خائفًا يترقّب
العشرون من يوليو ٢٠٢۳،
١٢:٤٠ ص؛
هل أحسستم يومًا أن شعور الخوف يتجسّد في الكلمة ذاتها -وهذا من إعجاز هذه اللغة العظيمة-، ففي الحروف المكوّنة له وبمجرد نطقك لـ “خوف” أنت تفهم ماهيّته وكيف هو شعور الخوف..
الخوف من المستقبل ومن البشر ومن النفس ومن العلاقات ومن المرض ومن الحياة والموت ومن محاولة العيش الجادة ومن ردور الأفعال وحتى من الأفكار التي تجتاحنا ومن الوساوس! لا يفتأ الإنسان يخاف ويخاف ويخاف، فهو إن تخلص من هذا الخوف لجأ لآخر. إنه لا يستطيع العيش بدون هذا الشعور أو بشكل أدق؛ لا يستطيع التخلص من هذا الشعور الذي ما إن يجد فُرجة في نفس البشريّ حتى يتسلّل منها ويلتصق بروحه كالعلكة، والتي تحتاج لجراحة دقيقة وطريقة مخصصة للتخلص منها، لأنك إن شددتها انقطع جزء منها فقط وبقي أثرها قائمًا مدىً طويلًا طويلا..
أشعر برغبة عميقة للتحرر من الخوف الغير مبرر الذي يكبلني في كل نواحي الحياة ولكني شخص لا يعرف متى يتوقف! وهذا مما يزيد من صعوبة الأمر، أخشى إن بدأتُ بالتخلص من الخوف وتجاهله أن أُضحيَ لا مبالية البتة لجميع الأمور حتى التي تستدعي أن أخاف وألا أفعل هذا أو ذاك..
تمضي الأيام ولكني ما أزال عالقة هنا، لا أعلم إن كنت لا أستطيع أو أني لا أريد الخروج ببساطة.
إن عشت خمس دقائق في سلام خلال اليوم فبإمكانك أن تتحمل الحياة.
الواحد والعشرون من يوليو ٢٠٢۳،
١:٢٥ ص؛
تقول إحداهن: “إن عشت خمس دقائق في سلام خلال اليوم فبإمكانك أن تتحمل الحياة”، إنها تجمع خمس ثوانٍ سعيدةٍ من هنا وسبعٍ من هناك لتملأ دقائقها الخمس كل يوم وهكذا تعيش..
أفكر في حالي الشبيه جدًا بحالها، ولكني غالبًا لا أجمع ولا أطرح، بل أنتظر نهاية اليوم لأشكر ربي على ما منّ علي به طيلة هذا اليوم وإن كنت أحمده في ثواني السعادة تلك..
أن تقدّر أبسط النعم لكي تعيش في هدوء أمر جيد ولا يفعله إلا شخص قوي وواعٍ -ولست أمدح نفسي هنا- فليس باستطاعة الجميع تحمّل غثاء الحياة مقابل خمس دقائق أو مسرّات بسيطة يقتاتون عليها، فتجدهم عابسين جاحدين لا يشعرون حتى بقيمة هذه الخمس دقائق إن مرّت من أمامهم.
السابع عشر من اكتوبر ٢٠٢٤،
يتجدد شعور الخوف هذه الأيام وبشكل ممرض ولكنه هذه المرة يتشكل على هيئة الخوف من الفقد! لم أستطع التعامل معه لا بالتجاهل ولا بالتقبّل ولا بتصغير الأمور.
يبدو كوحش ثائر لا يبصر أمامه ويحطم كل ما تقع عليه يداه من لحظات الهدوء والصفاء إلى الهوايات المحببة والأعمال المهمة.
لم أعد أستطيع فعل أي شيء عدا تأمل جدار الصالة التي تشهد وحدتي كل صباح، حتى أنني عدت لعادة شرب الشاي صباح مساء، لم يعد يهمني نظام نومي واستيقاظي ولا نظام وجباتي اليومية ولا العمل ولا مواكبة العالم وأخباره وفرص عمله الضئيلة، لم يعد يهمني أي شيء سوى الاطمئنان على والدي! فكل شيء سينتظر، بل كل شيء يجب عليه الانتظار إلى وقت لاحق مهما بلغت أهميته بالنسبة إلى العالم فهو تافه بالنسبة إلي هذه الأيام. والحمدلله أن أمر المؤمن كله خير فاللهم اجعلنا من الشاكرين الصابرين.
شفى الله مرضانا ومرضى المسلمين وألبسهم ثوب الصحة والعافية؛
ع. ز.