصل الى ١٥ كم حتى يكون قد اصابك التعب ، تبدأ المسافات تتباعد بين المتسابقين و يصبح عليك من الصعب المضي وانت لا ترى حولك احداً من المشاركين.


وهنا ايضاً الحال متشابه مع الشركات الناشئة. تبدأ بحماس ونشوة الأفكار والعمل. تعمل لساعات طويلة وتكاد لا تتمالك نفسك حتى تحصد اول ثمرة ايجابية من العمل. ثم بعد عدة أشهر ، تظهر الصعوبات وتتوالى ، قد تفقد حينها شريكك مثلاً وتصبح وحيداً قد غادرك الجميع. قد تجد نفسك حائراً في ظل هذا الركود. فأنت تعمل بشكل متواصل بدون الحصول على نتائج ايجابية. تبدأ تغمرك الافكار السلبية ، الى أين انت متجه؟ هل هناك جدوى من الإكمال. تبدأ تبحث في الانترنت عن حلول ولكن ليس هناك حلول منطقية. تشعر ان جهدك واعدادك قد يذهب هباءً إذا لم تجد معجزة لحل هذه المشاكل.


وصلت الآن إلى نقطة منتصف السباق ، وتبدأ تفكر انك تخطيت المرحلة الصعبة ، وكل خطوة بعد ذلك تقربك اكثر إلى خط النهاية. بعد المنتصف لا مجال للتفكير في العودة ، النهاية وشيكة وبالامكان تجاوزها. تحتاج أن تؤمن بأفكارك وانه بامكانك ان تتجاوز هذه المرحلة.


عندما تتمكن من تجاوز المرحلة الصعبة ، مرحلة اعادة البناء وتغيير القناعات ، تبدأ تفكر بعقلانية اكثر وتتعلم من اخطائك السابقة. عند هذه النقطة تصبح واثقا اكثر من وصولك للنهاية. تصبح قراراتك أوضح وصارمة واهدافك تراها تلمع في الأفق. حينها لا يوجد وقت لتضيعه ، لا تصغي إلى من يحاول تغيير تلك القناعات ، أعمل جاهداً لتصل لأهدافك. 


لمن يجري الماراثون ، لا يوجد مثيل لمشهد خط النهاية ، تراه في الأفق وتشعر بدفعة من الطاقة التي تجعلك تنطلق بكل ما تملك من سرعة لتصل هناك. كل خطوة تقربك من الهدف تشعر بأنها تأخذ للأبد. تشاهد في الأفق المحتفلين بالوصول ، تعلوهم الابتسامة وحولهم الأصدقاء يحتفلون بإنجازهم. هذه ليست احتفالية عظيمة لأن هناك الكثير من قام بمثل هذا الإنجاز من قبل. إنما هي احتفالية الفوز في معركة العزيمة والإصرار والتمكن من تجاوز المخاوف الجسدية والذهنية.


قد يختلف خط النهاية من شركة لأخرى والوقت التي تحتاجه حتى تصل إليه ، لكن هناك علامات فارقة تساعد المؤسسين على معرفة موقعهم عن الأهداف. يصبح النمو متوالي وسريع ، خلال شهور قد تحتاج إلى مكتب جديد لأن مكتبك ممتلئ. تصبح لا تستطيع من متابعة كل شيئ وتوظف سكرتير خاص حتى تنجز الأمور. مع النمو السريع تزيد المطالبات و المغريات فهناك خيارات كثيرة ، هذا هو خط النهاية للشركات الناشئة ، عندما يصبح لديك العديد من الخيارات لإكمال الشركة والحصول على ما تهدف إليه.

Join