Rewire
إعادة الضبط
ملخص ذاتي
بخبرة طويلة في مجال الإرشاد والعلاج النفسي ينطلق الدكتور ريتشارد أوكونور في هذا الكتاب لعلاج إشكاليات ضبط النفس والتحكم بالسلوك ولكنه يتميز بأنه يتناول الموضوع من زاوية نظر غير مطروقة بكثرة وهي “تدمير الذات” Self Destruction. يركز الكتاب على عشر سلوكيات مدمرة للذات بتصويرها كـ”نماذج” أو برامج تلقائية العمل يتمسك بها جزء من عقلنا لأسباب قد تكون سليمة أحيانا لكن بوسائل غير مرغوبة على أية حال.
هناك قوى قاهرة بداخلنا تقاوم التغيير، حتى وإن كنا نستطيع رؤية ماهو جيد لنا بوضوح، كما أن العادات السيئة لا يمكن التخلص منها بسهولة. يبدو الأمر كما وأن لنا عقلين، الأول يريد لنا الأفضل، والثاني يقاوم بكل ما أوتي من قوة-عادة بدون وعي- للإبقاء على الوضع الراهن.
سأبدأ بقول أن مشكلة الكتاب في طريقة تقسيمه للمواضيع وضعف الترابط أحيانا في مقابل ميزته الكبيرة في زاوية عرض المشكلات وحسن استعمال الأمثلة والأبحاث العلمية دون إثقال. لذلك سأحاول هنا عرض الكتاب بطريقة أراها أكثر تنظيما.
يمكن تقسيم الكتاب إلى: مقدمتين عن المبادئ الأساسية لتغيير السلوكيات، ثم عشرة فصول كل فصل عن سلوك واحد مدمر للذات، ثم خاتمة. دمجت هنا مضمون المقدمتين ثم سردته في ثلاث مبادئ.
المقدمتين
الفصل الأول والثاني
يشرح المؤلف في المقدمتين ثلاثة مبادئ أساسية:
المبدأ الأول: العقلين
تنشأ المشكلة أن عقلنا ليس شيئا واحدا متفقا وإنما يمكننا أن ننظر إليه على أنه عقلين مستقلين يتعاونان أحيانا ولكن يختلفان أحيانا كثيرة. العقل الأول هو العقل الواعي. وهو العقل الذي نستعمله في التفكير الواعي الصريح. العقل الآخر هو العقل اللاواعي أو ما يسميه المؤلف (الذات التلقائية ). هذه الذات دائرتها أوسع ومجالها أكبر. وهي في الغالب أكثر تصرفا في واقعنا من الذات الواعية. يستعرض المؤلف تاريخ هذه الفكرة ابتداءا من فرويد الذي يفسر تكون اللاوعي بالكبت الذي حصل لخبراتنا الأولى. بعد مرور سنين على هذه النظرية، تعرضت للكثير من النقد والتطوير. يرى المؤلف أن اللاوعي أكبر بكثير من تجاربنا المكبوتة حيث تشمل هذه المساحة عالمنا المفترض وآليات متكرره تحصل معنا وقرارات قديمة بعضها من تجارب صحيحة والبعض الآخر غير ذلك كالكبت الفرويدي. كل هذه الشبكة من الطرق المختصرة والمشاعر الجاهزة تنطلق دون أن نشعر إذا مررنا بتجارب مشابهة لما مر بنا سابقا. وأحيانا كثيرة لا يكون وجه الشبه صحيحا أو لا تكون ردة الفعل متناسبة مع الخبرة الجديدة ولكن الذات التلقائية تتولى زمام الأمور رغما عنا. ناتج هذا الصراع هو ما يراه المؤلف مصدر سيناريوهات وأنماط سلوك (تدمير الذات) والتي بناءا على هذا سيفصل في المبدأ الثالث وبقية الكتاب.
المبدأ الثاني: آليات التدمير الذاتي
حول هذا المبدأ أبدع المؤلف في وصف الثغرات التي تغزونا منها آليات تدمير الذات وأنماط السلوك المدمر للذات. ابتدأ بالسؤال الأكبر وهو لماذا يسلك الإنسان سلوكا يعلم أنه ليس في مصلحته. وجوابا على هذا السؤال: يقول المؤلف أن ذاتنا المنقسمة إلى قسمين ودماغنا المفترق إلى شخصين متقابلين، الأول الذات الواعية والثاني الذاتت التلقائية التي تكونت بفعل حاجتنا للطرق المختصرة والقوالب السريعة للتعامل مع تعقيدات الحياة وتيسير عملية فهم الواقع والأحداث والأشياء والناس. مع أهمية هذه الذات التلقائية إلا أنها تعاني من العديد من الثغرات التي تسرب لنا السلوكيات المدمرة للذات ومنها:
الإنحياز للمصلحة الذاتية: يرى الإنسان نفسه دائما أعلى من المتوسط وهذا الاعتقاد الغير منطقي ينتج الكثير من الانحيازات المعرفية. يمكنك أن تطلع على قائمة الإنحيازات المعرفية في ويكيبيديا ومجرد الاطلاع عليها يزيد من وعينا بأنفسنا.
التنميط: من مهام عقلنا صناعة النماذج والأنماط المختزلة للخبرات بهدف تيسير التعامل معها ونكون بهذا ما يسمى عالمنا المفترض كي نجعل العالم قابلا للتنبؤ. هذا التنميط يصنع المعتقدات وكذلك يصنع ما يسمى (الأنماط الإنفعالية والسلوكية) وهي أشبه بالسيناروهات الجاهزة تجعلك ترى أمورا دون أخرى وتثير عواطف محددة عند خبرات محددة. سيذكر المؤلف سيناريوهات عامة تؤدي إلى نماذج سلوكية تؤدي إلى أنماط سلوك مدمر للذات تجدها في نهاية الفقرة.
الجسم: ما يحدث فسيولوجيا داخل جسمنا يؤثر كذلك على ذاتنا التلقائية. فارتباط تزايد نبضات القلب مع خبرة خوف معينة تسجل داخل صندوق في عقلنا وتصبح نمطا.
حماية الثقة بأنفسنا: لو حللنا الواقع بشكل موضوعي سنضطر للإعتراف بنقصنا أو سوء تقديرنا فتهتز بذلك ثقتنا بأنفسنا. أو كما يقول المؤلف “لو أن السعادة تطلب منا أن نفكر في أننا أفضل من المتوسط، بينما نحن مجبرون على اعتبار أن أداءنا أسوء من المتوسط في مهمة ما، فإن لدين مائة طريقة لإنكار هذه الحقيقة كأن نلوم الإختبار أو صحتنا ذلك اليوم.
تأثيرات الإجهاد والكلفة: تقول الفكرة أنه كلما زاد ما أنفقنا من مال وجهد على أمر ما زادت قيمته ولو لم تكن قيمته زادت على الحقيقة. يمكننا رؤية أثر هذا الثغر على مدمن الكحول المقلع عن الشرب لسنتين، ولأنه أنفق عامين على التحمل فإن عقله يقلل من أثر شرب كأس واحد ويظن أنه صار أبعد كثيرا عن العودة للإدمان.
التأثير الإجتماعي: تعتبر هذه الفكرة من المسلمات في علم النفس التقليدي حيث أصبحنا نعرف أكثر مدى تأثير المجتمع علينا. استعرض المؤلف مجموعة من الدراسات التي تكشف لنا أن تأثير المجتمع علينا أكثر مما نظن. وأن أحد أمثلة السلوك المدمر للذات هو أننا نميل إلى اعتقاد أننا أقل عرضة للتأثر بالأخرين. في هذا الفيديو شرح لأحد هذه التجارب وهي تجربة ميليجرام الشهيرة.
تشويه الذاكرة: تتحقق هذه الفكرة بعدة طرق كل واحدة أكثر مكرا من الأخرى. أولا نحن نعلم أن ذاكرتنا انتقائية وهذا وحده مصدر تشويه للذات. ثانيا نميل إلى تذكر الأشياء الجيدة عن أنفسنا ونسيان الأشياء التي تهز ثقتنا بأنفسنا. وعلى صعيد أعقد: نحن نتذكر قيامنا بالأمر السيئ في الماضي تحت ظروف أصعب، كي نشعر بالرضا عن أنفسنا في الحاضر!
التفكير الغير عقلاني والمعتقدات الخاطئة: يمتلئ عقلنا بالكثير من “الأوهام المريحة” والتي تؤدي بنا إلى نتائج سيئة أيضا مثل: مغالطة التخطيط حيث أننا في الغالب نميل إلى الإستهانة بالوقت الذي سنتم فيه المشروع. وتأثير قمع الأفكار حيث ثبت أن تشتيتك لذاتك أكثر فاعليه مع عدم التفكير في موضوع ما(الفيل الوردي). وهناك خطأ العزو الأساسي حيث نحكم دائما على أنفسنا من خلال نوايانا وعلى الآخرين من خلال أفعالهم وأخطاء الآخرين عيوب ذاتية أما أخطاؤنا فظروف خارجية. ذكر المؤلف سردا بالعديد من المغالطات المشابهة.
صنع القرارات: ويجمع هذا الباب قول المؤلف أننا نجيد معرفة ما نريده أكثر من معرفة لماذا نريده. وأنا الذات التلقائية تنزلق أحيانا إلى عدم إتخاذ أي قرار عن طريق مراجعة القرارات. والأهم من ذلك هو أن كثرة القرارات أو ممارسة قوة الإرادة تسبب تآكلا جسديا وعاطفيا (سيأتي تفصيل ذلك)
الشك الخاطئ بالنفس: وهنا يشير المؤلف إلى الثغر الأخير وهو أن “الذات الواعية” قد تهمل رسالة صحيحة من الذات التلقائية فنكذب حدسنا. المشكلة أننا حين نضرب جبهتنا ندما على إسكات حدسنا إذا كان صوابا فإننا نصاب بضعف الثقة والشك في النفس.
المبدأ الثالث: مرونة الدماغ
هذا المبدأ يذكره المؤلف في المقدمات كخيط أمل. ينص المبدأ على أن من أعظم الاكتشافات العلمية الحديثة في دراسات الدماغ وارتباطها بالسلوك أن الدماغ لا يتوقف عن النمو بعد فترة الرشد أو النضج كما كان يعتقد الكثير من العلماء سابقا وإنما للدماغ خاصية البلاستيكية. كلما تعلمنا أشياء ومهارات وعادات جديدة بنى الدماغ لها مساحات رمادية جديدة داخله. هذا الاكتشاف يفيد في أمرين: الأول أنك تستطيع أن تضيف عادات جديدة دائما والآخر أن جهدك في اضافة عادات جديدة لن يضيع سدى حتى حين تترك هذه العادات لمدة ما فإنك حين تعود لن تبدأ من الصفر وهذا وحده مشجع على المحاولة.
تمرين: جدول ABC لمراقبة الأفكار التلقائية
النموذج الأول: استتار الخوف
الخوف من النجاح هو عنوان يتضمن المخاوف اللاحقة للنجاح كالخوف من المسؤولية والفشل وغيره. لهذا الخوف جذور دون شك وهناك مستوى طبيعي منه نما عبر العصور لأسباب طبيعية. لكن الأسباب التي تهمنا هنا هي الخوف الذي نشأ من تجارب وخبرات في حياتنا وغالبا في طفولتنا من إساءات أو احتياجات غير مسددة.
يبدو لي أن المؤلف يريد أن يقول التالي:
“نحن نختبر شعورا سلبيا كبيرا يوما ما غالبا في طفولتنا (ليكن الخوف). نصبح أسرى هذا الشعور بقية حياتنا. صورة الأسر أننا نحاول دائما شفاء هذا الجرح. تفشل دائما محاولات الذات التلقائية في إصلاح ذاتها لأنها لا ترى مكمن المشكلة الحقيقي. وتفشل محاولات الذات الواعية لأنها محجوبة بشبكة من الدفاعات”.
من الآليات التي يتمثل الخوف بها: السعي للكمال، التسويف، الفوضى، ضعف اتخاذ القرار أو ترتيب الأولويات، رفض طلب المساعدة، تفويد المواعيد النهائية، الخجل والقلق الاجتماعي، عم القدرة لى الالتزام، عدم القدرة على رد الجميل، إهمال صورتنا لدى الناس.
الدفاعات:
فكرة الدفاعات هي حيل تتخذها الذات التلقائية لتخفيف الضغط النفسي والتوتر. وهذه الحيل مفيدة جدا فبدونها لن يستطيع المرء أن يثق بأنه سيبقى بسلام بعد قليل. لكن المشكلة في أنها حيل أي أنها تشويه للحقيقة أحيانا لصالحنا وأحيانا أخرى ضدنا. وعلى كل حال، فعندما نستخدم الدفاعات لتعمينا عن الواقع عادة ما تحدث ثلاثة أشياء: أولا: سيتسرب الشعور الذي نخشاه بطريقة ما رغما عن دفاعاتنا كمن يصرخ في وجه أطفاله بدلا من مديره. ثانيا، في لحظة ستنتهي صلاحية دفاعاتنا ونضطر لمواجهة الواقع كالمشروع المؤجل مثلا. ستدمر الدفاعات شخصيتنا الحقيقية فالإنكار مثلا سيجعلنا غير جديرين بالثقة.
في الجدول التالي مجموعة من الدفاعات الشائعة.
النموذج الثاني: تمرد بلا أسباب
مدخل: إذا كان الفصل السابق مخصصا للتأمل في الخوف كأحد المشاعر الدفينة التي تصنع لها واقعا في حياتنا عبر الذات التلقائية، فإن هذا الفصل مخصص لفهم الغضب كشعور قادر على فعل الكثير كذلك. هو ابتداءا شعور مهم ومفيد دون شك، إلا أننا حين نزدريه نميل إلى كبته وهنا بالتحديد تبدأ المشكلة. لهذا الغضب اتجاهين، الأول نحو الآخرين والثاني نحونا
فهم النموذج: ضعف السيطرة على مشاعر الغضب تعتبر سمة هذا النموذج. ليست مشكلة الغضب فقط في الاندفاعات والثورات الغضبية وإنما أننا ننفر الآخرين منا بدون قصد وأحيانا كثيرة يستغل أعداؤنا هذا لتشويه صورتنا. المشكلة الأخرى أن غضبنا يثور على أنفسنا بصور متعددة كالمثالية وعدم الرضا عن النفس أبدا. يبدو الأمر كمن له رئيس علم لا يرضى أبدا عن أدائه. لا يمكن أن تتوقع تحسنا في أداء مثل هذا الشخص. فهذا التمرد والغضب هو غضب نحو الشخص الخطأ في الموقف الخطأ ولا يتم التعبير عنه بشكل صحي.موجات الغضب إعلان عن شعور مكبوت بالقمع أو بالإحباط. برغم سوء الغضب المعلن، إلا أن الغضب المكبوت لا يتبخر وإنما يشحن في اللاوعي حيث يبحث عن مخرج كالبرود الزائد والتقصير الشبه متعمد، وغالبا لا نعرف هذه المخارج لغموض اللاوعي. المشكلة أن هذه المخارج لا تنفس عن الغضب الأصلي وإنما تصبح منصات لتصدير منتجاته.
للغضب جذوره دون شك وبنظرة سريعة نحو الطفولة نجد أن أكثر الناس “ضحايا غضب” إذ تعرضنا جميعا لصور ومحفزات للغضب منذ الطفولة. ميكانيزمات الغضب المزروعة فينا مهمة بالتأكيد لبقائنا ونمونا ولكن الإشكال في توجيه هذه الطاقة أو تحجيمها قبل أن تصبح إدمانا.
تفسر سلوكيات التدمير الذاتي على أنها شعور بالغضب انقلب على الذات؛ حيث نشعر لوهلة أننا أكثر قوة، وأقل سلبية لكن سرعان ما تأتي العواقب.
سيناريوهات التمرد في غير محله (تجاه الآخرين)
التوجه السيئ: وهو النموذج الأصلي للتمرد في غير محله. والمقصود به سوء الطوية أي أن ترد الغضب من وراء حجاب. لذلك تعتبر سلوكيات قيادة السيارة أوضح التجليات لهذا الغضب حيث تظهر الدراسات أن معظمنا يستغرق مدة أطول في مغادرة مواقف السيارات إذا وجدنا شخصا آخر ينتظر للحصول على موقفنا، ونستغرق وقتا أطول حال أطلق الآخر بوق سيارته أو أضاء مصابيحه.
لا يمكنك أن تبكيني: الكثير من الأطفال يصدمون باستبداد أو تعسف أو تلاعب الوالدين فينتهي بهم الأمر باحثين عن الحب والاحترام بطرق مدمرة للذات بكبت احتياجاتهم فيكونوا "ملائكة" أو بالتمرد الكامل ليكونوا "شياطين". يستخدم البعض هذا القناع بشكل أكثر فعالية حيث يصبحون مستبدين لأنهم خائفون من إظهار ضعفهم.
محاولة إثبات شيء ما: كثيرا ما تكون القصة أن طفلا ضعيفا قام بطريقة ما بإعادة تأهيل نفسه ومن ثم يقضي بقية حياته محاولا إثبات قوته. ذلك لأن ثقتهم بأنفسهم تكون رقيقة جدا حيث يشعرون بأن عليهم إثبات أنفسهم طوال الوقت.
السلوك السلبي العدواني: استراتيجية كثيرا ما تستخدم عندما يكون هناك خلل في القوة. كونك لا تستطيع أن تواجه من ترى أنه أخطأ في حقك فتحاول أن تجعله يشعر بأي سلوك سلبي بطرق ملتوية كتضييع الوقت أو تكسير الأشياء أو التدقيق أو مراجعة أتفه التفاصيل بينما يغلي المدير غضبا. من ذلك سلوك التحريض على الشعور بالذنب كإعطاء شخص آخر قطعة كعك بطريقة تجعله يشعر بالذنب.
الشكاء رافض المساعدة: أشخاص من أصحاب العلات يستمدون نوعا غريبا من السعادة عندما يحيرون من يرغب بمساعدتهم. في البداية يحصلون على تعاطفك، ثم يشعرونك أنك البطل الذي يحل لغزهم لكنك تكتشف أن مساعدتك غير مجدية وتشعر بعدم الكفاءة والقيمة حيث تتصاعد الشكاوى ويصبح الأمر شخصيا أكثر.
مشكلة الشخص اللطيف: بالطبع هناك أشخاص لطفاء حقيقيون، لكن الكثير ممن نراهم "طيبين" هم في الحقيقة أصبحوا كذلك لأنهم لا يستطيعون التعبير عن غضبهم بشكل مناسب. وغضب هؤلاء يظهر بطريقة صادمة وخفية كالاختلاس والخيانة. هذا الشخص "الطيب" (غير صريح فهو يقول لك ما تحب أن تسمعه، يضمر عداءا مستترا، ممتلئ بالغضب، ضعيف التواصل).
سيناريوهات التمرد في غير محله (تجاه النفس)
تنطلق هذه السيناريوهات من اعتقادك في معاييرك المثالية لدرجة المستحيل. يقيم الناس أنفسهم باستمرار فيغضبون أو يحبطون وتقمع هذه المشاعر في اللاوعي. تشكل هذه المشاعر ما يسمى بالناقد الداخلي "الأنا العليا التأديبية" التي لا تجعلنا نشع بالرضا مطلقا. وكثيرا ما يكون هو صوت الوالدين الذين سلكوا في تربيتنا نظاما صارما ولم يشبعوا احتياجنا من المدح على التصرفات الجيدة.
هناك أيضا في داخلنا صوت آخر هو "المدافع الجبان" الذي يحاول الرد على الانتقادات. ومشكلته الكبيرة أنه يستخدم الشفة على النفس كوسيلة لتهدئة الأمور ويستخدم الدفاعات التقليدية كالإنكار والتبرير والهروب للإدمانات. فهو بارع في التهرب من الناقد الداخلي والتشاغل عنه بأسهل الطرق.
تعلم الغضب
لقد تمت برمجتنا أن الغضب شعور سيء فحسب مع أنه طبيعي ولا يمكن إلغاؤه فأصبحت النتيجة أن نشعر بالسوء كل مرة نغضب فيها. وأول الحلول أن نعرف ذلك ونتعلم كيف نغضب بشكل صحيح، والنتيجة أننا سنشعر أن الغضب في صالحنا وليس ضدنا.
الاستعداد للغضب
التدارك. ابحث عن السبب الذي يجعلك تفتعل المشكلات. قد يكون الملل أو عدم الشعور بالتقدير. عالج هذه الأمور التي توصلك للمواقف التي تفعل فيها غضبك.
الحزم. تعلم كيف تعبر عن ذاتك بالوضوح الذي لا يضطر شخصيتك الغاضبة أن تعمل. ومن الحزم مع نفسك أن تلتزم بالإنصات للآخرين لكي لا تسيء فهمهم.
توضيح القيم. قد تكون غاضبا لأن حياتك لا تسير كما تحب. ألق نظرة متفحصة على حياتك وراجع قيمك فقد نكون متضايقين لعدم وضوح قيمنا أو لعدم الاتساق معها.
عند الغضب (يسمى تمرين الحزم)
هدئ من روعك؛ فلا يمكنك حل مشكلة ومشاعرك خارج السيطرة.
قم بتحديد حقوقك بموضوعية؛ ومن بينها الحق في تغيير رأيك.
قم بتحديد المشكلة من حيث تأثيرها عليك.
ركز في محادثتك حول ما تشعر به بسبب الشخص الآخر.
تدرب على التواصل الحازم غير اللفظي لتقليل تحكم اللاوعي.
أخبر الشخص الآخر ما تريد بالتحديد ببساطة ومباشرة.
علي كأيضا شرح العواقب إذا تعاون الآخر معك وإذا لم يفعل.
كن جاهزا للتفاوض ولفهم وجهة نظر الآخر.
استمع جيدا إلى رده فقد تكون مخطئا.
إذا حصلت على رد فعل غير ما تريد فرسالتك لم تصل. كررها دون تشتت.
إن لم تصل إلى أي نتيجة فاترك الكرة في ملعب الآخر وأعطه فرصة.
إذا حققت مرادك فكن كريما واشكر الشخص الآخر ببساطة.
النموذج الثالث: لأنك مميز
يعمل هذا السيناريو على شعور جديد طورته الذات التلقائية وهو الشعور بالتميز والنرجسية والغرور والأنانية. قد يرسخ هذا النموذج لدى كثير من الناس فيقولوا لأنفسهم “أنا أستحق أن أعامل بشكل أفضل من الآخرين” وهو يعتبر أحد النماذج المؤدية إلى سلوكيات تدمير الذات. يمكن النظر إلى اضطراب الشخصية النرجسية كالشكل المتطرف لهذا النموذج.
لماذا نقع في هذا الفخ؟
بناء واقع مريح
كلنا نحتاج إلى الشعور بالتميز بصورة ما، ولا خطر من الزهو الصحي ولكن بسبب ميلنا لبناء واقع مريح، فإننا نعطي تركيزا أكبر دون وعي للمدخلات المنسجمة مع رغبتنا في التميز ونهمل المدخلات المخالفة لهذا التصور. وهذا تشويه مهدد لواقعنا ويمكن أن يؤدي إلى نمط التدمير الذاتي.
إخفاء الضعف
يعتبر الشعور بالتميز أحد إحتياجات الطفل، لكن إن لم يشبع هذا الاحتياج في الطفولة فإنه يكبر معنا مع ثقة هشة فنتوجه إلا تغطيته بقناع مناسب، وهنا يتكون نموذج الاستحقاق هذا. فهو رد فعل دفاعي ضد الوهن والشعور بالفراغ أو عدم الحب.
مبررات أخرى:
بذل الجهد خيار العاديين (غير الموهوبين)
أحد الأعراض الجانبية المحتملة للموهوبين أن يشعر أن بذل الجهد أو الطريق الطويل ليس للأذكياء وإنما للناس العاديين وهذا الشعور مكون لنموذج الاستحقاق.
احتياجات غير ملباة
بعض الناس يشعر بنقص ما أو حاجة غير ملباة فتراه يخترق القوانين وقد يسرق لا لحاجة مادية وإنما لإشباع حاجته الغير ملباة وهذا كالعديد من المشاهير المدمنين على السرقة مثلا رغم وضوح عدم احتياجهم.
متلازمة الضحية
بالرغم من أن الضحايا كثر إلا أن التمسك بفكرة الضحية واستغلالها نفسيا يعتبر أحد الطرق المختصرة للشعور بالإستحقاق. أن تقول لنفسك “الآن عرفت لم كنت طوال حياتي أتصرف بهذا الشكل أو ذاك أنا لا أستحق ما حصل لي أنا أستحق أكثر من الآخرين” وهذه العبارة قد تكون صحيحة إلى الجملة الأخيرة “أنا أستحق أكثر من الآخرين”.
العواقب المدمرة للذات الناتجة عن الشعور بالتميز
الإفراط في الإستمتاع بالملذات
المغالاة في الإنفاق
مشاكل السلطة
العلاقات
إساءة التصرف
الأعراض الجسمانية
الشعور بالذنب
حلول مشكلة الشعور بالإستحقاق
(العمل على تعلم أن تكون طبيعيا)
تعلم أن تتواضع
تعلم التعاطف
دون لحظات الشعور بالذنب
توقف عن إصدار الأحكام والمقارنة بالآخرين
تعلم من نوبات غضبك
انتبه كم مرة في اليوم تستخدم ضمير المتكلم
قم بأكثر مما هو مطلوب منك
لا تخلط بين الإعجاب والحب
اجتهد لكسب الحب
النموذج الرابع: التلويح بالراية الحمراء
تبدو خطة الذات التلقائية في هذا النموذج كالتالي: أنا ضحية أحتاج إلى اهتمام الآخرين، اختلاق المشاكل هو الوسيلة لجلب هذا الاهتمام، وحل المشكلات هو دور الآخرين. هم أشخاص يدمرون أنفسهم بطرق شديدة التطرف لا لهدف إلا لجذب الانتباه: كمحاولات الانتحار أو قيادة السيارات بتهور وكل هذا ليدفعوا الآخرين لمحاولة إيقافهم. ينشأ الأمر فيما يبدو بأحد طريقين: الأول أن ينشأ الأطفال دون تعلم الالتزام والثاني أن يتم إهمالهم فيترسب الغضب في دواخلهم فيقررون لفت أنظار من حولهم بإحداث المشاكل فيهب الآخرون لنهرهم ومعاقبتهم أو انقاذهم بأي طريقة، ما يشعرهم بوجود اهتمام.
تطوير قوة الإرادة
يصف المؤلف العلاج لمدمني سلوكيات تدمير الذات عموما وللملوحين بالراية الحمراء خصوصا بأن يعملوا على تقوية إرادتهم. ويكون هذا الأمر بفهم أمرين أولهما معرفة أن الإرادة عضلة يمكن تربيتها وتطويرها.
ثانيا فهم أن هذه العضلة تضعف بالإستعمال المفرط. ذكر المؤلف مجموعة من الدراسات التي تساعد على فهم عضلة الإرادة هذه وركز على ملاحظات الطبيب النفسي “روي اف. باوميستر. في الفيديو التالي تلخيص لملاحظات باوميستر حول الإرادة بما يعتبر تلخيصا جيدا لهذا الفصل.
نصائح لبناء قوة الإرادة
تجنب المحفزات. ابتعد عن مثيرات السلوكيات السلبية وأماكنها وأوقاتها ومحفزاتها.
تجنب من يدعمون عاداتك السيئة ويسهلون عليك ارتكاب سلوكيات تدمير الذات.
عادة يكون التغيير أبطأ مما تتوقع، تهيأ لرحلة طويلة وإن قمت بأي مجهود في سبيل إصلاح الذات فامنح نفسك ثلاثة أشهر على الأقل.
ليس الأمر بالخطر الذي تتوقعه. فلم يمت أحدهم من الجوع في الحمية والأمر نفسه ينطبق على أي عادة فقد تمر بيومين قاسيين لكنها سيمران وستشعر قريبا بمشاعر الفخر واحترام الذات لالتزامك.
تهيأ قبل خوض التجربة لأن الفشل بسبب عدم الاستعداد سيضعف ارادتك ويصعب المحاولة التالية. كن جاهزا لمواجهة مشكلاتك.
تذكر أنه كما أن سلوكيات تدمير الذات تحفر مجراها في دماغك مع كل ممارسة، فكذلك السلوكيات الإيجابية بل مجرد تخيلها يساهم في حفرها. استمر في التدريب.
اطلب المساعدة. سواءا العلاج والارشاد أو حتى الصحبة والأصدقاء.
خذ خطوات كخطوات الطفل. عليك تعلم المشي قبل الجري. قس نجاحك بالسنتيميتر ولا تستحقر خطواتك البسيطة.
كافئ نفسك فأنت تقوم بشيء سيغير حياتك. اجعل المكافأة يومية ومسعدة.
لا تستسلم للهواجس، شتت نفسك. وتهيء لهذا التحدي بأن تجهز قائمة بالذكريات السعيدة أو ماشابه. العقل لن يتوقف عن التفكير فعليك إدارة الأمر.
لا تسمح للزلة أن توقف خطتك. خطط ألا تسقط وخطط كذلك لما ستفعله حال سقطت. وتذكر إذا سقطت في اليوم العشرين فإن عقلك كان يتغير للأفضل تسعة عشر يوما.
انتبه لمشاعرك في اللحظات الايجابية ولحظات القوة. استمتع بالنتائج بوعي كامل وبتركيز.
النموذج الخامس: نحن العدو
هذا النموذج سرطان الروح كما يسميه المؤلف إذ يخلق منا شخصا داخلنا ولكنه يكرهنا ويعمل ضدنا. يسمى النموذج “كراهية الذات” ويمكن أن يكون فاعلا داخل أي منا. من العبارات الرئيسية التي تتردد داخل باحات اللاوعي عند أصحاب هذا النموذج “إذا عرف الناس حقيقتي فسيكرهوني ويرفضوني” الشعور بالذنب وتأنيب الضمير إذا لم يتدرب تحت اشراف الوعي بشكل جيد فإنه ينتج الكثير من الخزي في اللاوعي وهناك تكبر هذه الفكرة ونصبح كارهين لأنفسنا ومحتقرين لها. وأحيانا يطفح هذا الشعور ويظهر على الوعي فتخطر على ذهنك أفكار مثل “أنا فاشل لا يمكنني القيام بشيء صحيح. هنا اختبار سريع لمعرفة ما إذا كنت من أصحاب هذا النموذج.
اختبار كراهية الذات
هل تستيقظ في الصباح بأفكار مثل: “كان علي… لماذا لم؟… أنا شخص ميئوس منه… لن أحصل أبدا على…؟
هل تعرض لذهنك هذه الأفكار وأنت تقود أو تمشي أو قبل النوم أو أي وقت تستسلم فيه لغفلة الذهن؟
هل تتجنب النظر في المرآة لأنك لا تحب ما ترى؟
هل تنعت نفسك في حديثك لذاتك بصفات سلبية (وغد،أحمق، أبله) عندما ترتكب خطأ؟
هل تشعر بأنك لا تستحق شريكك؟
هل تفكر في عثراتك أو أخطائك الصغيرة في العمل؟ وهل تلازمك تلك الأفكار بشكل دائم؟
هل توقع بنفسك في المشكلات كأن تقترب من النجاح في أمر ما ثم تفسد الأمر في اللحظة الأخيرة؟
هل تكره أن تفكر في طفولتك؟
هل تهمل صحتك؟
هل تقارن نفسك باستمرار بالآخرين (لماذا لا يمكنني أن أصبح مثل فلان؟)؟
هل تضع نفسك في مواقف خطرة؟
ألا تخبر أبدا شريكك أو أحد المقربين منك بهذه الأمور؟
منابع كره الذات
في الطفولة
كثيرا ما تنشأ كراهية الذات في الطفولة عند من لم يحصلوا على الحب والقبول الكافي أو تم الإعتداء عليهم. فتجد هؤلاء الأطفال يلوموا أنفسهم على هذه التجارب ويشعرون أنهم يستحقوا هذا. ولا يحتاج الأمر لأن يصل إلى الاعتداء حتى يكون مضرا بل قد ينمو النموذج بمجرد الشعور بانشغال الأبوين وعدم اشباع الحاجات النفسية الأساسية. ويتفاقم الأمر حين تظهر في عقل الطفل بشكل طبيعي الغبة في الدفاع عن نفسه على صورة محاولات انتقام. ولأنه لا يتصور أن يفعل هذا بنفسه لحبه لوالديه واحتياجه لهما فإنه يحولها بتخيل وقوع حوادث لهم أو ما شابه. وفي النهاية تقمع هذه الأفكار إلى اللاوعي لكن دون أن تزول أسبابها طبعا فينشأ الكثير من الخزي.
التجارب الكارثية
ينمو النموذج أيضا بسبب التجارب الشديدة التي يتعرض لها الإنسان البالغ مثل الاعتداء الجنسي أو العنف الأسري أو الشجار أو انتحار أحد المقربين.
سلوكيات تدمير الذات
أحيانا يكون السبب في ظهور كره الذات هو الانخراط -لسبب أو لآخر - في سلوكيات سيئة. فمثلا ينخرط إنسان في تعاطي المخدرات مما يجعله يلوم ذاته باستمرار. إلا أنا الأصل أن جذور كره الذات تمتد إلى ماضينا في الغالب حيث الطفولة المهدرة أو التجارب الكارثية.
الذنب والخزي
إذا كان كره الذات شجرة فإن الذنب والخزي هما البذرة التي تنبت منهما وتغذيها باستمرار. نشعر بالذنب لفعلنا أشياء محددة أو عدم فعلنا لأمر ما بينما الخزي هو شعور بالعار من أنفسنا. ابتداءا، لا مفر من الشعور بالذنب والخزي وقد يكون لشيء من الشعور بالذنب دورا وفائدة. إلا أنه قد يخرج بسهولة عن السيطرة وينقلب علينا. ومشكلة الخزي أكبر، إذ لا نصبح مشمئزين من التصرف الذي قمنا به وإنما من أنفسنا. يعتبر الإعتداء الجنسي من أكثر مسببات الخزي شيوعا. وبسبب تصريف الإنسان هذه المشاعر من الوعي إلى اللاوعي، فإن الغالبية لا تربط بين حادثة الإعتداء أو التجربة العنيفة وبين ما تلاها من مشكلات نفسية. من منابع الخزي كذلك عدم الرضا عن الجسد سواءا بسبب الاعتداء الجنسي أو بسبب السمنة أو الضعف وخاصة في الطفولة. أخيرا، الحزن والفقد سبب آخر قد ينتج هذه المشاعر بما يسبب كره الذات وخاصة إذا كان الفقد لأحد الأبوين أو المقربين في الطفولة أو الطلاق بين الأبوين فنسيء فهم الأمر ونتحمل لوم أنفسنا على تقصيرنا أو ماشابه.
أعراض كره الذات
البحث عن الكمال وعدم الشعور أبدا بالإنجاز
الإفراط في العمل والفوضى وعدم طلب المساعدة معاقبة للنفس
تدمير الذات بالتعامي عن المواعيد النهائية وإفشال النفس
الخزي والتوتر الإجتماعي فينتج توقع الرفض والنقد
إطفاء جاذبيتك بإهمال المظهر (فضلا لا تنظر إلي)
الأسرار الآثمة وكل التصرفات اللاأخلاقية الخفية كالإباحية
العنف تجاه الجسد بالتشويه أو الإفراط أو التفريط في الطعام
سلوك المخاطرة وإلقاء النفس في التهلكة
العنف ضد الآخرين وخاصة المقربين كشريك الحياة
اختيار الشركاء المسيئين لنا كأنه الشخص المتفق مع كرهنا لأنفسنا
الإفراط في الأكل وإهمال التمرين والصحة
التفكير السلبي
وهو شكل آخر لكراهية النفس حيث يعتاد الكثير منا على ترداد عبارات سلبية لنفسه “أنا لا أستحق… لن أقدر أبدا… لا فائدة من…)
ابدأ بتعلم إدراك متى تنشط كراهية الذات في عقلك، وعليك أيضا أن تتعلم كيف تستعيد الإحساس بمشاعرك ثانية؛ لأنك على الأرجح كنت تحاول ألا تشعر بكراهيتك لذاتك عن طريق عدم الشعور بأي شيء
فصل الطريق إلى التعافي
أفكار عملية:
تدرب على ملاحظة متى تراودك أفكار لوم الذات.
قم بتحديد المثير فالمشاعر لا تنبع من لا شيء أبدا.
قم بالبحث عن الرابط بين الحدث والمثير.
ناقش نفسك واسألها “هل فعلا تستحق هذا الشعور وهذه الأوصاف؟”.
انظر إلى أفكارك وافتراضاتك في حال نشاطها وحدد متى اثارتها لأفكار تلقائية ضد الذات.
لو كان ثمة مثير الآن، فافعل شيئا لإصلاح الأمر.
لو كان كره الذات لأم في الماضي لا يمكن إصلاحه الآن فجد حلا رمزيا للإصلاح كالتبرع والتطوع مثلا.
لو كنت في علاقة مدمرة، فابحث إن كانت تعبيرا عن كره الذات. ثم اكسر الخزي بالبوح.
تدرب على الاهتمام بنفسك حتى تصبح عادة طبيعية بنظرة يسميها المؤلف “الفضول العطوف” كنظرة المعالج الماهر المتعاطف معك.
النموذج السادس: الصدمة
ذكريات الأحداث الصادمة لا يتم تعامل الدماغ معها مثل أي تجارب وإنما يحافظ عليها في الذاكرة القريبة باستمرار. وتحافظ على تأثيراتها الإنفعالية الفظيعة وتثير كذلك دفاعات قوية كالإنفصال وتزعزع أوهامنا عن الأمان والسيطرة. يمكن اختصار جهد المؤلف في هذا الفصل بتقسيمه إلى قسمين، في أول ذكر ثلاثة اضطرابات نفسية تتعلق بالصدمة وهي اضطراب ما بعد الصدمة ومتلازمة الصدمة والشخصية الحدية. وفي الثاني ذكر سبيل التعافي على مستوى الآثار المباشرة والتعافي على مستوى جذور الصدمات.
أبرز آثار الصدمات الشديدة:
اضطراب ما بعد الصدمة PTSD
بدأ اكتشاف هذا الإضطراب لأول مرة بين المحاربين العائدين من فيتنام للولايات المتحدة. حيث لوحظت عليهم سمات متشابهة من الاضطرابات كالذعر الليلي المتكرر وصعوبة التركيز والعزلة العاطفية وضعف السيطرة على النفس. وبمجرد أن صاغ العلماء تعريفا لاضطراب ما بعد الصدمة، بدا واضحا أن دائرة هذا الاضطراب تشمل الكثيرين من غير المحاربين ويدخل في ذلك ضحايا الاغتصاب والاعتداءات والوفاة المفاجأة للمقربين وغيرها. قد تعتبر السمة المميزة لهذا الاضطراب هي أننا نمر بذكريات وأعراض حادة للصدمة بشكل واضح جدا كأننا عدنا للحظة الصدمة ذاتها. يظهر أثر هذا على دماغ وغدد المريض حيث تعمل اللوزة الدماغية والمسؤولة عن الخوف في عقولنا وتسيطر علينا في أوقات متكررة فتستحث الغدد الكظرية لإفراز المزيد من الأدرينالين بكمية تصيب جسدنا بالاضطراب. كل هذا يجعل من يعانون من هذا الاضطراب دائمي التوتر والتحفز ويستخدمون آلية الدفاع بالإنفصال كالهروب أو فقدان التواصل مع الزمن والبعد عن الحاضر. ويؤثر هذا على ثقتهم بأنفسهم كونهم يشعرون أنهم فاقدين للسيطرة وقد يكونون مصدرا للخطر.
تلف الذاكرة
من المحتمل أن الشخص لا يعلم أنه يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة فيصبح أقل ثقة في ذاكرته جراء التكرار الرهيب لموقف الصدمة الأولى. في الحالة الطبيعية، ينقل الدماغ ذكرياتنا من الذاكرة قصيرة المدى إلى النظام بعيد المدى مع اختصار وإلغاء لبعض العناصر الموقفية كالخوف الذي صاحبنا في ذلك الموقف. عند المصاب اضطراب ما بعد الصدمة، يحتفظ الدماغ بالذكرى بأغلب تفاصيلها في النظام قصير المدى بما في ذلك أوامر افراز الأدرينالين والمشاعر المضاحبة للموقف الأول إلا أنها تكون ذكرى مشوشة وغير مرتبة مما يصعب على المصاب أن يسردها بشكل دقيق.
متلازمة الصدمة المزمنة
إذا كان الاضطراب السابق يتعلق بمن أصابته الصدمة وفاجأته في حياته، فإن هذه المتلازمة تصيبه الإساءات الصادمة بشكل مستمر. يعتقد أن هذه المتلازمة أشد خطورة من اضطراب ما بعد الصدمة وهي عالية الإنتشار. ولا يلزم أنها تصيب فقط أفراد أسر المجرمين أو المختلين بل تصيب كافة الشرائح بما فيها الأسر السوية التي يكثر فيها حرص الآباء على كمال أبنائهم بشكل كبير. وكذلك فإنها لا تأتي فقط من الإعتداءات الجسدية بل تطال النفسية منها وإهمال الإحتياجات. السبب الآخر هو العنف الأسري والذي يتمثل بصور متعددة كالإرهاب الزوجي حيث يتزوج الرجل امرأة مصابة بالإكتئاب في محاولة لإنقاذها ثم ما يلبث أن يحول حياتها جحيما ونقدا وإهانة.
اضطراب الشخصية الحدية
يميل المؤلف بحسب خبرته والاتجاه المتزايد بأن الشخصية الحدية أيضا تعتبر نتيجة لتجربة صادمة. السمة الظاهرة على ذوي الشخصية الحدية هي السلوك المدمر للذات وللعلاقات التي تصفه منذ البداية بأنه “حاد الطباع جدا” فيميل لتدمير علاقاته بشكل مباشر وغير مرن. بسبب ما يشعر به بعد النظر إلى ضعف علاقاته، يرسل لنفسه رسالة مفادها أنني لست جيد ولا مرغوب فيه مما يوقعه في سلوكيات قهرية تخفف عنه الضوضاء الداخلية.
التعافي من الصدمات
مسار العلاج
تمرين المكاشفة: المواجهة الخاصعة للسيطرة والتدريجية للظروف المرتبطة بالحادثة الصادمة.
منهج تحرير القصص: يكون بتسجيل الأفكار والمشاعر حول الحادثة الصادمة والقيام بتعديلها تحريرها لأربعة ليال متتالية.
العلاج السلوكي الجدلي: ومن الصعب القيام به بصورة فردية وإنما يكون مع مرشد أو معالج نفسي، إلا أن جزءا مهما منه وهو التأمل الاستغراقي اليومي يمكن ممارسته فرديا. وبالاستمرار فيه قد يساعد في تنظيم الأفكار والمشاعر والخروج من سيطرتها والغرق فيها.
ترسيخ علاقة آمنة مع آخر: ويشترط أن تكون آمنه متقبلة ومتفاعلة حيث أن القبول الناتج منها والتواصل الحميم كفيلان بتخفيف الكثير من أثر الصدمة.
علاج فقدان السيطرة
فقدان السيطرة أحد الآثار الجانبية للصدمة حيث تتداخل رغبتهم في الإشباع الذاتي وقدرتهم على رؤية المستقبل.
ضع نفسك في حالة من اليقظة واعمل على تأمل سورة المستقبل.
تخلص من الضوضاء
سيطر على توترك.
لا تنجر وراء الإغراءات بالتشتيت عنها والتركيز على إغراءات صحية
تخيل النتائج عندما تصبح قويا
تمهل، اترك خمس دقائق قبل أن تنجر للإغراءات
علاج الجذور
بعض الوصايا للتعايش مع الماضي المشوب بالصدمات
ضع نفسك في حالة اليقظة.
فكر في السلوك المدمر للذات مع الصدمات التي واجهتها
تأمل كيف أثرت الصدمة فيك عاطفيا
ماهي الآثار الواضحة للصدمة عليك؟
هل يمكنك تتبع الرابط بين سلوكك المدمر للذات وبين الصدمة؟
أما زلت تشعر بمشاعر حادة عند الذكرى؟ دون ذلك
تعلم اكتساب السيطرة، خذ نفسا عميقا وقم بالعد مع التفكير في الموقف
جرب منهج تحرير القصص
تأكد أن دماغك على ما يرام، وزر الطبيب إذا بدا أن آثار الصدمة عليه كبيرة
تأكد أن جسدك أيضا على ما يرام.
النموذج السابع: مشاهدة الموكب يمر
فهم النموذج
قد تكون الصفة التي تطغى على الذات التلقائية في هذا النموذج هي السلبية بمعنى الركون لفكرة أن الحياة لا تستحق المغامرة. يغلب على أصحاب هذا النموذج انعدام التنافسية وغياب الدافع والأمل.
أصحاب النموذج
هناك عدة طرق تؤدي إلى هذا النموذج منها الانحدار في طريق المخدرات والانحراف في حي فقير تترسخ في أثناء الطريق “ثقافة الفقر” والعنصرية. آخرون يمرون بظروف قاسية وتحديات صعبة في الحياة تؤدي بهم إلى هذا الحال. شريحة أخرى تصل لهذا بسبب التربية في بيئة مترفة لا تعطي الدافع الكافي لبذل الجهد وتفتقد المعنى وإن كان في وجود المادة حيث البطالة تؤدي إلى التعاسة. يوجد كذلك معابر أخرى كثيرة تؤدي إلى ذات الحفرة ويجمعها أن ضحاياها أشخاص رفضوا فكرة تحمل المسؤولية وعليهم تعلم رفع مستوى طوحهم والاستمتاع بحياتهم وسيكون ذلك عن طريق يبدأ من الوعي بالمشاعر المدفونة بمهارة ومرورا بتعلم كيفية صنع القرارات.
بذور النموذج: النبوءة الذاتية والعجز المكتسب والملل
مما يصنع السلبية داخلنا بشكل دائم وربما أوقعنا في فخ هذا النموذج، ظاهرة تسمى “النبوءة ذاتية التحقق” وهي تعني بدون ألفاظ معقدة “التوقعات” أو ماذا يتوقع منا. يريد المؤلف أن يقول أن الآخرين إذا توقعوا منا الإبداع والتميز وضعونا في فصل الموهوبين فنحرز درجات أعلى ليس إلا لأنهم توقعوا منا ذلك. والعكس يحدث بالطبع، فقد يتوقع الآخرون منا أننا محدودون في قدراتنا فيضعونا في فصل الطلاب محدودي القدرة وهذا ينعكس على درجاتنا في النهاية. إذن، علينا أن ننتبه إلى توقعات الآخرين وما إذا كنا نتفق معها أم لا.
البذرة الأخرى هي ماذا نتوقع نحن من أنفسنا. فبعد تجارب مختلفة أثبت العلماء أننا “نتعلم” دروسا معينه عن قدراتنا ونصبح أسرى لها. نمر بمجموعة تجارب ونفشل فيها من حماية أنفسنا فنرضى بالبقاء في الحفرة الحالة التي يسميها المؤلف “العجز المكتسب”.
ثالث المصادر للسلبية الموقعة في نموذج مشاهدة الموكب يمر هي الصورة المزيفة التي تصنعها السلوكيات الخاطئة. هناك العديد من الراسات التي تبين كيف أن مشاهدتنا للتلفاز تجعلنا أقل عزيمة لأننا نرى أغنياء أكثر بكثير ممن نراهم في حياتنا وناجحين أكثر ممن نعرف في واقعنا مما يصعب علينا الحكم والتقدير ويصيبنا باليأس. مثال آخر هو أننا قد نرى أنفسنا متوسطي الجاذبية بين من حولنا لكن مع التلفاز الذي يملأ أعيننا بصور أكثر جاذبية، نجد أن صورتنا الذاتية انهارت ولم نعد نشعر أننا متوسطي الجمال كما يقول واقعنا المعاش.
معالجة النموذج: وصايا وتمرين
الوصية الأولى: لمعالجة السلبية يجب أولا تذكر أن الأفعال مقاوم جيد للسلبية بصور متعددة:
الفعل يساعد على التفكير مما يساعد على التخلص من الحالة السلبية.
الفعل يشعرك بالرضا عن نفسك مما يدفعك للتكرار وكسر دائرة السلبية.
الفعل يزيد من حظك وفرصة حصولك على ما تريد.
يساعدك الفعل على حشد مشاعرك فيربط بينك وبين ما تملك داخلك.
يكشف الفعل مثابرتك ويريك حدودك الحقيقية.
فالقيام بأي فعل أفضل من عدم القيام بأي شيء
الوصية الثانية: حدد أهدافا واقعية وحققها. فالوصية الأولى أن تعمل أي شيء أما الثانية فأن تحدد أهدافا معينة وعند تحقيقها ستشعر بالرضا المطلوب.
الوصية الثالثة: تعلم اللعب. ويعتبر نشاط اللعب من أهم النشاطات الإنسانية التي يتعلم منها الأطفال وهو دواء قوي لمرض السلبية حيث تتعلم التنافس والمبادرة والفرحة والتعاون ويتعلم دماغك افراز الإندروفينات “هرمون السعادة” وأخيرا نتعلم من اللعب الجيد الإرادة.
تمرين:
اختبر علماء علم النفس الإيجابي قوة هذا التمرين وفاعليته للإحساس بالسعادة والحد من أغراض الإكتئاب.
1- عندما تذهب للسرير، صف ذهنك.
2- فكر في ثلاثة أشياء جيدة حدثت لك اليوم. صغيرة أو كبيرة مادية أو معنوية.
3- ركز على مشاعرك تجاه تلك الأمور وعلى التفاصيل الدقيقة.
4- تخيل أثر هذا على دماغك وروحك وقلبك وجسدك. وحين تصل إلى لحظة راسخة في السعادة والرضا، اخلد للنوم.
من شأن هذا التمرين أن يوقظ حاستك لاستشعار المواقف الجميلة في غدك وتعودك على الانتباه إلى ما سوف تفكر فيه ليلة غد.
النموذج الثامن: مغسول الدماغ ومستنزف
في حين أن السلبية بسبب الظروف الشخصية هي عامل الغالب على النموذج السابق، فإن اليأس الناتج عن ظروف هذا العصر العجيب هي العامل المنتج لهذا النموذج. نفسيا، التحديات التي تواجه الإنسان في هذا العصر لا مثيل لها ولا يبدو أن أدمغتنا وذاتنا التلقائية بالذات مبرمجة لتحمل كل هذا. خذ هذا التمثيل لتصور الأمر:
تخيل أرنبا يطارده كلب، فسيبدأ كل من جهازه العصبي وجهاز الغدد الصماء في إرسال إشارات كهربائية وكيميائية داخل الجسم، فترفع نبضات القلب وتعيد توجيع الطاقة للجهازين العضلي والحسي، وتحجب الجهازين الهضمي والتناسلي وترسل خلايا المناعة لمخازنها وتنشر المنشطات لتساعد الجسم على معالجة الجروح ويصبح جاهزا لأحد أمرين (الهجوم أو الهروب) وبمجرد أن يصبح الأرنب آمنا فإن الدماغ يعيد كل شيء إلى حالته ويفتح الغرف التي أغلقت حال الخطر.
والآن، تخيل أن هذا الأرنب في قفص ولكنه محاط بمجموعة من الكلاب الجائعة. سيعمل الدماغ حينها بشكل دائم على أنه في خطر مما يعني كل ما ذكر قبل قليل (وضعية الهجوم أو الهروب)، ومما يعني كذلك؛ لا وقت للأكل أو الشرب والنوم. في النهاية سيكون مصير الأرنب الموت ليس بأنياب الكلاب الجائعة وإنما بأنياب دماغه المتوتر.
هنا أصبحت الذات التلقائية قريبة من التوقف عن السعي نحو تحسين الأوضاع. وقد تكون الذات الواعية مدكرة لذلك أو غير مدركة؛ ففي حال الإدراك ترى شخصية ساخرة ومنفصلة ومعزولة عن العالم ومدمرة لذاتها. لا يجتهد ثم يلوم العالم. وفي حال غير الوعي تجد ذاتا منهكة محبطة لاتفهم لماذا كل هذا وتلوم نفسك.
ثلاثي الأزمة
هذا هو الوضع الذي نعيشه في القرن الواحد وعشرين
التغير الإجتماعي
أصاب حياتنا الاجتماعية تغيرات هائلة ومنها:
الكثير من الإثارة: حيث يتم قصفنا بالكثير جدا من المعلومات ونضطر لاتخاذ القرارات كل لحظة مما يستنزف قوة الإرادة. كما أننا نعيش في واقع صناعي يزيد من مدة العمل والاستيقاظ والحركة مما يستهلكنا دون شك.
الافتقار للشعور بالأمان: فلم يعد التنبؤ ممكنا سواءا في العلم أو في المسكن أو العائلة أو الوطن أو أي شيء.
أزمة المعنى: لم تمر على البشرية سيولة في المعنى ولا سهولة في الشك بهذا القدر، مما يحدث الإضطراب بصورة كبيرة للفرد.
ملاحقة السعادة
هناك سعي حثيث لإشباع “الرغبات” والتي تروجها الدعايات والمجتمع بصورة مستمرة. الحقيقة أننا غير مبرمجين لنكون سعداء؛ حيث لم يهتم أسلافنا بالسعادة وإنما يسعدون بالنجاة وصورها كالتكاثر والسلطة والقوة. تستغل الدعاية هذه الرغبات حتى آخر قطرة. فمهما كان المنتج فإنه يحاول إقناعنا بأننا سنصبح محبوبين أكثر وجذابين أكثر، أقوياء أكثر، وهكذا، تجد نفسك في النهاية تعظم قيمة هذه الأمور وتربطها قسرا بالسعادة. إن رسالة الدعاية هي أنك قادر على شراء السعادة وبعد تأليف كتاب كامل عن هذا الموضوع أستطيع الجزم أنه لأمر مستحيل. حيث تؤدي المادية لنوع مختلف من التعاسة بينما السعادة الحقيقية عملية وأسلوب حياة، يتكون من أربعة أشياء:
القدرة على الشعور بالفرحة عندما تحدث الأمور السارة.
القدرة على الشعور بالرضا عند إنجازك لشيء ما.
الغياب النسبي للشعور بالبؤس.
إحساس بالمعنى والهدف.
اكتشف العلماء دائرة المتعة التي أصبحنا أسرى لها والتي أوقعتنا فيها قدرتنا على التكيف. هذه القدرة لها فائدة عظيمة مع الأحداث المؤلمة لكنها ليست كذلك مع الأحداث السارة. بل ان من اكتشافات اللاقتصاديين أن ألم الفقد أشد من لذة المتعة.
دائرة التوتر المفرغة
ليست الشكلة فقط في ضغوطات القرن الواحد والعشرين وإنما يضاف إليها الثقافة الناتجة عنها أي ثقافة الناس المتشكلة في هذا القرن والتي لا تبدو مساعدة في أغلب أحوالها. سيكون إدراك هذا مهما في النصف الثاني من العلاج. فكما أن تحديد المشكلة نصف الحل، وتحديد المشكلة بحسب هذه المناقشة “ليست أنت” أي لست السبب في كل هذا وإنما العصر الذي أنت فيه صعب على الجميع. بعد معرفة هذا تأتي مسألة التعامل مع التوتر بكفاءة. يتضاعف التوتر عندما تعمل الذات التلقائية عكس الذات الواعية.
ثلاثية الخروج من الأزمة
تكوين علاقات صحية
يكمن المخرج الأول فمااتفق عليه الكثير من العلماء كمصدر يعتمد عليه لتطوير الشعور بالرضا وهو الاهتمام بتطوير العلاقات. فيما يلي سرد لكيف تفعل العلاقات ذلك. (لتفصيل أكبر يرجى العودة للكتاب)
تضفي العلاقات معنى وهدفا لحياتنا.
تجعلنا العلاقات أكثر ابتكارا.
تتحدى العلاقات افتراضاتنا.
تتحدى العلاقات دفاعاتنا.
تحفزنا علاقاتنا للتوقف عن سلوكيات تدمير الذات.
تمنحنا العلاقات شعورا بالنظام والانتماء.
تزودنا العلاقات بمصدر آمن من الدوبامين والناقلات العصبية الأخرى.
إعادة الإرتباط بالأمل
قبل أن تستمر في التأقلم مع الإحباط والتوتر الناتج عن الفرق بين ما أنت عليه وما تصبو إليه، عليك أن تراجع معاييرك باستمرار. قد يساعدك التأمل الاستغراقي ومراجعة القيم على التوقف عن انتظار فارس الأحلام أو أن تصبح مليونيرا قبل الأربعين.
واجه التوتر
تجهز لمواجهة التوتر بالتمرين وممارسة الاستغراق العقلي يوميا.
لا تستسلم لنزعتك تجاه تناول العقاقير والمهدئات.
تذكر قيمتك الأساسية وتصرف وفقا لها.
قم بتربية حيوان أليف، قد تعلمك الشعور بالحب غير المشروط كما تلزمك بروتين ايجابي.
لا تستسلم للدوافع العاطفية ولا تجعلها سببا لقرارات كبيرة.
لا تتخذ أي قرارات حال الجوع أو الغضب أو الوحدة أو الإرهاق.
انتبه لما يقوله ويقوم به جسدك وافهم لغته.
إن شعرت أنك عالق في فخ القلق فتحرك. مجرد المشي أو التمرين سيفيد.
إذا كنت عالق في وظيفة غير مناسبة لوضعك فابدأ بوضع خطة للهروب.
يحدث الإبداع في فترة الراحة التالية للمعركة. بعد التفكير في مشكلة ما، خذ خطوة للوراء ومنح نفسك الفرصة لترى الصور الكبيرة.
النموذج التاسع: أنت مدمن
النموذج
الإدمان بطبيعته مدمر للذات لأنه يسلب السيطرة. وللإدمان نوعان: إدمان مواد كالمخدرات أو الكحول، وإدمان سلوكي حيث يتشبث الإنسان بنمط سلوكي محدد كالإضطرابات الغذائية والقمار والجنس والعمل والإنجذاب للأشخاص المؤذين لنا. كلا النوعين له الآثار الإنسحابية، وكلا النوعين قد يكون خفيا لا يظهر للآخرين وأحيانا للمدمن نفسه. ومن أهم معالم درب التعافي: الإعتراف بالضعف وأن الإدمان خارج السيطرة ثم العمل على الحياة ككل والتعامل مع جميع العادات الأخرى كالكذب وكبت المشاعر.
لماذا الإدمان؟
السيناريو المتكرر في كل الإدمانات هو ذلك الشعور الجيد عند التعاطي أو الممارسة مما يشعر بالرضا عن النفس لبرهة ثم انطفاء ذلك بشكل سريع نزولا نحو الصورة الذاتية القاتمة. كثيرا ما نسمع من المدمنين عن ايجاد “الذات الجديدة” وهذا صحيح حرفيا إذ أن للإدمانات ارتباطا مباشرا بمراكز السعادة في الدماغ. وفي النهاية فالإدمان يغير الدماغ تغييرات غير محمودة. يصنع الإدمان دائرة مفرغة وهي مكونة من التوتر - الراحة - الذنب. كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث تغذي التي بعدها وتنادي التي قبلها بما في ذلك الشعور بالذنب. وكما يقول المؤلف “ يمكن لأي أحد أن يشعر بالذنب لكن عليك أن تكون ناضجا لتشعر بالندم وهو الشعور الذي يحتوي على المسؤولية والإلتزام. فصل المؤلف شيئا عن الدوبامين والدماغ تفصيلا يمكن اختصاره في الفيديو التالي.
برنامج 12 خطوة للتخلص من الإدمان
يعتبر برنامج مجموعة الإثني عشرة خطوة من أشهر البرامج في مقاومة جميع أنواع الإدمان، وإليك نسخة المؤلف من هذا البرنامج:
اعترف بضعفك
التزم بهذا الهدف المحدد جدا: لا تقم بالسلوك المدمر لذاتك اليوم
تعلم ركوب موجات الإغراء والانفصال عنها
قم بعمل جرد أخلاقي شجاع لنفسك واصلح نواحي شخصيتك بشمول
تصالح مع من أسأت إليهم
كرس جزءا من حياتك للخدمة والعمل التطوعي
استمر في ممارسة الاستغراق العقلي
“تظاهر بالأمر حتى تتقنه”
إن لم تجد مجموعة دعم فابحث عن معين
إن لم تجد معينا فابدأ بالتدوين
وازن بين النظرتين قصيرة المدى وبعيدة المدى
عليك بالممارسة ثم الممارسة ثم الممارسة
النموذج العاشر: الكآبة والخوف
الاكتئاب
يعتبر الإكتئاب دائرة مغلقة حيث المزاج المكتئب يؤدي للتفكير المكتئب ويؤدي للسلوك الذي يؤدي للمزيد من المزاج المكتئب. وهناك العديد من السلوكيات المدمرة للذات متعلقة بالإكتئاب مثل:
الإفراط في لطعام كجائزة ترضية.
العزلة الاجتماعية لعدم الشعور باستحقاق الاهتمام.
تعاطي المخدرات.
التسويف.
دائرة من الإفراط في العمل والانهيار.
البقاء في مواقف مدمرة كالسماح باستغلال الآخرين.
إهمال صحتك لعدم الشعور بالاستحقاق.
عدم القدرة على النوم.
عدم ممارسة الرياضة.
رفض طلب المساعدة لعدم الشعور بالاستحقاق.
المعاناة في صمت.
التسوق لتخفيف الاكتئاب.
انتحار ظاهري: أي محاولة غير خطيرة للانتحار أو بوادر الانتحار.
فقدان الشهية أو الشره المرضي.
لعب دور الضحية: كإرسال رسالة غير واعية أنك قابل للاستغلال.
يتحمل المكتئبين المسؤولية عن كل شيء سلبي يحدث لهم بينما يصرون أن الأحداث السارة جاءت مصادفة. ويميلون لافتراض أن حدوث أمر سيء ينبئ بتكراره. وأن الأحداث السيئة أهم وأكثر وأعظم أثرا من الأمور الجيدة.
تعتبر أدوية الاكتئاب خطوة أولى للكثير من المكتئبين. إلا أنها على كل الأحوال لا تكفي للتخلص من الأزمة كليا ولكنها تساعد على السير.
التوتر
يعني اضطراب التوتر العام: القلق المفرط بشأن الكثير من الأشياءمعظم الوقت ولفترة طويلة. ولا تتناسب درجة القلق مع الأحداث، ويعجز المريض عن السيطرة على قلقه. ينتج هذا التوتر العديد من الآثار كالإرهاق وصعوبة التركيز وتشنج العضلات ومشكلات النوم. وعلى عكس الاكتئاب الذي يجعل كل شيء في الدماغ يسير ببطئ شديد، ترى التوتر يشعل الفوضى في كل ركن من الدماغ. يرتبط به الهلع والذي هو الشعور المفاجئ بالخطر حتى لو أن الذات الواعية تعلم أنه ليس ثمة خطر خارجي، إلا أن الذات التلقائية تستمر ولا تنصت للحقائق وترغم الجسد على التعامل كما لو أن الخطر محدق. يلجأ الكثير إلى السلوكيات المخدرة والمهدئة للتعامل مع التوتر مثل الكحول أو المخدرات منذ فترة مبكرة لذلك هم لم يشعروا بالتوتر كثيرا إذ يخرسون صوت الدماغ حالما ينطق. إن كنت تعاني التوتر، فعليك أن تعلم أن كل محاولة للسيطرة عليه ستجعل الأمر أكثر سوءا. وعليك العمل على تنمية مهارات الاستغراق العقلي بالاضافة إلى مواجهة تحديات الحياة بشكل عمل.
العلاج
تمرين سجل الحالة المزاجية: استخدم هذا السجل ليساعدك في تحليل الرواببط بين الأحداث وبين حالتك المزاجية.
عندما تلاحظ تحولا في حالتك المزاجية أو تغيرا في مستوى توترك، سجل هذاالتغير والظروف الخارجية المحيطة به والظروف الداخلية ثم استعمل الذات الواعية لوضع خطة أفضل.
استخدم السجل أيضا لتتبع أفكارك ودوافعك المدمرة للذات.
استعرض السجل كل يوم. وقد تجرب أن تثبت وقتا لتختبر ما إذا كانت هناك أنماطا متكررة بدأت في الظهور.
قد تشارك السجل مع طبيبك النفسي أو ثقة قريب منك ليساعدك على استكشاف بعض الروابط التي لم تنتبه لها.
الخاتمة: مواجهة التيار المعارض
بسبب الإغفال العام لمفهوم اللاوعي في مجال الطب النفسي وعلم النفس لصعوبته وعسر قياسه، فإننا نغفل عن نصف القصة على الأقل. عندما تصطدم المياة بالشاطئ فإنها تعود مرة أخرى نحو البحر، لكن هذه المرة من تحت السطح. فهي في حركة دائرية دائما. وعندما نتوقف عن سلوك سلبي وما زال في داخلنا رغبة جامعة للعودة إليه، فإن العودة في أحيان كثيرة تكون أشد من ذي قبل لأن التيار في أقوى حالاته عندما تتعلم السيطرة على الأعراض. لذلك من المهم تعلم التعامل مع التيار المعارض كي تقرر متى تستعمل عزيمتك ومتى تشتت نفسك عن الموضوع كله.
يستمد التيار المعارض كثيرا من قوته من المسارات التي كونتها العادات السيئة مسبقا. وهذا يعني أننا بحاجة إلى أمرين: الأول تكوين عادات صحية جديدة لتكون مجاريها الخاصة في أدمغتنا. وثانيا: أن نكون ارتباطات شرطية منفرة من العادات السيئة القديمة كأن نمثل الاشمئزاز من رائحة المخدرات من أول لحظة أو يبصق الممتنع عن الكحول أول جرعة من الكأس. مما يعين كذلك أن تدرب جهازك العضبي -كما تفعل مع العضلي- على القيام بالخيار الصحيح دون الكثير من التفكير. وذلك لأنه تعود على الاختيار الخاطئ دون الكثير من التفكير.
من المصادر المهمة للتيار المعارض = مشاعر الخزي والذنب. والعمل على معالجة هذه المشاعر قد لا يوقف العادة السيئة ولكنه سيقطع عنها الكثير من الوقود. فمن أدوار التيار المعارض، اتلاف صورتك الذاتية. لذلك فإنك مالم تتوصل إلى المشاعر التي أدت إلى السلوك المدمر للذات منذ البداية، فستبقى ضعيفا أمام هذا التيار. ومن الضروري الإشارة إلى أنه ليس من المطلوب أن تتصرف بهذه المشاعر بل أن تسمح لنفسك أن تشعر بها دون إنكارها أو الشعور بالخزي منها.
نصائح عملية:
إن وجدت نفسك في أحد السيناريوهات المذكورة سابقا، عد إلى الفصل المتعلق بها وفكر بحرص في المعاني الخفية لنمط سلوكك.
ركز على عادة واحدة مدمرة للذات تود تغييرها فعلا..
عليك أن تقضي بعض الأيام في دراسة عادتك السلبية تلك. واستعمل سجل الحالة المزاجية معها لتسبر أغوارها.
بعد أيام من التركيز على سلوكك السلبي، عليك أن تكون أكثر من جاهز للبدأ في التغيير.
حدد موعدا للبدأ خلال الأسبوعين التاليين، أي اسمح بوقت قبل البداية لكن لا تجعل التخطيط حجة للتأجيل.
التزم لثلاثة أشهر. وإن أخطأت في اليوم الثاني فابدأ في الثالث وإن أخطأت في الشهر الثاني فابدأ في اليوم التالي.
مارس الاستغراق العقلي لتتعلم كيف تتعامل مع أفكارك ومشاعرك وتنفصل عنها.
مارس قوة الإرادة بوعي منك، فكما ناقش هذا الكتاب فإن قوة الإرادة مهارة وليست خصلة. تخيل أنها عضلة صغيرة في دماغك.
كل هذا كان مواجهة شديدة للخوف الذي عانيت منه طوال حياتك لذلك امنح نفسك قسطا من الراحة. واعلم أنك لن تتخلص من الخوف إطلاقا وإنما تتعلم كيف تتعامل معه.
استمر في التركيز على هذه المشكلة طوال الثلاثة أشهر وتذكر أن الممارسة اليومية أمر حيوي ومهم.
عندما تحكم السيطرة على أي عادة مدمرة للذات، استمتع بالتربة واسمح لنفسك بالشعور بالفخر.
عندما تشعر بالجاهزية، توجه نحو عادة جديدة.