العمل من المنزل
ما له، وما عليه
ما أجمل أن تستيقظ من نومك وقت ما تشاء، وتتمغط قليلاً، وتلقي نظرة على بعض التغريدات والسنابات ورسائل الواتس آب في جوالك، ثم تحضر لنفسك كوباً من القهوة أو الشاي، بعد أن تتناول طعام الفطور أو ربما الغداء، لتجلس بعد ذلك على مكتبك للعمل -بملابس النوم- دون أن تسرح شعرك أو حتى تغسل وجهك…
ابدأ متى تشاء.. إلبس ما تشاء.. خذ راحةً متى تشاء.. وعُدْ متى تشاء
من راسي
قد يبدو العمل من المنزل حلاً مثالياً، خاصة في ظل جائحة كورونا التي أجبرت بعض الأعمال عى التوقف.
ولأننا لم نجرب هذا الأسلوب من قبل، فقد بدا لنا لأول وهلة أنه فكرة رائعة وحل مناسب للجميع، فالعمل لم يتوقف والخدمات لازالت تقدم والإيراد يتدفق والرواتب تصرف.
وقد سارعت الدولة في طمئنة الجميع رغم الأخبار التي لم تكن تبشر بخير، فقامت بتقديم العون للمؤسسات والشركات لكي لا تضطر للإستغناء عن الموظفين، وسعد أرباب العمل بهذا الدعم الذي خفف عنهم وطأة الجائحة.
لكن سرعان ما ظهرت بعض المشكلات التي كان من الطبيعي أن تظهر وكان لابد من مواجتها وتعلم كيفية التعامل معها.
لم يكن هناك من خيار غير العمل من المنزل أو التوقف عن العمل والإنتاج. وما يهمنا هنا هو الجوانب النفسية في العمل عن بعد، دون الخوض في الجوانب الإقتصادية أو المالية.
العمل من المنزل له ميزات أهمها:
المرونة في التوفيق بين المهام الشخصية أو الأسرية ومهام العمل. وكذلك توثيق كثير من المهام من خلال المراسلات المكتوبة التي يمكن الإستعانة بها عند الحاجة. إضافة لتوفير مصاريف ووقت المواصلات، وتقليل الزحام في شوارع والحوادث.
ولكن من عيوبه:
أنه لا يصلح لكل الأعمال وبعض الأعمال لا تصلح له. كما أنه يختلط فيه وقت الراحة بالعمل مما يؤدي إلى الشعور بــ: “لا راحة ولا عمل”. وكذلك تكثر فيه المقاطعات من الأطفال وأعمال المنزل، مما قد يقلل الإنتاجية ويراكم العمل.
54% فعالة
66% مريحة
ماهي التأثيرات النفسية السلبية للعمل عن بعد؟
العزلة والشعور بالوحدة:
الذهاب للعمل ليس هدفه الوحيد الحصول على المال رغم أهميته. ورغم أن الموظف الجاد لا يحب زملاءه الثرثارين، إلا أن هذه الثرثرة أحياناً مهمة للتنفيس وطرد الملل وكسر الوحدة. وفقدانها في العمل عن بعد قد يكون سبباً في الإصابة بالإكتئاب والقلق وكثير من الشكاوى الجسدية النفسية.
الضغط والإجهاد النفسي:
اكتشف كثير من الموظفين الذين فرحوا بالعمل من المنزل أملاً في مزيد من الراحة أنهم في الواقع أصبحوا يعملون ليلاً ونهاراً “والمبارك الله”.
الإكتئاب النفسي:
وهو نتيجة متوقعة للعزلة والضغط النفسي، ناهيك عن الأخبار السلبية المتوالية عن الجائحة والخوف على النفس والأهل والمعيشة وغموض المستقبل.
الإحباط والضيق ونوبات الغضب التي قد تسبب الكثير من المشكلات الأسرية، ربما تكون شكلاً من أشكال الإكتئاب النفسي.
الكآبة واليأس وفقدان المتعة في الطعام والجنس، والهوايات التي كان أحدنا يتمنى الوقت لأجلها.
الشكاوى الجسمية غير المعتادة مثل الآلام والصداع والدوار والخفقان وارتجاع المريء.. وغيرها، مما لا يمكن تفسيره بمرض عضوي أكيد.
اضطراب الساعة البيولوجية ومشكلات النوم كالأرق أو النعاس الدائم وصعوبة الإستيقاظ.
فقدان الطاقة، والخمول والإعياء بعد أي جهد مهما كان بسيطاً، مما ينعكس على الطاقة الذهنية والتركيز.
اضطراب الشهية، وكثيراً ما اشتكى الناس من الإفراط في تناول الطعام، وكسر العادات الغذائية الجيدة، وطلبات المطاعم، وزيادة الوزن.
الميل للمزيد من العزلة، والرغبة في البقاء في المنزل، رغم تخفيف القيود على الحركة والإختلاط، مما قد يعني أننا بحاجة لإعادة تأهيل للحياة الطبيعية.
كيف يمكن أن تعمل من المنزل بنفسية جيدة؟
اجعل مكتبك المنزلي مريحاً وكافياً لإنجاز كل أو معظم ما يمكن أن تقوم به في مكتب العمل. المساحات الضيقة أو القريبة من الإزعاج والمشتتات أو التي لا تتوفر فيها مستلزمات العمل وخدمات التواصل ستكون عبئاً ثقيلاً معطِّلاً.
تجنب العمل من السرير أو في وضع جسمي غير مريح، لأن ذلك قد يسبب لك مشكلة صحية في مفاصل الرقبة والظهر واليدين.
لا تهمل مشاعرك السلبية فقد تكون هي المؤشر لانهيار صحتك النفسية -لا قدر الله- وقدرتك على العمل والإنجاز.
حدد لنفسك ساعات عملٍ والْتزم بها. ولا تضع لنفسك جدولاً مرناً يمتد من الصباح إلى منتصف الليل، لأنك بذلك تسمح للعمل أن يستغرق كل ساعات يومك وليلك.
أخرج من المنزل مرة في اليوم على الأقل للمشي أو قضاء حاجة أو التنزه مع أحد أفراد أسرتك قليلاً
اعمل في منزلك كما لو كنت تعمل في مكتبك. وهذا يعني أن تأخذ وقتاً فاصلاً للراحة والتواصل مع الناس والإستراخاء والصلاة.
عندما تحدد مهامك وأهدافك من بداية يومك، فإنك تعد نفسك ذهنيًا لما ينبغي أن يكون عليه باقي اليوم. وسيسهل عليك تحقيق الأهداف التي حددتها، دون التعرض لمفاجآت غير سارة، أو معوقات غير متوقعة.
احرص على التواصل مع رؤسائك وزملائك في العمل هاتفياً أو من خلال اجتماعات افتراضية. فمن مصلحة العمل أن يعرف كل منكم ما يفعله الآخرون، ومن مصحلة الجميع أن يكون هناك تواصل اجتماعي لا يخلو من الدردشة الجانبية والدعابة التي تكسر الملل و الشعور بالوحدة.
التعاون جميل، ولكن تعلم أن تقول “لا” أحياناً، فأنت لست “سوبرمان” أو “سوبروومان” والعمل لن ينتهي. كونك تعمل من منزلك لا يعطيك الحق في الكسل، ولا يعطي صاحب العمل الحق أن يكلفك بأكثر مما هو متفق عليه رسمياً أو ما لا تطيق.