السياسة في العمل
workplace politics
سبب كتابة المدونة
هناك حدثين مهمين في الأيام الأخيرة من العام الميلادي: مشاركة تقييمات الأداء للموظفين، وفتح جولة جديدة للتوظيف. ولهذين السببين أردت كتابة هذه المدونة التي تستهدف الموظفين والموظفات أيًا كانت قطاعاتهم: منظمات خاصة أو حكومية، وأستعرض فيها جوانب مهمة حول القوة والسياسة والتأثير في بيئة العمل وكيف بإمكان الرئيس والمرؤوس استعمالها بطريقة إيجابية وكيفية التنبه والتعامل مع من يستعملها بشكل سلبي.
قبل كتابة التدوينة، حرصت أن أجد أفضل ترجمة لمصطلح wrokplace politics فكتبت هذه التغريدة وشاركني بعض المترجمين المتميزين اقتراحاتهم كـ (سياسات العمل، تسييس، أنظمة العمل، التحيز، الحساسية) لكني اخترت السياسة والتسييس في العمل لشمولها للمعاني التي تنتظمها كلمة politics ونستعرضها قريبًا، وأيضًا تحتفظ بالحس العدائي. إذا كنت مهتمًا شاركنا النقاش هنا:
هل تعرف أحدًا يتجنبه الكل في عملك؟
هل تجد تملق بعض الموظفين لرؤسائهم مزعجًا؟
هل اقترحت اقتراحًا وتم تجاهله، ولما اقترحه غيرك أشاد الجميع به؟
بيئة العمل هي مكان خصب لاستعمال القوة والتأثير، والموظف إما أن يكون مستغِلًا لقوته وتأثيره أو متضررًا من أشخاص يستعملون قوتهم للتأثير عليه.
استخدام القوة والتأثير هو أسلوب سياسي يستعمل ويستمد بطرق ايجابية أو سلبية فمثلًا بناء العلاقات مع أعضاء الفريق والأقسام الأخرى في المنظمة إذا كان بطريقة أخلاقية و لأهداف مشروعة يسهل ويسرع إنجاز المهام، أيضًا ترهيب وترغيب الموظفين بطريقة مشروعة ربما يساعدهم في إنجاز المهام على أكمل وجه.
على الجانب الآخر يمكن للأساليب السياسية في العمل أن تكون سلبية، وعادة يكون المحفز فيها هو جلب منفعة شخصية كنشر الشائعات عن زميل منافس أو التهجم عليه أو يكون المحفز دفع الضرر برمي اللوم على الزملاء أو جلب منفعة كسرقة جهودهم.
تنشر ظاهرة السياسة السلبية في مكان العمل إذا كان هناك انخفاض في الثقة بين الرؤساء والمرؤوسين
مظاهر السياسة السلبية في العمل
يظهر التسييس في العمل على صورتين أساسيتين:
التهرب من العمل
ليس كل أعضاء المنظمة على نفس المستوى من الحماس للعمل، والأعضاء المنتجين ربما تجنبوا العمل على بعض المهام التي لا تناسبهم وهنا أمثلة للتهرب من العمل يمارسها بعض الموظفين:
الالتزام المبالغ فيه بأنظمة العمل بحيث يستغل أي نقطة في النظام بإمكانها تعطيلك وبالتالي إعطاؤه فرصة للراحة وهذا يشاهد كثيرًا في بعض المنظمات البيروقراطية كالحكومية سابقًا.
تحويل المهام إلى فريق أو شخص آخر بحجة عدم الاختصاص مثلًا.
ادعاء انه لا يمتلك المهارة الكافية لإنجاز هذه المهمة.
أخذ وقت طويل جدًا لإنجاز المهام لعدم اعطائها له مرة أخرى.
التهرب من المسؤولية
لا يوجد عمل بدون أخطاء، ولما كان من المهم توضيح التقصير والأخطاء ومن تسبب بها اضطر كثير من الموظفين الى ابتكار وسائل للتهرب من المسؤولية والصاقها بالآخرين وهنا أمثلة:
التوثيق المبالغ فيه لكل الأنشطة والمهام المتعلقة بعمله يعطي انطباع عن الموظف أنه ينجز المهمة على قدم وساق ويهتم بالتفاصيل بينما الهدف الفعلي هو استعمال هذه الملفات كدليل على الإنجاز ووسيلة لتجنب اللوم في حال عدم اتمام العمل.
تجنب المهام المعقدة وغير مضمونة النتائج لذا يحرص الموظف على عدم التواجد وقت توزيع المهام من هذه النوعية أو حجز المهام الأبسط والمغادرة.
تحويل اللوم لأشخاص لا يستطيعون الرد والدفاع كموظف غادر الفريق أو خرج في إجازة.
كما تلاحِظ، هذه المظاهر كلها دافعها المصلحة الشخصية وفي المقابل فيها ضرر للأطراف الأخرى ليس فقط في مكان العمل ولكن ربما امتدت لأهلهم وأصحابهم.
معرفتك بهذه المظاهر مهمة لتجنب الوقوع فيها واختيار تصرف واعي ومناسب عند تعاملك مع أشخاص يمارسونها تجاهك.
سيساعدك تحديد المميزين بـ العلم، القوة، التأثير في فهم آلية اتخاذ القرار داخل بيئة العمل.
كيف تتعامل مع السياسة في العمل بشكل إيجابي؟
هناك ٣ نقاط أساسية ستساعدك على ذلك، حينما تنضم لمكان عمل جديد احرص على:
معرفة هيكلة المنظمة.
من المهم أن تعرف من يمتلك ”قوة شرعية” اكتسبها من وجوده على أعلى الهرم، هذا سيساعدك مستقبلًا في اتخاذ قرارات واستشارات عند مواجهة أي تحدي. فمثلًا كون أحدهم رئيسًا في قسم آخر لا يخوله باتخاذ قرارات مخالفة لرئيس في قسمك وإن كان أقل منه مرتبة.
بعض الإداريين لا يحب أبدًا اظهار قوته المشروعة مما يجرّئ بعض الموظفين فتكون نتائج جرأتهم وخيمة، تذكر المقولة الشهيرة:
Do not outshine the master وتعني لا تحاول إظهار تفوقك على مديرك عند مديره، وهذا مثال آخر لأهمية معرفة الهيكلة.
معرفة الشبكات الداخلية
كما ذكرنا في بداية المدونة، القوة الشرعية ربما تقابلها قوة أكبر،قوة التأثير.
قوة التأثير يندرج تحتها المحسوبيات والتحزبات وغيرها، وهي حساسة جدًا فمصادمة قصيرة بين موظفين في نفس المرتبة لكن أحدهما لديه قوة تأثير عالية قد لا تحمد عواقبها. يكمن التحدي الأكبر أن قوة التأثير ربما كانت واضحة لوجود قرابة مثلًا، أو ربما تكون خفية وأكثر قوة. لكن بالملاحظة سيتضح لك من هو أكثر الأشخاص علمًا، توجيهًا، من يحترمه أكثر الفريق. وغيرها من الدلائل.
صنع العلاقات الاحترافية
بعد معرفتك بالشبكات الداخلية احرص على تكوين علاقات في المنظمة الهدف منها احترافي جدًا. لأنك إن اخترت معيارًا آخر فسوف يتم تصنيفك ضمن شبكة أخرى ولا أحد يعلم نتائج هذا التصنيف عليك في المدى الطويل. سيساعدك دخولك في مجتمعات تطوعية احترافية مثل مجتمعات التدريب على الإلقاء على التعرف على أشخاص جيدين بالاضافة إلى المهارات الاجتماعية.
كن شجاعًا، لكن لا تكن مغفلًا
حاولت في هذه المدونة القصيرة مشاركة تجربتي القصيرة وقراءتي في هذا المجال، وفيها لخصت مظاهر السياسة في العمل تحت نقطتين أساسيتين: التهرب من العمل والتهرب من المسؤولية، وشاركت نصائح للتعامل معها بشكل إيجابي. أسعد بإضافاتك ومشاركة تجاربك كرد على هذه التغريدة 🌷: