-z
البعد المكاني
المفضل للصحراء
كنت أشاهد “بستاني” بفيديو قديم نسبياً على يوتيوب (ستجده بآخر التدوينة، لا تستعجل)، يشرح تحديات السكن Housing ويأخذها من منظور التصميم في الزراعة المعمرة/المستدامة Permaculture، وكانت الصدمة!
The best place to go in the desert, is under-the-ground، everything else does .. Get out of the atmosphere
أفضل مكان للعيش في الصحراء هو تحت الأرض، كل شيء آخر يفعل .. اهرب من الجو
Bill Mollison بيل موليسون
أول سؤال لك، هل تعيش في صحراء**؟ هل لديك استعداد للعيش أسفل الأرض؟ لماذا؟
إذا كان جوابك بعدم الاستعداد فربما يجب عليك مغادرة الصحراء، أو ربما هذه التدوينة ستعطيك بعض من مميزات العيش في الصحراء تحت الأرض، وتجاوب على بعض مخاوفك. لنبدأ.
** أولاً ماهي الصحراء؟
حسب ناشونال جيوغرافيك، هي أي منطقة جافة وتعاني من انخفاض عالي في مستويات ترسيب المياه عبر التربة بأي شكل مثل الأمطار والضباب والثلوج وغيرها (أقل من 250 ملم==25 سم سنوياً). تمثل الصحراء خُمس (1/5) مساحة يابسة الأرض ويعيش فيها سدس (1/6) سكانها.
هنالك 5 أنواع من الصحاري مصنفة مكانياً:
شبه استوائية Subtropical
ساحلية Coastal
موازي لظل المطر Rain Shadow
داخلية Interior
قطبية Polar
تعال نشوف المواقع في السعودية وكيف نسبة ترسيب المياه فيها، بنأخذ المطر كمثال (لأن الثلوج محدودة في منطقة شمال غرب المملكة في مواقع ضيقة جداً ولأيام معدودة ونادرة الحدوث. أما بالنسبة للضباب، فهو أيضاً محدود في مواقع ضيقة جدداً في المرتفعات الجبلية بجنوب غرب المملكة والسواحل. لم أجد بيانات للضباب والثلوج لقياسها كالمطر).
ستلاحظ أن هطول الأمطار في المملكة لا يتجاوز 250 ملم في معظم المناطق، بل أن مناطق مثل أبها تتأرجح بين التصنيف الصحراوي وشبه الصحراوي وهي أعلى المناطق تسجيلاً لمعدلات هطول الأمطار (أرجو ملاحظة أن الأمطار المسجلة معظمها في مواقع رصد في المطارات، ولا تعكس الأمطار في كافة خريطة المملكة، السودة مثلاً).
لهذا يمكننا افتراض، أن أغلب المواقع في المملكة يمكن تصنيفها كمناطق صحراوية. بعضها صحراوي متطرف جداً والبعض الآخر شبه صحراوي.
الآن خلنا نحاول نستكشف مميزات العيش تحت الأرض في الصحراء ونحاول نستكشف أمثلة وتصاميم لطريقة العيش في نطاق z-
لماذا العيش تحت الأرض في الصحراء؟
ببساطة، الأمر متعلق بتحييد العوامل الجوية المتقطبة في البيئة الصحرواية (بين الليل والنهار، والشتاء والصيف). ففرق درجة الحرارة للأجواء في الصحراء يأخذ منحنى متطرف (فرق درجة الحرارة diurnal-temperature variations). هذا الفرق يجعل من الصعب تصميم مكان ملائم ومريح للنشاط الإنساني وبقدرة تشغيلية منخفضة التكلفة (أكيد لو بتكيف الهواء بالتبريد/التدفئة، أي مكان ممكن يكون مناسب. من الصحراء إلى القطب المتجمد).
أمثلة عشان تتضح الصورة، المصدر. لاحظ كيف فروقات درجة الحرارة في القريات عن جازان، بين الليل والنهار وفي مختلف الفصول. جازان مناخها لا يتغير كثيراً بين الفصول وخلال اليوم (مناخ ساحلي دافئ) بينما القريات متغير بشكل كبير لأن مناخها صحراوي. قارنهم بمناخ السافانا الاستوائي في كيغالي عاصمة رواندا:
طيب خلنا نشوف وش يصير لما ننزل تحت الأرض؟
كلما نزلنا تحت سطح الأرض لمسافة قريبة، كلما اقتربت درجة الحرارة من درجة حرارة معينة وثابتة طوال السنة. تختلف درجة حرارة التعادل حسب الموقع. التربة الجافة تجعل تسارع حدة الانخفاض أعلى وهذا من أحد مميزات التربة في المناطق الجافة. السبب أن الماء له خواص احتفاظ بالحرارة أعلى من التربة.
أيضاً، الانخفاض تحت سطح الأرض يساعد في نشوء تأخير phase-shift لتأثيرات تغير الأجواء الخارجية. في الشتاء قد يكون تأثير الخريف هو المسيطر على أسفل التربة وفي الصيف قد يكون تأثير الربيع وهكذا. هذا يعتمد على عمق النزول تحت سطح التربة
بلا فلسفة، فيه أحد يعيش تحت الأرض؟
نبدأ بالإنسان أو الحيوان أو النبات أو الحشرات أو الكائنات الدقيقة أو …؟
لو لاحظت معظم الزواحف في البيئات الصحراوية تعيش تحت الأرض، تحفر جحورها بطريقة هندسية رائعة، مثل الضب والجربوع. النمل كمثال، يبني مستعمرات جميعها تحت الأرض، ويعمل على تطويق فوهة المستعمرة بسدّ إطاري مكون من حجارة صغيرة وتربة للتحوط ضد دخول الماء عند هطول المطر (قد يكون ارتفاع السدّ الإطاري للفوهة دليل على مستويات الأمطار في المكان، ملاحظة تحتاج لتفحص). الذئاب والثعالب والضباع تعيش في جحور وكهوف جميعها تستغل هذه المعلومة البدائية عن إمكانية العيش في الصحراء. لاحظ أيضاً أن نشاط حيوانات الصحراء معظمه ليلي nocturnal عدا معظم الطيور وبعض الحشرات والتي لها استراتيجيات مختلفة في التعايش مع طاقة الشمس في الصحراء. النبات جزء كبير منه تحت الأرض وهو الجذور (المجموع الجذري). نباتات عديدة يموت الجزء العلوي (المجموع الخضري) منها في الأجواء الصعبة ويعود للحياة بعد عودة الأجواء المناسبة له. الكثير من الأمثلة موجودة في الطبيعة لكائنات حية اتخذت من أسفل الأرض كمكان للعيش.
الإنسان تقول لي؟ فكر قليلاً، المباني الحديثة عبارة عن إيش؟ عناصر من الأرض، تربة ورمل وحديد وحجارة. فهو حلّ مستقى من الطبيعة ولكن به مشكلة!
بسبب المساحة المنخفضة للبناء (تسليع الأرض) وتكلفة البناء، لا يمكن بناء وعاء السكن بسماكة كافية ليصبح مماثل في كفائته للعيش تحت الأرض. لهذا المباني الحديثة تتجه لأن تصبح “مباني اسفنجية” مصنوعة معظمها من مواد بترولية أو طبيعية تحتجز الهواء بداخلها (الهواء هو أفضل مادة عازلة، ثرمس القهوة/الشاي كمثال).
هات أمثلة للإنسان تحت الأرض!
طيب خذ هالروابط:
من مخاطر العيش تحت الأرض
الرطوبة وتكون التعفنات بسبب ضعف التهوية وتسرب المياه (ليست مشكلة في الصحراء، مع التهوية وتحريك الهواء)
احتمالية الغمر بالسيول (تحدي تصميمي، باختيار الموقع المناسب والاستفادة من “تقنيات النمل”)
تصدعات بسبب الزلازل وتحركات القشرة الأرضية (مناطق تصادم الصفائح الأرضية)
انبعاثات غاز الرادون (مناطق الحرات البركانية والتربة الطينية الرطبة)
من مميزات العيش تحت الأرض:
تكلفة تشغيل منخفضة لتكييف المكان (تبريد/تدفئة)
عزل عن العوامل الجوية الحادة (رياح، إشعاعات شمسية، غبار، أعاصير…)
عزل صوتي واستقرار بيئي في درجة الحرارة والرطوبة والتلوث
انخفاض في مواد بناء المكان التي تسبب تلوث هوائي وبصري وطبيعي