عندما تعود إلى مقاعد الدراسة بعد فترة طويلة من العمل والعمر
ماذا سيكون شعورك عندما تمتلك رصيد كافي من الخبرة المهنية مع منصب اداري راقي بالنسبة لثقافة بلدك،ولوهلة قررت أن تكمل مسيرتك الدراسية بالخارج، يتخللها تعلم لغة جديدة ومن ثم الالتحاق بجامعة مرموقة.
ليس هذا وحسب.. بالإضافة انك رب أسرة ولديه ابن لم ينطق بكملة “بابا” بعد، وزوجة لديها الكثير من المعارف والأهل والأصدقاء والتي تعودت على نمط حياة معين مع منزل فاخر.
فهل ستخطو خطوة جريئة بهدف التطوير الذاتي والمعيشي بإتخاذك لهذا القرار ؟
هذا ما فعله زميلي “ديفد” في معهد تعلم اللغة الإنجليزية
في ولاية فلوريدا الإمريكية !
العائلة، المنزل، والمستقبل
لعل هذه الثلاثة العناصر التي ستتأثر حتماً مع اتخاذك لهذا القرار
في أول أيامي في الولايات المتحدة الإمريكية .. 🇺🇸
مع بداية مرحلة الابتعاث وأنا لا اصدق ان الحلم أصبح حقيقة..
والعودة بعد مضي سنتين من ترك مقاعد الدراسة، اعود مرة اخرى طالباً للعلم وبدايةً من اللغة الانجليزية.
مع بداية الأسابيع الاولى من الدراسة، لاحظت اختلاف كبير في الفئة العمرية ما بين الزملاء المتواجدين معي في بعض الفصول الدراسية. وايقنت أنني، ولأول مرة في حياتي اتواجد في صف دراسي ليس بنفس الفئة العمرية، فمنهم حديثي التخرج من المدرسة الثانوية، وقليل منهم طلاب في مرحلة الماجستير، فاختلاف العقول ومستواها موجود في هذه البيئة الجديدة.
وجدت في ذلك الوقت أنه ليس من المهم التركيز على هذه لانها لن تحدث فرقاً في المستقبل..
بعد عدة اسابيع، شعرت بفرق بسيط ولكن لم يكن ذلك مؤثر بالنسبة لي، وهو تعامل بعض طلبة المعهد مع نفس استاذ او استاذة المادة بشكل معين وهذا يعكس ويأثر “من وجهة نظري” على تعامل الاستاذ مع الطلاب بشكل كلي سواءً كان التعامل ايجابي ام سلبي.
ايضاً مع اختلاف الاهتمامات والافكار والتعامل بينهم.
ربما..
لم يشكل هذا التغيير بالنسبة لي الكثير، لكنني لاحظت أنه يؤثر على الطلبة المتقدمين في العمر
وهذا واحد من الاشياء التي ناقشني فيها ديفد وافصح بها خلال الترم الثاني من الدراسة..
شعرت بأنه محبط من طريقة تعليم المعهد وأنه لم يتوقع ان يكون التعليم بهذا الشكل
يخبرني، وبكامل تعابير وجهه، انه شعر بجزء من ضياع الوقت في هذا المكان وأنه كان يتعامل بملايين الدولارات وهو في عمله السابق والآن اصبح في مقعد دراسة مع اشخاص اقل منهم سناً وأنه شعر بندم عن هذه المدة التي مضاها في هذا البلد..
قمت بتشجيعه قليلاً واخبرته بانه يستطيع ان يكمل دراسته ويحصل على قبول جامعي بكل سهولة بحكم خبرته العريقة ويختصر من مرحلة تعلم اللغة، حكيت له انه قد أتى لي نفس الشعور مؤخراً ولكنني ايقنت انها مجرد ادارة تغيير وتوقعات، وأنه من البديهي ان نشعر بهذا الشعور (قد تكون أنا النفس وقد تكون أننا لم نتعود بعد وخاصةً بعد هذه المدة من العودة للدراسة) ويجب علي إن لم أكن راضياً عن الفرق! أن اصنع الفارق بنفسي ..
حيث لازلت على عهدي القديم بأن لا مشكلة لدي أنا آخذ العلم ولو اختلفت الظروف حتى وان أتعلم من أصغر مني سناً.
كان هذا حديثاً بسيطاً معه وبرفقه احد الاصدقاء قبل تناول وجبة الغداء وبعد الانتهاء من يومٍ دراسيٍ في معهد اللغة
بعد انتهاء النقاش قال ديفد:
جمعتُنا هذه ونقاشنا هذا هو ما يطور لغتنا وليس فقط مجرد الجلوس في مقاعد الدراسة!
اشكركم جميعاً ..
شعرت وكأنني أعطيته دفعة معنوية لإكمال ما تبقى :)
قد تأتي الفرص ولكن على غير ظروفها المعتادة…
أتت الصدفة في أن تقابلت مع ديفد مرة آخرى في مطعم صب وي في انحاء الجامعة..
ودار الحوار مرة آخرى بخصوص آخر موضوع تم مناقشته سوياً.. فسألته كيف اصبحت الأمور معك؟ هل سلكت الطريق الصحيح بعد؟
قال لي حقيقةً سعدت بآخر نقاش دار بيننا لدرجة أنني اخبرت زوجتي عنك وعن الحديث الذي دار بيننا
وبعدها مضيت قدماً في الدراسة ولم آبه بشي آخر..
ولكنني اتخذت قراري..
فسألته وأنا كلي فضول وما هو قرارك؟
فأجاب: بغض النظر عن جودة التعليم هنا ومدى سمعته الكبيرة، لكنني لم اعد اتحمل باقي العناصر في حياتي.
زوجتي التي تغيرت علي كثيراً واصبحت تمل كثيراً في البيئة الجديدة، في بداية الأمر توقعت انه بحكم المنزل والاثاث وقربي من منتصف المدينة، فقمت بتغيير السكن وشراء اثاث جديد ولكن أشعر بالكاد انها تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأنها كانت في بلدتي آمرأة ناشطة اجتماعياً وفعالة مع معارفها أما الآن فلا.. مع انني حاولت ان اجعلها تتعرف على اناس جدد هنا.
ابني الذي لم يكمل الثلاث سنوات بعد والبعيد عن جدته واقاربه هنا وكيفية اكتسابه للغة وتعلمها سواءً كانت لغتنا الام ام اللغة الانجليزية.
عملي والذي اشتقت اليه وكدت ان احصل على منصب أفضل او ترقية أفضل في حال لازلت أعمل هناك.
لذلك قررت أن انتهي من هذا الفصل الدراسي واعود مجدداً، وقبل أن اعود، لقد بحثت ووجدت دورة احترافية تقدم هنا في فترة زمنية اقل من برنامجي الدراسي الذي اريده واتوقع انها أكثر قيمةً من اي شهادة دراسية.
هنا يأتي التساؤل
كان ردي بعد أن طرح اسبابه، أن هنالك العديد من الأمثلة السعودية تعيش واقعه الآن مع نفس العناصر الثلاث وأنهم متأقلمين ومرنين مع هذه الاوضاع والاختلافات…
ولكن .. قد تخفى علي بعض المعطيات او المشاكل الحالية
فلذلك أرى من الصعب اقتراح او تقديم حل جذري وأنت لم ترى الصورة كاملة
THE BIG PICTURE
كل شخص منا لديه رؤيته الخاصة في مواضيع الحياة.. تتأثر هذه الرؤية او الصورة باختلاف تكوينها من خلال خبرات الحياة وكيفية نشأة الشخص وتربيته.
وقد نختلف أيضاً في مبادئنا وقيمنا وذلك يتخلل كيفية اختيار قرارات حياتنا اليومية وكل منا لديه زوايته الخاصة في رؤية القضية
السؤال هنا:
هل تعتقد أن يجب لديفد أن يتأقلم مع الوضع؟
أم يعود ليمارس عمله مجدداً؟
أصيل بن عبدالله
طالب ماجستير تسويق بالولايات المتحدة الإمريكية
مطوّف ابن مكة | معلّق صوتي |
تجدني بين التسويق و الإخراج السينمائي |
مهتم بـتجربة العميل | بكالوريوس إدارة أعمال
أكتبُ لأُفضفض، لأُسمّع، لأُوثّق..
مُفكر | هاوي للفن | ناقل تجربة | صاحب تساؤلات ورأي شخصي،
لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا…
التدوينة القادمة مع موضوع:
حدودية الإبداع بين طبيعة البشر…
Stay Tuned