سأستثمر، ولكن أين؟
لمحتوى مسموع لهذه التدوينة، يمكنك ذلك عبر هذه الحلقة من بودكاست فِطنَة:
هو تساؤل صحي، في هذا المقال سأحاول الإجابة على أنواع الأصول الاستثمارية وتوزيعها حسب المخاطر والعوائد المتوقعة، لتتمكنوا من معرفة الأصول الاستثمارية الملائمة لقدرتكم على تحمل المخاطر.
بعد شرح لماذا نستثمر؟ وهل هنالك دورة حياة للمستثمر؟ حان الوقت للاطلاع على أنواع الأصول الاستثمارية.
في البداية، كل مستثمر لديه ما يسمى بالمحفظة الاستثمارية (Investment Portfolio) التي تحتوي على الأصول الاستثمارية، تنشئ هذه المحفظة بمجرد فتح حساب استثماري لدى أحد البنوك الاستثمارية. قد يكون لدى المستثمر أكثر من محفظة في أكثر من بنك لخدمة أهداف معينة ربما نذكرها في مقال آخر.
لدينا في السعودية بنهاية 2018 عدد 96 "شخص مرخص له" - بمعنى آخر بنك استثماري - مرخص لهم من قبل هيئة السوق المالية، 38 منهم مرخص لهم في التعامل بصفة وكيل (أحد الرخص المتاحة). هذه الرخصة تتيح للبنك الاستثماري فتح المحافظ للعملاء، ليستطيع العملاء شراء الأصول عن طريق أنظمة البنك كالتداول الإلكتروني.
في هذا المقال نعني بالمحفظة الاستثمارية جميع الأصول والمنافع التي يملكها المستثمر، بما فيها المحافظ لدى البنوك الاستثمارية والعقارات وأي استثمارات أخرى.
تنقسم أنواع الاستثمارات إلى ثلاثة أقسام رئيسة، الأولى هي استثمارات في أسواق النقد، والثانية استثمارات في أدوات الدخل الثابت، والثالثة استثمارات الأسهم. لكل منها مميزات ومخاطر تختلف في الدرجة والنوعية.
أسواق النقد
تتركز أسواق "النقد" في عقود تمويل للحكومات والشركات على المدى القصير (غالباً أقل من سنة) عبر عدة أشكال منها شهادات الإيداع وعقود المرابحة والقبولات المصرفية. يغلب على هذه العقود ارتفاع قيمة العقد الواحد، لذا يلجأ المستثمرون الأفراد في حال رغبتهم في الاستثمار في أسواق النقد بالاشتراك في صناديق تستثمر في أذونات أسواق النقد. يوجد عدد لابأس به من الصناديق المحلية التي تتيح الاستثمار في أسواق النقد.
يغلب على هذه الأدوات الاستثمارية في أسواق النقد، السيولة العالية وانخفاض مخاطرها الاستثمارية وتسمى في بعض الأحيان استثمارات "مشابهه للنقد" (Cash Equivalent). تكمن الأرباح من الاستثمار في أدوات أسواق النقد في الفرق بين سعر الشراء والقيمة المستحقة النهائية.
أدوات الدخل الثابت
تعد هذه الأدوات أحد الاستثمارات المتوفرة في أسواق "المال". هي استثمارات تكمن في إقراض الشركات والحكومات على المدى المتوسط والبعيد. أحد أشكالها هي السندات والصكوك. يمكن للفرد الاستثمار في أدوات الدخل الثابت عن طريق الصناديق وذلك لارتفاع القيمة الأسمية للعقد الواحد.
تعتبر هذه الأدوات الاستثمارية متوسطة المخاطر وتعتمد مخاطرها على جداراة المقترض في سداد الدين. يتم تصنيف السندات الحكومية وسندات الشركات عن طريق وكالات التصنيف الائتماني لإعطاء المستثمر مؤشر لمستوى المخاطر المحتمل عند الدخول في عقود الإقراض. تعتبر سيولة السندات أقل من سيولة أدوات النقد، ولكن بشكل عام تعتبر أدوات سائلة. تكمن الأرباح في شكل فوائد تدفع بشكل متكرر (غالباً كل 6 أشهر) حتى انتهاء مدة العقد. يتم اللجوء إلى السندات وقت الأزمات خصوصاً سندات الحكومات ذات الموثوقية والشركات العملاقة، وذلك بخروج جزء من الاستثمارات في الأسهم وتحولها إلى السندات كرحلة للبحث عن استثمارات مستقرة نسبياً (Flight to quality/safety).
الأسهم
امتلاك المستثمر لسهم معين يعبر عن ملكية جزئية من رأس المال، كحصة في شركة أو أصل معين. بمجرد امتلاك المستثمر لهذا السهم يحصل على مميزات منها التوزيعات النقدية والتصويت على قرارات مجالس الإدارة وغيرها من المميزات. الأسهم هي عبارة عن تمويل للشركات في سوق "المال" بحيث تصبح الشركة قادرة على استثمار هذا المال لتنميته وإعادة منفعته على المستثمر على شكل توزيعات نقدية أو ارتفاع في قيمة السهم، أو كليهما.
تعتبر الأسهم أعلى مخاطر من أدوات أسواق النقد وأدوات الدخل الثابت. يتمثل جزء كبير من هذه المخاطر في حال تصفية الشركة، حيث يكون مالكو السهم آخر المستحقين لأي مما يتبقى من أصول الشركة في حالة إعلان الإفلاس. تحقق الأسهم عوائد أعلى من باقي الأدوات المذكورة نسبياً مع ارتفاع مخاطرها.
الارتباط بين المخاطر والعوائد وثيق، وله معادلاته التي تطورت عبر الزمن، حصل بعض مطوريها على جوائز نوبل. تكمن النظرية في أنه كلما ارتفعت المخاطر لسهم معين، كلما ارتفع العائد المتوقع الذي يطلبه المستثمرين من سهم معين.
الآن، ماذا لو أردنا أن نصنف أنواع الاستثمارات من حيث الأعلى مخاطراً وعوائد متوقعة إلى الأقل مخاطراً وعوائد متوقعة؟
لا نستطيع حصر كل أنواع الاستثمارات في هذا المقال، ولكن يمكننا وضع ترتيب عام لأنواع الاستثمارات القانونية (الاستثمارات غير القانونية خارجة عن هدف هذا المقال).
في الرسم التالي نوضح بعض أنواع الأصول ومقدار العائد بالنسبة للمخاطر نسبياً، العلاقة خطية فقط لتوضيح الفكرة، هي ليست كذلك في الحقيقة:
حيث أن النقد وماشابهه يعطي أقل العوائد ويحمل أقل المخاطر، بينما ترتفع العوائد المتوقعة مع ارتفاع المخاطر. يأتي في أعلى أنواع الأصول مخاطراً، الملكية الخاصة (Private Equity). لو أردنا تحديد النقيض للنقد في المخاطر والعوائد، ربما يتحقق ذلك في أسهم ملكية خاصة في شركة ناشئة صغيرة في دولة واقتصاد ناشئ.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن لكل شخص قدرة على تحمل قدر معين من المخاطر (الخسائر)، لذا ينبغى على المستثمر تحديد ما يمكن تحمله. بناءً على ذلك، يتم تصميم “وثيقة سياسة الاستثمار” (Investment Policy Statement). هذه الوثيقة تحدد الأهداف الاستثمارية ونوع الأصول والنسب المقررة لكل نوع من الأصول لمحفظة العميل. ربما لاحقاً نلقي نظرة على، كيف تصمم وثيقة سياسة الاستثمار؟
قبل أن أترككم، الرابط في الصورة التالية يحتوي على أرقام كثيرة عن “المال” الموجود في العالم ككل في عام 2017م. الصورة توضح حجم الأسواق العالمية المقدرة بما قيمته 73 ترليون دولار.
إذا واجهتكم أسئلة لاتعرفون إجابتها عن الاستثمار، حتماً المواضيع أدناه ستساعدكم على الإجابة:
هل يمكن التنبؤ بعوائد الاستثمار ؟
..نراكم في الغابة قريباً!
تم كتابة هذا المحتوى لأغراض إثراء المحتوى المعرفي ولا ينبغي استخدام المعلومات المقدمة على/عن طريق هذا الموقع كبديل لأي شكل من أشكال المشورة. وسوف تكون نتائج القرارات المبنية على هذه المعلومات على مسؤوليتك الخاصة. وعلى الرغم من أن المؤلف/الكاتب/الناشر يحاول توفير معلومات دقيقة وكاملة ومحدثة و التي تم الحصول عليها من مصادر يعتقد أنها موثوقه، إلا أن المؤلف/الكاتب/الناشر لا يضمن أو يتعهد ما إذا كانت المعلومات المقدمة عن طريق هذا الموقع دقيقة ومحدثة. ولا يعتبر المؤلف/الكاتب/الناشر مسؤول عن أي خسائر ناتجة من القرارات المتخذة من قبلك.