الحلقة (6) - منازل منتصف الطريق
الضيف: أ.بدر المطيري
-أخصائي إجتماعي
-رئيس قسم التأهيل الطبي والأنشطة بمجمع إرادة
تحدثنا عن:
ما هي منازل منتصف الطريق ؟
ما هي أهداف منزل منتصف الطريق والطريقة التي ينتهجها لخدمة المتعافين من الإدمان ؟
ما هي شروط القبول في هذا البرنامج ؟
ما هي مراحل التأهيل التي يمر فيها المريض أو المتعافي في منزل منتصف الطريق ومامدة بقاءه فيه ؟
ما هي مجموعات الدعم الذاتي ؟
نص الحلقة
أ –بدر المطيري:
مقدر لتسليطكم الضوء على موضوع مهم جداً وهو منازل منتصف الطريق والذي قد يكون غائب عن الإعلام بقدر ما يهم المعالجين لتحويل المرضى ويهم المرضى لمعرفة البرامج الموجودة.
أ-حصة الغامدي:
بالرغم من أهمية هذا الموضوع إلا أنه لا يتم الحديث عنه، واليوم سنتكلم عنه بشيء من التفصيل ولنعرف أول شيء عن منازل منتصف الطريق؟
أ-بدر المطيري:
"منازل منتصف الطريق" هي مرحلة انتقالية بين المصحات أو الإصلاحيات وبين المجتمع، وتعتبر مرحلة انتقالية تساهم في إعادة بناء السلوك وإعادة بناء المفاهيم والأفكار التي يتم فيها وخلالها: علاج معرفي سلوكي، وعلاج اجتماعي، وعلاج طبي، ليساعد على تقويم السلوك لدى المتعاطين، إذن فهي بيئة اجتماعية لها دور مهم في وقاية المدمن من الانتكاسة وحدوثها أو الحد منها على الأقل، لأن مرحلة التعافي بعد التدخلات الدوائية تعتبر مرحلة هشة جداً وقابلة للانتكاسة ويكون المريض فيها معرض لتاريخه السابق سواء القضائي أو الاجتماعي أو محاولة إصلاح الوصمة الاجتماعية، بالتالي يحتاج إلى فهم المشكلة وفهم طبيعة الإدمان وفهم المؤشرات التي قد تؤدي إلى انتكاسته سواء كانت أماكن أو أدوات أو أشخاص، فبيئة منزل منتصف الطريق هي بيئة وسط بين المجمعات أو مصحات الأمل وبين المجتمع، بحيث تكون بيئة حاضنة تساهم في تعديل السلوك والمفاهيم، وبدأ تاريخها في أوربا تقريباً في القرن 18 وبدأت من معالجين نفسيين كان هدفهم بدايةً للإفراج عنهم هذا بالنسبة للمراهقين الذين لديهم مشاكل جنح بسيطة، مثل: السرقة، فوضعت لهم منازل معينة هدفها كان رقابي في البداية وأُدخِل معها الإرشاد والتوجيه بحيث يقلل من حدة رجوع المراهق للمشاكل السلوكية السابقة التي كانت تؤدي إلى رجوعه إلى السجن، وحققت خلال تلك الفترة نجاحًا باهرًا فكثير من الأشخاص أو المراهقين الذين دخلوا إلى هذه المنازل لم يعودوا إلى السجن من جديد وبالتالي أصبحت المخرجات رائعة جداً وكررت الفكرة واستنسخت أكثر من مرة، حتى بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية بنفس النهج، فكانت رقابية على المساجين وكانت للإفراج عنهم لكن بشروط معينة، فيبقون في هذه المنازل عليهم رقابة أمنية، وتعديل سلوك، ودعم اجتماعي، ودعم نفسي، ودعم لوجستي، ودعم حكومي أيضًا بالنسبة لقضياهم، ثم دخلت في مجال استقطاب المتعافين من المخدرات ومجموعات na ,aa وذلك ساهم حقيقةً في عملية الاستقرار أكثر وتوفير بيئة آمنة ونجحت نجاحًا باهرًا في خاصةً مع المدمنين والذين لديهم مشاكلًا في فهم طبيعة المشكلة لأن المدمن غالبًا لم يقع في مشاكل الإدمان إلا بسبب أن حوله بيئة غير صالحة تماماً لفهم أحداث الحياة الخاصة، أو وأهدافه الخاصة، فبالتالي معرفته وإدراكه للحياة قليل فيحتاج إلى بيئة حاضنة تساعده على فهم مشكلته وتفاصيلها وعلى التعامل معها، بدأت منازل منتصف الطريق في المملكة العربية السعودية قبل 20 أو 22 سنة تقريباً وكانت أول تجربة لها في الدمام ونجح زملاؤنا فيها في مجمع الأمل للصحة النفسية في الدمام، وقد كانت بداية خجولة، عبارة عن سكن وغير مدمج في الهيكل، وغير مدمج في النظام، لكنه كان يأوي إليها الأشخاص الذين لم تكن بيئتهم تساعدهم، فيتابعون في برامج الرعاية المستمرة أو الرعاية الممتدة التي تتطلب حضورًا يوميًا بدون تنويم، فكانت حاضنة لهم، وأدرجت في النظام، ونجحت نجاحًا كبيرًا وأصبحت ضمن الهيكل، وضمن الرعاية المستمرة خلال تلك الفترة فخرجت كثير من مرشدين التعافي وهم أشخاص كانت لديهم مشكلة إدمان في السابق ثم أُهلوا علمياً وأُرسِلَ جزء منهم للولايات المتحدة وأوربا، وأخذوا العديد من الدورات في تأهيل علاج الإدمان، ومن ضمنهم زملاءٌ لنا معهم ماجستير في التخصص وأصبح تأثيرهم واضح بشكل كبير، ثم جاءت في الرياض عام 1431هـ استنسخنا الفكرة كاملة التي كانت موجودة في الدمام، ووضعت في الرياض، ونجحت أيضاً، وخلال الفترة الماضية النسب تشير تماماً إلى أن الناس الذين يحضرون منازل منتصف الطريق هم أقل عرضة للانتكاسة من الأشخاص الذين يخرجون مباشرة، فكانت الفكرة السابقة أن الشخص عندما يأتي إلى مستشفيات الأمل يكتفي بالتدخلات الدوائية لمدة أسبوع أسبوعين، وهي فعلاً هامة ومحورية، ودور الطبيب فيها هام جداً، لكنها بعد الأسبوعين نجد فيها الأشخاص الذين لم يذهبوا إلى برامج تأهيل منازل منتصف الطريق يرجعون إلى الانتكاس من جديد ويسببون حملًا على الأسرة والمستشفيات، وبالتالي هنا تكمن أهمية هذه المنازل، وتسليطكم الضوء اليوم على عذا الموضوع صراحةً أعتبره لفتة جميلة لأن الإعلام لم يخدم هذه المنازل حقيقةً، ومن المهم جداً للمعالج نفسة أن يكون على دراية بدور هذي المنازل؛ بحيث يقوم بتحويل المرضى لها ويشجعهم ويحفزهم ويوجههم لها، أيضاً الأسرة نفسها أو المريض نفسه يجب أن يعرف أن مشكلته متفاقمة وذات أربع أبعاد: طبية، نفسية، واجتماعية، ودينية، فلا تكفي التدخلات الطبية فقط خلال فترة التنويم، إنما يحتاج إلى تقويم من قبل الأخصائي النفسي، وتقويم من قبل الأخصائي الاجتماعي، ومرشد ديني، بالإضافة إلى مرشد تعافي في المنازل يكون فيها فريق مشكل من طبيب نفسي، وأخصائي نفسي، واجتماعي، ومرشد ديني، ومرشد تعافي، هذه بدايةً في المملكة العربية السعودية.
أ-حصة الغامدي:
حسنًا، دعنا نتعرف على أهداف منزل منتصف الطريق والطريقة التي ينتهجها لخدمة المتعافين من الإدمان؟
أ-بدر المطيري:
في البداية عملية التعافي عملية هشة، خاصةً بعد التدخلات الدوائية من أسبوع إلى أسبوعين، فبالتالي نسبة التعرض للانتكاسة تكون عالية جداً، والهدف الرئيسي من منازل منتصف الطريق هو منع الانتكاسة أو الحد منها أو الوقوف على الأقل في وجه الأسباب التي قد تكون مشيرة إلى الانتكاسة، لذا أول أهداف منازل منتصف الطريق هو: توفير بيئة صحية خالية من أي تعاطي، وتكون في بيئة تتبع لمنشآت صحية؛ بالتالي لها نظام معين، وتعتبر مجتمع مبسط يحاكي المجتمع العادي بقوانينه وأنظمته وحياته الطبيعية العادية، لكن فيها كنترول من قبل المعالجين وفق أنظمة معينة، فأول نقطة أو هدف هو توفير هذه البيئة؛ لأن الكثير من المتعافين يرغبون بهذا التوقف لكن البيئة لا تساعدهم، إما بسبب الأصدقاء السابقين أو الماضي الذي يلاحقه أو الوصمة الاجتماعية أو حتى قضايا أمنية، فبالتالي هذه البيئة تدعمه بشكل كبير في تهيئة مكان مناسب لإبعاد المريض عن الضغوط المسببة للإدمان، وغالباً يريد المدمن ترك هذه الآفة لكن عنده مشاكل سابقة مع زوجته ومع أبنائه أو مشاكل قانونية أو مشاكل في العمل وهو لا يعرف كيف يتعامل مع مشاعره ومع حياته بشكل يومي، لذا لديه مشكلات تحتاج إلى توجيه وإرشاد عن طريق إدراجه ضمن برنامج يهدف إلى تعديل سلوكياته الإدمانية وذلك طبعاً من خلال العلاج السلوكي المعرفي، ودور الأخصائي الاجتماعي، في علاج دور المدمن الاجتماعي كفرد ودوره داخل الأسرة ودوره داخل المجتمع، هذه من ضمن الأهداف، وتعويده على الانضباط ضمن أنظمة وقوانين المجتمع العامة، وبالطبع كل مجتمع له خصوصيته وهذه المنازل تحاكي المجتمعات التي تعمل فيها، ولها دور أيضاً في حثه على أن يكون له دور فعال في المجتمع من خلال تكليفه بمهام داخل المنزل، فالمسألة ليست إقامة أو فندقة بل هي حياة علاجية تأهيلية يكون له دور فيها وعلي واجبات وله مهام، ويكون هنالك عقد بينه وبين الفريق المشرف على المنزل فيلتزم فيه بالأخلاقيات العامة وبأداء الصلوات في أوقاتها وبحضور الجلسات الجماعية والفردية مع المعالجين، وبعد فترة يترقى أو يقيم على فترة ويصبح مشرفًا وبعد فترة يتخرج؛ إذن من أهداف المنزل: تقويم الدور الاجتماعي وأيضاَ حضور البرامج المختلفة، وحضور برامج الرعاية اللاحقة ومجموعات الدعم الذاتي، وهم متعافون قدامى لهم مجموعات، ويتبعون برتوكولًا دوليًا، ولدينا في السعودية مجموعات وهي عبارة عن 12 خطوة سنتطرق نتطرق لها لاحقاً.
ومن الأهداف أيضًا: مساعدته على الاعتماد على نفسه بدلاً من الاعتماد على الغير بعد الله سبحانه وتعالى؛ لأن المدمن غالبًا يكون مهملًا لنفسه وكثير من المشاكل التي قد تجعله يتعاطى مجددًا، لذا تتم مساعدته على تكوين على علاقات إيجابيه والابتعاد عن العلاقات السلبية والعلاقات السابقة، فأغلب الناس يكون تعاطيه السابق مع مجموعات، لذلك ابتعاده عنهم فترة هشة مبكرة بعد التوقف، وهي مهمة جدًا لتعزيز قدراته في التوقف ومواجهة المشكلة، أو مواجهة مؤشرات الانتكاسة، والانتكاسة قد تكون من شخص أو من مكان أو حتى من روائح، أو من الارتباطات الشرطية في التعاطي، وأيضًا مساعدته في البدء في إيضاح مفهوم عملية الانتكاسة ومؤشراتها، وفهم طبيعته هو في عملية احتياج المادة المعينة، وهو بالعادة بعد التخرج من العلاج سواء بالتنويم أو العيادات الخارجية في المجمع بأسبوع إلى أسبوعين تكون قد أُزيلت السموم من جسده فلا يكون هناك احتياجًا لتعاطي المادة من جديد، لكن هناك احتياج نفسي، واحتياج اجتماعي أو ضغوطات معينة، لذلك منازل منتصف الطريق تحميه من هذه الآفة وتساعده على فهم ذاته، وفهم شخصيته، وإعادة بناء الأشياء اللي هُدِمت في حياته، سواء كان اجتماعياً، أو نفسياً، أو حتى ماديًا، وذلك بإعادة توظيفه وإعطاءه دورات فيها شراكات مجتمعية بين منازل منتصف الطريق في المملكة وبين القطاعات الحكومية من خلال مثلاً شراكات نظام الموارد البشرية في المملكة وبرنامج هدف وبرنامج توافق، فيساعد الناس على العودة من جديد، لذا نرى في منازل منتصف الطريق أن هذا الشخص الذي وقع في هذه المشكلة يبقى ابن للوطن ويحتاج إلى مساندة ومساعدة بالتالي نساعده إذا كان جادًا في هذه المسألة، والذي لا يكون جادًا غالبًا ما يعود إلى التعاطي من جديد.
أ-حصة الغامدي:
حسنًا، أظن أن برنامجًا كبير مثل هذا له شروط للقبول فما هي شروط القبول في هذا البرنامج؟
أ-بدر المطيري:
بالتأكيد فبعد ما أُدخِلَت في الهياكل التنظيمية لوزارة الصحة ومستشفيات الأمل أصبح لها نظامًا وسياسات وإجراءات في القبول والتحويل وغيرها، لكن الشروط الأساسية لدخول هذا المنزل أولاً: أن تكون لديه رغبة فهو برنامجًا اختياريًا ليس إلزاميًا فبالتالي عندما يأتي المعالج في المستشفيات أو في العيادات الخاصة ليحول المريض يجب أن يقوم بإقناعه في البداية بأهمية البرنامج لأن المجال مفتوحًا له ففي أي لحظة يستطيع أن يذهب لا يوجد شيء إلزامي في هذا البرنامج وأهم شرط بالطبع أن يكون التشخيص حالة إدمان وأن تكون حالته مستقرة ولا يعاني من مشاكل أو أعراض انسحابية أو انسمامية، ومن الضروري جداً بعد فترة التدخلات الدوائية أن يكون مستقرًا وبالتالي يتم تحويله للبرامج، وأن يكون قد أكمل فترة العلاج تماماً، ويكون الطبيب قد رشحه للدخول في هذه البرامج، وألا يكون لديه قضايا أمنية أو مطلوب أمنياً، فالمنازل لا تستقبل من عليه تعاميم أمنية أو غيره خوفاً من أن يكون هذا المجتمع فيه أحد من الإرهابين، وبالطبع ألا يقل عمره عن 18 سنة، للأسف حالياً لا يوجد منازل منتصف الطريق للمراهقين هي كلها لكبار السن، هناك شروط للمريض، وهو أن يكون حسن السلوك، وأن يكون متعاونًا ويوافق على الخطة العلاجية اللي هي فيها واجبات عليه وفيها حقوق له يلتزم فيها.
أ-حصة الغامدي:
ما هي مراحل التأهيل التي يمر بها المريض أو المتعافي في منزل منتصف الطريق وكم مدة بقاءه فيه؟
أ-بدر المطيري:
هذا المحك الرئيسي أو البرنامج الفني والتأهيلي الذي يقدم طبعاً؟ ومفاده ماذا يقدم المنزل لهذا الشخص أو ماذا يقدم البرنامج الذي يتبعه المتعافي؟ البرنامج مدته 9 شهور وقد يمتد إلى سنة، و أظن أنه في المنطقة الشرقية قد يصل إلى سنتين لكي يكون الشخص متعافٍ تمامًا، فهي مرحلة فطام، يتعلم فيها المتعافي كيف يبدأ بداية بتحفظ كامل، وبتركيزي عليه تماماً، ومن ثم إعطاؤه مساحة لاتخاذ القرارات ومن ثم يبدأ بالخروج بشكل تدريجي، ثم يبدأ بالاعتماد على نفسه وبالبحث عن عمل، ثم يبدأ بالانطلاق ويكون المنزل مرجعًا له، ومن ثم يكون هو قائد لمجموعات ويعود ليصبح جزءًا من الفريق العلاجي، وهي 3 مراحل مقسمة فالمرحلة الأولى 3 شهور والمرحلة الثانية 3 شهور والمرحلة الثالثة 3 شهور، هذه التسعة أشهر الأساسية، المرحلة الأولى منها تكون مكثفة ويتخللها جلسات كثيرة، جلسات نفسية واجتماعية، ويكون لديهم معالجًا رئيسيًا، سواء كانً أخصائي نفسي أو اجتماعي أو حتى طبيب، وأول 21 يوم تقريباً لا يكون هنالك خروجًا من المنزل، ولا زيارات للمتعافي، وبعدها يبدأ بالخروج يومًا واحد في الأسبوع ويسمح بالزيارة إما أن يزورونه الأسرة، أو هو يذهب إليهم، ولا يبات خارج المنزل لكن يذهب أو يستقبل من الزوار إلا من هم من الأسرة من الدرجة الأولى حرصاً على أنه لا يرجع إلى علاقاته السابقة ففي الثلاثة الأشهر الأولى يكون التركيز على السلوك، وعلى المهام، والتحاليل، بالطبع التحاليل المرحلة الأولى تكون أكثف، ونركز فيها على زيادة الدافعية، وعلى أن يحب المكان والأشخاص، ثم يبدأ ببناء علاقات جديدة مع المجموعات الموجودة والبيئة النظيفة بالنسبة له، أما المرحلة الثانية فينتقل لها بشروط معينة، فبعد ما استقر فترة معينة وتحاليله كانت سلبية، وكان منضبطًا في سلوكه ومتعاونًا مع الفريق العلاجي ينتقل إلى المرحلة الثانية، وتصبح أكثر انفتاحًا من المرحلة الأولى فيخرج في عطل نهاية الأسبوع، ويحضر الأيام كاملة، ويستطيع أن يبيت خارج المنزل، وفي هذه الفترة قد يخرج عصرًا أو صباحًا بإذن البحث عن تعديل المشكلات القانونية، أو مشكلات لها علاقة بعمله السابق، أو لها علاقة بمحاكمة سابقة، فيعمل على المشكلات السابقة من خلال توصيات الفريق العلاجي ومن خلال الشراكات المجتمعية؛ فكثير من القضايا حلت بخطاب من الفريق العلاجي للمحكمة أن الشخص تائب وأعفي مثلاً من جزاءات معينة، ولله الحمد أن الجهات الرسمية تتعاون وتتبنى الأشخاص الذين يرجعون للصواب، وهذه ولله الحمد الأوامر السامية، والحكومات الرشيدة التي تدعم هذا الأمر لأن من يعاني من هذا الإدمان يظل ابنًا للوطن، أما المرحلة الثالثة التي هي مرحلة الـ open وهي أن يخرج للعمل في الصباح ويعود للمبيت في المنزل، ومفتاح له الخروج في أي وقت، لكن التحاليل تكون دورية له، وبعد 9 أشهر نستطيع أن نقول أن الشخص بدأ للتو مرحلة التعافي، فبالتالي ينطلق إلى المجتمع ونستفيد منهم في برامج الدعم الذاتي: وهي أن المتعافين القدامى يقومون بنقل رسالة للجدد، وقد يستلمون حالات خارجية يخرجون معهم لبرامج الدعم الذاتي وللاجتماعات المغلقة والمفتوحة؛ إذن هي ثلاث مراحل لمدة 9 أشهر.
أ-حصة الغامدي:
أستاذ بدر، ذكرت في البداية أن العلاج يقوم على جوانب أربعة، وبالتأكيد أن البرامج هذه متعددة حسب الأركان الأربعة التي ذكرتها سابقًا، هل تتكلم عن نوع البرامج المقدمة؟
أ.بدر المطيري:
طبعًا إذا تكلمت عن الأربع البرامج التي تمثل الأمور التي يحتاجها الشخص للوصول إلى مرحلة التعافي، ليس التعافي الطبي فقط بل والتعافي النفسي والتعافي الاجتماعي والتعافي الديني، هذه الأربعة أمور التي نعمل عليها في منازل منتصف الطريق، وبرامج الرعاية اللاحقة، والتقويم الطبي، ففي البداية مع المتابعة غالبًا تأخذ من أسبوع إلى أسبوعين، ويحتاج الطبيب أحيانًا إذا كان لدى الشخص بعض الاضطرابات النفسية المصاحبة للتعاطي وما زالت موجودة، وقد يتابع فترة طويلة من الأدوية أو على حسب ما يراه الطبيب إضافة إلى التقويم الأخصائي النفسي، من خلال العلاج المعرفي السلوكي ومتابعة تطوره النفسي خلال فترة بقاءه في المنزل إضافة إلى المتابعة للأخصائي الاجتماعي فيما يتعلق بالفرد نفسه وعلاقاته داخل الأسرة وعلاقاته داخل المجتمع، وبالطبع الجانب الروحي، ومن المهم جدًا زيادة الوازع الديني من خلال برامج مختلفة، وبرامج داخلية، وخارجية في جدول الصباح، فيحضرون جلسات صباحية ومسائية، الجلسات الفردية مع الطبيب والأخصائي النفسي والاجتماعي والمرشد وفيه جلسات جماعية تُطرَح فيها المواضيع العامة، والمواضيع الخاصة تُطرَح في الجلسات الفردية إضافة إلى برامج مختلفة عن البرامج العلاجية والفنية، وعبارة عن أنشطة داخلية وخارجية، ورياضية اجتماعية، وزيارات، ورحلات، ودورات تدريبية تساعده على التوظف، مثل: دورات اللغة الإنجليزية، ودورات الحاسب الآلي بالإضافة إلى إقامة ملتقيات على مستوى المملكة، فيتم عمل تكريم للمتعافين، هذه الأربعة الجوانب مهمة جداً لإعادة الشخص إلى حياته الطبيعية.
أ-حصة الغامدي:
تحدثت في بداية اللقاء عن الدعم الذاتي ومجموعات الدعم الذاتي، هل من الممكن أن نتحدث عنها؟
أ-بدر المطيري:
بدأت مجموعات الدعم الذاتي هذه في الولايات المتحدة في مجموعات من المتعافين لا يتبعون إلى أي مظلة حكومية ولا حتى مظلة قطاع خاص، بل هم مجموعة من الناس الذين لديهم خبرات سابقة في التعاطي، يجتمعون لدعم بعضهم فالذين يتكلمون في مجتمعات مغلقة عن خبراتهم السابقة وتعاملهم مع الانتكاسة هذه المجموعات ليس لديها أي شروط أو قيود لقبول الشخص أو لكون لديك تاريخ تعاطي سابق، فبالتالي تأثيرها على الأشخاص المتعافين في البداية قوي جداً، لأنك تتحدث مع شخص لديه خبرة، فنحن مهما كنا سنكون مجرد معالجين أكاديميين ليس لديه تجربة في التعاطي، فلذلك وُجِدَ هذا التخصص وهو مرشد علاج الإدمان في مجمع الأمل؛ لأنهم أقرب للوصول إلى فهم طبيعة المشكلة، وثقافة التعاطي نفسها لها ثقافة خاصة، ولها لغة خاصة؛ لأن طبيعة المرض مرض مراوغة، ومرض كذب، ومرض تبرير، فبالتالي من المهم جدًا أن يكون هناك شخصٌ يفهم الألاعيب بحيث أن الشخص لا يقع ضحية مبررات، مثل: أنا لا أستطيع، أو أنا لا أعرف المشكلة تماماً، فبالتالي يسقطها بالكذب أو بغيرها أو بسلوكيات غير صحية.
وقد بدأت عندنا في المملكة حوالي 17 مجموعة دعم ذاتي في المملكة، الرياض فيها 6 مجموعات، ومن ضمنها مجموعة "الهاف وي هاوس" اسمها مجموعة العارض (مجموعة الدعم العارض) التي تتبع منزل منتصف الطريق في الرياض والتي تم تشكيلها من خريجي المنزل ولهم بروتوكولات، وللأمانة بروتوكولات جميلة، ولديهم اجتماعات مغلقة خاصة بالمتعاطين السابقين وهناك اجتماعات مفتوحة قد يدعون فيها أخصائيون، أنا حضرت مجموعة معهم ذات مرة وكانوا ملتزمين جداً في مساعدة الآخرين وفي تقبل الحالة الجديدة التي ستأتي، وقد يقبلون الشخص حتى لو كان نشطًا في التعاطي، بحيث ينقلون له الرسالة بشكل جيد، ومجموعاتهم غير ربحية ولا تقبل الدعم المادي أبداً لا من رجال الأعمال ولا من الدولة بل يدعمون أنفسهم بأنفسهم، فيشعر بأنه مع أشخاص يحملون نفس همه نفس مشكلته، ويعرفون التفاصيل ويعشيون نفس المعاناة، ويكون تأثيرهم عليه أكثر، فمجموعات الدعم الذاتي أنا أرى أن لها دور كبير في إنجاح منتصف الطريق في المملكة وخارج طبعًا، إضافة إلى أنها هي المحك الحقيقي لأي برنامج، فهؤلاء هم نتائج التي وصلنا لها وحققناها لتخريجهم، فكرة الدعم الذاتي والبروتوكولات ولديهم 12 خطوة روحية، كانت أكثر فقننت لدينا وأصبحت تعتمد على نظام خطوات محدد خطوة من 1 إلى 12، أنا لم أكن أفهمها في البداية حتى أن جلست معهم، وأعطوني تفاصيلها، فاكتشفت أن فلان في الخطوة 6 وفلان في الخطوة 7 وفلان في الخطوة 11 ثم يتخرج، ومن المفترض أن تطلعون على هذه الطريقة فقد اكتشفت أنها مراحل انتقالية من قبول الشخص لذاته وقبوله للمشكلة، فيبدأ يعالج علاقاته ويبدأ يصلح من الأشياء التي في حياته بشكل جيد، عن طريق خطوات معينة وسهلة وكل خطوة لها هدف معين وواضح حتى يصل إلى الاستقرار التام.