لماذا يحب الله تعالى الصابرين؟
نظرة عملية على الصبر
تعلمت في المدرسة أن الصبر فضيلة .. تقرأ القرآن الكريم فترى آيات تفيض رحمة على الصابرين :
﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾
﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾
﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴾
﴿ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
﴿ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾
تُرى ماهي هذه الصفة وماهو سر عظمتها ليجازي الله تعالى بها أعظم الجزاء ويبشر المتصفين بها بأعظم الأجر ؟
في تعريف الصبر يقول ابن القيم : إنّه حبس النفس عن الجزع والتسخط، وحبس اللسان عن الشكوى
وتجد اتفاقا بين السلف على أن الصبر ثلاثة أنواع :
النوع الأول: صبر على الطاعة حتى يفعلَها مثل الصبر على أداء الصلاة في وقتها أو الاستيقاظ لصلاة الفجر.
النوع الثاني: صبرٌ عن المنهي حتى لا يفعلَه، فبحسب قوة الصبر يكون تركُه لها.
النوع الثالث: الصبر على ما يُصِيبُه بغير اختيارِه من المصائب وهو الصبر على ابتلاءات الحياة وأظننا ظلمنا الصبر حين حصرناه في هذا النوع ونسينا الأنواع الأخرى. إننا نظن أن الطريق الوحيد لبلوغ مراتب الصابرين هو عبر وقوعنا في المصائب والابتلاءات وهذا غير دقيق فكم من إنسان ارتقى مراتب الصابرين عبر حرصه على تطبيق الطاعات بإتقان وتورعه عن عمل المعاصي.
إن الهدايا التي يبشر الله بها الصابرين تجعلك تفيض شوقا لتكون منهم .. إنها مهارة نفسية لا تتطلب أية تكليف مادي ولكنها تعني الكثير. إننا أمام عبادة نفسية قد تكون أغلى من أي عبادة عملية لعظم أثرها ولصعوبة التمسك بها. إن الصبر هو نوع من مجاهدة النفس وأجزم أن الإنسان الذي انتصر على نفسه سينتصر في كل معارك الحياة.
تستيقظ شتاء فتتوضئ بالماء البارد وتسير منتفضا في درجة حرارة تقارب الصفر لتلحق بصلاة الفجر .. تظن أن ماتفعله عاديا وهو فعلا واجبك لكنك لاتدري كم سيبلغ بك في مراتب الصبر وربما لاتدرك أنه صبر أصلا .. أرجو أن تستشعر في كل يوم أن لهذا الروتين قيمة وأنه سلمك إلى أجمل وعود الله. ستفعله بقلب حاضر ونفس سعيدة تتوق إلى الجزاء.
تخرج مع رفقتك ليلا في بلاد أجنبية لاتعرف الله .. كل شيء متاح ولا أحد سيعلم عن مغامراتك ولا أحد سيحاسبك عليها .. إنك حر نفسك ورغباتك أكبر من أن تحصى .. نصف رفقتك ذكروا صراحة سبب اختيارهم لذلك الفندق وتلك المنطقة من المدينة .. رغم ذلك تترك كل المغريات خلفك وتعود إلى قلبك لتشعر بالأمان .. كل ذلك أتظنه عند الله صغيرا؟ أتظن أن الله سينسى نبلك وحسن تصرفك؟ في ذلك الموقف يتجسد الصبر بعينه . أنت لاتعلم كم ارتقيت في مراتب الصابرين بدون أن تفعل شيئاً ! .. ببساطة أنت فقط امتنعت عن فعل شيء محرم.
إننا بحاجة لتعزيز قيمة الصبر في نفوسنا ونفوس النشئ .. إنها المهارة التي تضمن السلامة النفسية للإنسان والقدرة على التكيف مع الظروف و هذا أحوج مانكون إليه في عصر مليء بالمفاجئات. جميعنا نعرف نظرياَ فضل الصبر لكننا لم نستشعر تطبيقه في حياتنا .. لايمكننا الاستمتاع بالطمأنينة التي تأتي تبعاً للإسلام إذا نظرنا له كمنهج نظري .. إنه أسلوب حياة .. كل شعيرة هي ذات معنى قابل للتطبيق في حياتنا.
وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ
المصادر:
[1 ] ابن تيمية. جامع المسائل.الرابط: https://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=40904
[2] عمرعبدالكافي. حلقة .الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=l3uxYVa_t7U
[3] ياسر السعد . آيات عن الصبر .الرابط: https://www.alukah.net/sharia/0/120529/
[4] ابن باز. فتوى .الرابط: https://rb.gy/rszlyp