خــوارزمــيـــة الإبـــداع
ماوراء النتيجة النهائية
تعرف اللحظة التي تكتشف فيها قصيدة جملية لم يسبق لك أن سمعت عنها وكأنها توارت عن انظارك حتى هذه اللحظة؟ تساءلت عن مهارات الشاعر في التقاط هذه الصوره الشعرية وأي موهبة التي حباه الله إياها.
لا أمل من تأمل بيت الشعر لخالد الفيصل “خذاها الي على خده علامة سحابة صيف في شمس مظلة” كيف اصطاد هذه الصورة وشبهها بحبة الخال على الخد.أفكر بمثل هذا الإبداع وغيره من الأفكار الإبداعية أيولد أم يصنع؟لاشك أن الابداع يولد مع بعضنا وأنه في المقابل قد يُصنع أو يُكتسب، تدهشني الأفكار اللامعة والأعمال الإبداعية لكني مأخوذة ايضاً بما خلفها، عمليات الإنتاج الخلفية ومحاولات الاكتشاف وطرق الوصول لفكرة متوارية، أفكر في تلك المحاولات الخفية وجهود المبدع أو فِرق العمل الإبداعية كيف يصنعون أفكارهم وهل لديهم خوارزمياتهم الخاصة،ماهو الروتين الذي يتبعونه، كيف ينتصرون على حدة المزاج ماهي كلمتهم السرية التي تفتح لهم مغارة الأفكار الإبداعية.
أسئلة كثيرة عن إنتاج الأفكار اكتشفت بعضها بنفسي بعد أن جربت العمل في الجزء الخلفي للمشاريع الإبداعية التي عملت عليها، عرفت أن الإبداع ليس كما خيل لي سابقاً سحراً أو موهبة فقط، خف وهج الكلمة وضخامة حجمها وقل تحفظي عند استخدمها أو حتى وصف أعمالي بها وقدرتها أكثر من مجرد كليشيه نصف بها مايعجبنا، كذلك أصبحت أتعامل معها بمرونة أكثر.
روتين المبدعين
للمبدعين أمزجة خاصة وكل منهم له نظام يدور داخله ويركن له يحثه على الإبداع ويحافظ فيه على نمط يومه ويكون فيه عاداته التي تهيئه و تدفع به لاكتشاف إبداعه، طاولة المطبخ التي يشتهر الكثير من الكتاب بالكتابة عليها كجزء من روتينهم الكتابي كذلك المشي يمارس كرياضة تحفز العقل على التفكير وطرق مناطق الأفكار البعيدة. وتبدو القهوة ككليشيه روتينية إلا أنها رفيقة الكثير من المبدعين وغير المبدعين، مايجعل من الروتين مهمًا هو وضعه للمبدع في إطار التفكير وتحفيزه على الإنتاج و يهيئ له الجو المحيط بعيداً عن حكم الحالة المزاجية مما يجعل العمل والتفكير الإبداعي كعادة، ليس هناك روتين مثالي يناسب الجميع حيث تتحفز مايا انجلو للكتابة في معزل عن منزلها بغرفة فندق أو نزل صغير و الروائي هاروكي موراكامي يستيقظ باكراً ويمضي مدى تتراوح بين أربع ساعات أو خمسة في الكتابة ويكتب ما يقارب ١٠ صفحات يومياً مع ممارسة الرياضة التي تساعده في الحفاظ على تركيزه. سمعنا عن المبدعين الذين جاءهم الإلهام أثناء الاستحمام، يختلف المبدعون باختلاف أمزجتهم و كيف يصلون للحظات الصفو وتحفيز العقل على التفكير.
يختلف الروتين و الإبداع واحد .
العالم مغارة الإبداع
تتحول المألوفات من حولك لقصائد شاردة عن العيون عند تأملها، تتسع العيون لتدرك الجمال من حولك، يصبح العالم من حولك كمغارة أفكار إبداعية، التأمل لمستك السحرية لتدرك الجمال وتبدأ التفاصيل الساكنة بإلهامك..
التأمل هو مصدر الإلهام لكل عقل يبحث،عند بداية أي مشروع تصميم يستدعي مني الوصول لفكرة مبتكرة وحل إبداعي، يكون البحث هو الخطوة الثانية بعد الإطلاع على الملخص الإبداعي وفي لغة أخرى البريف،أبدأ بالبحث والتأمل والإطلاع حول كل مايتعلق بالمشروع يساعدني ذلك للوصول لمصادر إلهام أكثر.
التخمير
عند الإنتهاء من البحث، أترك العمل وأدع الباب مواربًا لتدخل الأفكار،عادة ما أجد الفكرة المناسبة وأنا بعيدة عن المكتب، أعتمد على طريقة التخمير وهي طريقتي الخاصة، أمنح عقلي فرصه للتفكير وللأفكار بالتكوين،انتقل بعد ذلك لرسم السكتشات وتبداء غيوم الأفكار بالمطر .
الملل بوابة سرية
أحد المشاعر التي ينفر منها الإنسان إلى ملهيات الحياة وابتكار مايسعد النفس ويشغلها إلا أنه بوابه سرية لحديقة الإبداع إذ يُعد الملل أحد عوامل الإبداع حيث يتحفز العقل على التفكير ليتخلص من مشاعر الملل، كثير من المبدعين كان الملل دافعهم للإبداع، كتبت أجاثا كريستي أعمالها بدافع الملل كترفيه عن نفسها تقول لاشيء يجعلك تكتب كالملل، إيستوود مؤلف كتاب عن الملل يقول إن “الملل ليس في حد ذاته إبداعًا. ما يؤدي إليه هذا المهم.”يدفع الملل عقلك لشرود بعيدآ إلى مناطق تفكير لم يطرقها،يبحر بعيدا،عميقا ويصطاد الافكار.
تتعدد خوارزميات الإبداع و تختلف تقنيات المبدعين
ابحث،جرب واكتشف خوارزمية إبداعك الخاصة.