فصل الخريف يأتي بعد فصل الصيف وفيه تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض تدريجيًا وأيضًا تبدأ أوراق الأشجار بالتساقط، كما أنه تتغير ألوان أوراقها قبل التساقط، وتنضج فيه الكثير من الثمار مثل: الإجاص والرمان والتفاح والحمضيات والتوت البري وغيرها الكثير.

سنركز في حديثنا اليوم على التغيرات الكيميائية التي تحدث داخل النبتة في فصل الخريف وأهمها والذي يعطي الخريف ألوانه المميزة وجماله الأخّاذ .. التغير الكيميائي الحاصل داخل الورقة لتتغير ألوانها.

اللون الأخضر هو اللون الطبيعي الذي نعرفه لأوراق النبات، ولكن في فصل الخريف يتغير لون الأوراق الخضراء إلى أصفر أو برتقالي وتدرجاتهما.. وأحياناً إلى الأحمر ودرجاته.

فما سبب اختلاف الألوان في فصل الخريف؟

لنتعرف في البداية على أهم العوامل المؤثرة على لون ورقة النبات خلال فصل الخريف:

1. الضوء.

2. كمية وأنواع الأصباغ الموجودة داخل الورقة.

3. التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل الورقة.

4. درجة حموضة التربة pH.

كما وتؤثر درجة الحرارة على التفاعلات الكيميائية، بما في ذلك تلك التفاعلات التي تحدث في داخل الأوراق.

ومع ذلك فإن الضوء ومستوياته هي العنصر الأساسي المسؤول عن لون الورقة فالشمس في أيام الخريف ستعطي ألوانًا ساطعة حيث يتطلب "الأنثوسيانين" الضوء، أما أيام الغيوم فستؤدي إلى مزيد من اللون الأصفر والبني.

أما فئات الأصباغ الرئيسية المسؤولة عن لون الأوراق هي: البورفيرينات مثل "الكلوروفيل"، والكاروتينات، والفلافونيدات مثل "الأنثوسيانين".

وينتج لون الورقة عن طريق تفاعل هذه الأصباغ المختلفة التي ينتجها النبات.

-ما هي المادة المسؤولة عن اللون الأخضر للنبات؟

عندما تظهر الأوراق بـاللون الأخضر، فهذا لأنها تحتوي على الكلوروفيل -الذي بدوره يصنّع الغذاء داخل الورقة للنبات-،

يوجد الكلوروفيل بشكل وفير في الورقة النشطة إلى درجة أنّ اللون الأخضر يخفي ألوان الصباغ الأخرى.

ينتج الكلوروفيل استجابة لضوء الشمس، لذلك مع تناقص كمية الضوء يبدأ اللون الأخضر في التلاشي تدريجياً من الأوراق مع تباطؤ إنتاج الكلوروفيل أو توقفه..

ولكن معدل تحلل "تكسر" الكلوروفيل يظل ثابتًا - ينقسم الكلوروفيل إلى مركبات أبسط بمعدل ثابت-.

ستظهر الأوراق التي تحتوي على الأنثوسيانين بشكل أساسي بـاللون الأحمر، وهذا الاصطباغ يظهر في بداية الخريف.

التركيب الجزيئي للأنثوسيانين يتضمن السكر لذلك فإن إنتاج هذه الفئة من الأصباغ يعتمد على توفر الكربوهيدرات داخل النبات، يتسبب ارتفاع تركيز السكر -الكربوهيدرات- في الورقة في زيادة إنتاج أصباغ الأنثوسيانين.

يتغير لون الأنثوسيانين بتغير درجة الحموضة pH للتربة، فيكون اللون أحمر عند درجة حموضة أقل من 3، وأزرق عند درجة حموضة أكبر من 11.

يتطلب إنتاج الأنثوسيانين الضوء لذلك هناك حاجة لعدة أيام مشمسة على التوالي لتطوير درجات اللون الأحمر والأرجواني الفاتح.

الكاروتينات هي فئة أخرى من الأصباغ الموجودة في بعض الأوراق وهي تربين مصنوع من وحدات فرعية من الأيزوبرين.

لا يعتمد إنتاج الكاروتين على الضوء، لذلك لا تقل مستوياته مع قصر النهار، يمكن أن تكون الكاروتينات برتقالية أو صفراء أو حمراء لكن معظم هذه الأصباغ الموجودة في الأوراق صفراء.

والكاروتينات تتحلل -تتكسر- ببطء شديد مقارنة بـالكلوروفيل، وتمتص الضوء الأخضر والأزرق من الضوء المرئي وينعكس هذا الامتصاص بـاللون الأحمر والأصفر فيسبب ظهور اللون البرتقالي.

ويمكن أن تؤثر المواد الكيميائية النباتية الأخرى على لون الورقة، ومن الأمثلة على ذلك (السرو "العفص") المسؤول عن اللون البني لبعض أوراق البلوط.

وللمزيد اقرأ أسفل الصورة ..

كيف تموت ورقة النبات؟

عندما يبدأ الكلوروفيل المسؤول الأساسي عن تصنيع الغذاء للنبات بالتكسر داخل الورقة تدريجياً لا تستطيع الورقة تصنيع الغذاء -وكل هذا يبدأ تزامناً مع الطقس الخريفي فتتحفز الهرمونات الموجودة على الأشجار عملية الاقتطاع أو الانفصال -

فتنغلق خطوط الأنابيب الصغيرة والتي بدورها تنقل الماء إلى ورقة النبات وتأخذ الغذاء منها إلى النبات، فتتعلق الورقة على الساق بخيوط قليلة. -وبسبب قلة الضوء الذي يُسبب تغيرات كيميائية داخل النبات ينتج عنه تكوّن جدار فليني بين غصين الورقة والساق، هذا الجدار الفليني يُسبب سقوط الأوراق "تتكاثر خلايا الجدار فتغلق الأوعية التي تزود الورقة بالماء كما وتغلق طريق الخروج في مما يتسبب في محاصرة السكريات البسيطة في الأوراق فيبدأ تحلل الكلوروفيل" -، ومع قساوة جو الخريف فإن هذه الخيوط تجف ثم تسقط الورقة بفعل الرياح، وبعد أن تسقط تصبح غذاءً للبكتيريا والتي تحللها إلى مواد بسيطة تتسرب إلى داخل التربة فتمتص جذور النباتات هذه المواد وتوفر التغذية اللازمة لنمو النبات الجديد.

وسقوط الأوراق التي لم تعد تصنّع غذاءً للنبات يساعد النبتة في الحفاظ على الماء والطاقة.

مادة الأكسين -التي تساعد النبات على النمو- تتحكم في مجموعة خاصة من الخلايا توجد في قاعدة كل غصين ورقة وتسمى بطبقة الانفصال خلال مرحلة النمو يمنع الأكسين هذه الطبقة من التطور الكامل أما في فصل الخريف وبسبب قساوة الطقس فيبدأ الأكسين بالتكسر مما يعطي فرصة لطبقة الانفصال بالنمو فتمنع دخول الماء والمغذيات والسكر إلى الورقة، فيبدأ الكلوروفيل بالتحلل مما يعطي بقية الأصباغ الفرصة بالظهور وإعطاء الورقة ألوان الخريف.