تاج الصحة

السيدة شوربة الخضار

التاسع من يوليو بعد منتصف الليل،

أرى تيجان الصحة على رؤوس الناس من حولي، باحثةً عمن يصلح تاجي بيديه، طبيبًا كان أو ممرضة أو حتى عابر سبيل.


عصرية التاسع من يوليو،

أتأمل شوربة الخضار المنبسطة أمامي ذات القوام الثقيل الذي يأبى أن يخف مهما أضفت من ماء محاولةً تخفيفه، شوربة مكونة من خضار كالجزر والكوسة والبطاطس والتي لا أفضّلها مسلوقة البته وخصوصًا الكوسة؛ فبيني وبينها عداوة كبيرة لا من ناحية الطعم ولا الرائحة كذلك.

أحاول تحسينها وإضافة الخبز المحمص لها، وأحمد الله على النعمة ثم أبتلعها في صمت فلست مضطرة لتناولها سوى لثلاثة أيام لا أكثر!

كما أني أحاول تناسي توصية الطبيب للعائلة كاملة بأن تتناولها مرةً كل اسبوع ولكنه أمر جيد بناءً على مبدأ ونظرة بوليانا للحياة السعيدة، فأنا لن أتناولها بعد هذه الأيام الثلاثة إلا بعد اسبوع.


في الحقيقة هي ليست بذاك السوء بل ربما ستكون لذيذة إن أنت وازنتِ بين المكونات حسب تفضيلك لها وأضفتِ الملح -والذي لم أستطع إضافته بشكل مرضٍ- والبهارات -والتي لا أستطيع إضافتها كذلك- ولكن أن تنحدّ عليها وتشربها ليلًا وظهرًا وعصرًا فهذا أمر يجلب الغثيان -لي على الأقل-!

مُنعت من الشاي والقهوة والكافيين بشكل عام وكذلك الدهون والبهارات والفلفل.

نعم حتى أنا لا أعلم ماذا سآكل!


في حياتي كلها لم أشتهي القهوة كما اشتهيتها اليوم! ولم أشتق للشاي كما اشتقت إليه اليوم! ولم أعِ نعمة البهارات والملح كما وعيتها اليوم! لست مسرفةً في طعامي ولكني ومنذ فترة مررت بتجارب قاسية في الحياة لم يكن لي رفيق رقيق حينها سوى الطعام، فقد كانت أسعد لحظاتي معه وإن لم أكن أشتهيه ولكنه كان يمنحني الدفء والحنان، ومن هناك بدأت بتجربة مختلف الأصناف والتي كنت أخشاها سابقًا ولعلي أوصلت جسدي إلى الحد الأقصى من التحمّل حتى انفجر في وجهي صارخًا “لم أعد أحتملك”.

هذه ليست الصرخة الأولى على كل حال وهذا ما أحزنني كثيرًا وأغضبني قليلًا كوني لم أنتبه له مبكرًا ولم أراعِ وضعه المتغير عامًا بعد عام.


ظهرية العاشر من يوليو،

بناءً على ما سبق؛ أُضيف لنظامي الغذائي ثلاث حبات متنوعة الشكل والحجم والطعم، ثلاث ولكنها أدّبتني ووضعت لي نظامًا صارمًا لأوقات الأكل.

فمنها ما يجب علي تناوله قبل الوجبة بنصف ساعة وأخرى قبل الوجبة تمامًا وثالثة بعد الوجبة بساعة، أي أن أي عبث بالنظام الغذائي سيؤدي لنتيجة مضروبة، وهذا ما لا أريده الآن على الأقل.

أتساءل في هذه الأوقات؛ لماذا لا يتأدب الإنسان من تلقاء نفسه؟ هل يجب عليه أن يمرض أو أن يُجلد حتى يستقيم ويستمع لعقله الباطن وجسده الصارخ في صمت؟

يالهذا الإنسان الجاحد المزعج الطفولي.


حسنًا، شوربة الخضار تستدعيني إلى المطبخ..

أقسم أني لن آكلها اليوم أكثر من ذلك، مجرد التفكير فيها وشم رائحتها يصيبني بالدوار يا إلهي..


متّعني الله وإياكم بالصحة والعافية حتى نلقاه وضاعف أجرنا،

يومًا مشرقًا؛


ع. ز.

Join