أيوبيَّة أمي
إن الشيء الذي أتأمله كل سنة، وأتدبره في اللحظات العصيبة وخاصةً التي تمر بالعائلة هو سعة صبر أمي، كنت أقرأ عن صبر أيوب وأجده في أمي، حتى أن نفسي تراودني في بعض الأحيان وأقول: لقد منح الله أمي صبر أيوب!
أتذكر أننا سألناها في مرة، كيف لها أن تكون حليمة؟ حليمة إلى درجة المغفرة والسماح، والعفو عن كل أخطائنا العظمى، والتجاوز عن الزلات، أو في الأصح لم تكن أمي تنظر لزلاتنا حتى تتجاوزها.
وبرغم كل هذا التصبر، لم ترَ أمي نفسها صبورة، أمي تعتقد أنها لا تملك سعة الصبر، بينما أنا أكبر وأتفكر: أكان الصبر يفلت منها خلسة وبعيدًا كل البعد عن ناظرنا؟
أعلم يقينًا بعلم اليقين، أن أمي تنام سليمة الصدر وبنقاء سريرة وطهر قلب، لا أقول ذلك لأنها أمي! بل لأني منذ أن بلغت سن الرشد، وأنا أنظر لأثر خطواتها، أثر اسمها، أثر شخصها. وأتيقن أن أمي أيوبيَّة.