الحلقة (5) - من هو الـمُعالج النفسي؟

الضيف: أ. أسامة الجامع

-ماجستير علم نفس اكلينيكي من كلية الطب جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل

- ماجستير جودة صحية من الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين RCSI

أخصائي أول ومعالج نفسي.

تحدثنا عن:

  • من هو المعالج النفسي ؟

  • متى يحصل الاخصائي النفسي الاكلينيكي على لقب اكلينيكي ؟

  • كيف ممكن يتعرف المراجع النفسي على المعالج النفسي المؤهل؟

  • كيف يتم تقسيم وقت الجلسات العلاجية ؟

  • متى يمكن للمراجع النفسي تغيير معالجه النفسي ؟

نص الحلقة

أ.حصة الغامدي:  

اليوم سنتكلم عن  المٌعالج النفسي، فهناك كثير من المراجعين الذين يأتون إلينا مرُّوا أشخاصًا يدعون بأنهم معالجون نفسيون، مثلاً: هناك منهم في تخصصات تربوية أحياناً أو تخصصات دينية أو تخصصات التي قد نسميها العلم الزائف: الناس الذين في الحرية النفسية والبرمجة اللغوية، ويأتون المراجعين إلى العيادة وتكون حالتهم النفسية قد أصبحت أسوأ، وتصورهم عن مشكلتهم وعن أنفسهم صار أسوأ لأنه يعتقد أنه ذهب للشخص الصحيح  أو المناسب ولم تُحل مشكلته فيتصور أن مشكلته لن تُحل أبدًا وتتطور المشكلة أكثر وأكثر، لذا دعنا نتحدث عن (من هو المعالج النفسي؟)


أ-أسامة الجامع:

فيما يخص هذا السؤال هذا، من هو المعالج النفسي؟ نحتاج أن نعرف أولًا ما هو تأهيل المعالج النفسي لكي  يكون الأنسان "أخصائي نفسي إكلينكي"  يحتاج أن يحصل على تدريب مكثف في عيادة نفسية من قبل شخص مؤهل في كيفية الجلوس مع المريض، وكيفية في  تطبيق النظريات، وكيفية صناعة الأسئلة وطرحها، معرفة ما هي المحاذير؛ إذن هناك سلسلة من التدريبات التي يحصل عليها هذا الأخصائي وهناك بنية معرفية وعلمية قوية وهناك سلسلة من التهيئة والتدريب يحصل عليها الاخصائي النفسي الإكلينيكي ليحصل على لقب إكلينكي.


أ-حصة الغامدي:

أستاذ أسامة، أيضا من اللازم أن يكون التدريب تحت إشراف شخص متخصص في هذا المجال؟

 

أ-أسامة الجامع:

بالتأكيد من اللازم مثل ما تفضلتِ أن يكون تحت إشراف شخص مختص في هذا المجال وأن يكمل ما لا يقل عن 1000 ساعة تدريبية ويكون معتمدًا من قبل جهة اعتبارية، مثل: الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، أو هيئة أخرى بحسب الدولة والنظام؛ لكي يستطيع أن يستقبل مراجعًا ويمارس العلاج النفسي؛ فليس كل شخص لديه علم يعني أنه مؤهل لممارسة العلاج النفسي بمعنى إذا كان الشخص متخصصًا في علم النفس لا يعني هذا أنه معالجًا نفسيًا، وإذا كان الشخص متخصصًا في المجال التربوي فهذا لا يعني أنه معالجًا نفسيًا وإذا كان الشخص مدربًا في التنمية البشرية هذا أيضًا لا يعني أنه معالجًا نفسيًا مع احترامي لجميع التخصصات، لكن الآن أنا أتكلم فقط عن مزاولة مهنة العلاج النفسي، لذا ينبغي لهذا الإنسان الذي يطلب العلاج النفسي أن يتأكد هل الشخص الذي أمامه لديه رخصة لمزاولة المهنة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أم لا؟ فهنا يحدث الفرق ويحصل على الخدمة المطلوبة بالطريقة العلمية الصحيحة.


أ-حصة الغامدي:

كيف من الممكن أن يتعرف المراجع النفسي على المعالج النفسي المؤهل؟


أ-أسامة الجامع:

أنا أنصح كل مراجع يذهب إلى عيادة نفسية ويطلب العلاج النفسي أن يسأل عن مؤهلات الشخص الذي سيدخل عليه، وهذا الأمر من أبسط حقوقه، فهل هذا الإنسان متخصص في العلاج النفسي؟ حسنًا ما هي شهادته حسنًا ما هو تدريبه؟ هل هناك مرجعية بمعنى هل لديه رخصه لمزاولة المهنة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية؟ هل حصل على تدريب مثلا في العلاج النفسي أو لا؟


أ-حصة الغامدي:

 أستاذ أسامة، كثير من المراجعين لا يسأل هذه الأسئلة، بل بعضهم لا يسألني حتى ما هو تشخيصي، لا يسأل أبسط الأسئلة التي هي مثل: ما أعراض العلاج الدوائي؟ وما الأثار الجانبية؟ أسئلة بديهية لا يسألها بعض المراجعين، من الممكن أن الأغلبية لن يسألوا هذه الأسئلة التي نتمنى أن المراجع حين يذهب لمعالج نفسي أن يسأله عن شهادته ويسأل عن خبرته ويسأل عن هذه الأمور، هل هناك أمور أخرى يمكن من خلالها التأكد أن المعالج النفسي فعلاً مؤهل؟


أ-أسامة الجامع:                                                                         

نعم، مثلاً عندما يدخل أي مريض أو أي طالب إلى خدمة العلاج النفسي وإلى المعالج النفسي، أولًا: ينبغي على المعالج النفسي في أول جلسة له مع المريض أن يتقبله كما هو، ولا يكون هناك إصدارًا للأحكام على المريض، فلا يقول له: (شغلك هذا عيب، أو غلط، أو حرام) فالمعالج النفسي المحترف هو الذي يتقبل المراجع أو العميل كما هو، ولا يسقط ثقافته على هذا المراجع أو العميل، هذه من بديهيات العلاج النفسي، كذلك الجلسة العلاجية ليست مجرد "فضفضة" بل هي "مبنية" بمعنى يكون هناك أجندة، وحينما نقول كلمة أجندة نعني بها أن المعالج النفسي سيقول لك الآن سيتكلم عن موضوع كذا وكذا، هل هناك شيء تريد أنت أن تضيفه؟ موضوع تريد أن نتكلم عنه؟ المعالج النفسي المحترف كذلك سيحدد الأهداف في الجلسة العلاجية، فما هدفك من قدومك إلى هذا المكان؟ والمعالج النفسي المحترف هو الذي يلخص في نهاية الجلسة العلاجية فيعطي تلخيصًا، ولا يقوم بفعل ذلك بنفسه بل يطلب من المريض أن يعطي تلخيصًا ليفهم ويسمع هل فهم المريض أو لا، المعالج النفسي المحترف هو الذي يأخذ منك تغذية راجعة، ولا يستنكف في حال سمع من المراجع انتقادًا تجاه الجلسة، بل أنه يطور من الجلسة و يعرف هل أنت مرتاحًا أم لا؟ كيف وضعك؟ المعالج النفسي الجيد هو الذي يستمع أكثر مما يتكلم، والذي يمارس فن طرح الأسئلة وليس فقط الحديث؛ لذلك هناك مجموعة من الأسس والقواعد والمهارات التي يتمتع بها المعالج النفسي ليشعر هذا العميل بالراحة التامة عندما يكون في جلسة علاجية وجلسة في العيادة النفسية.


أ-حصة الغامدي:

ذلك صحيح، أيضًا المعالج النفسي المحترف يشرح من أول جلسة ما هو نوع العلاج الذي يستخدمه مثلاً إذا كان يستخدم العلاج المعرفي السلوكي أو التحليلي أو غيره، يجب أن يقول له اسم العلاج ولماذا اختار هذا النوع من العلاج، وما أهميته في حالته، ويشرح له أيضًا ما دوره كمعالج، وما دور المراجع في العملية العلاجية، فكثير من المراجعين تقريباً في أول جلسة أو ثاني جلسة غالبًا يسألون عن قدر الجلسات التي يحتاجها، وكم مدة كل جلسة، فما أفضل إجابة نستطيع أن نجيب بها؟


أ-أسامة الجامع:

تعتمد جلسات العلاج النفسي على نوع المدرسة ونوع العلاج الذي يقوم فيه، على سبيل المثال: العلاج المعرفي السلوكي، هو الأشهر في البلاد، الجلسة لا تقل عن -إذا كنا نتكلم عن معالج نفسي يقوم بعمله بشكل جيد- حسب معايير العلاج المعرفي السلوكي وهي ألا تقل الجلسة عن 45 دقيقة  إلى 50 دقيقة، تبقى 10 دقائق منها يمارس فيها كتابة التقرير أو ملف المريض حتى يدخل المريض التالي، الأمر الآخر أنه في بعض الحالات الشديدة يتم دمج "التعرض" مع الجلسة العلاجية فتطول مدة الجلسة فقد تكون الجلسة أكثر من ذلك، مثلاً الدكتور ديفيد كلار -في المؤتمر الأوربي للعلاج المعرفي السلوكي الذي أقيم في 2018م  في بلغاريا، في ورشة عمل كنت قد حضرتها-  وجد الدكتور أن جلسة التعرض لمريض الرهاب الاجتماعي إذا دمجنا فيها التعرض مع الجلسة قد تصل إلى 90 دقيقة أي ساعة ونصف، فنجد مثلاً أن الأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري قد تصل الجلسة معهم إلى ساعتين، إذن هناك بعض الحالات قد تطول فيها الجلسة عن 45 دقيقة وذلك على حسب شدة الحالة.


أ-حصة الغامدي:

هذه الجلسات النفسية، قد تستغرق تقريباً من 45 دقيقة  إلى 60  دقيقة، وقد يخطر في بال البعض سؤال كيف يتم تقسيم هذا الزمن؟


أ-أسامة الجامع:

تقسيم هذا الزمن يكون في الجلسة، هناك كما ذكرت سابقاً "جلسة التقييم" بحيث تعتمد "جلسة التقييم" الأولى على حوالي أربع عناصر رئيسية وهي (أولًا: الاختبارات، ثانيًا: التاريخ المرضي، ثالثًا: الأعراض، رابعًا: اليوميات) فأنا أحاول معرفة يوميات هذا المريض، وهذه قائمة عليها أربعة أشياء تُبنى عليها جلسة التقييم، بعد ذلك نضع الأهداف في الجلسة الثانية، و"جوديث بيك" كانت تقول: أن نضع الأهداف بشكل عام في جلسة التقييم ونضع الأهداف بشكل مفصل في الجلسة الأولى ما بعد التقييم، وهناك آخرون يختلفون معها يرون أن جلسة التقييم لا يوجد فيها أهداف بل توضع الأهداف في الجلسة العلاجية الأولى ما بعد التقييم، بمعنى يعتمد على اتفاق العميل مع المعالج في مثل هذه المواضيع، إذن هناك جلسة تقييم ثم يعقب جلسة التقييم هذي أولى جلسات العلاج والتدخلات العلاجية وإذا كانت الحالة بسيطة قد تأخذ من 5 إلى 7 جلسات، إذا كانت حالات متوسطة  قد تصل الجلسات إلى 12 جلسة، وإذا كانت الحالات شديدة قد تصل الجلسات إلى 20 جلسة تقريباً.


أ-حصة الغامدي:

متى يمكن أو يسمح للمراجع النفسي أن يغير معالجة النفسي؟


أ-أسامة الجامع:

هنا نحتاج أن نلتفت إلى ما يتعرض له العميل لي الذي يزور العيادة النفسية، هناك عدة أسباب تجعل هذا العميل يقرر تغيير المعالج النفسي، أولًا للعميل الحق في أن يغير المعالج الذي يذهب إليه فهو ليس مجبورًا عليه، لكن هناك مجموعة من المؤشرات التي إذا رآها هذا العميل فعليه تغيير المعالج من ضمن هذه المؤشرات ألا يوجد هناك تقدم في الحالة؛ فإذا مر على العميل ما يقارب 3 إلى 4 شهور ولم يتحسن، هنا على العميل تغيير المعالج، ومن ضمن تلك المؤشرات أيضًا أن المعالج يقوم بإسقاط قيمه وثقافته على العميل وهذه من الأشياء التي تجعل هذ العميل يغير المعالج، أو حينما يكون المعالج يتحدث أكثر مما يسمع ولا يلتفت إلى كلام العميل فيكون مشغولًا بهاتفه أو بالورقة وهذا ليس احترافًا، فيضطر هنا العميل إلى أن يغير المعالج، وتجد مثلاً أن العميل يكتشف أن هذا المعالج مدعي ولا يحمل أي ترخيص لمزاولة المهنة هنا يغير العميل المعالج، أو مثلا أن يتفاجأ العميل بأن المعالج يريد بناء علاقة شخصية معه فيقول له مثلا: فلنخرج بعد الجلسة، أعطني رقم هاتفك الشخصي، فلنتحدث سويًا، أو لنتناول العشاء سويًا، هذه الأسباب تجعل العميل يقرر تغيير المعالج، مثلاً من الأسباب أيضًا أن المعالج يبدأ بتجاوز الخطوط الحمراء مثلاً أن يلمس العميل، وهذا الشيء فيه تجاوز لأصل العلاقة بين الطرفين وهو ألا يكون هناك أي لمس من قبل المعالج تجاه العميل، فإذ حصل مثل أن يلمس يده أو شعره، هنا لا ينبغي أن يكمل العميل مع معالج من هذا النوع، ممن مثلا قد يبدأ يكشف أسرار مرضى آخرين أمام العميل، وهذا أيضًا من الأشياء التي تجعل المراجع لا يضمن  المعالج لأن أسرار الآخرين كشفت فليس هناك شيئًا مضمونًا يجعلك تضمن أن أسرارك لن تُكشف، أو مثلا تجد أن هذا المعالج لا يعترف بخطأه، ولا يعترف بأنه أخطأ أو قصر، فيكون هناك اتهامًا تجاه العميل وهنا تقرر تغيير المعالج، فتجد مثلاً بعض المعالجين في الجلسة يسأل العميل ويطلب منه تذكيره ما الذي حدث في الجلسة الماضية، وهذا ليس احترافًا، فيفترض في الجلسة العلاجية أن المعالج يخبر العميل ما الذي حدث في الجلسة الماضية أنت ويخبره تكلمنا عن كذا وكذا واليوم أجندتنا ستكون عن كذا وكذا، وهكذا يُظهر المعالج أنه عالمًا بما حدث في السابق والآن، ويعتبر هذا من الاحترافية في العمل، من الأسباب كذلك نجد أن المعالج يتصرف وكأنه يعرف كل شيء، فلا يقول لا أعلم كلما سأل العميل عن شيء، بل يجيب كأنه يفهم في كل شيء، ومن الأسباب كذلك إذا كان هناك استهزاءً أو كان هناك سخرية أو كان هناك نوع من التصادم مع معتقدات وقيم العميل، فهذا يجعل العميل يترك المعالج ويبحث عن معالج آخر.

 


Join