إدمان البودكاست

أهلاً،

من فترة ليست بالقصيرة اعتمدت متابعة البودكاستس كوسيلة لقتل الوقت الضائع في الطريق، بدءاً من دراستي في جامعة تبعد عن بيتي 45 دقيقة، ثم عملي في منطقة تبعدها بعشرين دقيقة أخرى. هذا الوقت الطويل ذهاباً ورجوعاً كان هائلاً وثميناً. أصحبت من مدمني سماع البودكاستات التي -بلا شك- أثرَت معرفتي بشكل ملحوظ في مجالات مختلفة.

في أحد أيام الأسبوع الماضي، وفي رحلة الذهاب للعمل، كان شحن جوالي على المحك، فآثرت الفُرجة الهادئة على الإنشغال بالسماع. كانت الرحلة استثنائية! فكرت في عدد المرات القليلة التي أصبحت أخلو بها مع نفسي من غير إقحام العوامل الخارجية لتخلو معي؟

منذ صغري وأنا أحب المشاوير الطويلة التي أختلي فيها مع أفكاري والمناظر المتحركة والخاطفة أمامي، كم أفقدتني حلقات البودكاست الطويلة هذه المتعة بالخلوة اللذيذة، والغوص طويلاً مع الأفكار الدفينة! كنت لا أحب لحظة الوصول التي تقطع حبل الأفكار من وسطه، ثم تعلّقه على النافذة حتى رحلة المشوار القادم، وكثيراً ما كنت أفقده للأبد، إما بالنوم أو بذهاب فرصتي في الجلوس بجانب النافذة والذي قد يشتت أفكاري بخنقها داخل السيارة أكثر من كونها تسبح وتطير خارجها.

كنت في مهمة تحضير السمبوسة، -التي بلا شك تعتبر من أكثر المهمات مللاً وإرهاقاً- وحينما بادرت بتحديد وجهتي السماعية القادمة في برنامج البودكاست، فكرت في جعل أفكاري تصارع بعضها بدلاً من الخوض كثيراً في ما يشغلها ويملأها أكثر.

فكرت كيف نكون دائماً مشغولين بالسماع والتلقّي من غير أن نعطي أنفسنا فرصة لتحليل أو دراسة ما تلقّيناه ومحاولة تطبيقه أو ترسيخه حسبما يكون؟

أنهيت لف السمبوسة بأقل فائدة ممكنة، وأقل شغب ممكن داخل عقلي بمزاحمة الأفكار الجديدة لأخواتها المعمرات اللاتي لم تستخدم أو تُفعّل بعد!


شكراً على القراءة.

Join