حدودية الإبداع

بين

طبيعة البشر

بقلم، أصيل عبد الله

سمي الإبداع ما تسميه.. 

ولكن الجميع يتفق بأنه يبدأ بفكرة، وقد ينتهي بتنفيذها أو نيسانها ومن ثم ضياعها في عالم آخر.. 


إلى ان تصل لشخص قد تكون لديه الظروف المناسبة لتبنيها مرة اخرى والبدء في تنفيذها.


كفكرة Apple pay مثلاً، قد لا تصدق أنها كانت فكرة مشروع فريقنا ضمن برنامج تحدي الابتكار الذي تم مناقشته وعرضه في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.

وهي الآن قد وصلت لآبل وبعض الاجهزة الذكية


مرحبا لجيل الــ cashless!

العملية الإبداعية جذورها كثيرة

ولكن في هذه المدونة عزيزي القارئ،،

سنتحدث عن ما بعد جذر الإلهام ،، جذر الفكرة! 

لنعطي مثالاً بسيطة عن بداية هذه المدونة، بالكاد انها مرت بجذر الرغبة والإلهام إلى أن وصلت لمنطقة الفكرة.

طبيعتنا كبشر نحب مناقشة الافكار.. ففي تلك المرحلة قد ناقشت بعض من اصدقائي في البدء بهذه المدونة وفكرة الكتابة، ولك ان تتخيل الاجوبة: 

  • يعني بالله ايش حتكتب فيها؟ 

  • فكرة رهيبة! عندك منصة اسمها كارميلا وتعطيك خصائص مرة حلوة! “تركي جحلان”

  • ياعمي كثيرين قاعدين يكتبو!

  • يبغالها وقت وجهد وتفكير وانت دوبك تخلص اللي عليك!


لاحظ عزيزي القارئ، هذه كانت احد الاجابات التي تلقيتها في حين شاركت بعض الاشخاص عن فكرة المدونة.

لنفترض انني انصت لبعضهم، ماذا كانت ستكون المحطة القادمة لفكرتي؟ غارقة في ذاكرة المدى الطويل!


لنتوسع قليلاً في الموضوع.. 

ارجع قليلاً بالزمن وتمعن في بعض قراراتك في الحياة.. ركز على اغلب القرارات التي اهملتها.. ما كان سبب الإهمال؟ شخصي؟ ام بمؤثرٍ خارجي؟ 

ابحث عن انجح القرارات التي اتخذتها بحياتك وقس ماهو العامل الخارجي الرئيسي فيها؟ او من هو الشخص الذي قال لك نعم! وانت في الحقيقة من داخلك تنتظر هذة النعم ولو من شخص عابر.


إننا من عوائدنا كبشر في عقلنا اللاواعي نتطلع للعادي المتعود عليه، لا نريد التغيير. <قديمك نديمك>

وهذا قد لا يأثرنا فينا فقط، ولكن وبدون أي قصد، قد يؤثر فيما حولينا من أقارب واصدقاء. 

فنطلق احكاماً سريعة على من حولنا بسبب أننا متعودين أننا لم نسمع من قبل عن شخص من معارفنا بدأ بالكتابة (رد الشخص الأول)

أو أنه نعتقد من واقع عدستنا للحياة أن هنالك بما يكفي من الكتاب (رد الشخص الثالث)

أو اننا لا نعلم كيف نقسم اوقاتنا بغض النظر عن المهام التي علينا (الشخص الرابع)


تخيل عزيزي القارئ ان حياتك كانت مليئة بهؤلاء الاشخاص؟ هل كنت ستدرك حقاً انك اضعت بعض الفرص؟

أو على العكس، كيف ستبدو حياتك وهي مليئة بالاشخاص المحفزين والداعمين لك؟ 

بعض الناس لا يستطيعون تحقيق احلامهم، لذلك يخبرونك انك لا تسطيع فعلها أيضاً

هذه كانت قصة قصيرة توضح مدى تأثير تعليقات الاخرين على قرارك النهائي. 

هذه وهي فكرة بسيطة (مدونة) كيف لو كانت أكبر و أهم من هذه بكثير. 


لنعود مجدداً لجذر الفكرة ونتمعن:

كم من فكرة جاءت في خاطرنا وتم مناقشتها في مجلس من المجالس وعرّضت للقتل

كم من مبادرة تم الغائها بسبب انها لم تعط حقها من التركيز 

كم من مشروع ذهبت افكاره ولم تعد 

كم من اقتراح لم يؤخذ بالصورة الكاملة 


هل نستطيع أن نستنتج أن الاشخاص في دوائر علاقاتنا هم من وضعو للإبداع حد؟

بمعنى أن حدودية الإبداع للشخص = أرآء الآخرين من حوله

أم ان افكارنا لم تكن بذلك النضج لكي تخرج؟


كم من قصة او حكمة سمعناها تقول “قل لي من تجالس اقل لك من أنت؟ أو “الصاحب ساحب” 

ابتذلت الحكم حتى اصبحت بلى معنى الى ان وصلنا لمرحلة قد لا نعي بهذه العبارات إلا ان نتفكر قليلاً ونربطها بعدسة خبراتنا في الحياة.


ذكرت في مدوني السابقة "عندما تعود الى مقاعد الدراسة" بأن لكل شخص منا لديه رؤيته الخاصة في مواضيع الحياة.. تتأثر هذه الرؤية او الصورة باختلاف تكوينها من خلال خبرات الحياة وكيفية نشأة الشخص وتربيته.


حسناً اذاً، لنتفرض أن الرأي او التعليق المطروح للفكرة الإبداعية هو اساساً رأي شخصي

وأنه بالكاد ان الرأي الشخصي = رؤية الشخص المكونه من تجاربه


اذاً، نستطيع ان نستنتج مع حل هذه المعادلة والتعويض فيها:-

حدودية الابداع للشخص = تجارب وبيئات الاشخاص من حوله


قد لا تعمم هذه النظرية، ولكن قد تكون نسبية؛ بسبب وجود عوامل ومعطيات كثيرة مؤثرة في عملية الابداع

ولكنها عامل قوي وقد يكون قاتل للافكار او محفز لها في بعض الاوقات..

حسناً، دعنا ننزل هذه الظاهرة بمثالين من واقع الحياة

أول سر من أسرار النجاح، أن تؤمن بنفسك

توماس اديسون

لو عدنا بالزمن إلى ايام القرن الثامن عشر، وتم ذكر فكرة المصباح الكهربائي، لقالوا لك أنك مجنون!

كثيراً ما نسمع قصص النجاح مخلوطة بهاجس كبير من الفشل، منها قصة المخترع توماس اديسون وكيف انه تعرض للتنمر من قبل احد اساتذته في المدرسة حين نعت بالغبي!


مما ادى الى خروجه من المدرسة وهو لم يكمل الثلاثة أشهر في مقاعد الدراسة

ولكن، هل تم التركيز بالذكر على أن هنالك شخصاً كان يؤمن فيه ويدعمه على افكاره وتساؤلاته؟

هل تم اثراء هذا الجانب الخفي الذي اراه من اقوى الجوانب في تكوين شخصيته كرجل اعمال ومخترع؟


ربما لم يكن لديه الكثير من الاصدقاء

ولكن كان لديه "أمه" التي احتضنته ودعمت افكاره ونفقت وقتها في تدريسه القراءة والكتابة


"قد تكون اغلب كواليس قصص النجاح خلفها شخصُ آمن بك وبقدراتك التي لم يؤمن بها بعضهم"


و من الممكن ان تُعكس القضية وتكون الأم عكس تيار الإبداع، ولكن في نهاية المطاف قد تكتشف كم كانت مخطئة في حكمها لأولادها، كحكاية محمد أبو حجر مع والدته في بودكاست صالح العوفي.

حين يأتيك انسان وانت في حالة يأس

ويعطيك فكرة أو فرصة 

حتى أن كانت لا تدخل العقل!

فإن اليأس الذي بداخلك سيجعلك تفعل المستحيل

محمد القحطاني - بطل العالم في الخطابة 2015

لنذكر أحد قصص النجاح السعودية 

حكاية محمد القحطاني من التأتأة إلى بطل العالم في الخطابة


يحكي محمد قصته عن ايام الفصول الدراسية وكيف أن صعوبة نطقه للكلام كانت من أشد عوائقه في المشاركة أو التحدث أمام الجمهور.

إلى أن تم ابتعاثه وقرر أن يبدأ حياة جديدة مع أناس جدد حتى انتهى به المطاف في المشاركة في أحد الأندية الكوميدية .. <باقي القصة تجدها في فديو وثائقي مقدم من ثمانية>


من أسباب فوزه على مستوى العالم هو مشاركته في نادي التوستماسترز - Toastmasters

وهو عبارة أن منظمة عالمية لها أندية في جميع أنحاء العالم، تقوم بتدريب الأشخاص على الإلقاء والقيادة


تجربتي الشخصية مع توستماسترز: 

أكاد أجزم أن بيئة هذه المنظمة هي بيئة ابداعية مليئة بالتحفيز والتعليم 

غير أن احد سياساتها هو تشجيع المتحدث واعطائه ملاحظات بنّائة تساعده في التحسين من مستواه.

قررت أن احضر احد اجتماعاتهم بدعوة من صديقٍ لي يدير أحد الأندية في مدينة مكة، ولاحظت كيف لبعض المتحدثين وهو يلقي خطبته خائفاً من الوقوف امام الجمهور! يتوقف فجأة ويكمل كلماته وهو يرجف!

ولكن، بعد انتهاء الوقت المسموح له، شارك الجميع في التصفيق والتشجيع له مع اعطاء ملاحظات للتحسين.

كم اعجبت بأحدهم وهو يقول: المرة القادمة سوف أقدم أفضل من اليوم بإذن الله!


بيئة كبيئة نادي توستماسترز لا يتم فيها وضع حدود للإبداع! 

بيئة مليئة بالأشخاص الذين أتوا بكامل رغبتهم بهدف التحسين وكسر حاجز الخوف أمام الجمهور.

فأحاطوا نفسهم بأشخاص يشابهونهم في خوفهم وهدفهم

مدعومين بمدربين وبيئة محفزة آمنو بهم وبقدراتهم الحالية والمستقبلية


وبهكذا:

حدودية الإبداع للشخص = تجارب وبيئة الأشخاص من حوله

إبداع ومستوى العضو في نادي توستماستر =(تأتي من)= البيئة المحفزة بين أعضاء النادي

قد تكون أكبر دائرة قاتلة للإبداع هي دائرة العائلة، ولا أعني بذلك تشجيع العوائل لأبنائهم على كل صغيرة وكبيرة، ولكن على الأهل ان يوسعوا مداركهم ليقيسوا هذا الفكر في ابنائهم وإلى أين سيأخذهم <قيس قبل الغطيس>


لا نضع كامل الضوء على الوالدين وحسب، ولكن لنعي بعمق عن كامل دوائر علاقتنا (المنزل، الأصدقاء، زملاء الدراسة والعمل) وكيف لها أن تؤثر فينا حتى وفي سعادتنا

من الفديوهات المفضلة لدي،

و الذي يوضح مدى تأثير العلاقات بسعادة الإنسان :)

أخيراً، عزيزي القارئ..

أسأل نفسك وبصدق: 


ما هو الشي الذي تريده وبشدة ولكن وجدت صعوبات في الحصول عليه؟

كم من شخص من حولك لديه هذا الشيء؟

 

آمل أنك ستدرك ما هو مغزى هذين السؤالين بعد الإجابة عليهما بصدق…


تساؤلنا لهذا اليوم: 

هل نلوم طبيعة البشر في عدم تقبل التغيير وللأفكار الجديدة؟

أم نلوم انفسنا بأن اتحنا لهم الفرص بوضع هذه الحدود؟


اشترك في النشرة البريدية أو تواصل معي..

أصيل بن عبدالله

طالب ماجستير تسويق بالولايات المتحدة الإمريكية

مطوّف ابن مكة | معلّق صوتي |

تجدني بين التسويق و الإخراج السينمائي | 

مهتم بـتجربة العميل | بكالوريوس إدارة أعمال

أكتبُ لأُفضفض، لأُسمّع، لأُوثّق..

مُفكر | هاوي للفن | ناقل تجربة | صاحب تساؤلات ورأي شخصي،

لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا…


التدوينة القادمة مع موضوع: 

سُلم المؤثرين والمتأثرين…