نوم عنيد

مرحباً،

أعاني الفترة الحالية من ازدهار اضطرابات النوم المزمنة التي لا تتركني أشتاق إليها إلا تعود لي من فترة لفترة بشكل أقوى وأشد وطأة غالباً، وأحياناً بشكل لطيف جداً على شكل أرق مثلاً. عوّدت نفسي على التعايش مع الإستلقاء طوال ساعات الليل من غير أن تغمض عينيّ أو تكاد. جربت كل الألعاب الخاصة بعدّ الخراف المتقافزة فوق السياج، حتى ينهكني التعب، وأعجز عن النوم وأتعب أكثر. كنت كثيراً ما أضطر للذهاب للمدرسة بلا رصيد من ساعات النوم المفروضة، فكان يرهقني الذهاب، ويرهقني الغياب كذلك، لأني وإن غبت لن أستطيع النوم (أرق نهاري مضاد كما أسميه). أما في أيام الجامعة، فكنت أشحن رصيد الساعات بغفوات قصيرة أختلسها عندما تداهمني فجأة بين المحاضرات أو خلالها.

لا يتوقف الأمر حول عدم النوم فقط، إنما حتى إن حصل، فيكون متقطعاً سريعاً مليئاً بالأضغاث الغريبة والكوابيس المزعجة، وفوق هذا أحسبه وهماً، لا أكاد أصحو منه حتى أظنه إمتداداً لمسلسل السهر، ولا يقنعني سوى ملاحظة فرق الوقت الخاطف.

النوم عدوٌ قديم على كل حال؛ لا يمكنني أن أتوقع منه تعاملًا رحيمًا

محمد حسن علوان

تطورت علاقتي بالأحلام مع الوقت، وأصبحت أقدر على فهمها وتحليلها وربطها ببعضها على سبيل التسلية. أتوقع كل ذلك بسبب الوقت الطويل الذي أقضيه متسيقضة بعدها لا املك إلا مراجعتها بتفاصيلها التي لا تلبث أن تنسى مسرعة.

أحب الأحلام، بكل جموحها وعدم منطقيتها وجرأتها على كل المعتقدات والأعراف وعلى كل شيء. والآن بالضبط تذكرت السبب الذي جعلني أكتب هذه التدوينة المليئة بعقدي مع النوم.

اليوم، فتحت ملاحظات جوالي التي لا أكتب فيها عادةً (سر: أنا بطيئة وسيئة في الكتابة على الجوال) ووجدت في بعييد الملاحظات الكثير من الكلام غير المفهوم ولا المرتب وقصص تبدو متداخلة بشكل مخيف وتصوّرات غير ممكنة لأشخاص وأماكن غير مترابطين. بعد مجهود كبير أنفقته في التذكّر، تبيّن لي أنها ملاحظاتي في الأيام الصعبة، كنت أدوّن ما أراه في أحلامي على سبيل إمضاء الوقت ولم أدرِ متى راكمت كل هذا الزخم من الغرابة والذكريات التي تبدو كما لو أنها عالم من العجائب أغرب مما دخلته أليس.

الآن عرفت كيف كانت الأحلام تعزّيني في تلك الليالي وتلهيني بتصريفها وتأويلها كيفما شاء لليل أن يطول. عرفت كيف كان الوقت يمضي، من غير أن ألحظ تحوّل هالاتي السوداء للون أغمق بينما صارت عيناي أكثر عمقاً، وخيالاتي كذلك.

من غير أن أحتاج أن أقحم أحداً ما في تصوّر أحلامي وتأويلها حسبما يرى من نظرته متناهية الضيق لمعطيات لا تعني شيئاً، أي شيء. إلا بالنسبة لي طبعاً. 


والآن لماذا كل هذا الكلام؟ لا أدري لكني وصلت إلى هنا بعد صراع طال في انتظار النوم، ولم يأتِ. فلم أطِق أن أنتظر أكثر.


شكراً على القراءة

Join