قطار وغيوم وقمر توّه اكتمل 😍..

كانت بداية الرحلة جمال، كلاسيكيات الزمن الجميل.
طابور قصير، رجالٌ ونساء بمختلف الأعمار، لايوجد مزيّة بين الأولى والسياحية فالعدد هنا وهناك متساوّ.

سكة حديد، قطارٌ يمرّ بوعكه ولكنّه يتظاهر بعكس ذلك.


ركبت مقطورتي، ثلاث مسارات من الكراسي.
مقاعد متقابلة ويفصلها طاولة بالمنتصف، وصفُّ
 كراسي منعزل.

اوبس عزيزتي هل هذا مقعدك؟ B31؟
نعم، من أنت؟ مجرّد معجب بنظارتك الكلاسيكية.
اوهووو مرحى..

ياعيوني بتقومين عن مكاني باللطف واللين؟ ولاّ نتفاهم بطريقة متخلّفة؟

نعمممممم؟؟؟

جيب الأوراق ياسعد، سعد قبل يفتح الأوراق، احلف لك أن رقم مقعدكِ B31.
إيه إيه داريه بس خلنا نوريه التيكت.

سعد عطاها ثلاث أوراق ماحصّلت ولا وحدة منهن مكتوب فيها B31.


سعد وهو يقلّب ناظريه في السماء، “لحظة لحظة شوفي ورى مكتوب شيء؟”
أنا في قمة نشوتي وانتصاري، يااااسسسسسسس .

صدّيت عنها، شالت أغراضها ومستلزماتها، وجلست مقعدي الفارِه، كرسي منفصل مطلٌ على الشبّاك في ليلةٍ اكتمل فيها البدر.


إييييييه صح القمر مكتمل فاصل مع "بيتيني":

في ليلةٍ قمريةٍ كي احلفُ
أنني رأيتُ في ليلةٍ قمرانِ

محمد بن فطيس

بينما أنا سارحٌ في خيالي انطلق القطار، لم انتبه إلا وذاك الذي حال بيني وبين بقيّة الركاب.

رجلُ أصلع في منتصف الخمسينات من عمره، عدّل بنطاله، شدّه إلى منتصف بطنه، نظر إليّ وقال: “فيه كرسي عند رجّال بآخر المقطورة وراك ماتجي عنده؟”

قلت هاه سمّ لا أدري، هنا تبيّنت من ورائه فتاة تعلوها البراءة وتكسر خاطر الناظر إليها.


فهمت الموقف، بكيت على مقعدي، كفكفت دموعي لملمتُ أشيائي ومشيت خلفه كما قال نزار قباني:

ومشيتُ كالطفل خلف دليلتي
وورائيَ التاريخُ كومَ رمادي

نزار قباني

مقعدي الجديد على الممر، بعيدًا عن النافذة والأسوأ منها أن بيني وبينها شخص جديد.

ليس جديدًا على القطار ولا جديدًا على البلد ولا جديدًا على الحياة فحسب، بل هو جديد على نفسه أيضًا.

أول سؤال يكسر حاجز صمتنا فيه، وش موديك للشرقية؟
اوه صحيح أن محسوبك من أهل الرياض لكن نروح للشرقية نخلّص بعض الأشغال.


هو: ونعم يعني أنت من رماح؟ لا لا ياعمي مش من رماح.
بس رماح فيها من أهل الرياض، حبيبي أنا مش من رماح.

سكتُّ وسكَت، عاد مرةً أخرى: رماح هي نفسها الرياض صح؟ هنا شرقت بمويتي، وماقدرت إلا أن أتظاهر بأن عيوني تدمع بكاءًا على فراقِ أهلي، أهون من أنه يحسبني اضحك عليه ووجع.

قلت لا حبيبي رماح ديره لحالهم، دفرنت ستوري بيب.


صارحته بكل شفافيّة أن الأفضل لي وله أن نبقى صامتين أبد الدهر.

قال: “بس رماح مايسكتون فيها ربعها”، لا لا امزح هذي إضافة من عندي.

ماش ما ارتاح تحكّه يده ولسانه ودّه يسولف، كسر خاطري يبي يشحن جواله، عطينه شاحني، وليته سكت.

قال ابي اشجن جوالي بس واحد بالمية هو اللي أبيه مابي أكثر.


قلت واو قنوع ماشاء الله عليك.
قال لا هذا جوالي يقعد ٢٤ ساعة يشتغل، وهو باكستاني شاريه من مصر، قلت أي الأمصار تقصد؟ مصر اللي في رماح؟ كان راح يذبحني بس ربّك ستر 🤭..

رحلتنا كان المفروض تكون ٣ ساعات ونصف، بس شكلها مثل بطارية جواله مبروكه لدرجة حسيت أنها ثلاثة أيام بلياليهنّ 🥵.

وتوته توته خلصت الحدّوته 🤭..

حرّرت في: العاشر من نوڤمبر ٢٠١٩..
”هابي أكاونتنق داي" 




Join