التسويف

محرقة الإنجاز

من طبيعة النفس البشرية أن تُقْبِل بشغفٍ على ما تحب وأن تنفر وتصدّ عما تحب.  وهذا الحب أو الكره قد يكون متعلقاً بذات الشيء أو بظروفه. 

فالشخص الذي يكلف بمهة لا يملك الخبرة الكافية فيها سيجد في نفسه نفوراً منها وربما كرهاً لها، وكذلك الأمر إن كانت المهمة معقدة أو تستغرق وقتاً طويلاً -يتعارض مع طبيعة الإنسان العجولة- التي تريد المكافأة السريعة.

وفي نهاية الأمر فإن ما يحدث للمسوف، هو حالة من فقد السيطرة على نفسه، فهو لا يفعل شيئاً، أو يتشاغل بأمور لا قيمة لها ليتجنب ما يجب أن يفعله، رغم علمه بأهميته وأنه سيضطر أن يفعله في نهاية المطاف.

التسويف: يجعل الأمور السهلة صعبة، والصعبة أكثر صعوبة

ماسون كولي


لماذا نسوف؟

  1. تأخر المكافأة: وهذه قاعدة سلوكية عصبية يقصد بها أن الدماغ يميل الدماغ إلى تقدير المكافأة “اللذة” العاجلة أكثر من المكافأة “اللذة” المتأخرة.  وهذه القاعدة تفسر سلوك المدمن الذي يستخدم المخدرات بحثاً في كل مرة عن اللذة العاجلة وإن كانت ضارة، وكذلك سلوك التسويف يفسره عدم وجود لذة عاجلة، وإن كان ضاراً.

  2. عدم وضوح الرؤية أو ضبابية الأهداف: لماذا أفعل كذا؟ ما الفائدة من كذا؟ ما مصلحتي من كذا؟ أو بمعنى آخر “أين مكافأتي”

  3. الشعور بعدم الثقة أو الإرتباك بسبب حجم المهمة أو تفاصيلها.

  4. النفور من هذه المهمة، إما بسبب تكرارها لدرجة الملل، أو لخبرات سابقة تكونت عند القيام بها، مثل “صداقة من ليس من صداقته بد”.

  5. الكمالية، التي تجعل من كل المهام صعبة، بسبب الدخول في التفاصيل والرغبة في اخراج العمل بشكل مثالي يجعل لذة الإنتهاء منه لا تساوي كمية الجهد والوقت المبذولين فيه.

  6.  المزاج السيء، إما مؤقتاً أو بسبب حالة نفسية مثل مرض الإكتئاب النفسي الذي من خصائصه الشعور بالعجز وعدم الرغبة في عمل شيء.

  7. القلق النفسي، وهو مشكلة نفسية مزمنة، وربما تكون مشاعر متعلقة بطبيعة الشخص، حيث يميل  إلى تضخيم الأمور والخوف من العواقب وتغليب المآلات السيئة.

  8. عدم امتلاك الخبرة الكافية وأسوء من ذلك لو لم يوجد معها القيادة أو الإشراف الجيد “ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له .. إياك إياك أن تبتل بالماء”.

  9. كثرة الأعمال ووجود أعمال أخرى أهم أو لم تكتمل. وهذا يحدث لثقة بعض المدراء في موظف نشيط، ذكي من بين موظفيهم، واسناد كل شيء إليه، حتى يكاد أن ينهار.

  10. وأخيراً، سوء التخطيط، وعدم تحديد الأولويات، والعمل على عدة ملفات تبقى مفتوحة لم تكتمل.



كيف يمكن السيطرة على التسويف؟

1.   رتب نفسك

لن يمكنك عمل أي شيء، بشكل جيد دونما "خطة  عمل".. وهذه الخطة تعني أنك لابد أن تعرف الخطوات والأدوات التي تحتاجها، والمدة اللازمة لإتمام العمل.  بدون هذه الخطة فأنت كمن يمشي في طريق صحراوية بلا لوحات ارشادية.

2.   لا تخَفْ من حجم العمل

بل قسمه إلى محطات صغيرة يسهل عليك الوصول إلى كل منها في الوقت المناسب.

الشعور بضخامة حجم العمل من أهم أسباب التسويف.  لذلك لو قسمته إلى أجزاء صغيرة، لخفّت رهبة المسئولية، ولَهان عليك الوصول إلى أهدافك الواضحة الصغيرة.  والنجاحات الصغيرة تصل بك في النهاية إلى لذة النجاح الكبير.

3.   اربط مهامك الصغيرة بزمن محدد

لا يكفي أن تجعل لعملك الكبير أجزاء صغيرة قابلة للتنفيذ، بل لابد أن تربطها بزمن محدد يعتبر هو المقياس الحقيقي للإنجاز، إذ لا معنى أن تستغرق وقتاً طويلاً في مهمة أو مهام صغيرة.

اذا كنت تنتظرالدقيقة الأخيرة لعمل شيء، ما فاعلم أن هذا العمل تكفيه دقيقة

4.   حدد نهاية لكل مهمة

لا يمكن أن تتخلص من التسويف ما لم تضع تواريخاً لإنجاز كل مهمة، بل ستجد نفسك تقول "غداً" كل يوم، ولن يأتي ذلك اليوم الذي تتم فيه هذه المهمة.  بل الأفضل دائماً أن تبدأ وتعمل بجد، وأن تسعى دائماً لإنهاء أي مهمة قبل موعدها المحدد بيوم أو يومين.

5.   تخلص من الملهيات

الملهيات كثيرة ولا يمكن الجمع بين الجد والهزل وبين العمل واللهو.  ولكي تضع نفسك في جو العمل، تجنب أن يكون الجوال أمامك، واجعله في وضعية الصامت.  وكذلك صمّت اشعارات البريد ونحوه في جهاز الحاسب . 

Join